النزوع الفطري لقيمة الرحمة

النزوع الفطري لقيمة الرحمة | مرابط

الكاتب: محمد وفيق زين العابدين

367 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الناس أسيرة لفكرة الرحمة عندها تعلق غير طبيعي بوجود رب رحيم.. التَقي والعاصي، المُطيع والمُتهاون، المُحسن والمُسيء.. لديهم هذا الخوف الفطري من الجزاء الأخروي!

هذا النزوع الفطري لقيمة الرحمة والتعلق بها؛ أليس أحد دلائل وجود الله تعالى؟! إذ هي قيمة لا يمكن تصورها إلا بين طرفين هما واهب الرحمة عز وجل، ومستحقي الرحمة؟!

سؤال "الرحمة" في حقيقته: انقطاع الرجاء من الأسباب تعلقًا بمسبب الأسباب، فمحله انحلال العزائم عن كل ما سوى الله، ويقين القلب بعدم نفع الأسباب؛ فلا يبقى للنفس إلا أن تفر لفطرتها الأولى وتُقر بالضعف المركوز فيها وتتنكر لتأليهها نفسها!

قال تعالى: "...وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين، فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق"!

تأمل لفظة "مخلصين".. تأمل كيف تركوا العناد مع الدين؟! وكيف نسوا ما ألفوه في لحظة؟! وكيف كفروا بما اعتقدوه من قبل في لمح البصر؟! كيف تذكروا للحظة؛ العهد الذي قطعوه على أنفسهم لله تعالى وهم في عالم الذَّر؛ حين أشهدهم على أنفسنا: ألستُ بربكُم؟!

ومنه تلمس ذكاء عكرمة رضي الله عنه، لما فر يوم الفتح وركب البحر وكاد أن يهلك هو ومن معه فبادر الناس بالدعاء لله، فقال جملته المشهورة: "لئن لم يُنجني في البحر إلا الإخلاص ما يُنجيني في البر غيره"، ثم أسلم!

هل تجد أي مخلوق يعيب الرحمة أو يسخر أو ينتقص منها؟! 
أبدًا.. لماذا؟!
لأن الإنسان ضعيف وفي قرارة نفسه يوقن بأنه مخلوق عاجز.. كل شيء عند الموت عبث إذا ذُكرت الرحمة، وكل قضية عند الموت لا وزن لها أمام شرف الرحمة.. 
إذًا، ألا نعمل لنستحقها؟!

كل نعمة في الدنيا لا تسوى شيئًا أمام نعمة الهداية للإسلام، وليس من نعمة أعظم من الهداية للإسلام إلا الموت عليه..

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الرحمة
اقرأ أيضا
انو الخير.. وصية الإمام أحمد لولده | مرابط
مقالات

انو الخير.. وصية الإمام أحمد لولده


قال عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه يوما أوصني يا أبت فقال يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير. وهذه وصية عظيمة سهلة على المسئول سهلة الفهم والامتثال على السائل وفاعلها ثوابه دائم مستمر لدوامها واستمرارها وهي صادقة على جميع أعمال القلوب المطلوبة شرعا سواء تعلقت بالخالق أو بالمخلوق

بقلم: ابن مفلح
770
تفريق الرسول بين اختلاط المكث والاختلاط العارض | مرابط
مقالات

تفريق الرسول بين اختلاط المكث والاختلاط العارض


لنسأل الآن سؤالا كان يجب أن يطرح قبل ذلك وهو: وهل فرق النبي فعلا في صور الاختلاط بين الاختلاط العابر في زمن يسير واختلاط المكث الذي يأخذ زمنا كثيرا؟ الحقيقة أننا حين نتدبر صور الاختلاط في عهد النبوة التي من جنس واحد يتبين لنا فعلا كيف ميز النبي في أحكامها طبقا لعامل الزمن أو بشكل أدق طبقا لقوة الإفضاء إلى الفتنة وبين يديكم نماذج توضح ذلك.

بقلم: إبراهيم السكران
526
بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين العمل المادي والعمل الإنساني: المرأة أنموذجا


لعله قد يكون من المفيد ألا نتحدث عن حق المرأة في العمل أي العمل المنتج ماديا الذي يؤدي إلى منتج مادي سلع - خدمات. ونعيد صياغة رؤية الناس بحيث يعاد تعريف العمل فيصبح العمل الإنساني أي العمل المنتج إنسانيا وبذلك نؤكد أسبقية العمل الإنساني على المادي والطبيعي

بقلم: د. عبد الوهاب المسيري
452
الإنصاف عزيز | مرابط
مقالات

الإنصاف عزيز


وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى

بقلم: ابن القيم
324
الاحتجاج بزلل العلماء والفقهاء | مرابط
مناظرات اقتباسات وقطوف

الاحتجاج بزلل العلماء والفقهاء


لا ينبغي أن يقف المسلم عند زلة العالم ويحتج بها أو يعتقد فيها رخصة له ليفعل المثل أو يواجه النص الصحيح الثابت بها فهذا ما لا يقبله عقل بالطبع وكل العلماء وكل أهل العلم لهم زلاتهم ولو وقف الواحد منا عند كل ذلة لأنشأ لنفسه دينا جديدا بعيدا عما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2164
اليمين الغربي واليسار الليبرالي | مرابط
فكر

اليمين الغربي واليسار الليبرالي


وكما أن الليبرالية كانت وثن الإسلاميين الحركيين والحداثيين قبلا سيكون اليمين وثن الإسلاميين التراثيين عما قريب والإسلام لا إلى ذلك ولا إلى ذاك وعلى المسلم إبصار سبيله ومعرفة الحق من الضلال وامتلاك زمام المبادرة بالفهم على أن يقرأ للنقد من كان له أهل لا كل محب يتقافز شوقا لنصرة الدين ولا يعرف ما هو الدين أصلا ولا يضبط أدنى إشكالات الموضوع الذي ينوي القراءة فيه لهذا الطرف أو ذاك

بقلم: عمرو عبد العزيز
758