زكاة القلب

زكاة القلب | مرابط

الكاتب: ابن القيم

611 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الزكاة لغة

الزكاة فى اللغة: هى النماء والزيادة فى الصلاح، وكمال الشىء، يقال: زكا الشىء إذا نما، قال الله تعالى:

{خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

فجمع بين الأمرين: الطهارة والزكاة، لتلازمهما. فإن نجاسة الفواحش والمعاصى فى القلب بمنزلة الأخلاط الرديئة فى البدن، وبمنزلة الدغل فى الزرع، وبمنزلة الخبث فى الذهب والفضة والنحاس والحديد، فكما أن البدن إذا استفرغ من الأخلاط الرديئة تخلصت القوة الطبيعية منها فاستراحت، فعملت عملها بلا معوق ولا ممانع، فنما البدن، فكذلك القلب إذا تخلص من الذنوب بالتوبة فقد استفرغ من تخليطه، فتخلصت إرادة القلب وإرادته للخير، فاستراح من تلك الجواذب الفاسدة والمواد الرديئة: زكا ونما، وقوى واشتد، وجلس على سرير ملكه، ونفذ حكمه فى رعيته، فسمعت له وأطاعت. فلا سبيل له إلى زكاته إلا بعد طهارته كما قال تعالى: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهْمِ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أزْكَى لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يصْنَعُونَ} [النور: 30].

فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج.

 

غض البصر

لهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فوائد عظيمة الخطر، جليلة القدر:

إحداها: حلاوة الإيمان ولذته، التى هى أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى فإن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه، والنفس مولعة بحب النظر إلى الصور الجميلة، والعين رائد القلب. فيبعث رائده لنظر ما هناك، فإذا أخبره بحسن المنظور إليه وجماله، تحرك اشتياقا إليه، وكثيرا ما يتعب ويتعب رسوله ورائده كما قيل:

وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا... لِقلبكَ يَوْمًا أتْعَبَتْكَ المنَاظِرُ

رَأَيْتَ الَّذِى لا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌِ... عَلَيْه وَلا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابرُ

فإذا كف الرائد عن الكشف والمطالعة استراح القلب من كلفة الطلب والإرادة، فمن أطلق لحظاته دامت حسراته، فإن النظر يولد المحبة. فتبدأ علاقة يتعلق بها القلب بالمنظور إليه. ثم تقوى فتصير صبابة. ينصب إليه القلب بكليته. ثم تقوى فتصير غراما يلزم القلب، كلزوم الغريم الذى لا يفارق غريمه. ثم يقوى فيصير عشقا. وهو الحب المفرط. ثم يقوى فيصير شغفا. وهو الحب الذى قد وصل إلى شَغاف القلب وداخله. ثم يقوى فيصير تتيمًا.

والتتيم التعبد ومنه تيمه الحب إذا عَبَّده. وتيم الله عبد الله. فيصير القلب عبدا لمن لا يصلح أن يكون هو عبدا له. وهذا كله جناية النظر فحينئذ يقع القلب فى الأسر. فيصير أسيرا بعد أن كان ملكا، ومسجونا بعد أن كان مطلقا. يتظلم من الطرْف ويشكوه. والطرْف يقول: أنا رائدك ورسولك، وأنت بعثتنى. وهذا إنما ابتُلى به القلوب الفارغة من حب الله والإخلاص له، فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب. فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره. قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:

{كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].

فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج، ويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.

الفائدة الثانية فى غض البصر: نور القلب وصحة الفراسة. قال أبو شجاع الكرمانى: "من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وكف نفسه عن الشهوات، وغض بصره عن المحارم، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة" وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به، ثم قال بعد ذلك: {إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75].

وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: {اللهُ نُورُ السَّمواتِ وَالأرْضِ} [النور: 35].

وسر هذا الخبر: أن الجزاء من جنس العمل. فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه. فإن القلب كالمرآة، والهوى كالصدأ فيها. فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صورة الحقائق كما هى عليه. وإذا صدئت لم ينطبع فيها صورة المعلومات. فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون.

الفائدة الثالثة قوة القلب وثباته وشجاعته، فيعطيه الله تعالى بقوته سلطان النصرة، كما أعطاه بنوره سلطان الحجة، فيجمع له بين السلطانين، ويهرب الشيطان منه، كما فى الأثر:

"إنَّ الّذِى يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرَقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ". ولهذا يوجد فى المتبع هواه من ذل النفس وضعفها ومهانتها ما جعله الله لمن عصاه، فإنه سبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] وقال تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُريِدُ الْعِزَّةَ فَللَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10].

أى من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله: بالكلم الطيب، والعمل الصالح، وقال بعض السلف: "الناس يطلبون العز بأبواب الملوك ولا يجدونه إلا فى طاعة الله" وقال الحسن: "وإن هَمْلَجَتْ بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال إن ذل المعصية لفى قلوبهم، أبى الله عز وجل إلا أن يُذِلَّ من عصاه، وذلك أن من أطاع الله تعالى فقد والاه، ولا يذل من والاه الله، كما فى دعاء القنوت: "إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ"

 

زكاة القلب

والمقصود: أن زكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة، قال تعالى: {وَلوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].

وذكر ذلك سبحانه عقيب تحريم الزنا والقذف ونكاح الزانية، فدل على أن التزكى هو باجتناب ذلك، وكذلك قوله تعالى فى الاستئذان على أهل البيوت: {وَإنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النور: 28].

فإنهم إذا أمروا بالرجوع لئلا يطلعوا على عورة لم يحب صاحب المنزل أن يطَّلع عليها كان ذلك أزكى لهم، كما أن رد البصر وغضه أزكى لصاحبه، وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14- 15].

وقال تعالى عن موسى عليه السلام فى خطابه لفرعون: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] وقال تعالى {وَوَيلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ} [فصلت: 6- 7].

قال أكثر المفسرين من السلف ومن بعدهم: هى التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله، والإيمان الذى به يزكو القلب، فإنه يتضمن نفى إلهية ما سوى الحق من القلب، وذلك طهارته، وإثبات إلهيته سبحانه؛ وهو أصل كل زكاة ونماء، فإن التزكى- وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة- فإنما يحصل بإزالة الشر. فلهذا صار التزكى ينتظم الأمرين جمعيًا. فأصل ما تزكو به القلوب والأرواح. هو التوحيد: والتزكية جعل الشىء زكيا، إما فى ذاته، وإما فى الاعتقاد والخبر عنه، كما يقال: عدَّلته وفسَّقته، إذا جعلته كذلك فى الخارج، أو فى الاعتقاد والخبر.

وعلى هذا فقوله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] هو على غير معنى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9].

أى لا تخبروا بزكاتها وتقولوا: نحن زاكون صالحون متقون، ولهذا قال عقيب ذلك: {هُوَ أَعْلُم بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].

وكان اسم "زينب" "برة" فقال: "تُزَكِّى نَفْسهَا؟ " فسماها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "زينب" وقال: "الله أَعْلمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ" وكذلك قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلى الّذِينَ يُزَكُّونَ أنْفُسَهُم} [النساء: 49].

أى يعتقدون زكاءها ويخبرون به، كما يزكى المزكى الشاهد، فيقول عن نفسه ما يقول المزكى فيه، كما قال الله تعالى: {بَلِ اللهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَاءُ} [النساء: 49].

أى هو الذى يجعله زاكيا، ويخبر بطاعة الله فيصير زاكيًا، وهذا بخلاف قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] فإنه من باب قوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18] أى تعمل بطاعة الله تعالى، فتصير زاكيا، ومثله قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14].

وقد اختلف فى الضمير المرفوع فى قوله: زكاها فقيل: هو الله. أى أفلحت نفس زكاها الله عز وجل، وخابت نفس دساها، وقيل: إن الضمير يعود على فاعل أفلح، وهو "مَن" سواء كانت موصولة أو موصوفة، فإن الضمير لو عاد على الله سبحانه لقال: قد أفلح من زكاه وقد خاب من دساه. والأولون يقولون "من" وإن كان لفظها مذكرا فإذا وقعت على مؤنث جاز إعادة الضمير عليها بلفظ المؤنث، مراعاة للمعنى، وبلفظ المذكر مراعاة للفظ، وكلاهما من الكلام الفصيح، وقد وقع فى القرآن اعتبار لفظها ومعناها، فالأول كقوله:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] فأفرد الضمير، والثانى كقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42].

قال المرجحون للقول الأول: يدل على صحة قولنا: ما رواه أهل السنن من حديث ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها قالت: "أتيْتُ لَيْلَةً، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقُولُ: رَبِّ أَعْطِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وزَكِّهَا، أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا".

فهذا الدعاء كالتفسير لهذه الآية، وأن الله تعالى هو الذى يزكى النفوس فتصير زاكية، فالله هو المزكى، والعبد هو المتزكى. والفرق بينهما فرق ما بين الفاعل والمطاوع. قالوا: والذى جاء فى القرآن من إضافة الزكاة إلى العبد إنما هو بالمعنى الثانى، دون الأول. كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، وقوله: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18].

أى تقبل تزكية الله تعالى لك، فتتزكى؟ قالوا: وهذا هو الحق. فإنه لا يفلح إلا من زكاه الله تعالى. قالوا: وهذا اختيار ترجمان القرآن ابن عباس، فإنه قال فى رواية على بن أبى طلحة وعطاء والكلبى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَه" وقال ابن زيد: "قَدْ أَفلَحَ مَنْ زَكَّى اللهُ تعالى نَفْسَهُ".

واختاره ابن جرير. قالوا: ويشهد لهذا القول أيضا قوله فى أول السورة: {فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8].

قالوا: وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أخبر أنه خالق النفس وصفاتها. وذلك فى معنى التسوية.

قال أصحاب القول الآخر: ظاهر الكلام ونظمه الصحيح: يقتضى أن يعود الضمير على "من" أى أفلح من زكى نفسه. هذا هو المفهوم المتبادر إلى الفهم، بل لا يكاد يفهم غيره، كما إذا قلت: هذه جارية قد ربح من اشتراها، وصلاة قد سعد من صلاها، وضالة قد خاب من آواها. ونظائر ذلك.

قالوا: والنفس مؤنثة، فلو عاد الضمير على الله سبحانه لكان وجه الكلام: قد أفلحت نفس زكاها، أو أفلحت من زكاها، لوقوع "مَن" على النفس. قالوا: وإن جاز تفريغ الفعل من التاء لأجل لفظ "من" كما تقول: قد أفلح من قامت منكن، فذاك حيث لا يقع اشتباه والتباس. فإذا وقع الاشتباه لم يكن بد من ذكر ما يزيله.

قالوا: و "مَن" موصولة بمعنى الذى. ولو قيل: قد أفلح الذى زكاها الله لم يكن جائزا، لعود الضمير المؤنث على الذى، وهو مذكر. قالوا: وهو سبحانه قصد نسبة الفلاح إلى صاحب النفس إذا زكى نفسه. ولهذا فرغ الفعل من التاء، وأتى ب "من" التى هى بمعنى "الذى" وهذا الذى عليه جمهور المفسرين، حتى أصحاب ابن عباس رضى الله عنهما. وقال قتادة: {قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاهَا} [الشمس: 9].

"من عمل خيرا زكاها بطاعة الله عز وجل" وقال أيضا: "قد أفلح من زكى نفسه بعمل صالح" وقال الحسن: "قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله تعالى، وقد خاب من أهلكها وحملها على معصية الله تعالى" قال ابن قتيبة: "يريد أفلح من زكى نفسه، أى نماها وأعلاها بالطاعة والبر والصدقة، واصطناع المعروف". {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10].

أى نقصها وأخفاها بترك عمل البر وركوب المعاصى. والفاجر أبدا خفى المكان، زَمِن المروءة، غامض الشخص، ناكس الرأس. فمرتكب الفواحش قد دس نفسه وقمعها، ومصطنع المعروف قد شهر نفسه ورفعها. وكانت أجواد العرب تنزل الربى ويفاع الأرض لتشهر أماكنها للمعتفين. وتوقد النيران فى الليل للطارقين. وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والأهضام، لتخفى أماكنها على الطالبين، فأولئك أعلوا أنفسهم وزكوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسوها. وأنشد:

وَبَوَّاب بَيْتِكَ فى مَعْلَمٍ... رَحيبِ المَباءَةِ وَالمَسْرَحِ

كَفَيْتَ الْعُفَاةَ طِلابَ الْقِرَى... وَنَبحَ الْكلابِ لِمُسْتَنْبِح

فهذان قولان مشهوران فى الآية.

وفيها قول ثالث: أن المعنى: خاب من دس نفسه مع الصالحين وليس منهم، حكاه الواحدى، قال: ومعنى هذا: أنه أخفى نفسه فى الصالحين، يرى الناس أنه منهم وهو منطو على غير ما ينطوى عليه الصالحون.

وهذا- وإن كان حقا فى نفسه- لكن فى كونه هو المراد بالآية نظر، وإنما يدخل فى الآية بطريق العموم. فإن الذى يدس نفسه بالفجور إذا خالط أهل الخير دس نفسه فيهم، والله تعالى أعلم.

 


 

المصدر:

ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ص46

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-القيم #زكاة-القلب
اقرأ أيضا
أحاديث مشكلة في الحجاب ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين المرأة

أحاديث مشكلة في الحجاب ج1


لا يخلو باب من أبواب أصول الدين ولا فروعه من آيات أو أحاديث مشتبهة تخالف في ظاهرها المحكمات البينات فإن جاز ذلك في الأصول فإنه في أبواب الفروع من باب أولى وفي أبواب حجاب المرأة ولباسها يورد بعض الكتاب أحاديث تخالف المحكم البين منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها ما لو وضع في موضعه ولم يلغ به العام لاستقام للناظر الحكم ولكن استعمل كثير من الأحاديث الظنية في نقض القطعية والأحاديث المشتبهة في نقض المحكمة

بقلم: عبد العزيز الطريفي
633
قصة الله محبة وموقف الأناجيل منها ج2 | مرابط
فكر مقالات

قصة الله محبة وموقف الأناجيل منها ج2


نيران سانت المو: هى الوهج الذى يلازم التفريغ الكهربى البطىء من الجو إلى الأرض وهذا التفريع المطابق لتفريغ الفرشاة المعروف فى تجارب معامل الطبيعة يظهر عادة فى صورة رأس من الضوء على نهايات الأجسام المدببة التى على غرار برج الكنيسة وصارى السفينة أو حتى نتوءات الأراضى المنبسطة وتصحبها عادة ضوضاء طقطقة وأزيز

بقلم: محمد الغزالي
903
فتنة النساء.. إصدار خاص | مرابط
المرأة

فتنة النساء.. إصدار خاص


بدأت أؤمن أن فتنة النساء بالنسبة للرجال ليست مقتصرة أبدا على الانجذاب الفطري لها بشكل محرم إذا لم تكن زوجة أو بشكل يؤدي إلى محرم إذا كانت زوجته ولكن يؤدي التعلق بها إلى حرام آخر في اكتساب المال أو عقوق الوالدين وغير ذلك.

بقلم: معتز عبد الرحمن
325
التوبة والندم | مرابط
اقتباسات وقطوف

التوبة والندم


مقتطف من كتاب التوبة لابن أبي الدنيا يعرض لنا بعض الأحاديث والآثار أو الأخبار فيما يخص التوبة وهل الندم يدخل في معنى التوبة أم لا وهل التوبة تخلص العبد من عقوبة الله عز وجل أم لا وهل التوبة تكفي للتخلص من آثار الذنوب

بقلم: ابن أبي الدنيا
634
مآلات تدهور اليقين | مرابط
فكر

مآلات تدهور اليقين


يسرد ابن تيمية في مواضع عديدة من مرافعاته جملة من الاعترافات والسير الذاتية لأئمة من أهل الكلام والمتفلسفة القدامى مشيرا إلى مآلاتهم المروعة نتيجة انحراف أنظارهم عن الحق ودخولهم في متاهات الرذائل النظرية فيذكر حكايات عن الشهرستاني والرازي وأبي الحديد والآمدي والخونجي وغيرهم ويقول أن أكثر الفضلاء العارفين بالكلام والفلسفة بل والتصوف تجدهم في العلم الإلهي حيارى.

بقلم: عبد الله الوهيبي
343
في القرآن كفاية الجزء الأول | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

في القرآن كفاية الجزء الأول


في القرآن كفاية تأتي هذه الشبهة في مقولة تظهر صاحبها في صورة المكتفي بالقرآن مصدرا للحجة والاستدلال فإذا استدللت لحكم شرعي بدليل من السنة النبوية قذف بهذه المقولة في وجهك مدعيا كفاية القرآن في إقامة الدين دون الحاجة لمصدر آخر وقد يعضد صاحب هذه المقولة مقولته ببعض الأدلة القرآنية كمثل قوله تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء أو قوله سبحانه: ما فرطنا في الكتاب من شيء

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري وفهد بن صالح العجلان
2444