شعب النفاق

شعب النفاق | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

406 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وقد علّق الإمام ابن كثير على الآية الأولى وهي قول المنافقين ومن فيهم شعبة نفاق حين ادلهمت الأزمة الأمنية "ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا" تعليقًا مشبعًا بالبلاغة، حيث قال: أما المنافق فنَجَم نفاقُه، والذي في قلبه شبهة أو حسِيكَة ضَعُف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه؛ لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال.

 

وشعب النفاق كما هي شعب الإيمان؛ كلاهما يُعرف بالتوسم في الأمارات والأحوال والآيات والعلامات، كما قال سبحانه وتعالى في سورة محمد "وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ" وأشار النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى بعض أمارات شعب النفاق وشعب الإيمان في الصحيحين، فقال "آية الآيمان حب الأنصار، وآية النفاق بعض الأنصار"

 

وهذه العلامات والآيات تورث التهمة، فتقوى وتضعف بحسبها، وقد كان الصحابة خلا حذيفة لا يعلمون أسماء المنافقين تعيينًا، بل كان النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يعرف بعضهم، كما قال سبحانه "لا تعلمهم نحن نعلمهم" وإنما كان الصحابة يعلمون كثيرًا منهم بحسب هذه الأمارات، فيكون فيهم متّهم بذلك، ولذلك؛ فإن كعب بن مالك، رضي الله عنه، حين تخلف عن الغزاة في قصته الشهيرة ذكر أنه لم يجد في المدينة إلا من كان متهمًا ومغموزًا بالنفاق، كما في الصحيحين عن كعب أنه قال: فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فطفت فيهم؛ أحزنني أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا عليه النفاق"

 

أي: مطعونًا عليه في دينه ومتهمًا بالنفاق، كما ذكر غير واحد من شراح الصحيح.

 

ومن تدبّر شعب النفاق التي ذكرها الله في مواضع متفرقة من القرآن، خصوصًا مطلع البقرة والتوبة والأنفال، ونحوها من السور المدنية؛ علم سر قلق الصحابة من النفاق، فالصحابة لم تكن خشيتهم الأساسية أن يبطنوا الكفر ويظهروا الإسلام، فهذا أمر ظاهر، وإنما كانوا يخشون أن يقع أحدهم في شعبة من شعب النفاق الدقيقة، ولذلك وصف التابعي الجليل ابن أبي مليكة حالهم، فقال كما في صحيح البخاري: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، كلهم يخاف النفاق على نفسه"

 

ومما يبين ويوضح أن قلقهم الأساسي لم يكن من النفاق الخالص المحض، وإنما كان من شعب النفاق الخفية، تتمة هذا الأثر، حيث يقول ابن أبي مليكة: ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل"

 

فتبين أنهم عنوا نقص الإيمان الكامل بما يعارضه من شعب النفاق، وإنما كانت خشيتهم من شعب النفاق؛ لأن شعب النفاق قد تتجارى بالإنسان حتى تهلكه، فيزداد وارد هذه الشعب حتى يضعف المحل عن احتمالها فيخرج منه نور الإيمان والعياذ بالله، كما قال سبحانه وتعالى "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا"

 


 

المصدر:

إبراهيم السكران، مآلات الخطاب المدني

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#مآلات-الخطاب-المدني
اقرأ أيضا
السمة المركزية الغائبة | مرابط
تفريغات تعزيز اليقين

السمة المركزية الغائبة


كان الإنسان يفتش دائما ويقرأ ويطالع في سيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: ما هو المعامل الإيماني ما هو المكون العقدي ما هو الشيء الذي وجد عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم غائب عند أبناء المسلمين بحيث لو استطعنا أن نعزز من هذه القيمة في نفوسنا استطعنا أن نخلق حالة من حالات الحصانة من الذوبان في المعطى الحضاري الغربي كيف يستطيع الإنسان أن يحصن نفسه من ضغط هيمنة النموذج الثقافي الغربي؟

بقلم: عبد الله العجيري
351
ليس عندكم إلا ابن تيمية؟ | مرابط
أباطيل وشبهات

ليس عندكم إلا ابن تيمية؟


هنا إشكالية أجنبية عن مسألتنا أجدني مضطرا إلى معالجتها قبل الولوج لمناقشة شبهة تعارض العقل والنقل وهو إستطراد اضطراري لمعالجة إشكالية يكثر تداولها عند إستجلاب أي كاتب سلفي لابن تيمية رحمه الله في مثل هذه السياقات وتتلخص هذه الإشكالية في الإعتراض الشهير: أنتم ليس عندكم إلا ابن تيمية؟

بقلم: عبد الله العجيري
594
اتباع الهوى والاستراحة إلى المحرمات | مرابط
اقتباسات وقطوف

اتباع الهوى والاستراحة إلى المحرمات


مقتطف ماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية من مجموع الفتاوى يظهر لنا كيف يتأقلم القلب ويتشكل تدريجيا إما على طريق الهوى فلا تكون راحته إلا في فعل المحرمات والفواحش وقول الزور وإما على طريق الإسلام فيستريح بالذكر وعبادة الله تعالى

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1932
تعظيم الأمر والنهي | مرابط
تعزيز اليقين فكر اقتباسات وقطوف

تعظيم الأمر والنهي


ومن العلل التي توهن الانقياد أن يعلل الحكم بعلة ضعيفة لم تكن هي الباعثة عليه في نفس الأمر فيضعف انقياده إذا قام عنده أن هذه هي علة الحكم ولهذا طريقة القوم عدم التعرض لعلل التكاليف خشية هذا المحذور وفي بعض الآثار القديمة: يا بني إسرائيل لا تقولوا: لم أمر ربنا ولكن قولوا: بم أمر ربنا

بقلم: ابن القيم
1191
مخالفة المرجئة لأهل السنة والجماعة: الإيمان لا يزيد ولا ينقص | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين فكر تفريغات

مخالفة المرجئة لأهل السنة والجماعة: الإيمان لا يزيد ولا ينقص


أجمع أهل السنة والجماعة على أن الإيمان درجات وشعب يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأن المؤمنين يتفاوتون بحسب علمهم وعملهم وان بعضهم أكمل إيمانا من بعض وليس إيمان جبريل وأبي بكر وعمر كإيمان آحاد الناس وهذا خلاف عقيدة المرجئة وهو ما يوضحه الكاتب في المقال

بقلم: محمد صالح المنجد
1107
هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله | مرابط
أباطيل وشبهات

هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله


من ضمن الشبهات السطحية التي يروجها أهل الإلحاد وأعداء الإسلام أن القرآن الكريم يتهم النبي يونس عليه السلام بأنه شك في قدرة الله فحين أرسله الله إلى أهل نينوى لم يذهب إليهم وذهب إلى البحر وبين يديكم رد موجز على هذه الشبهة

بقلم: منقذ السقار
629