قاعدة الخمس ثوان
المؤلفة كانت تمر بحالة من الإحباط والفشل بعدما تركت عملها وفشلت في الحصول على عمل جديد.. كما أن زوجها تعثّر في عمله الخاص وأصبحا مديونين وزواجهما مهدد بالفشل مع وجود أطفال.. كانت فترة سيئة لدرجة أنها لم تكن تستطيع الاستيقاظ صباحا كنوع من الهروب من الواقع السيئ.. وهذا الهروب بالطبع كان يزيد الأمور سوءًا.
فصارحت نفسها أنها لو أرادت تغيير هذا الواقع السيئ فعليها على الأقل أن تستيقظ باكرًا لتؤدي مسؤولياتها. ألهمها مشهد العد العكسي لانطلاق صاروخ رأته على التليفزيون.. وقالت أنها بدءًا من الغد بمجرد ما أن يرن المنبه سوف تعد عدًا عكسيًا من رقم 5 حتى 1، وبعدها تنطلق من على السرير مثلما انطلق الصاروخ من على منصة الإطلاق.
وبالفعل اليوم التالي بمجرد أن رن المنبه.. عدت عكسيًا: 5.. 4.. 3.. 2.. 1.. انطلق! وقامت من على السرير فورًا تقول أنها كانت المرة الأولى من شهور طويلة التي تنجح فيها في النهوض من على السرير فعلا بمجرد ما أن سمعت رنين المنبه، واستمر معها ذلك بنجاح بعدها.
السر في فكرة العد العكسي هي أنها خدعة نفسية تمنع بها مخك من الاسترسال في الأفكار التي تجعلك متردد أو تمنعك من الفعل.. لأنك كلما أعطيت مخك فرصة أكبر ليختلق الأعذار فغالبًا سينجح فعلًا في اختلاق أعذار تمنعك أو حتى يؤخرك عن الفعل بشكل يضرك!
بدأت المؤلفة بعدها في استخدام هذه القاعدة البسيطة في أمور حياتها الأخرى.. من تلك الأمور مثلًا أنها كانت تعرف أن عليها محادثة أشخاص من معارفها القدامى تسألهم عن فرص عمل متاحة لها.. لكن مشاعر الإحراج والتوتر كانت تمنعها دائمًا من الاتصال.. فبدأت حينها بمجرد ما أن تتذكر اسم شخص يمكنه مساعدتها -وقبل أن يسترسل مخها في الأفكار والمشاعر التي تمنعها- تعد عكسيًا 5.. 4.. 3.. 2.. 1.. انطلق. وتمسك الهاتف وتتصل فورًا.وبغض النظر عن انتهاء المكالمة بإيجاد قرصة عمل أو لا.. ما يهم أنها استطاعت إجراء المكالمة بعدما كانت تعجز عن هذا لشهور طويلة!
بدأت ظروف المؤلفة في التحسن مع الوقت وبدأت تستعيد النجاح في حياتها بالتدريج.. كما بدأت في مشاركة هذه الحيلة البسيطة مع غيرها من الناس وكانت تسمع منهم ردود إيجابية عن نجاح قاعدة الخمس ثواني تلك معهم، لدرجة أن بعد فترة قررت كتابة كتاب عن الموضوع.
أرى أن هذا الأسلوب البسيط يمكن أن ينجح مع كثير من الناس فعلًا.. حتى لو لم ينجح في كل الأمور.. فوارد جدًا أن ينجح معك في عدة أمور مهمة. وهذا كافٍ جدأ خاصة أنه أسلوب بسيط للغابة ولا يحتاج لمجهود.
عندي نصيحتين قد يزيدا من فرص نجاح قاعدة الخمس ثوان معك:
النصيحة الأولى.. أنصحك بأن تبدأ العد من 3 لا من 5.. صحيح أن هذا سيغير اسم القاعدة تمامًا لكن لا مشكلة.. فأنا أرى أن خمس نوانٍ فترة طويلة بما يكفي لأن تسمح لمخك بالبدء في اختلاق الأعذار.. أو على الأقل هذا هو ما حدث معي ومع بعض الناس ممن جربوا هذا الأسلوب.. عد: 3..2..1 وقل أي كلمة تستفزك للحركة مثل.. انطلق.. يلا.. هويا.. أو أي شيء كهذا
النصيحة الثائية.. من مصلحتك أن ينجح معك هذا الأسلوب البسيط لأنه سيساعدك على الإنجاز والتنغيير. فساعد نفسك على نجاحه! إن أردت البحث عن عذر لتقول جربته ولم ينفع لتبرر لنفسك الاستمرار على حالك فأنت الخاسر.. المؤلفة باعت الكتاب وحققت الأرباح بالفعل! لا أطلب منك أن تضحك على نفسك.. لكن أقول لك جرب ولديك الرغبة في نجاح الأسلوب لا الرغبة في إثبات فشله.. ففي النهاية لن يستفيد أحد أو يخسر سواك!
قبل عرض بعض الأمثلة للتطبيق.. دعني أأكد أنك يجب أن تستخدم هذه القاعدة فقط عندما يكون الفعل الذي تود القيام به في مصلحتك ومفيد لك لكن مزاجك أو مشاعرك ضد الفعل. بمعنى أن تكون في حالة اختيار ما بين أن تقوم بشيء في مصلحتك وبين ألا تقوم به. لكن إن كنت محتارا بين أمرين لا تعرف أيهما في مصلحتك فهذه القاعدة لن تساعدك وليست مناسبة للموقف.
هنالك 3 أنواع من الأفعال التي قد تساعدك القاعدة في إنجازها:
النوع الأول: مواجهة الكسل
مثل الاستيقاظ من النوم -ووضحنا هذا سابقًا- أو ممارسة الرياضة.. لو كنت تخطط لعمل تمارين معينة لكن وقت التنفيذ شعرت بالكسل وعدم الرغبة وبدأ مخك في اختلاق الأعذار اقطع عليه الطريق فورا: 3..2..1.. وانطلق. قم بأي شيء ولو مجرد أن تقوم من مكانك البس ملابس وحذاء التمارين.. لا زلت تشعر بالكسل؟ ابدأ 3..2..1 واخرج من باب البيت، وهكذا...
النوع الثاني: مواجهة التسويف والمعاطلة
أثناء تحضير نص هذا الكتيب.. كانت نفسي تقول لي: "يكفي ما كتبته اليوم" قم نم وأكمل غدًا، لكنتي أعرف أن من مصلحتي إكمال النص لأضمن نشر الحلقة في موعدها. فكنت بسرعة أقول: 3.. 2.. 1..انطلق. وافتح المؤقت الذي استخدمه في العمل وأبدأ جلسة عمل جديدة لمدة ربع.. وعادة ما كنت أنجز خلالها قدرا جيدا من النص والحمد لله.
يإمكانك أن تفعل هذا أنت أيضًا.. إن وجدت نفسك مترددا وليس لديك مزاجا للعمل رغم معرفتك أن مصلحتك وما يفيدك هو أن تبدأ في الحال.. لا تدع لمخك فرصة لاختلاق الأعذار.. قم فورًا بتشغيل مؤقت على هاتفك أو على الكمبيوتر لمدة ربع ساعة وابدأ عمل لهذه المدة فقط. وقرر بعدها.. لا تستسلم لمشاعرك من أول مرة!
النوع الثالث: مواجهة التردد وضعف الثقة بالنفس
قد تكون في اجتماع مثلًا وعندك فكرة جيدة لكنك تتردد في الكلام وتخاف ألا تعجبهم فكرتك.. لا تسمح لمشاعرك بالسيطرة عليك.. بسرعة عِد: 3-... وتكلم ! ستندم أكثر لو سبقك بالكلام شخص آخر واقترح نفس فكرتك أو فكرة شبيهة.
إن كان هناك مكالمة مهمة عليك أن تجريها لكن الموضوع ثقيل على نفسك أو مُحرج عد: 3..2..1.. واتصل! تذكر أن المشاعر السلبية التي نشعر بها قبل الفعل عادة ما تكون مبالغ فيها بدون داع. طالما العقل يقول أن هذا الفعل في مصلحتك. تجاهل مشاعرك.. مشاعرك ستتغير عندما تبدأ بالفعل.
معظم البشر عندما يسترجعون الماضي بندم.. غالبًا يكون ندمهم على الأمور التي لم يفعلوها أكبر من ندمهم على الأمور التي فعلوها. خاصة عندما يكتشفون أنه لم يكن هناك مانع حقيقي يمنعهم من الفعل.. وأن الفعل كان في نطاق قدراتهم لكنهم استسلموا لمشاعرهم السلبية وحرموا أنفسهم من إنجاز ما يستحق الإنجاز في الحياة.