ماذا يعني قولُ بعض الناس أنه غيرُ متدين؟! هل هو حقًا يعي ما يقول، ويعرف أبعاد هذه الكلمة وما يترتب عليها؟
إنَّ نفي المسلم صفةَ التديُّن عن نفسه يساوي نفيَ الإسلام عن نفسه، وفي الغالب هو لا يقصد ذلك، لأننا إذا سألناه عن دينه سيجيب بأنه مسلم، ونفيُه التدينَ عن نفسه يعني أنه بلا دين، وهذا تناقض.
في الحقيقة؛ هذه من العبارات المستورَدة من الثقافات العَلَمانية الغربية التي تتبنى الفصلَ بين الدين وحياة الإنسان الشخصية، وتحصرُ الدين في المعابد الخاصة، وتحصر التدين في أشخاصٍ معيَّنين يسمونهم "رجال الدين"، فمن لم يكن من أولئك فسيصرِّح بطبيعة الحال أنه غيرُ متدين على هذا المفهوم، ولو قصد المتكلمُ هذا المعنى حينما ينفي عن نفسه التدين فهذا خطير للغاية يودي به إلى البراءة من الدين، عياذا بالله.
ومثل ذلك أن يُصرِّحَ بعضُ المسلمين بأنه غيرُ ملتزم!! ماذا يعني عدمُ الالتزام؟! كأنه يقول: أنا مسلم لكنني لا ألتزم بأحكام الإسلام وتعاليمه، فلا أُحِلُّ الحلالَ ولا أُحرِّمُ الحرام، وكأنَّ تلك الأحكام نزلت لإلزام من يلتزم بها فحسب، فهي بالتالي لا تُلزمه!!
أرأيتم لو أنَّ أحدًا جاء لمبايعة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على الإسلام فقال له: أشهدُ أنك رسولُ الله حقًّا وصدقًا، وأنا أؤمن بكل ما جئتَ به من عند الله، ولكن؛ سامحني يا رسول الله فإني لا ألتزم بما تأمرُ به وتنهى عنه، فلا أصلي خلفك ولا أجاهد معك ولا أؤدي زكاةَ مالي، ولا أصوم رمضان، ولا أمتنع عن شرب الخمر وأكل الربا وفعل الفواحش، أتراهُ عليه الصلاة والسلام سيقبل منه الإسلام ويقبض على يده مقِرًّا بيعتَه؟!!
لا شك أنَّ من له أدنى ذوقٍ لعقيدة الإسلام سوف يحكم بأنَّ هذه العبارات إذا أُطلقت بهذا المفهوم الغربي الفاسد فلن يبقى لصاحبها حظٌّ في الإسلام.
فوجب على العلماء والدعاة توعيةُ الجيل بخطورة هذه الإطلاقات الكفرية التي يتفوَّهون بها ولا يُدركون مدلولها وأبعادها، ونحن نعلم أنَّ أكثرَهم فيهم الخير ويُحبٌّون الله تعالى ورسوله ودينه ولا يقصدون تلك المعاني، بل يردِّدُون ما يسمعون، ويهرفون بما لا يعرفون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم ردَّ المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلا.