فطرية السببية

فطرية السببية | مرابط

الكاتب: هادي صبري

431 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

في عقولنا وفطرنا مبدأ يسمى بمبدأ السببية، ويعني أن كل شيء وجد بعد أن لم يكن موجودا -وهو ما يسمى بالحادث- فإنه لا بد من سبب قد أدى إلى وجوده، لقد غرس هذا المبدأ في فطرتنا كبشر، لا مناص منه لأحد، ولا يستطيع الإنسان الاقتناع بخلافه، ولا يحتاج إلى إقامة الحجج والبينات على صحته.. 

كما تعلم أنك موجود، كما تحس بذاتك، كما تأكل وتتنفس.. فأنت تعلم أن لكل شيء سببا، ولم يعلمك أحد هذا بل هو فطري وتجده ضرورة من نفسك، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: لو ضُرِبَ الصبي ضربة، فقال: من ضربني ؟  فقيل: ما ضربك أحد = لم يصدق عقله أن الضربة حدثت من غير فاعل.

ولكونه فطريا.. 
أنت لا تحاول إقناع شخص يسير في صحراء فيرى في وسطها ساعة ملقاة على الأرض، جميلة متقنة الصنع، لا تحاول إقناعه بأنه لا سبب لوجودها هنا! وإذا رأيت تمثالا لطفل صغير فلن يخطر ببالك إلا أن لهذا التمثال صانعا ماهرا، مع أن هذا التمثال مجرد صورة خارجية، ليس فيه حياة ولا عقل ولا أعصاب ولا أعضاء، ولا أي تعقيد، فما بالك بالطفل الآدمي الصغير الذي يروح ويجيء أمامك بكل حيوية وسرور.. لا بد له من خالق مبدع!

وإذا رأيت قصرا منيفا، مشيد البنيان، مزخرف الأبواب والجدران، في تلك الصحراء الموحشة القاحلة، فلن يخالجك شك في أن هذا القصر قد بناه بنّاء متقن.. ولن تفكر -ولو للحظة- أن عاصفة قوية هبت على مجموعة من الأحجار والأخشاب والإسمنت وأدوات البناء، فنتج عنها ذلك القصر! فكيف إذا قيل أنه حدث بدون سبب أصلا!

نعم لا يستطيع عاقل المكابرة في مبدأ السببية، ولا يختلف على ضرورة وجود الصانع أحد من البشر البتّة، حتى الأطفال!


المصدر:
الميسر في تعزيز اليقين، تأليف مجموعة من المؤلفين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.
اقرأ أيضا
البشر والبشاشة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم | مرابط
مقالات

البشر والبشاشة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم


لقد كان حبيبنا صلوات الله وسلامه عليه يسمي أشياءه كل أشيائه.. تقريبا ما كان يترك شيئا له إلا ويجعل له اسما أو لقبا سواء في ذلك ما كان مخلوقا ينبض بالحياة أو جمادا باردا لكل دابة كان يمتلكها أو يركبها اسم أو لقب تخيل هذه النفسية التي رغم انشغالها والهموم التي تحملها والبلاءات التي تتوالى على صاحبها ومع ذلك تصر على تسمية مرآة أو كوب ماء أو درع!! بعضنا لو فعل مثل ذلك لربما تلقاه الناس بالاستهجان واللوم والاتهام بالتشاغل عن الهموم الجسيمة والمهمات الجليلة ولرمي باللامبالاة أو كما يقال بالعامية...

بقلم: محمد علي يوسف
351
السمة المركزية الغائبة | مرابط
تفريغات تعزيز اليقين

السمة المركزية الغائبة


كان الإنسان يفتش دائما ويقرأ ويطالع في سيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: ما هو المعامل الإيماني ما هو المكون العقدي ما هو الشيء الذي وجد عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم غائب عند أبناء المسلمين بحيث لو استطعنا أن نعزز من هذه القيمة في نفوسنا استطعنا أن نخلق حالة من حالات الحصانة من الذوبان في المعطى الحضاري الغربي كيف يستطيع الإنسان أن يحصن نفسه من ضغط هيمنة النموذج الثقافي الغربي؟

بقلم: عبد الله العجيري
457
الأمة الوسط الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الأمة الوسط الجزء الثاني


من المتفق عليه أن الخصيصة الأولى والمقوم الأساسي للأمة الوسط هو كونها أمة ربانية وهذه الخصيصة خاصة بهذه الأمة لا تشاركها فيها الأمم الأخرى فالأمة الإسلامية أمة ربانية في عقيدتها وتصورها وتشريعها وأخلاقها وقيمها لأن هذا كله منزل من عند الله تبارك وتعالى

بقلم: عمر الأشقر
909
شبهة شرب معاوية رضي الله عنه الخمر: رد على عدنان إبراهيم | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة شرب معاوية رضي الله عنه الخمر: رد على عدنان إبراهيم


يستهدف الطاعنون والمشككون في الإسلام سيدنا معاوية بن أبي سفيان بكثير من الشبهات والحملات التشويهية التي ترمي في النهاية إلى إسقاط قيمة ورمزية الصحابة من قلوب المسلمين ورويدا يصلون إلى الطعن في دين الإسلام نفسه بعد تشويه رجاله وحملته وفي هذا المقال يفند الكاتب شبهة سخيفة نسمعها ويرددها الكثيرون ومفادها أن سيدنا معاوية كان يشرب الخمر وإليكم تفصيلها والرد عليها

بقلم: أبو عمر الباحث
2577
كيف كان الرسول يبث الأمل في أصحابه وقت الأزمات | مرابط
تفريغات

كيف كان الرسول يبث الأمل في أصحابه وقت الأزمات


كان صلى الله عليه وسلم يمر على مجالس قريش ويقول لهم: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم فكان يخاطبهم بذلك في الفترة المكة ويبشر المسلمين المحصورين في الفترة المكية بسيادة الأرض وملك العرب والعجم أي: فارس والروم أكبر دولتين في الأرض في ذلك الزمن وكانتا تقتسمان العالم في ذلك الزمن النصف الشرقي فارس والنصف الغربي الروم ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم في زمان الاستضعاف والقهر والتعذيب والبطش والإحاطة من الكفار للمسلمين كالسوار حول المعصم الفترة

بقلم: د راغب السرجاني
934
السلفية السائلة: مفهوم السلفية في مسارب ما بعد السلفية ج3 | مرابط
مناقشات

السلفية السائلة: مفهوم السلفية في مسارب ما بعد السلفية ج3


حين بدأت بمطالعة كتاب ما بعد السلفية كنت حريصا على أن تتخلق في نفسي انطباعاتي الذاتية عن الكتاب بعيدا عن ضغط تأثير انطباعات الآخرين خصوصا وأنا أعلم أن الكتاب سيكون كتابا جدليا بامتياز وسيحدث جدلا في المشهد الفكري والشرعي بشكل عام وفي الداخل السلفي بخاصة والذي ستتشكل فيه بؤر ممانعة ذاتية طبعية من النقد والمراجعة فبعض النفوس قد لا تحتمل النقد وبعضها قد تحتمله ولكن لا تحتمل أن يكون معلنا وأجدني -بحمد الله- كما أجد غيري ميالا إلى استيعاب الممارسة النقدية واسع الصدر لها بل داعيا ومرحبا بها كونها...

بقلم: عبد الله العجيري
1247