قصة الحروب الصليبية الجزء الأول

قصة الحروب الصليبية الجزء الأول | مرابط

الكاتب: موقع قصة الإسلام

1610 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الحروب الصليبية هي سلسلة الحروب التي شنَّها المسيحيون الأوربيون على الشرق الأوسط للاستيلاء على بيت المقدس، ومنذ أن انتصرت القوات الإسلامية على القوات البيزنطية في معركتي اليرموك وأجنادين في عام 13 هجريًا، منذ ذلك الوقت والإسلام يهاجم الصليبيين ويفتح أراضيهم، وظل الصليبيون يترقبون الفرصة والزمن المناسب للأخذ بالثأر ورد الفعل، وهكذا كانت أحسن الفرص للانتهاز في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، فحدث هذا الهجوم الصليبي الشرس على بلاد المسلمين واستمر قرنين من الزمان، وما هو في حقيقة الأمر إلا استمرار للصراع الطويل الذي قام منذ العصور القديمة بين الشرق والغرب، واتخذ في كل عصر شكلًا معينًا يتلاءم مع مقتضيات الظروف، هذا الهجوم الصليبي الشرس كان يحمل الحقد على الإسلام والمسلمين، ولذا ارتكب جرائم بشعة جدًا وأهلك الزرع والضرع أثناء سيره.

 

حالة المجتمع الإسلامي قبيل الحروب الصليبية

كانت حالة المجتمع الإسلامي قبيل نشوب الحروب الصليبية حالة يرثى لها من الفوضى والانحلال، فمصر الفاطمية كانت نهبًا للثورات والمنازعات الداخلية، ولم تكن تسكن فيها الفتنة حتى تنشب الأخرى، كما كانت المجاعات والأوبئة تنهك من قواها، أما الخلافة العباسية فلم تكن أحسن حالًا حيث كانت تسيطر عليها الثورات، كما كان يسودها حالة من الفتن المذهبية والحوادث التي تملأ البلاد رعبًا وهولًا، إضافة إلى الضعف الشديد الذي كان يتسم به الخلفاء الذين تولوا الحكم خلال هذه الفترة.
أيضًا الدولة السلجوقية التي امتدت امتدادًا عظيمًا في عهد عظماء سلاطينها لم تدم عظمتها كثيرًا وانقسم البيت السلجوقي على نفسه، ولم يكن وضع المجتمع الإسلامي في إفريقيا والأندلس أفضل، بل اشتعلت الثورات والمعارك والاضطرابات الداخلية من ناحية، وعم الفساد والفتن من ناحية أخرى، وهكذا انتهز الصليبيين الفرصة السانحة التي كان ينتظرونها منذ زمن بعيد، وهكذا ما حان موعد الحروب الصليبية حتى كان المشرق الإسلامي في غاية الفوضى والارتباك والتنازع.

 

الدعوة للحروب الصليبية

في سنة 480هـ= 1088م تولى الكرسي البابوي البابا أوربان الثاني، وكان أوربان الثاني هذا رجلًا له طموح كبير وأحلام واسعة بأن يكون هو الزعيم الأكبر والأوحد للمسيحيين جميعًا في العالم، وذلك من خلال توحيد الكنيستين الغربية والشرقية، وسرعان ما أتته الفرصة لتحقيق هدفه، ففي سنة 487هـ= 1095م أرسل إليه الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس كومنين وفدًا يطلب منه المساعدة لنصرته ضد السلاجقة المسلمين، فتحمَّس البابا كثيرًا لهذا الطلب وأخذ يُعِدَّ العدة لأخذ التدابير اللازمة لغزو الشرق الإسلامي.
عقد البابا أوربان الثاني مؤتمرًا موسعًا في مدينة كليرمون الفرنسية دعا فيه الملوك والأمراء وعامة الشعب إلى التوجه عسكريًّا إلى الشرق الإسلامي، وقد لبَّت جموع هائلة من الناس دعوة البابا، بل إن البابا تواصل بنفسه مع المجامع الدينية، وقام بتكليف أحد الرهبان ويُدعى بطرس الناسك بالقيام بجولات مكثفة في أوربا لتحميس الناس، وجعل الثالث والعشرين من شعبان سنة 489هـ/ الخامس عشر من أغسطس سنة 1096م، هو الموعد المحدد لجمع المقاتلين في القسطنطينية لغزو الشرق الإسلامي.

 

أسباب ودوافع الحروب الصليبية

للحروب الصليبية عدة أسباب ودوافع، والمؤرخين والمحللين انقسموا في ذلك إلى فرق شتى، فمنهم من يؤكد الدافع الديني، وآخرون يؤكدون الدوافع الاقتصادية، وفريق ثالث يؤكد الدوافع السياسية، وفريق رابع يؤكد الأبعاد الأخلاقية لهذه الحرب، وهذه بعض الدوافع:

 

أولاً: الدافع الديني:

كان الدافع الديني للحروب الصليبية واضحًا عند البابا، والقساوسة والرهبان، وعند بعض الأمراء والقوَّاد، كما أنه كان الهدف المعلن للحرب، فإنقاذ الدولة البيزنطية من المسلمين كان السبب المتداول بين الناس وذلك لتحميس الجيوش والشعوب.

 

ثانيًا: الدافع الاقتصادي:

الدافع الاقتصادي أيضًا من أهم الدوافع للحروب الصليبية، فالجموع الهائلة من العامة خرجت لإحباطها التام من الحصول على أي قسط من رغد الحياة في أوربا، كما أن الأمراء الإقطاعيون ما خرجوا إلا من أجل الثراء والتملك، لأن القانون الأوربي آنذاك كان يمنع تقسيم الميراث على كل الأبناء، بل كانت تنتقل الإقطاعية بكاملها إلى الابن الأكبر بعد وفاة الأب الأمير.

 

ثالثًا: الدافع السياسي:

أما الدافع السياسي كان دافعًا رئيسيًّا عند البابا أوربان الثاني نفسه، فكان يطمح بأن يكون هو الزعيم الأكبر والأوحد للمسيحيين جميعًا في العالم،  ولذلك كان يرى أن فرصته لتحقيق هدفه  هي انتصاره على المسلمسن  وتوحيد الكنيستين الغربية والشرقية تحت زعامته.
أيضًا كان ملوك أوربا يرون أن الدولة البيزنطية دخلت طورًا من أطوار الضعف، ولو سقطت فإن هذا قد يضعهم بين قوتين من المسلمين، السلاجقة في الشرق والمسلمين في الأندلس؛ لذلك سارعوا للمشاركة، بل ذهب بعضهم بنفسه على قيادة جيشه.

 

رابعًا: الدافع الاجتماعي:

كان الفلاحون والعبيد في أوربا قبيل الحروب الصليبية، يعيشون حياة مذلة ولم يكن لهم حقوق بالمرة، ولذلك رأى العوام الفلاحون في أوربا أن هذه فرصة لتغيير نظام حياتهم، والخروج المحتمل من قيود العبودية المذلَّة؛ ولذلك خرج الفلاحون في الحروب الصليبية بنسائهم وأولادهم.

 


 

المصدر:

موقع قصة الإسلام

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الحروب-الصليبية
اقرأ أيضا
ما أحسن الرجوع إلى الله | مرابط
تفريغات

ما أحسن الرجوع إلى الله


ما أحسن الرجوع إلى الله! كلمة عظيمة رددها أخونا فهد بن سعيد ثلاث مرات وهي كلمة ذات معنى لأنها تخرج بعد معاناة معاناة رجل عاش فترة من الزمن في ظل البعد عن الله ثم رجع إلى الله فذاق لذة الرجوع إلى الله وليس من ذاق كمن لم يذق

بقلم: سعيد بن مسفر
329
التوحيد معجزة الإسلام | مرابط
تعزيز اليقين

التوحيد معجزة الإسلام


أما الغلو في الحرية والتهتك وراء الشهوات البهيمية- فلا تجيزه الشريعة الإسلامية. والدين الإسلامي هو الدين الذي يعمم النظام بين الورى ويقمع النفس عن الهوى ويحرم إراقة الدماء والقسوة في معاملة الحيوان والأرقاء ويوصي بالإنسانية ويحض على الخيرات والأخوة.

بقلم: د. عبد المعطي أمين
339
دلالة الانفراد بالكمال على توحيد العبادة | مرابط
تعزيز اليقين مقالات

دلالة الانفراد بالكمال على توحيد العبادة


الاتصاف بالكمال المطلق إنما يدل في هذا الباب على استحقاق صاحبه للعبادة أما دلالته على توحيد العبادة واستحقاق الله عز وجل أن يفرد بها فمن حيث إن من لم يبلغ هذا الكمال ولم يتصف به لزمه الاتصاف بضده مما ينافي التعبد فطرة وعقلا وعلى هذا فكل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الجلال والكمال الثابتة للرب -تبارك وتعالى- فإنها أدلة على استحقاقه لأن يفرد بالعبادة إذ لم يشاركه أحد في شيء من ذلك الكمال الإلهي

بقلم: سعود بن عبد العزيز العريفي
2030
قصص وعبر للنساء ج1 | مرابط
تفريغات المرأة

قصص وعبر للنساء ج1


تفريغ لمحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الرسائل النسائية يبدأها الدكتور نبيل العوضي بالرسالة الأولى بعنوان: قصص وعبر وكل قصة من هذه القصص تحمل عبرة فإن من النساء بل من الناس عموما من تمر عليه القصص فلا يعتبر والسعيد من اتعظ بغيره نبدأ هذه القصص لا للتسلية ولا لقضاء الأوقات ولا للطرف ولا للهزل إنما نقص هذه القصص للعبرة

بقلم: د نبيل العوضي
389
الدين والعبادة | مرابط
اقتباسات وقطوف

الدين والعبادة


مقتطف ماتع لشيخ الإسلام ابن تيمية من رسالة العبودية يتحدث فيها عن المعنى الحقيقي للعبادة وكيف أنها تستلزم الحب والذل في آن واحد وكذلك يشملهما معنى الدين وما هو المعنى العام للدين ومراحل أو درجات الحب وجدير بالمسلمين أن يدركوا هذه المعاني جيدا حتى تصفى عبادتهم لله

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2128
الإمبريالية النفسية | مرابط
فكر مقالات

الإمبريالية النفسية


الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية هي الرؤية المهيمنة على المجتمعات الغربية وعلى الإنسان الغربي في علاقته مع بقية أعضاء المجتمع أو مع أعضاء أسرته أو حتى مع نفسه فهو حينما يبني بيتا يخضعه تماما لعملية الترشيد المادية حيث يبنيه بهدف الإتجار فيه وتحقيق الربح ثم يتركه بعد بضع سنين وكأن المنزل والسلعة لا فرق بينهما وهو حين يدخل في علاقة مع أنثى لا يبحث عادة عن الطمأنينة وإنما يحاول تعظيم اللذة وتتحول العلاقة العاطفية إلى علاقة غزو وهو إنسان بسيط ذو بعد واحد دائم التنقل والترحال لتحقيق الربح و...

بقلم: عبد الوهاب المسيري
1248