المعاصي تجرئ على الإنسان أعداءه

المعاصي تجرئ على الإنسان أعداءه | مرابط

الكاتب: ابن القيم

1244 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

المعاصي تجرئ على الإنسان أعداءه ومن عقوباتها: أنها تجرئ على العبد ما لم يكن يجترئ عليه من أصناف المخلوقات، فتجترئ عليه الشياطين بالأذى والإغواء والوسوسة والتخويف والتحزين، وإنسائه ما به مصلحته في ذكره، ومضرته في نسيانه، فتجترئ عليه الشياطين حتى تؤزه في معصية الله أزا. وتجترئ عليه شياطين الإنس بما تقدر عليه من الأذى في غيبته وحضوره، ويجترئ عليه أهله وخدمه وأولاده وجيرانه حتى الحيوان البهيم.

قال بعض السلف: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق امرأتي ودابتي. وكذلك يجترئ عليه أولياء الأمر بالعقوبة التي إن عدلوا فيها أقاموا عليه حدود الله، وتجترئ عليه نفسه فتتأسد عليه وتصعب عليه، فلو أرادها لخير لم تطاوعه ولم تنقد له، وتسوقه إلى ما فيه هلاكه، شاء أم أبي.

وذلك لأن الطاعة حصن الرب تبارك وتعالى الذي من دخله كان من الآمنين، فإذا فارق الحصن اجترأ عليه قطاع الطريق وغيرهم، وعلى حسب اجترائه على معاصي الله يكون اجتراء هذه الآفات والنفوس عليه، وليس له شيء يرد عنه. فإن ذكر الله وطاعته والصدقة وإرشاد الجاهل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وقاية ترد عن العبد، بمنزلة القوة التي ترد المرض وتقاومه، فإذا سقطت القوة غلب وارد المرض فكان الهلاك، فلابد للعبد من شيء يرد عنه، فإن موجب السيئات والحسنات تتدافع ويكون الحكم للغالب كما تقدم، وكلما قوي جانب الحسنات كان الرد أقوى كما تقدم، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، والإيمان قول وعمل، فبحسب قوة الإيمان يكون الدفع، والله المستعان

 


 

المصدر:

ابن قيم الجوزية، الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص89

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية


إن الزرادشتيين المتأخرين الذين كانوا يعيشون في الدولة الإسلامية هم من سرق شرائع الإسلام ووضعوها في كتبهم وهذا مثل الترجوم الثاني لإستر في الديانة اليهودية فأصله قديم إلى ما قبل الميلاد لكن النسخة التي يأخذون منها التشابه مع الإسلام تعود إلى ما بعد الإسلام بقرون وقد أثبت علماء التوراة اختلاف النسختين وعدم وجود التشابه مع القرآن في النسخة الأقدم وكذلك في الزرادشتية فهؤلاء قوم يعدلون كتبهم كل فترة

بقلم: موقع هداية الملحدين
753
أهل العزة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أهل العزة


إن العزة قد تكون في الحق فيكون صاحبها عزيزا ولو كان ضعيفا مستضاما لا يذل للخلق ولا يتنازل عن شيء من دينه.. عزيز بعزة الله تعالى لأنه قد شرف بعبوديته له والانتساب لدينه والفخر بإسلامه وتطبيق شريعته ولو سخر منه الساخرون واستهزأ به المنافقون

بقلم: د. إبراهيم بن محمد الحقيل
504
الانقياد المشروط | مرابط
فكر مقالات

الانقياد المشروط


اعتاد كثير من ذوي التوجهات المنحرفة عن النص الشرعي أن يقلب في كتب الفقهاء أو يستفيد من التقنية الحديثة لاستخراج الأقوال والاختيارات الفقهية القديمة والحديثة التي يرونها تتفق مع بعض رؤاهم ليصنعوا من أجزائها زورقا آمنا لتجاوز أمواج الاعتراض والنكير التي لا تزداد نحو عبثهم إلا دفعا وتصاعدا وقف بعدها يشير بطرف عينه إلى كل من يذكره بقول الله وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن فلانا يرى كذا وأنه يرى رجحان اختيار فلان وأن المسألة فيها اختلاف فلا يصح التضييق على الناس ما دام في المسألة خلاف لأحد...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
917
القلة المؤمنة | مرابط
فكر مقالات

القلة المؤمنة


يتمنى الصالحون من أبناء هذه الأمة دائما أن يشاهدوا أمتهم في مقدمة الأمم وأن يسعدوا -وتسعد الدنيا معهم- بعزتها وقوتها ومجدها لكن مع أن الأمنية واحدة إلا أن الكثير يختلف في طريق الوصول إليها والواضح أن التاريخ لا يصنعه إلا فئة قليلة مؤمنة ثابتة يكتب الله لهم النصر وهذا ما يستعرضه الكاتب في المقال

بقلم: د راغب السرجاني
2084
الانحراف العقدي يبدأ صغيرا ثم يستفحل: ابن رشد الحفيد نموذجا | مرابط
فكر

الانحراف العقدي يبدأ صغيرا ثم يستفحل: ابن رشد الحفيد نموذجا


ولو تأملت ستجد أن هذين السببين ترجع إليهما أسباب انحراف جميع الفرق.. فكلهم: حصل عندهم خلل في فهم النصوص فهما يتوافق مع فهم السلف. وحصل عندهم انحراف يتناسب في شدته واتساعه مع البعد عن الفهم الصحيح للنصوص.

بقلم: أحمد بن محمد الخليل
518
ليست السنة كلها تشريعا ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

ليست السنة كلها تشريعا ج1


إن تقسيم السنة إلى تشريعية وغير تشريعية يمكن قبوله كإجراء فني اصطلاحي لفرز طبائع التصرفات النبوية وما يتصل بها من أحكام لكن المشكلة هو في تحقيق طبيعة الحدود الفاصلة بينهما وتحريك تلك الحدود ليخرج بعض ما كان محلا للتشريع عن أن يكون كذلك فليس صحيحا أن تخرج تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم من إطار الشريعة بذريعة صدور الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم أو بتعدد أدواره الحياتية وإنما المحكم في تحديد ما يدخل في إطار التشريع منها وما يخرج هو الشريعة نفسها والتي كشفت عن هذه المسألة بدقة ووضوح

بقلم: عبد الله العجيري وفهد بن صالح العجلان
767