تجد في كثير من المراهقين والشباب إظهار التفاني في "الفزعة" للأصدقاء، حتى أنني كنت أتعجب من قصص أسمعها من بعض القريبين، تجد الشاب يسافر مسافة 300 كلم ويعود في نفس اليوم لأن صديقه خارج الرياض طلب منه أن يوصل له غرضًا يحتاجه، وتجد بين هؤلاء الشباب أنهم يستقصرون المسافات للنزهة مع أصدقائهم، فلو أرسل له أصدقاؤه رسالة جوال أنهم في المكان الفلاني خارج المدينة لنفض فراش الراحة وأقبل يطوي المسافات للحاق بهم، وليس بين عينيه وهو في الطريق إليهم إلا خيالات فكاهتهم ومرحهم.
وفي نفس الوقت تجد هذا الشاب المتفاني في قطع المسافات الطويلة مع أصحابه يكون أحيانًا في المنزل مضطجعًا في وقت راحة، فتطلب منه والدته أن يأتي بخبز أو لبن من البقالة المجاورة، فيتلكأ ويتأفف، وربما قال لوالدته: الله يهديك ليه ما أرسلتوا لي قبل آصل البيت؟ ما تجي طلباتكم لين أجي أرتاح؟!
بل وأقسى من هذا المشهد أن تكون والدته في حاجة لموعد مراجعة دورية في مستشفى، وأصحابه في موعد مع وليمة هامة، فيبلغ به الهم مبلغه، ويتدبر لأمه الأعذار لعل شخصًا آخر يأخذها من أقاربه، فإذا حصل وغلبت الروم وذهب بها هو فيذهب بها ونفسه على طرف أنفه! ما زلت أتأمل وأتساءل.. كيف يستقصر بعض الشباب المسافات الطوال في رضا أصحابه، ويستطيل مشوار البقالة المجاورة في رضا والدته؟!
المصدر:
مقال مفارقات للكاتب إبراهيم السكران