س/ عايز تفهمني إنك درست كل الأديان والعقائد وفضلت تبحث وتقارن بينهم لحد ما وصلت لإن دينك هو بس الصح؟
ج/ هذا صنيعُ الأطفال والسُذَّج، أما العاقل الذكي فلا يحتاج لهذا.. مثلًا: في انتسابك لأمك وأبيك.. هل فحصت كل الآباء والأمهات في العالم لتتأكد بأنك ابن الأبوين الصحيحين؟
أم اكتفيت بمجرد تأكدك من والديك؟
ومن عدم وجود سبب للشك في نسبتك إليهما، بل وتضافر الأدلة التي تثبت صدق هذه النسبة.. فالمؤمن المطمئن لدينه الذي لا يجد سببًا للشك فيه، بل يجد الأدلة تثبته- لن يضطر للبحث عن غيره.
فلنقل أنه شك في دينه، أنك شككت في نسبتك لأبويك أيها السائل.. ماذا ستفعل؟ ستذهب تطرق الأبواب؟ أم أول من ستختبرهم هم أبويك؟ فإن اختبرتهم وثبت لك بالدليل أنك ابنهم، ستستمر في البحث؟
كذلك المؤمن حين يشك، فإنه سيختبر أولًا دينه الذي هو عليه، فإن ثبت له صدقه؛ اكتفى بذلك وحمد الله رب العالمين. فلنقل إنك ولدت وحيدًا لا تعرف من أبواك؛ فإنك ستُقيمُ كأي إنسانٍ عاقلٍ قواعد عامة لإقصاء الاحتمالات المستحيلة..
ستقصي أهل البلاد الأخرى.. ستقصي من عمرهم لا يناسب إنجابك، ستقصي من ماتوا قبل إنجابك، ستقصي أعدادًا كبيرة، ثم ستبدأ بالأقرب، بمن يقطنون قرب المكان الذي ولدت فيه مثلًا..
فكذلك عديم الدين الباحث عن اليقين؛ سيقيم قواعد يقصي بها أغلب الأديان.. فأولًا: هو يثبت بالعقل أن هناك إلهًا وأنه واحد.. فسيقصي مباشرةً كل دينٍ وضعي أو إلحادي لا يثبت إلهًا أو يثبت آلهة متعددة، فيقصي البوذية الملحدة، ويقصي الهندوسية المتعددة الآلهة، وما شابه ذلك من الأديان.
ثم سيقصي الأديان المندثرة أو التي لا يستطيع أن يعرف عنها أكثر من اسمها، ستبقى أديان تعد على أصابع اليد.. فيبدأ عقلًا من أكبرها وأشهرها: اليهودية والمسيحية والإسلام. أرأيت بساطة الأمر؟ تخيل لو أنه بدأ صدفةً بالإسلام فثبت له صدقه بيقين..
انتهى إذن، ليس بحاجة للاستمرار في البحث.. لاسيما في الأديان التي سبقته. الأحمق فقط من يطالب المؤمن الذي ثبت إيمانه بيقين أن يبحث في الأديان الأخرى.. لم؟ لقد وصل إلى وجهته وانتهى؟ أيرجع ليختبر بقية الطرق هل توصله أم لا؟
وأحمق منه من يظن واجبًا على الناس أن يجردوا كل دينٍ على حدة.. دون قواعد إقصاء عامة ودون معيارٍ عقلي أولي يعينك على تمييز الدين الحق وإقصاء الدين الباطل من أول نظرة في أحيانٍ كثيرة