ظلم المنقبات في البيئة المختلطة

ظلم المنقبات في البيئة المختلطة | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

744 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحمدلله وبعد،،

جلست مع بعض قريباتي وطلبت منهن المقارنة بين الدراسة والعمل في بيئة مختلطة وفي بيئة غير مختلطة، كنت أستمع لهن وأغذي النقاش فقط بالأسئلة المفتوحة، وكنت أدوّن بعض ما أسمع، أعترف لكم أنني ومع كل قراءاتي حول هذا الموضوع فإنني وقفت أمام براهينهن وحججهن والتفاصيل الواقعية التي يذكرنها موقف الجاهل، كنت كأنني صحفي يقرأ في المستصفى للغزالي! كانت جلسة مبهرة سأعرض هاهنا بعض ما تعلمته منهن.

كنت أستمع لهن وأزداد حنقًا على دعاة الاختلاط كيف لايراعون مشاعر المرأة؟ كيف لايراعون احتياجاتها وأحاسيسها؟ كيف تنتهك حقوق المنقبات في البيئة المختلطة هكذا بكل بساطة؟!

تقول قريباتي: أنهن حين يدخلن الجامعة أو العمل غير المختلط ينزعن عباءاتهن ونقابهن ويتحركن في الممرات والقاعات وصالات الطعام بكل مرونة وانسيابية، ويتناولن طعامهن بكل راحة، ويشربن القهوة (أو الكوفي كما في روايتهن) وهن مرتاحات بلا نقاب، بينما في البيئة المختلطة فيفرض على المرأة أن تضع غطاءها على وجهها ثمان ساعات متواصلة، وهذا أمر مرهق للتنفس (أو حسب عبارتهن: نحس بكتمة)، ويحرمهن من راحة الحديث والطعام، بل حتى في هيئة الجلوس والاتكاء ستفرض علينا قيود في البيئة المختلطة لانتكلفها في البيئة غير المختلطة.

كنت أستمع لهن وأقول في نفسي: كيف لايتأمل دعاة الاختلاط هذا التعذيب الذي يفرضونه على المنقبات في البيئة المختلطة، هم يتجولون بكل راحة ويريدون هذه المسكينة أن تتلفع بنقابها ثمان ساعات متواصلة!

تقول إحداهن: الرجل لو يجرب أن يضع قماشًا على وجهه ساعة واحدة لعلم ماذا يعني وضع المنقبات في البيئة المختلطة ثمان ساعات متواصلة!
التعليم والعمل المختلط هو بكل اختصار: حرمان الفتاة من نزع نقابها والتحرك براحة في مجال التعليم والعمل.

وتقول قريباتي أيضًا: أن البنات –خصوصًا- يحببن أن يتضاحكن ويمزحن وهذا ممكن في التعليم والعمل غير المختلط، لكن في البيئة المختلطة (حسب الضوابط الشرعية التي يقولونها) فإنه لايجوز للفتيات أن يتضاحكن ويقهقهن بين الرجال، وهذا يعني أن الفتاة في البيئة المختلطة يجب عليها أن تكون متحفظة ومشدودة طوال ثمان ساعات، وهذا أمر مرهق جدًا، هذا يعني أن التعليم والعمل المختلط يقتضي حرمان الفتاة الملتزمة بالضوابط الشرعية من حق المرح والفكاهة والمزاح لتلطيف أجواء الدراسة والعمل!

وتقول قريباتي أيضًا: أنه في البيئات غير المختلطة كثيرًا ما تمر أحداث نحتفل بها مثل التخرج وسفر إحدى الصديقات أو تماثل إحدى الزميلات للشفاء ونحو ذلك، وفي هذه الحفلات نتخذ كل وسائل البهجة (وعلى حد عبارتهن: نجيب مسجل ويصير فيها تمثيل وضحك)، بينما يستحيل كليًا أن نحتفل بمثل هذه البهجة في البيئات غير المختلطة.

بالله عليكم أليس هذا انتهاك لحقوق الفتيات المنقبات والملتزمات بدينهن؟! بدل أن تكون الفتاة في البيئة غير المختلطة مبتهجة مرحة بين قريناتها، ستكون تحت الرقابة ثمان ساعات مفروض عليها أن تتكلم حسب مقاييس معينة، وتتكلم حسب الحاجة فقط، وضمن حدود وضوابط ستكون مرهقة!

وتقول قريباتي أيضًا: أن الفتيات في الجامعة يتحدثن للدكتورة علنًا ببعض خصوصياتهن، فالطالبة المتزوجة إذا كانت في فترة حمل أخبرت الدكتورة في القاعة وهي سعيدة بذلك، وكذلك إذا وضعت جنينها وعادت للدراسة تحادثن عن الموضوع علنًا في القاعة، وكذلك إذا كانت الطالبة تمر بحالة عذر شرعي كفترة الطمث لم تجد حرجًا أن تخبر الدكتورة، فتمتنع من مس المصحف مثلًا في درس القرآن، كل هذا يتم براحة وانسيابية ومرونة بين بنات جنس واحد، لكن هذه الارتياح سيتوتر تمامًا في الجامعة المختلطة وستفقد القاعة الدراسية كل حميميتها، وستتمزق الطالبة خجلًا أن تقول أمام الطلاب أنها تمر بفترة الطمث أو أنها حامل! وخصوصًا الفتيات الخجولات.

فبالله عليكم أين حقوق الفتيات في أخذ راحتهن في بيئة خاصة بهن؟ لماذا يتم إحراج الفتاة عمومًا والمنقبة خصوصًا؟ أين حقوق المرأة التي كفلها الشرع لها؟

وتقول قريباتي أيضًا: أن المرأة جبلها الله على حب الزينة (ويشهد لهذا قوله تعالى في سورة الزخرف "أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ" ) ففي البيئة غير المختلطة في الجامعة والعمل تستطيع الفتاة أن تضع عطرًا إذا دخلت المبنى، وتلبس الملابس الجميلة وشيئًا يسيرًا من المكياج، بينما في البيئة المختلطة (حسب الضوابط التي يطلبونها) فسنكون محرومين من هذا، ويجب أن نجتنب الزينة.

فهذا يعني أن الفتاة في البيئة المختلطة محرومة من حقها الفطري في التجمل! فلا أدري لماذا يصر دعاة الاختلاط على حرمانها من حقها الفطري؟!

باختصار شديد الفتاة في البيئة المختلطة ستتكلف ضوابط وقيود تحد من حريتها وارتياحها، بينما في البيئة غير المختلطة ستمارس حياتها الطبيعية وتمرح وتأكل وتتحدث بمساحات وحرية أوسع.

هل تعلم ما هي أكثر عبارة سمعتها تترد في حديثهن؟ هي كلمتي: الحرية والارتياح!
لم أتصور بتاتًا أن العمل والتعليم المختلط هو بكل وضوح "اعتداء على حرية المرأة"..

رسالة أخيرة إلى أولئك الكتّاب وضيوف الفضائيات المتحمسين لنشر الاختلاط: اتقوا الله في حقوق المنقبات ولاتظلمونهن، ووفروا لهن بيئة خاصة يمارسن فيها حريتهن وارتياحهن، وتذكروا أن تحويل فرص التعليم والعمل رغم محدوديتها إلى بيئات مختلطة يعني وضع الفتاة المنقبة أمام خيارات صعبة أشبه بوضع الشخص تحت برج مراقبة منه بالحالة الطبيعية.

 


 

المصدر:

موقع صيد الفوائد

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#إبراهيم-السكران #الاختلاط
اقرأ أيضا
القرآن متضمن لأدوية القلب | مرابط
اقتباسات وقطوف

القرآن متضمن لأدوية القلب


جماع أمراض القلب هى أمراض الشبهات والشهوات والقرآن شفاء للنوعين ففيه من البينات والبراهين القطعية ما يبين الحق من الباطل فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك بحيث يرى الأشياء على ما هى عليه وليس تحت أديم السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات على المطالب العالية

بقلم: ابن القيم
719
قواعد اليقين | مرابط
مقالات المرأة

قواعد اليقين


إليك هذه قواعد.. هي أسس عند كل مسلم وهي عنده محل اليقين فاحفظها في نفسك وقولك وعملك ثم تأمل بعد ذلك ما شئت في مسألة التعرض للمرأة بما تكره:

بقلم: خالد بهاء الدين
190
إنما يخشى الله من عباده العلماء | مرابط
تعزيز اليقين

إنما يخشى الله من عباده العلماء


كل عاص لله فهو جاهل وكل خائف منه فهو عالم مطيع لله وإنما يكون جاهلا لنقص خوفه من الله إذ لو تم خوفه من الله لم يعص. ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه: كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا وذلك لأن تصور المخوف يوجب الهرب منه وتصور المحبوب يوجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دل على أنه لم يتصوره تصورا تاما

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
405
هل شك إبراهيم عليه السلام | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

هل شك إبراهيم عليه السلام


يقول بعض الطاعنين في القرآن الكريم أن بعض الآيات صورت سيدنا إبراهيم بغير ما يليق به وهذا دليل على أن القرآن ليس وحيا من عند الله ويستندون في ذلك إلى مسألة ربوبية الشمس والقمر وإلى طلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يشهد عملية الإحياء والرد على هذا الزعم الباطل في المقال الذي بين يدينا بقلم الدكتور منقذ السقار

بقلم: د منقذ محمود السقار
2461
تحريف المراد من أمية النبي | مرابط
أباطيل وشبهات

تحريف المراد من أمية النبي


من الشبهات التي يروجها البعض حول أمية الرسول أن أصل هذه التسمية ترجع إلى نسبته إلى مكة وهي أم القرى أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يقرأ ويكتب بثلاث وسبعين لسانا وإليكم الرد على هذه الشبهة في مقال موجز.

بقلم: قاسم اكحيلات
247
الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور | مرابط
فكر مقالات

الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور


ما سبب تأثر بعض الناس بمثل محمد شحرور مع ما يقدم من مناقضة صريحة لأصول الإسلام وقراءة عبثية لنصوص الشريعة وأحكامها لو طلب مني أن أحدد أهم سبب في ذلك فسأقول: هو الاستعداد النفسي للانحراف هو القابلية للانحراف لدى بعض الناس فعندهم استعداد نفسي ومقتض ذاتي فلو لم يتأثر بشحرور فسيتأثر بشخص آخر وفي هذا المقال يقف الكاتب على أهم عوامل الاستعداد النفسي للانحراف ومآلاتها

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1861