زكاة القلب

زكاة القلب | مرابط

الكاتب: ابن القيم

686 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الزكاة لغة

الزكاة فى اللغة: هى النماء والزيادة فى الصلاح، وكمال الشىء، يقال: زكا الشىء إذا نما، قال الله تعالى:

{خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

فجمع بين الأمرين: الطهارة والزكاة، لتلازمهما. فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة فى البدن، وبمنزلة الدغل فى الزرع، وبمنزلة الخبث فى الذهب والفضة والنحاس والحديد، فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا معوق ولا ممانع، فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت إرادة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة والمواد الرديئة: زكا ونما، وقوى واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه فى رعيته، فسمعت له وأطاعت. فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته كما قال تعالى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهْمِ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أزْكَى لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يصْنَعُونَ} [النور: 30].

فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج.

 

غض البصر

لهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر، جليلة القدر:

إحداها: حلاوة الإيمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه، والنفس مولعة بحب النظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلب. فيبعث رائده لنظر ما هناك، فإذا أخبره بحسن المنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه، وكثيرا ما يتعب ويتعب رسوله ورائده كما قيل:

وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا... لِقلبكَ يَوْمًا أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُ

رَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌِ... عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ

فإذا كف الرائد عن الكشف والمطالعة استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة، فمن أطلق لحظاته دامت حسراته، فإن النظر يولد المحبة. فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظور إليه. ثم تقوى فتصير صبابة. ينصب إليه القلب بكليته. ثم تقوى فتصير غراما يلزم القلب، كلزوم الغريم الذى لا يفارق غريمه. ثم يقوى فيصير عشقا. وهو الحب المفرط. ثم يقوى فيصير شغفا. وهو الحب الذى قد وصل إلى شَغاف القلب وداخله. ثم يقوى فيصير تتيمًا.

والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذا عَبَّده. وتيم الله عبد الله. فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هو عبدا له. وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى الأسر. فيصير أسيرا بعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا. يتظلم من الطرْف ويشكوه. والطرْف يقول: أنا رائدك ورسولك، وأنت بعثتنى. وهذا إنما ابتُلى به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب. فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره. قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:

{كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].

فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج، ويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.

الفائدة الثانية فى غض البصر: نور القلب وصحة الفراسة. قال أبو شجاع الكرمانى: "من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن المحارم، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة" وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به، ثم قال بعد ذلك: {إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75].

وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: {اللهُ نُورُ السَّمواتِ وَالأرْضِ} [النور: 35].

وسر هذا الخبر: أن الجزاء من جنس العمل. فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه. فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها. فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صورة الحقائق كما هى عليه. وإذا صدئت لم ينطبع فيها صورة المعلومات. فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون.

الفائدة الثالثة قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه الله تعالى بقوته سلطان النصرة، كما أعطاه بنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين، ويهرب الشيطان منه، كما فى الأثر:

"إنَّ الّذِى يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ". ولهذا يوجد فى المتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه، فإنه سبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] وقال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُريِدُ الْعِزَّةَ فَللَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10].

أى من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله: بالكلم الطيب، والعمل الصالح، وقال بعض السلف: "الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا فى طاعة الله" وقال الحسن: "وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفى قلوبهم، أبى الله عز وجل إلا أن يُذِلَّ من عصاه، وذلك أن من أطاع الله تعالى فقد والاه، ولا يذل من والاه الله، كما فى دعاء القنوت: "إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ"

 

زكاة القلب

والمقصود: أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة، قال تعالى: {وَلوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].

وذكر ذلك سبحانه عقيب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكى هو باجتناب ذلك، وكذلك قوله تعالى فى الاستئذان على أهل البيوت: {وَإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور: 28].

فإنهم إذا أمروا بالرجوع لئلا يطلعوا على عورة لم يحب صاحب المنزل أن يطَّلع عليها كان ذلك أزكى لهم، كما أن رد البصر وغضه أزكى لصاحبه، وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].

وقال تعالى عن موسى عليه السلام فى خطابه لفرعون: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] وقال تعالى {وَوَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ} [فصلت: 6- 7].

قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم: هى التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان الذى به يزكو القلب، فإنه يتضمن نفى إلهية ما سوى الحق من القلب، وذلك طهارته، وإثبات إلهيته سبحانه؛ وهو أصل كل زكاة ونماء، فإن التزكى- وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة- فإنما يحصل بإزالة الشر. فلهذا صار التزكى ينتظم الأمرين جمعيًا. فأصل ما تزكو به القلوب والأرواح. هو التوحيد: والتزكية جعل الشىء زكيا، إما فى ذاته، وإما فى الاعتقاد والخبر عنه، كما يقال: عدَّلته وفسَّقته، إذا جعلته كذلك فى الخارج، أو فى الاعتقاد والخبر.

وعلى هذا فقوله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] هو على غير معنى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].

أى لا تخبروا بزكاتها وتقولوا: نحن زاكون صالحون متقون، ولهذا قال عقيب ذلك: {هُوَ أَعْلُم بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].

وكان اسم "زينب" "برة" فقال: "تُزَكِّى نَفْسهَا؟ " فسماها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "زينب" وقال: "الله أَعْلمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ" وكذلك قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلى الّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُم} [النساء: 49].

أى يعتقدون زكاءها ويخبرون به، كما يزكى المزكى الشاهد، فيقول عن نفسه ما يقول المزكى فيه، كما قال الله تعالى: {بَلِ اللهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ} [النساء: 49].

أى هو الذى يجعله زاكيا، ويخبر بطاعة الله فيصير زاكيًا، وهذا بخلاف قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] فإنه من باب قوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] أى تعمل بطاعة الله تعالى، فتصير زاكيا، ومثله قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14].

وقد اختلف فى الضمير المرفوع فى قوله: زكاها فقيل: هو الله. أى أفلحت نفس زكاها الله عز وجل، وخابت نفس دساها، وقيل: إن الضمير يعود على فاعل أفلح، وهو "مَن" سواء كانت موصولة أو موصوفة، فإن الضمير لو عاد على الله سبحانه لقال: قد أفلح من زكاه وقد خاب من دساه. والأولون يقولون "من" وإن كان لفظها مذكرا فإذا وقعت على مؤنث جاز إعادة الضمير عليها بلفظ المؤنث، مراعاة للمعنى، وبلفظ المذكر مراعاة للفظ، وكلاهما من الكلام الفصيح، وقد وقع فى القرآن اعتبار لفظها ومعناها، فالأول كقوله:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] فأفرد الضمير، والثانى كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42].

قال المرجحون للقول الأول: يدل على صحة قولنا: ما رواه أهل السنن من حديث ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها قالت: "أتيْتُ لَيْلَةً، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقُولُ: رَبِّ أَعْطِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وزَكِّهَا، أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا".

فهذا الدعاء كالتفسير لهذه الآية، وأن الله تعالى هو الذى يزكى النفوس فتصير زاكية، فالله هو المزكى، والعبد هو المتزكى. والفرق بينهما فرق ما بين الفاعل والمطاوع. قالوا: والذى جاء فى القرآن من إضافة الزكاة إلى العبد إنما هو بالمعنى الثانى، دون الأول. كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، وقوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18].

أى تقبل تزكية الله تعالى لك، فتتزكى؟ قالوا: وهذا هو الحق. فإنه لا يفلح إلا من زكاه الله تعالى. قالوا: وهذا اختيار ترجمان القرآن ابن عباس، فإنه قال فى رواية على بن أبى طلحة وعطاء والكلبى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَه" وقال ابن زيد: "قَدْ أَفلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تعالى نَفْسَهُ".

واختاره ابن جرير. قالوا: ويشهد لهذا القول أيضا قوله فى أول السورة: {فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8].

قالوا: وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أخبر أنه خالق النفس وصفاتها. وذلك فى معنى التسوية.

قال أصحاب القول الآخر: ظاهر الكلام ونظمه الصحيح: يقتضى أن يعود الضمير على "من" أى أفلح من زكى نفسه. هذا هو المفهوم المتبادر إلى الفهم، بل لا يكاد يفهم غيره، كما إذا قلت: هذه جارية قد ربح من اشتراها، وصلاة قد سعد من صلاها، وضالة قد خاب من آواها. ونظائر ذلك.

قالوا: والنفس مؤنثة، فلو عاد الضمير على الله سبحانه لكان وجه الكلام: قد أفلحت نفس زكاها، أو أفلحت من زكاها، لوقوع "مَن" على النفس. قالوا: وإن جاز تفريغ الفعل من التاء لأجل لفظ "من" كما تقول: قد أفلح من قامت منكن، فذاك حيث لا يقع اشتباه والتباس. فإذا وقع الاشتباه لم يكن بد من ذكر ما يزيله.

قالوا: و "مَن" موصولة بمعنى الذى. ولو قيل: قد أفلح الذى زكاها الله لم يكن جائزا، لعود الضمير المؤنث على الذى، وهو مذكر. قالوا: وهو سبحانه قصد نسبة الفلاح إلى صاحب النفس إذا زكى نفسه. ولهذا فرغ الفعل من التاء، وأتى ب "من" التى هى بمعنى "الذى" وهذا الذى عليه جمهور المفسرين، حتى أصحاب ابن عباس رضى الله عنهما. وقال قتادة: {قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاهَا} [الشمس: 9].

"من عمل خيرا زكاها بطاعة الله عز وجل" وقال أيضا: "قد أفلح من زكى نفسه بعمل صالح" وقال الحسن: "قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله تعالى، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله تعالى" قال ابن قتيبة: "يريد أفلح من زكى نفسه، أى نماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة، واصطناع المعروف". {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10].

أى نقصها وأخفاها بترك عمل البر وركوب المعاصى. والفاجر أبدا خفى المكان، زَمِن المروءة، غامض الشخص، ناكس الرأس. فمرتكب الفواحش قد دس نفسه وقمعها، ومصطنع المعروف قد شهر نفسه ورفعها. وكانت أجواد العرب تنزل الربى ويفاع الأرض لتشهر أماكنها للمعتفين. وتوقد النيران فى الليل للطارقين. وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والأهضام، لتخفى أماكنها على الطالبين، فأولئك أعلوا أنفسهم وزكوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسوها. وأنشد:

وَبَوَّاب بَيْتِكَ فى مَعْلَمٍ... رَحيبِ المَباءَةِ وَالمَسْرَحِ

كَفَيْتَ الْعُفَاةَ طِلابَ الْقِرَى... وَنَبحَ الْكلابِ لِمُسْتَنْبِح

فهذان قولان مشهوران فى الآية.

وفيها قول ثالث: أن المعنى: خاب من دس نفسه مع الصالحين وليس منهم، حكاه الواحدى، قال: ومعنى هذا: أنه أخفى نفسه فى الصالحين، يرى الناس أنه منهم وهو منطو على غير ما ينطوى عليه الصالحون.

وهذا- وإن كان حقا فى نفسه- لكن فى كونه هو المراد بالآية نظر، وإنما يدخل فى الآية بطريق العموم. فإن الذى يدس نفسه بالفجور إذا خالط أهل الخير دس نفسه فيهم، والله تعالى أعلم.

 


 

المصدر:

ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ص46

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-القيم #زكاة-القلب
اقرأ أيضا
الثقافة المستعارة: الأفلام والمسلسلات | مرابط
فكر اقتباسات وقطوف ثقافة

الثقافة المستعارة: الأفلام والمسلسلات


إن عالم الأفلام والمسلسلات ينتمي إلى فضاء غير الذي ننتمي إليه إنه ينتمي إلى فضاء التجارة والشهرة والإثارة والصنعة الإعلامية وهو فضاء لا يتقابل مع الواقع الحقيقي إلا في بعض صوره ومع الأسف الشديد فإن ما لا يقل عن جيلين أو ثلاثة أجيال من المسلمين قد تأثر كثير من أبنائها بثقافة المسلسلات وخاصة النساء

بقلم: أحمد يوسف السيد
568
كم من نعمة لله في عرق ساكن | مرابط
مقالات

كم من نعمة لله في عرق ساكن


كان من دعاء أحد الأعراب: الحمد لله على نوم الليل وهدوء العروق وسكون الجوارح وكف الأذى والغنى عن الناس. ألا ما أعمق هذا الدعاء على وجازته! فنعمة هدوء العروق وسكون الجوارح من الأملاك الخفية التي لا تعرف قيمتها إلا حين فقدها ومن جميل حكم أبي الدرداء قوله: كم من نعمة لله في عرق ساكن

بقلم: طلال الحسان
301
الاستدلال بنواميس الكون على نفي وجود خالقها | مرابط
أباطيل وشبهات فكر الإلحاد

الاستدلال بنواميس الكون على نفي وجود خالقها


إن الفهم السقيم الذي يحاول بعض الملاحدة نشره هو أن نفي وجود الخالق أو مجرد تدخله يمكن أن يكون بشرح الآلية التي يعمل بها شيء كان يقال عنه إنه من سنع الله فإن استطاع شخص فهم القوى الفيزيائية المؤثرة على بقاء الأرض أو القمر أو غيرهما في مدارات محددة قال: هذا ما يبقيها إذا وليس الله كما كنت أعتقد

بقلم: سامي أحمد الزين
518
كتاب الحكم العطائية | مرابط
مناقشات

كتاب الحكم العطائية


أما كتابه الحكم العطائية فهو فيه حكم نافعة ولكن لم يخل من عبارات باطلة توحي بالاتحاد والحلول وغيرها مما يخالف العقيدة قال الذهبي:وله عبارات في التصوف مشكلة توهم ويتكلف له في الإعتذار عنها.

بقلم: قاسم اكحيلات
330
إقناع العقل وإمتاع العاطفة | مرابط
تعزيز اليقين

إقناع العقل وإمتاع العاطفة


وفي النفس الإنسانية قوتان: قوة تفكير وقوة وجدان وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة أختها فأما إحداهما فتنقب عن الحق لمعرفته وعن الخير للعمل به وأما الأخرى فتسجل إحساسها بما في الأشياء من لذة وألم والبيان التام هو الذي يوفي لك هاتين الحاجتين ويطير إلى نفسك بهذين الجناحين فيؤتيها حظها من الفائدة العقلية والمتعة الوجدانية معا

بقلم: محمد عبد الله دراز
636
لا خير في كثير من نجواهم | مرابط
اقتباسات وقطوف

لا خير في كثير من نجواهم


قرأ الإمام اليوم فينا آية انهمرت مع حروفها أمام ناظري كثير من السجالات الفكرية المعاصرة يسكبون ساعات المقاهي في نقاشات فكرية متشعبة تسمع شرارتها الأولى وتغيب البقية وسط الضجيج والله يقول: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فيا ضيعة الأعمار

بقلم: إبراهيم السكران
510