سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثاني ج1

سلسلة كيف تصبح عالما: الدرس الثاني ج1 | مرابط

الكاتب: د راغب السرجاني

699 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك، وأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا أجمعين.

استكمالًا لما كنا نتحدث عنه في محاضرة العلم وبناء الأمم ذكرنا أن هناك نوعين من العلوم: علوم شرعية كالفقه والحديث والعقيدة وغيرها من علوم الشرع، وعلوم حياتية كالطب والهندسة والفلك والكيمياء والفيزياء والجغرافيا وغيرها من أنواع العلوم الحياتية.

لا شك أن الذي يرصد حال الأمة الإسلامية في السنوات الأخيرة يجد أنه بفضل الله عز وجل أن هناك صحوة إسلامية ملموسة؛ فنحن نشاهد المساجد ممتلئة وخارج المساجد أيضًا ممتلئ، والصبر على الصلوات الطويلة وختم القرآن, وصلاة التهجد والعبادات العظيمة التي كانت قد فترت عقودًا طويلة من الزمان قبل الصحوة الإسلامية الأخيرة.

نرى بفضل الله الشباب المتحمس يقرأ ويتعلم ويدرس في كتاب الله عز وجل، وفي سنة حبيبنا صلى الله عليه وسلم، ويتفقه في الدين، بل منهم من يتخصص إلى جوار مهنته في هذه الأمور الشرعية، لا شك أن هذه صحوة تسعدنا، لكن لابد من الوقوف وقفة هامة جدًا، هذه الوقفة الهامة هي مع العلوم الحياتية، ما حال أمتنا في العلوم الحياتية؟ ما حال أمتنا في علوم الطب والهندسة؟ لا شك أن أمتنا تعاني حالة من التردي في العلوم الحياتية، وليس هذا كلامًا عاطفيًا، إنما هناك ظواهر ومشاهدات واستقراءات نريد أن نتحدث عنها اليوم، فأي مشكلة لها حل، وأول وسائل الحل أن تعرف الواقع، ليست هذه دعوة للإحباط ولا دعوة للتشاؤم؛ فعندما يأتي إلينا مريض يعالج من مرض كذا أو كذا لابد أن تعرف واقع المريض: هل عنده أمراض أخرى؟ عمره كم سنة؟ ما هي ظروفه؟ هل عمل عمليات قبل ذلك أم لا؟ أخذ أدوية أو لم يأخذ؟

إذًا نعرف واقع المريض حتى نصف له العلاج السليم.

فحديثنا اليوم سيكون بالأرقام والإحصائيات والتقارير الرسمية في بلادنا، وفي بلاد العالم العربي والإسلامي، وفي العالم، هذه الإحصائيات والأرقام قد تكون مؤلمة، لكنه ألم لابد منه، إذا أردت القيام فلابد من معرفة الواقع.

ذكرنا بالمحاضرة السابقة أن العلم أساس بناء الأمة، وأن أهم شيء في بناء الأمة العلم، فإن اختفى هذا العلم سقط البناء لا محالة، فلا أمل لأمتنا في قيام إلا بالعلم، لكن هناك فهم عند بعض المسلمين أو عند كثير من المسلمين الملتزمين أن هذا العلم هو العلم الشرعي فقط، فتهمل العلوم الحياتية ويهتم بالعلوم الشرعية.

 

المتلزمون وتخصصاتهم

العلوم الحياتية يجب أن يهتم بها المسلمون، لكن الواقع الذي فيه المسلمون هل هم مهتمون حقيقة بها أم هم غافلون عنها؟ هذه مشاهدات وظواهر: الظاهرة الأولى: قمت بنوع من الرصد للمتفوقين دراسيًا في أكثر من جامعة، فوجدت أن القليل جدًا من المائة الأوائل في الكليات المختلفة في الأماكن المختلفة في البلاد المختلفة من بلاد المسلمين، القليل جدًا يكون من الملتزمين إسلاميًا، من أصحاب التوجه الإسلامي الواضح، نعم، هناك من يصلي هناك من يصوم، لكن لا يتخذ الإسلام منهجًا له في حياته، الذي يتخذ الإسلام منهجًا له في حياته ويتفوق ويسبق قليل، هذا أمر مشاهد وهذه حقيقة واقعة، بهذه الظاهرة نجد أن أصحاب التوجه الإسلامي أولوياتهم أثناء الدراسة مرتبة بصورة يبدو فيها خلل كبير.

قد يهتم جدًا بلقاء ديني أو مقرأة للقرآن وهذا طيب، لكنه لا يهتم أبدًا بحضور محاضرة علمية في تخصصه، قد يهتم بالخروج في مسيرة أو مظاهرة وهذا أيضًا بضوابطه الشرعية طيب، لكن قد لا يهتم بالذهاب إلى مؤتمر علمي أو ندوة علمية أو محفل علمي يتعلم فيه أمورًا لا يعرفها في تخصصه، قد يهتم بالقراءة في فروع الحديث والفقه والقرآن وغيرها من فروع العلوم الشرعية وهذا أيضًا طيب، لكنه لا يهتم في ذات الوقت بالقراءة في مجال تخصصه، نعم هناك رموز طيبة والحمد لله، لكن نحن نتكلم على عموم حال الأمة، النتيجة في آخر العام أن عددًا كبيرًا من الطلاب الملتزمين ينجحون، لكن يأتي بمقبول أو جيد أو يسقط في مادة أو مادتين وقد يعيد السنة، والحجة أنه مشغول بدين الله عز وجل، أنه مشغول بالعمل في الدعوة إلى الله عز وجل، أقول: لا يستقيم أبدًا أن يدعي مدع أنه داعية إلى الله عز وجل ثم هو فاشل في علومه التي أوكلت إليه، وفاشل في الثغرة التي يقف عليها.

فهذه ظاهرة ليست استثنائية نجدها في بلادنا وفي بلاد أخرى من بلاد المسلمين هذه واحدة.

 

هل الالتزام يؤدي إلى الفشل في الدراسة؟

الظاهرة الثانية: أن كثيرًا من الطلاب غير الملتزمين بالتوجه الإسلامي يخشون الالتزام مخافة أن يكونوا مثل هؤلاء الملتزمين ودار بيني وبينهم حديث طويل عن أهمية العلم في الإسلام، فقالوا: كلام جميل على الورق وكلام نظري ليس له واقع في تطبيق حياة الملتزمين، ينظر غير الملتزم إلى ذاك الملتزم فيجد أنه في حالة متردية في الناحية العلمية، فيقول: ما وصل إلى هذه الحال إلا بسبب الالتزام، وهذا لم يلتزم وليس أصلًا مسلمًا أو علمانيًا أو غير ذلك من التوجهات الأخرى ثم هو يتفوق ويسبق ويتقدم، وهذه دول علمانية وتسبق الدول الإسلامية، وهذه دولة كافرة وتسبق الدول الإسلامية، وهذه دولة تعبد البقر وتسبق الدول الإسلامية، وهذه دولة تنكر وجود الإله أصلًا وتسبق الدول الإسلامية، هذه فتنة كبيرة جدًا، لكنه واقع مشاهد.

 

ظاهرة تسخير غير المسلمين للمسلمين في العلوم الحياتية

الظاهرة الثالثة: كنت مع أحد الإخوة من بلد عربي، وكنت قد أعطيت محاضرة عن أهمية العلم في الإسلام، وكان ذلك في أمريكا، وعلق بعد المحاضرة عن أنه لا ضرورة، ويتبنى هذا الرأي بقوة، ومعه مشجعون وجميعهم ملتزمون بالهدي الظاهر بالإسلام، ويقرءون كثيرًا جدًا في العلوم الشرعية، لكن الرأي عندهم أن الله عز وجل قد سخر هؤلاء النصارى والمجوس والبوذيين والهندوس والشيوعيين وغيرهم سخرهم لتصنيع احتياجات المسلمين، وأعطى الله عز وجل من فضله وكرمه المال للمسلمين، فالمسلمون عندهم مال والآخرون مسخرون لتصنيع الأشياء للمسلمين، انظروا هذا فكر معوج عجيب، اكتشفت أنه ظاهرة ليس من واحد، بل أصبح له مشجعون يرتاح إلى كثرة المال وإلى الشراء من هنا وهناك بماله، دون أن يفكر في تصنيع أو اختراع أو إبداع أو سبق أو ريادة لغيره في هذه العلوم الحياتية.

 

الإنفاق على العلم وأهله

الظاهرة الرابعة، ظاهرة أيضًا ملموسة بشدة وهي: طرق إنفاق المسلمين في أوجه الخير، قد يتحمس المسلمون جدًا للإنفاق على بناء مسجد، لكن القليل الذي ينفق على بناء مؤسسة علمية، أو ينفق على طلبة العلم المغتربين، أنا أريد واحدًا منكم يزور مدينة البعوث، ويرى الطلاب المغتربين القادمين من أفريقيا ليتعلموا في الأزهر أو في غيره العلوم الإسلامية وغيرها، ينظر إلى حالهم سيجد (10) و(15) و(20) شخصًا يسكنون في حجرة أو حجرتين وهم في حالة متردية من الفقر والضياع، والواحد منهم سيتعلم ويعود إلى بلد لعله الوحيد الذي يعرف فيها الدين، ومع ذلك الإنفاق على طلبة العلم ليس واردًا عند كثير من أهل الخير من المسلمين.

نعم هم أهل خير ويدفعون في سبيل الله أموالًا كثيرة، لكن لم يدخل العلم في بؤرة اهتمامهم فهم ينفقون على الفقراء والمساكين وعلى أمور أخرى عظيمة؛ لكن لا يفكرون في إنشاء مؤسسة علمية أو رعاية مثل هؤلاء الطلاب، أو إنشاء موقع إسلامي يرد الشبهات عن المسلمين، أو بناء مدرسة تربي المسلمين تربية صحيحة، سليمة على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى في البلاد الغربية في أمريكا في المدينة الواحدة قد تجد (10) و(15) و(20) مسجدًا ولا تجد مدرسة واحدة، فيتعلم أطفال المسلمين في مدارس الأمريكان مع ما فيها من موبقات وأفكار منحرفة وبعد عن الدين كلية، ويضيع الأطفال والمسلمون مشغولون جدًا ببناء مسجد عاشر أو عشرين أو ثلاثين ولا يجتمعون لبناء مدرسة، العلم ليس في بؤرة الاهتمام.

حديثنا اليوم في هذه المحاضرة لو خرجنا فقط بوضع العلم في بؤرة اهتمامنا حتى دون معرفة الوسائل لتحقيقه فهذا أمر جيد، ونقلة هائلة أن نصبح من المهتمين جدًا بقضايا العلم والتعليم في الأمة الإسلامية، والوسائل بعد ذلك بإذن الله كثيرة، والموفق من وفقه الله عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] إذًا: ينبغي لنا أن نعرف أن هذه قضية مهمة تحتاج إلى بذل وقت وجهد وفكر وعرق ومال وحياة، تبذل حياتك لأجل هذه القضية العظيمة الهامة.

 

هجرة الكوادر المبدعة للبلاد الإسلامية

الظاهرة الخامسة: هجرة العقول الإسلامية من بلاد المسلمين إلى بلاد الغرب، وتسمى ظاهرة استنزاف العقول، فأي واحد فيه أمل أن يكون عالمًا من العلماء، أو عنده رغبة وحماسة في التعلم يلتقط إلى بلاد الغرب ويبدع ويبتكر هناك، فيضيف قوته إلى قوتهم وعلمه إلى علمهم، وتتردى الحالة في بلاد المسلمين أكثر وأكثر، وهذا ليس مجرد واحد أو اثنين أو عشرة بل هذه ظاهرة.

انظروا إلى البلاد الغربية ماذا تعمل لاستقطاب العلماء؟ عندما نضرب أمثلة من بلاد الغرب أو أمريكا لا نقصد أبدًا الإحباط للمسلمين، لا، نحن نرفع واقعًا كما قلنا، الواقع قد يكون مرًا، لكن لابد من معرفته لتغييره، لابد أن أعرف أسباب القوة عندهم وأسباب الضعف عندنا؛ لنعدل بعد ذلك من المسار، فنصبح نحن أقوياء ونسود العالم كما أراد لنا ربنا سبحانه وتعالى.

فأمريكا في التسعينات أعطت (12) مليون تأشيرة هجرة إليها، وفي عام (1995م) قاموا بتعديل في قانون الهجرة؛ لكي يستقطبوا العقول المفكرة والمبدعة في العالم، فخصصوا (200) ألف تأشيرة سنويًا للعقول المبدعة، انظروا إليها تحاول أن تبني نفسها أكثر وأكثر، مع أن أمريكا رقم واحد في العالم في العلوم الآن؛ ومع ذلك أي عقل يظهر فيه نوع من الذكاء أو الإبداع تعمل له إغراءات حتى يأتي إليها، لا يأتي بعقد عمل ويعيش كالأجير عندهم، ولكن يعطى الجنسية ويعطى كل الصلاحيات، أحيانًا المسلم يعيش في بلاد مسلمة سنوات وسنوات ولا يستطيع أن يحصل على هذه الجنسية، بينما إذا ذهب إلى أمريكا بتأشيرة الهجرة ثلاث سنوات ويحصل على الجنسية الأمريكية، ويصبح كأي مواطن أمريكي.

نحن نريد أن نستفيد من كل الخبرات ما دامت لا تتعارض مع الشرع، ونحن المسلمون جنسيتنا مسلمة، قابلت واحدًا في الكويت ليس معه أي جنسية أبدًا، فهو يعيش من غير جنسية سموه بدون، يعني: بدون جنسية، يعيش في منطقة ما بين الكويت والسعودية والعراق؛ فقد قاموا بإحصائيات للسكان فسقط هذا وأمثاله من الإحصاء فلا هم عراقيون ولا هم كويتيون ولا هم سعوديون فأصبحوا بدون جنسية، عاش (20) سنة في الكويت يحاول أن يأخذ الجنسية فلا يستطيع، ثم ذهب إلى كندا وظل سنة واحدة وأخذ الجنسية الكندية، وهو يعمل في الكمبيوتر، فكل إبداعاته في مجال الكمبيوتر لصالح كندا، هذه كارثة.

وأمريكا كما ذكرت تعطي (200) ألف تأشيرة سنويًا للعقول المبدعة، ولو حصل في سنة من السنوات أنها أعطت (150) ألفًا فقط فالسنة التي بعدها تأخذ (250) ألفًا حتى تعوض النقص في العقول المبدعة، و(200) ألف تأشيرة هذه يأتي منهم تقريبًا (100) ألف من الهند؛ لأن الهند تفوقت جدًا في مجال الكمبيوتر، بل سبقت حتى بعض الشركات الأمريكية، فأمريكا تأخذ (100) ألف مبرمج كمبيوتر من الهند سنويًا، فانظر مدى الإضافة إلى علوم الكمبيوتر في أمريكا ومدى الحرمان الذي ستعاني منه الهند بفقد هؤلاء، فأمريكا تفكر أن تستقطب العقول المفكرة لا أن تطردها بعيدًا، تأتي بهم حتى وإن كانوا من دين مخالف ومن عقيدة مخالفة، وحتى وإن كان بينهم وبينهم عوائق كثيرة جدًا، سواء كانت جغرافية أو مالية أو اجتماعية أو دينية أو عقائدية.. وغير ذلك من العوائق، كل ذلك يلتغي مع الإتيان بالعقل المتعلم الذي يرفع بلادنا عاليًا أكثر وأكثر.

(50%) من الأطباء العرب يهاجرون إلى أمريكا وأوروبا، هذه الإحصائية مزعجة جدًا بالنسبة لنا، وقد لا نصدقها، وليس في مصر فقط، بل في تونس والجزائر وسوريا والمغرب ولبنان وغيرها من البلاد العربية معظم الأطباء فيها يهاجرون إلى الغرب، وأصبحت هناك موضة في مصر من حوالي عشر سنين تقريبًا، بدأت هذه الموضة وهي أن كل الطلاب عندنا في كلية الطب يجتهدون قدر الاستطاعة عمل المعادلة الأمريكية أو المعادلة الفرنسية أو معادلة جنوب إفريقيا، حتى جنوب إفريقيا، كذلك نيوزيلندا وأستراليا، ويحاول الطالب أنه يجد فرصة للخروج بلا عودة، الذي سينجح بقانون الانتخاب الطبيعي، أفضلهم سيهاجر، ويقعد هنا الذي لا يأتي بمجموع يؤهله للهجرة، (54%) من الطلاب العرب الذين يدرسون في أمريكا وأوروبا لا يرجعون مرة أخرى، يذهب ليدرس دراسات عليا فلا يرجع مرة أخرى.

(34%) من أطباء بريطانيا من أصول عربية، ثلث الطب في بريطانيا قائم على العرب.

(23%) من أصول عربية أيضًا في بريطانيا من المهندسين.

علماء الفيزياء والكيمياء في بريطانيا (15%) منهم من أصول عربية، كل هؤلاء عرب فقط، فكيف لو فتحنا المجال وتكلمنا على الدول الإسلامية؟! هذه أرقام مفزعة، باكستان يهاجر منها أعداد هائلة، الهند يهاجر منها أعداد هائلة، الهند وإن كانت دولة تدين بالهندوسية والمسلمون فيها أقلية، لكن هذه الأقلية المسلمة (100) مليون، وكثير منهم يهاجرون إلى إنجلترا وإلى فرنسا وإلى كندا وإلى أمريكا وإلى غيرها من بلاد أوروبا، دولة إسلامية كبرى هجرت إلى الآن (21) ألف طبيب نيجيري إلى أمريكا فقط.

انظروا إلى استنزاف العقول، عقول كثيرة تهاجر إلى غير بلادنا.

إفريقيا وأغلبها بلاد إسلامية تصدر سنويًا (20) ألف مهاجر سنويًا إلى أمريكا وأوروبا، ثم بعد ذلك تدفع (4) مليار دولار سنويًا للخبراء الأجانب الذين يأتون من أوروبا وأمريكا لأجل أن يعملوا مشاريع في داخل إفريقيا، العلماء الذين من إفريقيا صدرناهم واستوردنا علماء من الخارج ندفع لهم (4) مليار دولار سنويًا.

في بريطانيا (2000) طبيب عراقي، الطبيب الواحد في السبعينيات كانت تكلفته على الدولة (45) ألف دولار، هذا غير المنشآت والأدوات والمعامل والتعليم والأجور.. وغير ذلك، فالطالب من مرحلة دخوله الكلية إلى أن يصبح طبيبًا يصرف عليه حوالي (45) ألف دولار، وبعد ذلك نسلمه لبريطانيا، احسب (2000) طبيب في (45) ألف دولار، هذا من دولة واحدة وهي العراق، هذه ظاهرة خطيرة.

 

اهتمام البلاد بالجانب الاقتصادي والعلمي

الظاهرة السادسة: مشاهدات في دول غير إسلامية: كوريا، اليابان، ألمانيا، كوريا الشمالية وغيرها من البلاد، هذه البلاد وغيرها بدأت الإصلاح والتعليم والنهضة من حوالي خمسين أو ستين سنة، هذه البلاد كانت مدمرة تمامًا ممسوحة بالأرض، ألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية ممسوحة بالأرض، كذلك اليابان، كذلك كوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، وإن شاء الله في أثناء هذه المحاضرات سندرس تجربة إحدى هذه الدول من البداية إلى النهاية؛ لنرى كيف كان الطريق بداية ونهاية بالعلم، كان العلم هو السلاح الأول وأحيانًا الأوحد عند هذه البلاد للقيام ولرفع الرأس في وسط العالم الآن، وحتى لا نقول: نحن فقراء فهذه الهند بلد فقير شديد الفقر، وعندها تكدس سكاني رهيب، فتعداد سكانها الآن حوالي (1300) مليون إنسان أكثر من مليار، فهي تقترب من الصين الآن في عدد السكان، والهند سنة (1990م) كانت تصدر برامج كمبيوتر بـ (150) مليون دولار، وفي سنة (1999م) صدرت بـ(4) مليار دولار، انظروا إلى النمو وفي سنة (2008م) بعد سنتين من الآن ستصدر بـ(50) مليار دولار، فالكثير والكثير من الشركات الإلكترونية في أمريكا وفي بريطانيا وفي فرنسا تدار من الهند، والأجور أقل والخبرة أعلى.

رأيت بنفسي في أوروبا وفي أمريكا عندما يريد الطبيب أن يكتب تقريره عن الحالة لا يكتبه بيده؛ لأنه لا يوجد لديه وقت، فالوقت له ثمن، وإنما يسجله في كاست وبعد ذلك يكتبه غيره؛ حتى لا يضيع وقته بالكتابة؛ لأن عنده وقتًا يصرفه في العلم، فالتقرير ينتقل من فمه عبر جهاز إلى الهند فيكتب في الهند ويرجع، انظروا من أمريكا إلى العند، ومن إنجلترا إلى الهند، لأن الهندي أقل أجرة من الذي سيكتب في إنجلترا أو في أمريكا، فانظر قدر ماذا النمو الحضاري الذي عند بلد مكدس بالسكان ويعبدون البقر!

إذًا: هذه مشكلة تحتاج إلى وقفة منا؛ لأن هذا الوضع لا يسر أبدًا.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#كيف-تصبح-عالما
اقرأ أيضا
هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور | مرابط
اقتباسات وقطوف

هل أرواح الموتى تتلاقى وتتزاور


والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة: تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى قال الله تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا النساء: 69

بقلم: ابن القيم
650
المجتمع الديموقراطي | مرابط
اقتباسات وقطوف الديمقراطية

المجتمع الديموقراطي


إذا وقفنا على مفهوم المجتمع الديموقراطي سنجد أكثر من تعريف ويبدو أن هناك طرفين أساسيين يتجاذبان تعريف هذا المجتمع الأول هو الغارق في المثالية المطلقة التي لا تعرف للواقع طريقا والثاني هو الواقعي المستمد من حياة الأنظمة الحاكمة وبين يديكم مقتطف للكاتب نعوم تشومسكي يوضح فيه هذين التعريفين

بقلم: نعوم تشومسكي
659
بين صبر الكرام وصبر اللئام | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين صبر الكرام وصبر اللئام


كل أحد لا بد أن يصبر على بعض ما يكره إما اختيارا وإما اضطرارا فالكريم يصبر اختيارا لعلمه بحسن عاقبة الصبر وأنه يحمد عليه ويذم على الجزع وأنه إن لم يصبر لم يرد الجزع عليه فائتا ولم ينتزع عنه مكروها وأما اللئيم فإنه يصبر اضطرارا فإنه يحوم حول ساحة الجزع فلا يراها تجدى عليه شيئا فيصبر صبر الموثق للضرب

بقلم: ابن القيم
601
ما هي البصمة التي تركتها فاطمة بنت الرسول؟ | مرابط
مقالات النسوية

ما هي البصمة التي تركتها فاطمة بنت الرسول؟


السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها لا يوجد لها حضور في خطاب النسويات المحجبات لأنها لا تخدم أهدافهن ولا يوجد في حياتها ما يؤيد شعاراتهن إلا قصة رفضها رضي الله عنها زواج زوجها عليها وليس لهن في موقفها حجة كما هو مبين عند أهل العلم. وهذا ما يحمل المسلمة اللبيبة اليوم على عدم الاغترار بهؤلاء المفسدات بشعارات إسلامية!!

بقلم: نور الدين قوطيط
479
الرد على عدنان إبراهيم: فرية نبش بني العباس لقبر معاوية | مرابط
أباطيل وشبهات

الرد على عدنان إبراهيم: فرية نبش بني العباس لقبر معاوية


ادعى عدنان إبراهيم أن بني العباس نبشوا قبر سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ووجدوا خيطا أسود كالهباء واستدل في مقولته هذه بما رواه العماري وليست هذه هي الشبهة الأولى التي يروجها عدنان إبراهيم ضد سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وفي هذا المقال رد على تلك الشبهة وتوضيح للخطأ فيها

بقلم: أبو عمر الباحث
1643
المؤثرون الذين لا يؤثرون | مرابط
فكر

المؤثرون الذين لا يؤثرون


ما أعظمها من مصيبة حين يتحول الإيجابيون والمؤثرون وطلبة العلم والدعاة والمستشارون من الإنتاج المعرفي والعلمي والتطبيق العملي وتحقيق الأهداف وخدمة المجتمع إلى الاستهلاك فحسب وحين يتحول هؤلاء الصفوة من البحث عن الدقائق الضائعة طمعا في توظيفها والاستفادة منها إلى إهدار الساعات الطوال على توافه شبكة الإنترنت

بقلم: محمد بن سعد العوشن
837