طبيعة التصرفات النبوية

طبيعة التصرفات النبوية | مرابط

الكاتب: عبد الله بن صالح العجيري

628 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الأصل في أقوال النبي، صلى الله عليه وسلم، وأفعاله وتقريراته أنها حجة، وأنها تشكل بمجموعها مفهوم السنة النبوية، وأنها منبع يصدر عنه في تقرير الأحكام وبيان التشريعات، وقد نبه الإمام ابن عبد البر إلى طبيعة الإطلاق في الإطلاقات الشرعية الآمرة بطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، واتباع أمره، فقال: وقد أمر الله جل وعز بطاعته واتباعه أمرًا مطلقًا مجملًا، لم يقيد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله(1)

 

فالأصل إذن أن ما صدر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من تصرفات أنها موضوعة للتشريع، ولفظة الأصل هنا موحية بوجود الاستثناء وهو حق، فثمة أمور داخلة في مفهوم التصرف النبوي مما لم يقصد به التشريع ابتداء وإن كان له اتصال به من وجه، فالتصرفات النبوية على أنواع وأقسام، منها(2):

 

القسم الأول: التصرفات التشريعية:

وهي التي يقصد بها البيان والتشريع وإيضاح كيفية امتثال الأحكام الشرعية، كأفعال الصلاة والحج وغيرها، فهذا القسم هو الذي يطلب اتباعه فيه، وقد يكون واجبًا وقد يكون مستحبًا

 

القسم الثاني: التصرفات الجبلية

كالقيام والقعود والأكل والشرب وكل ما صدر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، باعتبارات جبلية محضة، فإن الرسول، صلى الله عليه وسلم مع نبوته بشر "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" فأحكام البشرية في الأصل تجري عليه كما تجري على غيره، فما كان واقعًا منه، صلى الله عليه وسلم، بمقضيات البشرية المحضة فليس مقصودًا به التشريع ابتداء وليس محلا للتعبد، وإن كان يستفاد من تصرف النبي، صلى الله عليه وسلم، تأكيد الإباحة

 

القسم الثالث: التصرفات العادية:

وهي ما جرى من النبي، صلى الله عليه وسلم، مما كان معروفًا مألوفًا في قومه، ولا تدل على قربة أو عبادة كأحواله في مأكله ومشربه وملبسه ومنامه ويقظته؛ كأن يأكل الدباء، وأن يبين طاويًا يربط الحجر على بطنه، أو يلبس القطن، أو ينام على الحصير أو يطيل الشعر... إلخ فهذه الأفعال ونحوها تدل على إباحة فعل الشيء، لا استحبابه؛ ﻷن ذلك لم يقصد به التشريع، ولم يتعبد به. أما إذا ورد الأمر بشيء من الأمور العادية أو جاء الترغيب فيها أو وجدت القرينة التي تدل على قصد التشريع فتكون حينئذ شرعية؛ ﻷن الشارع قصد إخراج هذه العادات من حد العادة إلى حد التعبد، كلبس البياض من الثياب، وإعفاء اللحية، وتوجيه الميت في قبره إلى القبلة، وما يتعلق بأبواب الآداب كآداب النوم، وآداب الأكل والشرب، وآداب السلام والعطاس، وآداب التخلي ونحو ذلك

 

القسم الرابع: التصرفات الاجتهادية:

القسم الخامس: التصرفات الخاصة به، صلى الله عليه وسلم:

وهي التي ثبت بالدليل اختصاصه بها كالجمع بين تسع نسوة، والتبرك بآثاره، فهذا القسم يحرم التأسي به فيها لاختصاصها به، صلى الله عليه وسلم

 

القسم السادس: التصرفات المعجزة:

كخوارق العادات التي أجراها الله تبارك وتعالى على يد نبيه سواء قصد بها التحدي أو لم يقصد، فوقوع مثل هذه الخوارق منه، صلى الله عليه وسلم، حاصل يقينًا، وليس ثمة مدخل للاقتداء به، صلى الله عليه وسلم، فيها ﻷن الخارق نفسه ليس محلا للتكليف وهو لم يكن إلا بإذن من الله تبارك وتعالى وهو سبحانه من خرق العادة حقيقة

 


 

الإشارات المرجعية:

جامع بيان العلم وفضله 366/2
انظر تفاصيل هذه التصرفات وما يتصل بكل نوع تفصيلا مع نقل كلام أهل العلم ومذاهبهم (أفعال الرسول، صلى الله عليه وسلم، ودلالتها على الأحكام الشرعية) لمحمد الأشقر رحمه الله

المصدر:

عبد الله بن صالح العجيري، ينبوع الغواية الفكرية، ص565

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ينبوع-الغواية-الفكرية
اقرأ أيضا
مكانة السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين فكر

مكانة السنة النبوية


إن دراسة السنة من أهم العلوم وأفضلها وأشرفها عند الله سبحانه وتعالى وإن من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله سبحانه وتعالى ويسعى إليه الساعون هو طلب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك العناية بصحيحها وسقيمها فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل وهي قرينة للقرآن من جهة الاحتجاج ولذا فإنه قد أجمع أهل السنة على أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى

بقلم: عبد العزيز الطريفي
1117
افهم حاجتك لرمضان | مرابط
مقالات

افهم حاجتك لرمضان


افهم حاجتك لرمضان في أول الشهر عسى أن تنفض عنك الكسل. فاذكر أن الله قد خلق الإنسان ضعيفا يذنب ويغلبه الهوى والشيطان والنفس. ثم رحم الله المؤمنين ومن عليهم بأعمال إذا عملوها محيت جميع خطاياهم إلا الكبائر فإنما تمحى بتوبة تخصها. وأما بقية الخطايا كلها وهي أكثر تفريط ابن آدم فتمحى بتلك الأعمال. ومن الله على المؤمنين بأن جعل هذه الأعمال هي: واجبات الدين العظمى

بقلم: خالد بهاء الدين
435
نتوكل على الله سبحانه | مرابط
اقتباسات وقطوف

نتوكل على الله سبحانه


لو علم المرء أن فلانا من المسؤولين هو المتكفل بمعاملته لتنفس اليقين وفرغ قلبه من الشك بتحقق مطلبه فكيف يفوت المرء على نفسه أن يكون الله خالق هذه الحاجات والخالق لسبل قضائها والخالق لموانعها هو الذي سيتكفل بأمرك إذا توكلت عليه

بقلم: إبراهيم السكران
802
القول بعدم توسع المحدثين في نقد المتن | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

القول بعدم توسع المحدثين في نقد المتن


يناقش الكاتب محمد أبو شهبة بعض الشبهات المثارة حول السنة النبوية قديما وحديثا والتي روج بعضها المستشرقون وتلقفها بعدهم أحفادهم من منكري السنة والعلمانيين وأعداء الملة والدين وفي هذا المقال يناقش الكاتب شبهة أن المحدثين لم يهتموا بنقد المتون

بقلم: محمد أبو شهبة
1861
مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي | مرابط
مناقشات

مراجعة لكتاب الاسترقاق القيمي


العناصر التي تعزز أي مشروع تغريبي هي كتلة مقومات ومنها: التغطية السياسية والشرعية والنخبة الثقافية المسوقة وضعف الممانعة الشعبية وذكر ستة نماذج لمشروعات تغريبية وقام بتفصيلها وإبراز هذه العوامل الفاعلة فيها

بقلم: إبراهيم السكران
2492
البخاري غير معصوم لكن كل ما في كتابه صحيح | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

البخاري غير معصوم لكن كل ما في كتابه صحيح


إن عدم العصمة لا يقتضي حتمية وجود الخطأ في كل ما يروي غير المعصوم وإنما يقتضي احتمال وجود الخطأ وإذا كان الأمر كذلك فإن على من يدعي وجود الخطأ ألا تكون حجته مرتكزة على مجرد عدم عصمة الكاتب أو الراوي لأن صيغة حجته ستكون عندئذ كما يلي: الكاتب غير معصوم إذن احتمال الخطأ فيه وارد إذن هو مخطيء وهي كما ترى حجة فاسدة وذلك أن احتمال الخطأ هو بالضرورة العقلية احتمال للصواب وإذن فعلى من يدعي وجود الخطأ أن يأتي بحجة مستقلة تثبت وجوده ولا يعتمد على مجرد احتمال وجوده

بقلم: جعفر شيخ إدريس
535