السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله
من المعلوم أن الإسلام عرف عالمات كثيرات، لكن كيف طلبن العلم دون رؤية الرجال، وكيف علمن الرجال أيضا؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تغيرت الأمور كثيرا، فأغلب النساء اليوم يخرجن على الرجال زعما أنهن ينشر العلم، ولو قارنا بينهن وبين العالمات وجند الفرق الكبير جدا.
فقد كانت المسلمة تطلب العلم وتعلم بعيدا عن تصدر المجلس والبروز للرجال، «عن حماد بن أبي سليمان الكوفي، قال: رأيت المغيرة بن عبد الله قد شد أسنانه بالذهب، فذكر ذلك لإبراهيم، فقال: لا بأس به ، حدثنا عبد الله أبو عبد الرحمن، قال: سمعت أبي، يقول: جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب فأذن لهم، فقالوا: حدثنا، قال: سلوا، فقالوا: ما معنا شيء نسألك عنه، فقالت ابنته من وراء الستر: سلوه عن حديث عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب». (1)
فتأملي قولها (فقالت ابنته من وراء الستر). وهذا هو الوارد عن مالك لم تكن ابنته العالمة تخرج على الرجال، فقد كانت فاطمة ابنة الإمام مالك إذا قُرئ على أبيها الموطأ وأخطأ القارئ في حرف، أو زاد أو نقص، تدق الباب، فيقول مالك للقارئ: ارجع فالغلط معك. فيرجع القارئ فيجد الغلط. (2)
وتحدث أهل الحديث في سماع محمد بن إسحاق من فاطمة زوجة هشام بن عروة: وقالوا جائز أن يكون سمع منها وبينهما حجاب في غيبة زوجها. قال الذهبي: «ذاك الظن بهما، كما أخذ خلق من التابعين عن الصحابيات، مع جواز أن يكون دخل عليها ورآها وهو صبي، فحفظ عنها، مع احتمال أن يكون أخذ عنها حين كبرت وعجزت، وكذا ينبغي، فإنها أكبر من هشام بأزيد من عشر سنين» (3)
وانظري كيف أنكر أهل ان يكون سمع منها مباشرة.
وهذا هو الحال والأصل عندهم، قال الذهبي:«وقد سمعنا من عدة نسوة، وما رأيتهن. وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة، وما رأوا لها صورة أبدا». (4) وقد كان أخذ العلم عن كريمة المروزية رواية صحيح البخاري وكان يقابل نسخته بنسختها وما رآها يوما.
وحتى في المغرب فقد كانت عائشة بنت المختار بن الأمين الأزرق تُدرس النساء مختصر خليل، وقد ختمتهُ في اليوم الذي ختمه زوجها -الشيخ المختار الكُنتي- بجهة أخرى حيث كان يعقد مجلسه للرجال. (5)
فكلما اشتد علم المرأة كلما لزمت بيتها، وكلما طالها الجهل خرجت بدعوى الدعوة للبروز للرجال.
الإشارات المرجعية:
- [مسند أحمد (33/ 401 ط الرسالة)]
- [المدخل لابن الحاج (1/ 215)]
- [سير أعلام النبلاء - ط الرسالة (7/ 42)]
- [سير أعلام النبلاء - ط الرسالة (7/ 38)]
- [النبوغ المغربي.عبد الله كنون. ص 350]