شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية

شبهة تشابه الإسلام مع الزرادشتية | مرابط

الكاتب: موقع هداية الملحدين

754 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

لقد قام الزرادشتيون بتعديلات كثيرة على دياناتهم حسب المراجع التاريخيّة، وكان العرب يعرفونهم بالمجوس، وكانوا يقولون بأنَّ الله واحد، وهُنا ورد القول في الموطأ: "عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس! فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، وقد ورد في البخاري حديث أخذ الجزية من مجوس هجر.. وبهذا من الممكن أن يكون زرادشت نبيا وتَمَّ تحريف تعليماته عبر آلاف السنين كما الكثير من الأديان.

والغريب العجيب أن بعض مُراهقي ومتثاقفي اليوم لا يعرِفون أن الإسلام، والأديان عُمومًا، مبني على أن هناك رُسلا وأنبياء لكل أُمّة، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان خاتم الرُسُل، وجميع الرُسُل كانوا يدعون لإله واحد ليس كمثله شيء، ثم يتم تحريف ذلك لاحِقًا عبر الزمن فيتم تأليه الرسُل أو المُقربين مِنهُم إلخ.. وهذه حُجّة الله على كُل قوم أن لهُم رسولا.

 

هل يوجد تشابه بين حادثة معراج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقصة ويراد؟

تعالوا لنرى..
القصة كما ترجمها د. فريدان فاهمان في كتاب (Arda Wiraz Namag by Fereydun Vahman) تحكي فترة انهيار الديانة المازيدية، حيث يجتمع الكهنة ويجرون قرعة لاختيار رجل يرسلونه للمملكة الروحية ليأتي لهم بالحل المنقذ. فتقع القرعة على البطل الذي اسمه في حكاية (ويراذ) وفي حكاية أخرى (أدربادي)، ثم يسقونه خمرا ويعطونه مادة مخدرة اسمها (هوما)، فيغط في نوم عميق، وبعد سبعة أيام يستيقظ ليحكي لهم ما رآه في المملكة الروحية.

ما يراه المنصرون متشابها مع قصة المعراج هو الآتي:

البطل كان يمشي على جسر اسمه (شين واد) وهو طريق آمن كان يتنقل عليه مع الآلهة ليرى الجنة وفيها الأرواح الطيبة أو الجحيم وفيها الأرواح الشريرة. فقال المنصرون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم اقتبس فكرة الصراط من الشين واد.
قالوا أيضا إن (ويراذ) رأى نساء معلقة من أرجلها وتفقأ أعينها بمسامير وتمشط صدورها بأمشاط حديدية وهذا مشابه للقصة الإسلامية حسب قولهم!
تعالوا الآن لنرى ما هو التاريخ الحقيقي لهذه القصة..

تقول الموسوعة الإيرانية Encyclopedia Iranica:

The Ardā Wīrāz-nāmag, like many of the Zoroastrian works, underwent successive redactions. It assumed its definitive form in the 9th-10th centuries A.D., as may be seen in the text’s frequent Persianisms, usages known to be characteristic of early Persian literature (e.g., generalized use of the durative particle hamē). This book has become comparatively well known to the Iranian public, thanks to its numerous versions in modern Persian (often versified and with illustrations). It was early made available in Western languages by M. Haug and E. W. West (The Book of Arda Viraf, Bombay and London, 1872 [repr. Amsterdam, 1971]; Glossary and Index of the Pahlavi Text of the Book of Arda Viraf; Bombay and London, 1874) and by M. A. Barthélemy (Artâ Vîrâf Nâmak ou Livre d’Ardâ Vîrâf; Paris, 1887). A recent edition and translation is by Ph. Gignoux (Le livre d’Ardā Virāz, Paris, 1984). Inevitably this work has been compared with Dante’s Divine Comedy (see the bibliography). Some influences, transmitted through Islam, may have been exerted on the latter, but these remain to be fully demonstrated. المصدر

"نصوص اردا ويراذ ناماك مثل باقي الأدب الزاردشتي مرت بتنقيحات كثيرة، والصورة الأخيرة لها التي بين أيدينا الآن كتبت بين القرن التاسع والعاشر الميلادي."

ويقول مترجم القصة للإنجليزية السيد فاهمان في كتابه السابق ذكره: "إن مقدمة القصة ترجح زمن ما بعد الفتح الإسلامي لفارس. إنها تبدو إنتاجا أدبيا تمت كتابته بين القرنين التاسع والعاشر الميلادي، والتحليل اللغوي للقصة يؤيد هذا الرأي."

إذن صار من الثابت أن النص الحالي للقصة، الذي يرى الجميع أن التقليد الإسلامي اقتبسه، قد كُتِبَ بعد الإسلام بحوالي مائتي عام!

ولكن ماذا كان يقول النص الأصلي للقصة قبل أن تتعرض للتغيير أكثر من مرة؟ ومتى خرجت القصة للوجود لأول مرة؟ لا أحد يعرف تحديدا. وإن كان (فاهمان) يرجح من المقدمة أنه ربما بدأت الصياغة الأولى لهذه القصة وقت انهيار الإمبراطورية الفارسية على أيدي المسلمين.

وعلى هذا فتأثر القصة الفارسية بالإسلام في بعض تفاصيلها هو الرأي الصحيح وليس العكس.

بقي أن نعرف أن هناك ثلاث مخطوطات للقصة موجودة بين كوبنهاجن وميونخ، وجميعها تاريخها بعد القرن الرابع عشر الميلادي.

كما هو واضح لنا فالقصة الفارسية هي فولكلور شعبي تعرض للتغيير في محتواه بمرور الزمن كعادة هذا النوع من الفنون، والواضح أن القصة تأثرت بحادث معراج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وليس العكس..

فكما نجد في الرسومات والمنحوتات أنه هو نفسه صعد وبأجنحة، ثم لاحقًا بعد الفتح الإسلامي أصبحوا يرسمونه على دابة، وهناك من يدعي أنها منحوتة للإله أو أسطورة للطيران، ومهما كان الأمر فـمَن لديه عينين يرى أنه شخص بأجنحة وذيل! ويفهم كيف تم تركيب الأسطورة عليها تركيبًا ركيكًا، وكما وجدنا مما سبق فإن هذا التركيب جاء بعد الإسلام أصلًا..

اختم بقول السيدة ماري بويس (باحثة أدب شرقي) التي تقول في كتابها (Boyce, Mary. ed. Textual Sources for the Study of Zoroastrianism, 1984):

"لقد ظل سائدا أن قصة (آردا ويراذ ناماك) أثرت في قصة المعراج الإسلامية حتى تبين أن الصورة الأخيرة للقصة الفارسية حديثة العهد بالنسبة للإسلام".

فأساس الشبهة هو قدم الزرادشتية، ونحن لا نختلف معهم في هذا، ولكن نقطة الخلاف أن النسخة التي ينقلون منها هذا التشابه هي نسخة عائدة لما بعد الإسلام بقرنين أو ثلاثة!

وهذا يعني أن الزرادشتيين المتأخرين الذين كانوا يعيشون في الدولة الإسلامية هم من سرق شرائع الإسلام ووضعوها في كتبهم، وهذا مثل الترجوم الثاني لإستر في الديانة اليهودية، فأصله قديم إلى ما قبل الميلاد، لكن النسخة التي يأخذون منها التشابه مع الإسلام تعود إلى ما بعد الإسلام بقرون، وقد أثبت علماء التوراة اختلاف النسختين وعدم وجود التشابه مع القرآن في النسخة الأقدم، وكذلك في الزرادشتية، فهؤلاء قوم يعدلون كتبهم كل فترة.

على الزرادشتي أن يأتينا بنسخة قديمة إلى ما قبل الإسلام وسيفضح نفسه!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات #أباطيل #الزرادشتية
اقرأ أيضا
مغالطة يوثيفرو ضد دلالة الأخلاق والقيم على ضرورة وجود الله | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر مقالات

مغالطة يوثيفرو ضد دلالة الأخلاق والقيم على ضرورة وجود الله


من أشهر الاعتراضات التي يوردها الملاحدة على دليل القيم والمبادئ ما يسمى معضلة يوثيفرو euthyphro وهو رجل من اليونان نسبت إليه المعضلة وقد كانت نتيجة حوار بينه وبين سقراط وكان يرى أن مصدر الأخلاق يرجع إلى الإله فقال له سقراط: هل الأخلاق حسنة لأن الله يريدها أم أن الله أرادها لأنها حسنة

بقلم: سلطان العميري
1235
كيف تصبح قارئا عظيما للكتب | مرابط
فكر مقالات

كيف تصبح قارئا عظيما للكتب


هذه عشر خطوات لتطوير مهاراتك في القراءة حتى تكون من المتمكنين فيها ولتصبح من القراء الكبار اخترتها لك - عزيزي القارئ - من بين عشرات المقالات باللغة الإنجليزية المنشورة في هذا الموضوع وقمت بترجمتها بتصرف وهي للمدرب المتخصص في التنمية وتطوير المهارات السيد جيم إلين

بقلم: الشيخ الدكتور سلطان الدويفن
630
هل الخلاف شر كله؟ | مرابط
مقالات

هل الخلاف شر كله؟


إشكالية تربى عليها جيل كامل وهي أن الخلاف شر كله وفي نفس الوقت تعلم أن من الخلاف ما هو معتبر وسائغ! فلذلك تراه منظرا لأدب الخلاف لكن عند التطبيق تراه يشتد على كل من خالفه ويود لو أنه حمل الناس على قوله ودفن كل قول مخالف.

بقلم: أحمد عبد السلام
392
الانغماس في حياة الغرب | مرابط
فكر

الانغماس في حياة الغرب


فبقدر ما تنغمس فيهم بقدر ما تصيبك لعنتهم دون أن تشعر فإما تتنازل عن قيمك وتتخلى عنها فتغوص في الرذائل.. أو تداهن وتوارب في قيمهم فتتورط في كوارث.. أو تنبهر بالتعليم واحترام الخصوصيات و و.. فتصير حاكمية الذوق الغربي أهم من حاكمية الدين ويصير فهم الدين بمعايير الإنسانية أهم من فهمه بمعايير أهل العلم!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
499
الشخصية الغربية وعداء الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

الشخصية الغربية وعداء الإسلام


يبدو أن العداء الصريح للإسلام كان هو السمة التي ترسخت في الشخصية الجمعية الغربية وجاء ذلك نتاج الحروب الصليبية التي لم تتوقف على الصدام العسكري المسلح فقط وإنما نتج عنها الكثير من التشوهات الفكرية والثقافية التي ظلت باقية في المخيلة والعقلية الأوروبية فيما بعد

بقلم: محمد أسد
2163
خطورة اللسان | مرابط
تفريغات اقتباسات وقطوف

خطورة اللسان


وبعض الناس وهم يضحكون في مجالسهم يريدون النكات لكي يضحكون وقد تمس رسول الله أو الصلاة وقد تمس الإمام الذي يقرأ القرآن وتضحك الناس من أمر من أمور الدين هذا خطر كبير يقع فيه كثير من المسلمين الذين يرجون خيرا ويرجون الله سبحانه وتعالى ولا يلقون للكلمة بالا

بقلم: عمر الأشقر
486