الحياة الأدبية الصحيحة ستدفن دفنا كاملًا، فإن هذا الجيل الذي نراه منزوع من أصوله نزعا كاملا، الجيل الذي نشأ في السنوات الأخيرة كله منزوع من أصوله نزعا كاملا، واعلم أنه لا بقاء لأمة ما بغير حصيلتها الماضية، بغير هذا التيار المتدفق من القرون الطويلة، وأعني بالتيا المتدفق = لا أعني به التيار التاريخي المزيف عن طريق الآثار أو سواها، إنما أعني به التيار الفكري واللغوي الذي يعيش به الإنسان، الإنسان يعيش بلغته؛ فهذا الانفصال بين الماضي والحاضر قاطع بأن كل طريق في الحياة الأدبية سوف ينقطع أيضًا.
لا تستطيع أمة أن تعيش بغير تاريخها، والذي يريد أن ينشئ في هذا الزمن أمة أخرى عن طريق التوهم فهو مخطئ، وهذا ضرب من العبث، الأمم بلسانها فقط، الأمم بحركتها الأدبية واللغوية فقط، أما الأشياء الأخرى من الصناعة وكذا وكذا والآراء الاجتماعية فهذه زائلة ومتحولة، ويمكن أن تتحول في أي وقت، لكن إذا تحول التاريخ فلا يمكن أن يبقى إنسان على صورة صحيحة في هذه الحياة.
المصدر:
وجدان العلي، ظل النديم