أحب أن أنقل إليكم حديثًا رائعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أحاديثه صلى الله عليه وسلم رائعة.. روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًاً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، ففي الحديث يكشف لنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن واقعنا الذي نعيش فيه الآن، فكما كان أهل مكة والعرب بصفة عامة والعالم أجمع يستغرب الرسالة الإسلامية عند نزولها، ويستنكر تعاليمها، ويحشد كل الجنود لحرب هذه الدعوة عادت الأيام كما كانت الآن، وأصبح عموم الناس الآن يستغرب التعاليم الإسلامية، وأصبح الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر غريبًا وسط الناس، والذي يقول: لا داعي أن نبيع الخمر يكون غريبًا، والذي يقول: الربا حرام يكون غريبًا، والذي يقول: العري في الأفلام والمسرحيات والإعلانات.. وغيرها حرام يكون غريبًا.
الذي يقول: فلسطين كلها ترجع للمسلمين يكون غريبًا أمام الناس فرجع الإسلام فعلًا غريبًا كما بدأ، لكن البشارة: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدا، فطوبى للغرباء)، أي: سيكون هناك غرباء مثل الصحابة، يكافحون ككفاحهم، ويجاهدون كجهادهم، ويدعون إلى الله عز وجل كدعوتهم، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحبون الدين كحبهم له، ويحبون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لحبهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا دين ربنا سبحانه وتعالى، وهو الذي يسخر أناسًا يدافعون عن دينه ويحملون الأمانة.
وفي رواية عند الترمذي عن عمرو بن عوف رضي الله عنه وأرضاه هناك زيادة لطيفة جدًا سأله الصحابة-: (من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)، فلماذا لا نكون نحن من هؤلاء الغرباء؟ لو صرنا من الغرباء الذي يصلحون ما أفسد الناس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنصبح مثل الصحابة، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
المصدر:
محاضرة كن صحابيا الجزء الأول، للدكتور راغب السرجاني، بتصرف.