يقول شيخ الإسلام:
ولا يجوز لعاقل أن يظن أن الميزان العقلي الذي أنزله الله هو منطق اليونان لوجوه:
أحدها: أن الله أنزل الموازين مع كتبه قبل أن يخلق اليونان من عهد نوح وإبراهيم وموسى وغيرهم، وهذا المنطق اليوناني وضعه أرسطو قبل المسيح بثلاثمائة سنة، فكيف كانت الأمم المتقدمة تزن به؟!
الثاني: أن أمتنا أهل الإسلام ما زالوا يزنون بالموازين العقلية، ولم يسمع سلفًا بذكر هذا المنطق اليوناني، وإنما ظهر في الإسلام لما عربت الكتب الرومية في عهد دولة المأمون أو قريبًا منها.
الثالث: أنه ما زال نظار المسلمين بعد أن عرب وعرفوه، يعيبونه ويذمونه ولا يلتفتون إليه ولا إلى أهله في موازينهم العقلية والشرعية، ولا يقول القائل ليس فيه مما انفردوا به إلا اصطلاحات لفظية، و إلا فالمعاني العقلية مشتركة بين الأمم، فإنه ليس الأمر كذلك، بل فيه معاني كثيرة فاسدة.
ثم هذا جعلوه ميزان الموازين العقلية التي هي الأقيسة العقلية، وزعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن أن يزل في فكره، وليس الأمر كذلك، فإنه لو احتاج الميزان إلى ميزان، لزم التسلسل
المصدر:
- شيخ الإسلام ابن تيمية، الرد على المنطقيين، ص373