الموقف من العلوم العقلية

الموقف من العلوم العقلية | مرابط

الكاتب: د. سلطان العميري

203 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في بداية الحديث عن الموقف من العلوم العقلية لا بد من التنبيه على أن مصطلح العلوم العقلية يُطلق في العرف على علوم مخصوصة، لها مسالك معروفة في دراسة الأمور العامة المتعلقة بالوجود والماهيات ونحوها، والمتعلقة بالعقائد والمعرفة.

فيدخل في العلوم العقلية في المعنى العرفي علم الفلسفة وعلم الكلام وعلم المنطق، ونحوها من العلوم.

وما تتضمنه هذه العلوم متنوع في حكمه ونوعه، وأصول ما يذكر فيها يرجع إلى أمور:

الأمر الأول: مواد مناقضة لأصول الشريعة، وتُعدُّ كفرًا مُخرجًا من الملة.
الأمر الثاني: مواد مخالفة للشريعة؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل، وتُعدُّ بدعةً وانحرافًا عن نهجها المستقيم.
الأمر الثالث: مواد لا تعلق لها مباشر بالشريعة، ولكنها خاطئة في نفسها؛ إما بدلالة العقل أو الحس أو غيره.
الأمر الرابع: مواد صحيحة في نفسها، ولكن فيها تطويل وتعب وقلة في الإفادة.
الأمر الخامس: أمور صحيحة صالحة للانتفاع والاعتبار.

والمواد الثلاث الأول كثيرة في علم الفلسفة والكلام، والمادة الرابعة والخامسة ظاهرة في علم المنطق.

وبناء على هذا فإن الموقف الشرعي من تلك العلوم العقلية -وخاصة علم الفلسفة والكلام- هو الذم والقبيح والتحريم؛ لأنها علوم متضمنة لمناقضة الشريعة أو مخالفة في كثير من موادها؛ إمَّا في الأدلة أو في المسائل.

ولأجل هذا؛ فإنه لا يجوز شرعًا أن يُحكم عليها بمدح مطلق، ولا بدعوة مطلقة لدراستها، ولا تُنشر الكتب المؤلفة فيها ولا تُروّج موادها بمسالك مطلقة، وإنما يوصى بها في حالات مخصوصة تغلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة، كجانب النقد أو لطلاب العلم المتخصصين لمعرفة ما فيها من انحراف أو معرفة أثرها على مقتضيات النصوص الشرعية.

وهذا التقرير ليس فيه دعوة إلى الإعراض عن المجالات التي تدرسها تلك العلوم العقلية المبنية على أصول مخصوصة، فإن كثيرا من المجالات التي تتناولها تلك العلوم يمكن إقامتها على الأصول الشرعية والعقلية الصحيحة، ويظهر ذلك جليا فيما قرره ابن تيمية في الأمور العامة وفي قضايا المعرفة والاستدلال وفي قضايا الإلهيات والعقدية.

وقد كتبت قبل سنوات مقالا في الدعوة إلى الاهتمام بهذا الأمر، وهو بعنوان (المخزون الفلسفي في الإسلام وضرورة التنقيب (اضغط هنا).

وحاصل ما سبق أننا نفرق بين أمرين:

الأمر الأول: الموقف من العلوم العقلية المعهودة، فهذه يتعلق بها الذم من جهات عديدة.
الأمر الثاني: الموقف من دراسة المجالات التي تتناولها تلك العلوم العقلية، فكثير من تلك المجالات مفيدة، ويمكن إقامته على أصول شرعية وعقلية صحيحة.

وبهذا التفريق يظهر بجلاء أن البحث إنما هو فيما يسمى العلوم العقلية، وليس فيما تتناوله تلك العلوم من مجالات.

والكلام في هذا الموضوع وخاصة فيما يتعلق بأنواع المواد المتعلقة بتلك العلوم وتقويم ما ينسب إليها نفع يستدعي تفصيلا مطولا، وإنما القصد الآن البيان المختصر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العلوم-العقلية
اقرأ أيضا
إن الحلال بين وإن الحرام بين | مرابط
اقتباسات وقطوف

إن الحلال بين وإن الحرام بين


قد يقع الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر وهو أن من الأشياء ما يعلم سبب حله وهو الملك المتيقن. ومنه ما يعلم سبب تحريمه وهو ثبوت ملك الغير عليه. فالأول لا تزول إباحته إلا بيقين زوال الملك عنه اللهم إلا في الأبضاع عند من يوقع الطلاق بالشك فيه كمالك أو إذا غلب على الظن وقوعه كإسحاق بن راهويه. والثاني: لا يزول تحريمه إلا بيقين العلم بانتقال الملك فيه.

بقلم: ابن رجب
353
كيف تتفاضل الأعمال؟ | مرابط
مقالات

كيف تتفاضل الأعمال؟


إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض.

بقلم: ابن القيم
210
الافتتان بالآخرين وصد الحق | مرابط
اقتباسات وقطوف

الافتتان بالآخرين وصد الحق


قد يكون اتباع أحدهم للباطل ليس إلا افتتانا بمن رآهم يتبعون هذا الباطل إذ يقول في نفسه: كيف لهؤلاء العظام والعقول الراجحة أن تتبع باطلا لا بد أنه الحق وأنهم رأوا من آياته ما حملهم على اتباعه إذن أتبعه مثلهم حتى لو بدى لي خلاف ذلك

بقلم: الشاطبي
2085
من علامات مرض القلب وصحته | مرابط
مقالات

من علامات مرض القلب وصحته


كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به كماله فى حصول ذلك الفعل منه ومرضه: أن يتعذر عليه الفعل الذى خلق له حتى لا يصدر منه أو يصدر مع نوع من الاضطراب فمرض اليد: أن يتعذر عليها البطش ومرض العين: أن يتعذر عليها النظر والرؤية ومرض اللسان: أن يتعذر عليه النطق ومرض البدن: أن يتعذر عليه حركته الطبيعية أو يضعف عنها ومرض القلب: أن يتعذر عليه ما خلق له من المعرفة بالله ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثار ذلك على كل شهوته فلو عرف العبد كل شىء ولم يعرف ربه فكأنه لم يعرف شيئا

بقلم: ابن القيم
757
هل الحجاب يتعارض مع أناقتي في المناسبات؟ | مرابط
المرأة

هل الحجاب يتعارض مع أناقتي في المناسبات؟


التأنق والأناقة التي أفهمها تعني التزين ومواكبة الموضة والألوان والاتجاهات المنتشرة في الملبس فتلبس في الصيف كذا وتلبس في الشتاء كذا وتضع اكسسوارا بالصورة الفلانية وتلف الطرحة بالطريفة كذا وكذا .. كل هذه الأمور لا تلزم المسلمة في شيء ما دامت تخالف الركن الركين في زي المرأة المسلمة وهو: الستر.

بقلم: محمد حشمت
388
قراءة الأحداث بعيون زرقاء | مرابط
فكر

قراءة الأحداث بعيون زرقاء


رغم أن الأعين الزرقاء لم يأت بجديد في قراءة الأحداث إلا أن ضحايا الاستبداد الثقافي يتلهفون دائما للحصول على ختم الصلاحية لأفكارهم وعقائدهم ولذلك يفرحون إذا وافقتهم الثقافة الغربية في فكرة أو فكرتين.. ويطيرون إذا قال الرجل الأبيض شيئا موافقا لثقافة وأفكار المسلمين! فهذا يأتي بمثابة صك الصلاحية وكأن لسان حالهم: الآن لا نخجل مما نعتقده الآن لا حرج على أفكارنا!

بقلم: محمود خطاب
262