خطر حب الشهرة

خطر حب الشهرة | مرابط

الكاتب: محمد صالح المنجد

2418 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

عالم الشهرة

حب الشهرة والصيت.. هذا المرض موجودٌ في نفوس الكثيرين، وهذا المرض موجود عند الفسقة، وقد يكون موجودًا أيضًا عند بعض أهل الدين، فعند الفسقة الآن هناك شيء اسمه عالم الأضواء وعالم الشهرة، ويقال: فلان أو فلانة من الممثلين والممثلات دخل عالم الشهرة بفلم كذا، وفلانة من المغنيات دخلت عالم الشهرة بأغنية كذا، وفلان من اللاعبين دخل عالم الشهرة وعالم الأضواء بهدف من الأهداف الرياضية، بمباراة كذا، وهكذا من أنواع الشهرة الدنيوية المذمومة القبيحة المضيعة للوقت الصارفة للجهد بغير طاعة الله، والمورثة للإثم والعدوان، والمثيرة للشهوات والأهواء التي تؤدي إلى إضلال الناس.
 
عالم الشهرة الآن يدخل فيه كثيرٌ من أهل السوء والباطل كما هو معروف وواضح جدًا.
 

الأضواء والكاميرات

وهؤلاء الذين يحبون الأضواء والكاميرات ويحبون أن تسلط إليهم الأنظار، كثيرٌ منهم تافهون جدًا، إنما يعملون على الإضرار بالمجتمع ويعملون في حقل المعصية وخطوات الشيطان وسبيل إبليس، كثير من المشهورين الآن لاشك ولا يخفى عليكم هذا الحال فيه، وهؤلاء أمرهم واضح، ولا يحتاجون إلى تبيين لكن نحن نلتفت الآن إلى مسألة حب الشهرة وحب الصيت عند الأوساط التي يكون فيها شيءٌ من التدين أو الدين والعلم، فلا شك أنه يخترق هذه الأوساط شيءٌ من هذه النوازع، حب الشهرة وحب الصيت.

 

حب الشهرة مرض قادح في الإخلاص

 

قال الذهبي رحمه الله تعالى في صاحب العلم الذي تعجبه مسألة من علمه قال: فليتكتم بها ولا يتراءى بفعله، فربما أعجبته نفسه وأحب الظهور فيعاقب ويدخل عليه الداخل من نفسه، فكم من رجلٍ نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه.
 
لاحظ الآن كم من رجل نطق بالحق وأمر بالمعروف فيسلط الله عليه من يؤذيه، لماذا؟ كيف هذا؟! كيف ينطق بالحق ويأمر بالمعروف والله يسلط عليه من يؤذيه؟!

قال الذهبي رحمه الله: لسوء قصده وحبه للرئاسة الدينية، فهذا داءٌ خفيٌ سارٍ في نفوس الفقهاء، كما أنه داءٌ سارٍ في نفوس المنفقين من الأغنياء، وأرباب الوقوف -الأوقاف الذين يعملون الوقف والترب المزخرفة وربما بنوا المساجد، وهو داءٌ خفي يسري في نفوس الجند والمجاهدين- أي: حتى المجاهدون الذين يقاتلون، فتراهم يلتقون العدو. فـالذهبي يصور حالة في عهده، نحن الآن عرفنا الشهرة هذه في أوساط أهل السوء لا تحتاج إلى بيان، لكن حب الشهرة في أوساط أهل الطاعة عند بعض طلبة العلم، أو بعض المنفقين يطبع اسمه على الكتب التي يطبعها، أو يكتب اسمه على مسجدٍ يبنيه، أو وقفٍ يعمره، أو نهرٍ يجريه، هذا يحب الصيت والشهرة، ليقال: فلانٌ بناه، وفلانٌ طبعه، ونحو ذلك.

وربما كتب المحسن على نفقة المحسن الكبير، ما هذا؟! حب شهرة وحب الصيت ينافي الإخلاص، أين إخفاء العمل، الذي يوفر الأجر؟ غير موجود؛ موجود بدلًا منه حب الشهرة، وحب صيت، يدمر العمل تدميرًا ويفني الأجر إفناءً، فيأتي الله وليس له حسنة، قد استهلكت في الدنيا قالوا عنه: محسن وكريم، ويحب الخير، أخذها في الدنيا، قال الذهبي : ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبئاتٌ وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال: فلان شجاع وفلان جريء والعجب، ولبس القراقل المذهبة، وهي نوعٌ من الثياب يستخدمها العسكر، والخوذ المزخرفة، والعدد المحلاة، على نفوسٍ متكبرة، وفرسانٍ متجبرة، ويضاف إلى ذلك إخلالٌ بالصلاة، وظلمٌ للرعية، وشربٌ للمسكر فأنى ينصرون وكيف لا يخذلون؟!!
 
الذهبي رحمه الله يقول هذا عن صورة في عهده، وأشياء موجودة، فإذًا حب الشهرة والصيت يمكن أن يتطرق إلى طلاب العلم وإلى الدعاة والمنفقين والمقاتلين في سبيل الله، يخرجون لقتال الأعداء والكفار، ولذلك هذا حب الظهور وحب الصيت والشهرة، مرض يقدح في الإخلاص ويجرح الإخلاص، بل هذا مرض ينافي الإخلاص من أساسه؛ ولذلك يقول الله عز وجل يوم القيامة: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه أحدًا غيري تركته وشركه) ولذلك لاحظ وانتبه لهذه النقطة، الأعمال التي فيها شرك لا يثيب الله الشخص على المقدار الذي لم يشرك فيه.

فأي واحد عمل عملًا فيه شيء لله وشيء لغير الله؛ في عمل واحد، لا يثيبه الله عن الجزء الذي له ويحبط الجزء من العمل الذي ليس له، وإنما يحبطه كله، بنص الحديث: (من عمل عملًا أشرك معي فيه أحدًا غيري تركته وشركه) ويقال له يوم القيامة: خذ أجرك من الذين أشركت معي في هذا العمل، خذ أجرك منهم، الله لا يقبل إلا العمل الخالص لوجهه، يقول الله في الحديث القدسي: (أنا خير الشركاء) فيتركه يقول: أشركت معي فلانًا وفلانًا، هذا الشخص ما عملها لفلان عملها لله ولفلان، لاحظ، ليس له أجرٌ عليها مطلقًا، فإذا صلى إنسان لله لكن طول الركعات من أجل من يراه من الحاضرين، فليس له شيء أبدًا، هو لا يقول: فلان أكبر، يقول: الله أكبر، لا يقول: سبحان فلان، يقول: سبحان الله، لكن لما طرأ الرياء عليه في الصلاة وما قاومه بل استمرأه واستمر معه، فذلك يحبط العمل، إذا كان العمل متصلًا أوله بآخره يحبط العمل كله.

أما لو عمل عملًا لله وعملًا منفصلًا لغير الله، قبل الله العمل الذي له، وأحبط العمل الذي ليس له، كمن تصدق بخمسين ريالًا لفقير لله، ثم رأى الناس يخرجون من المسجد، فأحب أن يقال عنه كريم، فأخرج خمسين أخرى تصدق بها، يعني: لأي شيء للناس؟ فماذا يقبل الله منه؟ الخمسين الأولى هذه صدقة مستقلة، والخمسين الثانية حابطة وآثم عليها وليس فقط لا أجر له، يأثم إثم الشرك الذي حصل فيها، والشرك خطير؛ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] لا يغفر إلا بالتوبة، وخصوصًا هذا الشرك، سواء كان شركًا أكبر أو شركًا أصغر، ولذلك يجب على العبد أن يتوب من جميع أنواع الشرك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] ما قال: أكبر أو أصغر: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] لابد أن يتوب منها، وإلا سيبقى عليه إثم شركه، لا يغفره الله، لا تكفره الحسنات، بل لابد من توبة.

 


 

المصدر:

  1. https://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=101689#232300
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#حب-الشهرة
اقرأ أيضا
الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج2 | مرابط
توثيقات

الصين الشيوعية والتركستان المسلمة ج2


دولة التركستان الشرقية من الدول الإسلامية المحتلة التي ابتلعتها الصين الشيوعية في سنة 1949م في ظل غفلة المسلمين عن قضاياهم الماسة ونتيجة لفرقة المسلمين وتشتتهم وهي أرض إسلامية خالصة ولقد فصلنا في تاريخها في مقال سابق بعنوان قصة الإسلام في الصين كما ذكرنا الثروات الهائلة التي تمتلكها هذه الدولة الإسلامية الكبرى والإمكانيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والدينية التي تتمتع بها وهذا في مقال آخر بعنوان كنوز التركستان الشرقية وفي مقالنا هذا نرى ماذا فعلت الصين الشيوعية في العقود الثلاثة الأ...

بقلم: راغب السرجاني
706
أهل العزة | مرابط
اقتباسات وقطوف

أهل العزة


إن العزة قد تكون في الحق فيكون صاحبها عزيزا ولو كان ضعيفا مستضاما لا يذل للخلق ولا يتنازل عن شيء من دينه.. عزيز بعزة الله تعالى لأنه قد شرف بعبوديته له والانتساب لدينه والفخر بإسلامه وتطبيق شريعته ولو سخر منه الساخرون واستهزأ به المنافقون

بقلم: د. إبراهيم بن محمد الحقيل
504
بطون الفقراء أولى | مرابط
أباطيل وشبهات

بطون الفقراء أولى


والشبهة قد تأتيك تارة مكسوة بعبارات إسلامية ظاهرها الخوف على الإسلام والحفاظ على الشريعة واستمداد النور من الوحي وما أبعدها عنه وقد تأتيك مرة لتلعب على أوتار المشاعر فتقص عليك من أنباء الفقراء وأحوالهم لتشعل حماسك وحميتك ثم تزج بك في الاتجاه الخاطئ وقد تأتيك مرة أخرى زاعمة أنها تخاطب العقل وتحترمه وهي بعيدة عنه بعد السماء عن الأرض وفي هذا المقال نقاش لشبهة علمانية متكررة في كل موسم للحج: إذ يقولون بطون الفقراء أولى وطوفوا حول الفقراء ولا تطوفوا حول الكعبة

بقلم: محمود خطاب
1103
استرداد مقولة الإمبريالية كمقولة تحليلية | مرابط
تفريغات

استرداد مقولة الإمبريالية كمقولة تحليلية


الحل الصهيوني للمسألة اليهودية مثلا هو الحل الاستعماري عندك يهود زيادة إما تحرقهم أو ترسلهم فلسطين وهكذا تحل قضية الأقليات في المجتمعات المدنية عندك بضائع أرسلها للمستعمرات وهكذا أوروبا حلت مشاكلها عن طريق تصديرها للشرق وأسست مجتمعات مدنية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
545
الحق ثقيل | مرابط
فكر

الحق ثقيل


من الحقائق التي يجب التأكيد عليها ومراعاتها: أن أكثر انحرافات الناس عن قطعيات الشريعة ليس سببها ضعف الحجج والبراهين التي يسمعون وإنما هو من ثقل التكليف على نفوسهم. فالحق ثقيل: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا

بقلم: د. فهد بن صالح العجلان
414
دير ياسين والتطهير العرقي | مرابط
توثيقات

دير ياسين والتطهير العرقي


إن مذبحة دير ياسين والمذابح الأخرى المماثلة لم تكن مجرد حوادث فردية أو استثنائية طائشة بل كانت جزءا أصيلا من نمط ثابت ومتواتر ومتصل يعكس الرؤية الصهيونية للواقع والتاريخ والآخر حيث يصبح العنف بأشكاله المختلفة وسيلة لإعادة صياغة الشخصية اليهودية وتنقيتها من السمات الطفيلية والهامشية التي ترسخت لديها نتيجة القيام بدور الجماعة الوظيفية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
583