فصول في خروج النساء وملابسهن

فصول في خروج النساء وملابسهن | مرابط

الكاتب: ابن الحاج

716 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قد تقدم رحمك الله نية العالم وهديه في لبسه وغير ذلك وبقي الكلام هنا على لبس أهله فليحذر من هذه البدعة التي أحدثها النساء في لباسهن، وهن كما ورد ناقصات عقل ودين فلبسهن كذلك ليس بحجة، فالذكر للنساء والكلام مع من سامحهن من العلماء والأزواج، والعالم أولى من يأخذ على أهله وبردهن للاتباع مهما استطاع في كل الأحوال، فمن ذلك ما يلبسن من هذه الثياب الضيقة القصيرة وهما منهي عنهما ووردت السنة بضدهما؛ لأن الضيق من الثياب يصف من المرأة أكتافها وثدييها وغير ذلك، هذا في الضيق، وأما القصير فإن الغالب منهن أن يجعلن القميص إلى الركبة، فإن انحنت أو جلست أو قامت انكشفت عورتها، ووردت السنة أن ثوب المرأة تجره خلفها ويكون فيه وسع بحيث إنه لا يصفها، فإن قلن إن السراويل يغني من الثوب الطويل فصحيح أن فيه سترة لكن يشترط فيه أن يكون من السرة وهن يعملنه تحتها بكثير.

وحكم المرأة مع المرأة على المشهور كحكم الرجل مع الرجل وحكمهما أن من السرة إلى الركبة لا يكشفه أحدهما للآخر بخلاف سائر البدن، فتكون قد ارتكبت النهي فيما بين السرة إلى حد السراويل اللهم إلا أن يكون الثوب كثيفا لا يصف ولا يشف وقد اتخذ بعضهن هذا السراويل عند الخروج ليس إلا، وأما في البيت فتقعد بدونه وهي لا تخلو إما أن يكون البيت لا يدخله غير زوجها أو هو وغيره، فإن كان الأول فذلك جائز لها في غير الصلاة، وكذلك الثوب الرفيع والضيق الذي يصف كل ذلك جائز لها، وإن كان الثاني مثل أن يكون معها جارية في البيت أو عبد أو أخ أو ولدان أو غير ذلك فلا يجوز لها ذلك؛ لأن المرأة كلها عورة إلا ما استثني من ظهور أطرافها لذي المحارم، والغالب عليهن أن يقعدن في بيوتهن بهذه الثياب على الصفة المذكورة بغير سراويل بين من تقدم ذكرهم، ولا يلبسن السراويل إلا عند الخروج فيكون العالم ينهى عن هذه القبائح ويذمها ويعلمهن أمر الشرع في ذلك. ومن العتبية قال مالك - رحمه الله - وبلغني أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نهى النساء عن لبس القباطي قال، وإن كانت لا تشف فإنها تصف.

قال ابن رشد - رحمه الله - القباطي ثياب ضيقة ملتصقة بالجسد لضيقها فتبدي ثخانة جسم لابسها من نحافته وتصف محاسنه وتبدي ما يستحسن مما لا يستحسن فنهى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يلبسنها النساء امتثالا لقوله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: ٣١].

فصل لبس النساء العمائم التي يعملنها على رؤسهن

(فصل) وينبغي له أن ينهاهن عن هذه العمائم التي يعملنها على رؤسهن كما ورد في الحديث «لا تقوم الساعة حتى يكون نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام» قال الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبي - رحمه الله - في معنى ذلك ما هذا نصه: قوله - عليه الصلاة والسلام - «نساء كاسيات عاريات» يعني أنهن كاسيات بالثياب عاريات من الدين لانكشافهن وإبداء بعض محاسنهن، وقيل كاسيات ثيابا رقاقا يظهر ما تحتها وما خلفها فهن كاسيات في الظاهر عاريات في الحقيقة وقيل كاسيات في الدنيا بأنواع الزينة من الحرام ومما لا يجوز لبسه، عاريات يوم القيامة، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «مائلات مميلات» قيل معناه زائغات عن طاعة الله تعالى وعن طاعة الأزواج وما يلزمهن من صيانة الفروج والتستر عن الأجانب ومميلات يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن، وقيل مائلات متبخترات يملن رءوسهن وأعطافهن للخيلاء والتبختر ومميلات لقلوب الرجال بما يبدين من زينتهن وطيب رائحتهن، وقيل يتمشطن الميلاء يهي مشطة البغايا، والمميلات اللواتي يمشطن غيرهن مشطة الميلاء، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» معناه يعظمن رءوسهن بالخمر والمقانع ويجعلن على رءوسهن شيئا يسمى عندهن الناهرة لا عقص الشعر والذوائب المباحة للنساء انتهى.

وقوله - عليه الصلاة والسلام - «على رءوسهن مثل أسنمة البخت» فهذا مشاهد مرئي، إذ أن في عمامة كل واحدة منهن سنامين،

وأقل ما فيه من الضرر أن رأسها يعتل بسبب هذه العمامة؛ لأنهن اتخذنها عادة من فوق الحاجبين وفي ذلك مفاسد:

أحدها: أن المرأة محل لاستمتاع الرجل وأعظم جمال فيها وجهها وهي تغطي أكثره فتقع بذلك في الإثم؛ لأنها تمنع زوجها حقه ولو رضي زوجها بذلك فإنها تمنع منه لمخالفتها للسنة.

والثاني: أنها إذا كانت هذه المواضع مستورة، فإذا احتاجت إلى الوضوء تحتاج إلى كشفها حتى تغسل ما يجب عليها، فإذا غسلته فقد تستهوى؛ لأن الموضع قد اعتاد التغطية فإذا كشفته عند الغسل قد تتضرر فيكون ذلك سببا لترك فرضين:

أحدهما: غسل الوجه.
والثاني: مسح الرأس.
والثالث: الزينة التي جملها الله تعالى بها في وجهها سترتها عن زوجها، وقد يفضي ذلك للفراق؛ لأنها تبقى في تلك الحالة بشعة المنظر، فإن قيل: إن فيه بعض جمال لها فهذا نادر والنادر لا حكم له،

فإن فرض أن الغالب فيه جمال لها فتمنع من ذلك

لما تقدم من مخالفتها للسنة والخير كله في الاتباع

فصل توسيع النساء الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم

فصل ويجب عليه أن يمنعهن من توسيع الأكمام التي أحدثنها مع قصر الكم فإنها إذا رفعت يدها ظهرت أعكانها ونهودها وغير ذلك وهذا من فعل من لا خير فيه من المتبرجات، وكذلك ما يفعله بعضهن من لبس الثوب القصير على الصفة المذكورة وترك السراويل وتقف على هذه الحالة في باب الريح على هذه السطوح وغيرها، فمن رفع رأسه أو التفت رأى عورتها، والشرع أمرها بالتستر البالغ وذلك معلوم.

فصل السنة في هيئة خروج النساء إن اضطرت إلي الخروج

فصل وينبغي له أن يعلمهن السنة في الخروج إن اضطرت إليه؛ لأن السنة قد وردت أن المرأة تخرج في حفش ثيابها وهو أدناه وأغلظه، وتجر مرطها خلفها شبرا أو ذراعا ويعلمهن السنة في مشيهن في الطريق، وذلك أن السنة قد حكمت أن يكون مشيهن مع الجدران لقوله - عليه الصلاة والسلام - «ضيقوا عليهن الطريق» وقد روى أبو داود في سننه عن أبي أسيد قال سمعت «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: استأخرن فليس لكن أن تضيقن الطريق عليكن بحافات الطريق» فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها انتهى.

وقد روى الإمام رزين - رحمه الله - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في طريق وأمامه امرأة فقال لها: تنحي عن الطريق فقالت: الطريق واسع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوها فإنها جبارة» انتهى.

ولما كان مشيهن مع الجدران نهى - عليه الصلاة والسلام - عن البول هناك لئلا ينجس مرط من مرت عليه إلى غير ذلك من الحكم الشرعية، وفوائدها متعددة، وانظر رحمنا الله وإياك إلى هذه السنن كيف اندرست في زماننا هذا حتى بقيت كأنها لم تعرف لما ارتكبن من ضد هذه الأحوال الشرعية، فتقعد المرأة في بيتها على ما هو معلوم من عادتهن بحفش ثيابها وترك زينتها وبحملها، وبعض شعرها نازل على جبهتها إلى غير ذلك من أوساخها وعرقها حتى لو رآها رجل أجنبي لنفر بطبعه منها غالبا فكيف بالزوج الملاصق لها، فإذا أرادت إحداهن الخروج تنظفت وتزينت ونظرت إلى أحسن ما عندها من الثياب والحلي فلبسته، وتخرج إلى الطريق كأنها عروس تجلي، وتمشي في وسط الطريق وتزاحم الرجال ولهن صنعة في مشيهن حتى أن الرجال ليرجعون مع الحيطان حتى يوسعوا لهن في الطريق أعني المتقين منهم، وغيرهم يخالطوهن ويزاحموهن ويمازحوهن قصدا، كل هذا سببه عدم النظر إلى السنة وقواعدها وما مضى عليه سلف الأمة - رضي الله عنهم -، فإذا نبه العالم على هذا وأمثاله انسدت هذه المثالم ورجي للجميع بركة ذلك فمن رجع عما لا ينبغي فهو القصد الحسن ومن لم يرجع علم أنه مكتسب للذنوب فيبقى منكسر القلب لأجل ذلك، وفي الكسر من الخير ما قد علم، ومن انكسر رجي له التوبة والرجوع

فصل في خروج النساء إلى شراء حوائجهن وما يترتب على ذلك

وينبغي له إن كانت لأهله حاجة من شراء ثوب أو حلي أو غيرهما فليتول ذلك بنفسه إن كانت فيه أهلية لذلك أو بمن يقوم عنه بذلك على لسان العلم وهو معلوم، ولا يمكنهن من الخروج ألبتة لهذه الأشياء، إذ أن ذلك يفضي إلى المنكر البين الذي يفعله كثير منهن اليوم جهارا أعني في جلوسهن عند البزازين والصواغين وغيرهما فإنها تناجيه وتباسطه وغير ذلك مما يقع بينهما، وربما كان ذلك سببا إلى وقوع الفاحشة الكبرى، ألا ترى إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - «باعدوا بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال» ، وما ورد من أنه «لو كان عرق من المرأة بالمشرق وعرق من الرجل بالمغرب لحن كل واحد منهما إلى صاحبه» ، أو كما قال، فكيف بالمباشرة والكلام والمزاح فإنا لله وإنا إليه راجعون على عدم الاستحياء من عمل الذنوب، وقد قال بعض السلف - رضي الله عنهم - إن للمرأة في عمرها ثلاث خرجات: خرجة لبيت زوجها حين تهدى إليه، وخرجة لموت أبويها، وخرجة لقبرها، فأين هذا الخروج من هذا الخروج، وهذه المفاسد كلها حاصلة في خروجهن على تقدير علمهن بأحكام الشريعة فيما يتعاطونه من أمر البيع والشراء والصرف وكيفية حكم الربا وغير ذلك فكيف بهن مع الجهل بذلك كله، بل أكثر الرجال لا يعلم ذلك، وقد ورد في الحديث «الغيرة من الإيمان» أو كما قال ومن اتصف بهذه الصفة وقع بينه وبين نساء الإفرنج شبه؛ فإن نساءهن يبعن ويشترين ويجلسن في الدكاكين والرجال في البيوت، والشرع قد منع من التشبه بهم.


المصدر:
ابن الحاج المالكي، المدخل (1/245-241)

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
الغناء بريد الشيطان | مرابط
تفريغات

الغناء بريد الشيطان


هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري والإماء المملوكات يوم أن كان الغناء بالدف والشعر الفصيح يقول: هو رقية الزنا فماذا يقول ابن مسعود لو رأى زماننا هذا وقد تنوعت الألحان وكثر أعوان الشيطان؟! لقد أصبحت الأغاني تسمع -والعياذ بالله- في كل مكان والأغاني طريق لنشر الفاحشة فما يكاد يذكر فيها إلا الحب والغرام بالله عليك هل سمعت مغنيا غنى يوما في التحذير من الزنا أو أكل الربا أو حتى عن صوم النهار وبكاء الأسحار وتعظيم الواحد القهار؟!

بقلم: محمد العريفي
439
لماذا يختلف العلماء | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات

لماذا يختلف العلماء


إذا كان الوحي موجود محفوظ بين يدي العلماء فلماذا ينشأ بينهم الخلاف وماذا يجب على المسلم أن يفعل تجاه هذه الخلافات وكيف يتعامل معها كل هذه التساؤلات تدور في أذهاننا بين الفينة والأخرى وفي المقال إجابة عليها جميعا للكاتب أحمد يوسف السيد

بقلم: أحمد يوسف السيد
2161
حكاية السينما والمتشددين | مرابط
فكر مقالات

حكاية السينما والمتشددين


قصة السينما في هذه الأيام تبدو كنموذج مجهري لانكشاف حقيقة هذا العبث المستتر بالضوابط الشرعية وتعرية متقنة للممارسة السلبية الخفية التي تنافق هذا المجتمع المبارك فلا تقدر على تمرير المحرمات إلا عبر بوابة التأكيد على الالتزام بقيود الشريعة السمحة

بقلم: فهد بن صالح العجلان
2043
العلاج بالطاقة جاهلية جديدة | مرابط
فكر

العلاج بالطاقة جاهلية جديدة


حاول جهال عصرنا التلبيس على الناس وإضفاء صفات شرعية على العلاج بالطاقة من خلال إطلاق مصطلحات إسلامية مثل: نور الله والبركة حتى جعلوا هذه الطقوس الوثنية لتساعد الناس -زعما- في حفظ القرآن من خلال التنفس العميق وهو عقيدة هندوسية معرفة تقوم على إدخال البرانا إلى داخل الجسم الباطن للتناغم مع الطاقة الكونية.

بقلم: قاسم اكحيلات
443
إنه لقرآن كريم | مرابط
اقتباسات وقطوف

إنه لقرآن كريم


يقسم رب العزة بمواقع النجوم أي: منازلها في السماء ثم يقول: إن هذا القسم لو تعلمون عظيمأي: هذا الذي أقسم الله تبارك وتعالى به وهو مواقع النجوم قسم عظيم اليوم نحن نعرف شيئا من عظمة هذا القسم بعد أن اخترعت هذه المكبرات والمناظير التي نرى بها نجوم السماء فعلى ماذا أقسم رب العزة

بقلم: عمر الأشقر
608
من آثر الدنيا واستحبها | مرابط
اقتباسات وقطوف

من آثر الدنيا واستحبها


كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه في خبره وإلزامه لأن أحكام الرب سبحانه كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس ولا سيما أهل الرياسة والذين يتبعون الشبهات فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه كثيرا فإذا كان العالم والحاكم محبين للرياسة متبعين للشهوات لم يتم لما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق

بقلم: ابن القيم
851