في عقولنا وفطرنا مبدأ يسمى بمبدأ السببية، ويعني أن كل شيء وجد بعد أن لم يكن موجودا -وهو ما يسمى بالحادث- فإنه لا بد من سبب قد أدى إلى وجوده، لقد غرس هذا المبدأ في فطرتنا كبشر، لا مناص منه لأحد، ولا يستطيع الإنسان الاقتناع بخلافه، ولا يحتاج إلى إقامة الحجج والبينات على صحته..
كما تعلم أنك موجود، كما تحس بذاتك، كما تأكل وتتنفس.. فأنت تعلم أن لكل شيء سببا، ولم يعلمك أحد هذا بل هو فطري وتجده ضرورة من نفسك، وفي هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: لو ضُرِبَ الصبي ضربة، فقال: من ضربني ؟ فقيل: ما ضربك أحد = لم يصدق عقله أن الضربة حدثت من غير فاعل.
ولكونه فطريا..
أنت لا تحاول إقناع شخص يسير في صحراء فيرى في وسطها ساعة ملقاة على الأرض، جميلة متقنة الصنع، لا تحاول إقناعه بأنه لا سبب لوجودها هنا! وإذا رأيت تمثالا لطفل صغير فلن يخطر ببالك إلا أن لهذا التمثال صانعا ماهرا، مع أن هذا التمثال مجرد صورة خارجية، ليس فيه حياة ولا عقل ولا أعصاب ولا أعضاء، ولا أي تعقيد، فما بالك بالطفل الآدمي الصغير الذي يروح ويجيء أمامك بكل حيوية وسرور.. لا بد له من خالق مبدع!
وإذا رأيت قصرا منيفا، مشيد البنيان، مزخرف الأبواب والجدران، في تلك الصحراء الموحشة القاحلة، فلن يخالجك شك في أن هذا القصر قد بناه بنّاء متقن.. ولن تفكر -ولو للحظة- أن عاصفة قوية هبت على مجموعة من الأحجار والأخشاب والإسمنت وأدوات البناء، فنتج عنها ذلك القصر! فكيف إذا قيل أنه حدث بدون سبب أصلا!
نعم لا يستطيع عاقل المكابرة في مبدأ السببية، ولا يختلف على ضرورة وجود الصانع أحد من البشر البتّة، حتى الأطفال!
المصدر:
الميسر في تعزيز اليقين، تأليف مجموعة من المؤلفين