ندخل سوقًا للملابس، تعجبنا قطعة، نسأل عن سعرها فتبدو فوق قدراتنا، نتظاهر بالحيرة بين عدد من الخيارات ثم ننسحب بقولنا: سأذهب للمحل الآخر وربما أعود
هذا المشهد تكرر لنا جميعًا، ولا أظنّ أحدًا منا إلا صنعه مرة في حياته على الأقل.
نعترف أن التظاهر بالحيرة أسهل من الاعتراف بعدم الرغبة/القدرة على دفع الثمن.
من يتأمل في كثير من أحوالنا يجد أننا نمارس نفس حيلة "الجاكيت الغالي" ولكن بمستويات مختلفة؛ نعلم أن الحق في المسألة كذا، ولكنه يحتاج ثمنا لا نريد دفعه، فنتظاهر بالحيرة بين أقوال الفقهاء، ثم ننسحب إلى أهوائنا.
نعلم أن طريق العفة له ثمن، نتهرب من دفعه، ثم نتأول بأن الخيارات الكثيرة هي السبب؛ لا نحن!
نعلم أن البرامج العلمية تحتاج ثمنًا من وقتك وجهدك واستعانتك بالله، لكننا نختار القول بأننا محتارون بين هذا البرنامج وذاك، وتلك الطبعة وتاك، حتى نقنع ضمائرنا أن الخلل في الخيارات لا فينا.
حين تكون صادقًا مع نفسك ستقول لها في لحظة مكاشفة: هذا أمر لا أريد دفع ثمنه، أو لا أستطيع الآن، ولا أتظاهر بأن الحق لم يتبين لي، أو أن الخطابات الدينية المتباينة قادتك للانحلال الذي نراه فيك، أو أن سماعك لأقوال فقهية جديدة هي سبب ضعف تدينك حتى في المجمع عليه من العبادات؛ أرجوك قل لصاحب المحل بصدق: سأعدّ نفسي، وبضاعتك تستحق، وسآتي لدفع الثمن بطيب نفس لآخذ الثمرة.