معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى

معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

686 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وعندما توجد الجريمة ينبغي أن تعالج، وعلاجها في الإسلام مختلف، فالإسلام يعالجها لا كما تعالجها أوروبا، إذ أن علاجها في أوروبا جعلها تزداد وتنتشر؛ لأنها تعالج علاجًا خاطئًا.

فالإنسان قد يجرم بجريمة واحدة، فيأتي عالم الغرب بعلاج السجن، فيلتقي مع مئات من المجرمين؛ فيعلمونه الإجرام، ويخرج أستاذًا في الإجرام، ويكثر المجرمون، فيحتاج الناس إلى أن يهيئوا لهم السجون، ويهيئوا لهم الحراس، ويهيئوا لهم الذين يطبخون، والذين يعنون بهم، فنحتاج إلى جيوش يقومون على رعايتهم.

أما الإسلام فيعالج الجريمة بما وضع لها من حدود وعقوبات، وقد بين القرآن سبيلها، وأمر أن يكون ذلك أمام طائفة من المسلمين ليأخذوا منه العبرة والعظة، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]؛ وذلك ليعتبروا ويتعظوا، فإذا شاهد الإنسان العقوبة تحل بغيره عند ذلك إذا لم يزعه سلطان الإيمان والخوف من الله خاف من سلطان البشر، ومن العقوبة التي يمكن أن تنزل عليه، وإذا ما رأى غيره وقع به العذاب فإنه يخاف أن يكون يومًا ما مكانه إذا فعل مثل جريمته فيقع به ما وقع بغيره، عند ذلك يتعظ ويخاف ويبتعد.

فمن قتل وكان متعمدًا وأصر أولياء القتيل على قتله يقتل، ومن زنا إن كان محصنًا رجم حتى الموت، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة، ونكون بذلك قد أدبناه وأدبنا بتأديبه من شاهدوه ومن رأوه.

فالعلاج من ناحيتين: تعالج الجريمة باستئصالها من جذورها، حتى تغسل الأرض، وتنظف وتطيب، ويغسل المجتمع حتى لا تترعرع فيه الجريمة، فإذا نشأت الجريمة فإنه يعالجها، ويزيل آثارها، ويربي الناس بها، عند ذلك تكون الجريمة في إطار ضيق قليل، فتكون محصورة لا تؤثر في أمن الناس، ولا تسبب لهم المشكلات، وبغير هذا لن تكون الجريمة موجودة فحسب، بل ستكون منتشرة، وفرق بين وجودها وبين انتشارها.

فنحن نقول للذين يرددون بأن الجريمة موجودة، نحن لسنا مجتمعًا شاذًا، فالجريمة موجودة في أوروبا، وفي بريطانيا، وأمريكا، ففي بعض المدن في أمريكا يحصل اعتداء على كل واحد من ثلاثة أشخاص، فإذا كانت المدينة ثلاثة ملايين فإن ثلثها المليون بكامله يحصل على الاعتداء، فهل ننتظر حتى يصل الأمر بنا كما وصل بتلك الديار؟!

وفي بريطانيا رجل مجرم واحد كلف الدولة أربعة ملايين من الدنانير حتى قبض عليه؛ لأنه كان متخصصًا في قتل النساء، ففزعت المقاطعة كلها، وكان نساؤها لا يستطعن أن يسرن إلا وهن محصنات، فخصصت الدولة جيشًا كاملًا من الشرطة والمباحث لملاحقة هذا الرجل، وبعد سنوات طويلة قبض عليه بطريق المصادفة.

فليس من الطبيعي أن تنتشر الجريمة وتسود، وأن يذهب الأمن من القلوب والنفوس، وأن تعيش النساء في رعب، وأن تحدث جريمة كل سنة أو كل سنتين.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة
اقرأ أيضا
طبيعة التصرفات النبوية | مرابط
تعزيز اليقين

طبيعة التصرفات النبوية


الأصل في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته أنها حجة وأنها تشكل بمجموعها مفهوم السنة النبوية وأنها منبع يصدر عنه في تقرير الأحكام وبيان التشريعات وقد نبه الإمام ابن عبد البر إلى طبيعة الإطلاق في الإطلاقات الشرعية الآمرة بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع أمره فقال: وقد أمر الله جل وعز بطاعته واتباعه أمرا مطلقا مجملا لم يقيد بشيء كما أمرنا باتباع كتاب الله

بقلم: عبد الله بن صالح العجيري
454
أهل البدع يتوارثون الحقد على ابن تيمية | مرابط
تفريغات

أهل البدع يتوارثون الحقد على ابن تيمية


هذا الرجل النبيل الكريم البحر العلم الذي ما يزال يرمى بالكفر حتى هذه الساعة وكثير من المسلمين لا يعرفون شيئا عنابن تيمية حياة شيخ الإسلامابن تيميةحياة لا تعلم إلا بمطالعة كل ما كتب عنه سواء بقلمه أو بقلم أتباعه فإذا كنت ممن يحبه بالغيب تزداد له حبا وإن كنت ممن يتوقف في محبته فتحبه بلا تردد وإن كنت ممن عاديته فتراجع نفسك على أقل تقدير

بقلم: أبو إسحق الحويني
606
ماذا تركت لأجلي؟ | مرابط
مقالات

ماذا تركت لأجلي؟


ويقول الشاب التائب: لأجلك ربي تركت رفقاء الطيش وطريق الهوى وآثرت طريق العفاف والهدى وصبرت على مقاومة كل وسائل الجذب والإغراء حتى صرت بين الشباب غريبا في مظهري ومخبري. وتقول أمة الله: لأجلك ربي تركت التبرج والزينة التي أحب وخالفت بيئتي المتحررة التي فيها نشأت ونالني فيك السخرية والأذى.

بقلم: د. جمال الباشا
313
إشكالية المصطلح النسوي | مرابط
اقتباسات وقطوف النسوية

إشكالية المصطلح النسوي


تظهر إشكالية المصطلح النسوي فيما يتعلق برخاوة الدلالة كحال مصطلح الأدوار النمطية والمقصود به طريقة توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة داخل الأسرة فهناك ضبابية شديدة في استعمالاته ويستعمل بدون ضبط لدلالاته والسبب في ذلك أنه لا يمكن ضبط دلالته بشكل دقيق

بقلم: د خالد عبد العزيز
644
هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله | مرابط
أباطيل وشبهات

هل شك يونس عليه السلام في قدرة الله


من ضمن الشبهات السطحية التي يروجها أهل الإلحاد وأعداء الإسلام أن القرآن الكريم يتهم النبي يونس عليه السلام بأنه شك في قدرة الله فحين أرسله الله إلى أهل نينوى لم يذهب إليهم وذهب إلى البحر وبين يديكم رد موجز على هذه الشبهة

بقلم: منقذ السقار
591
غربة الدين | مرابط
اقتباسات وقطوف

غربة الدين


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ففي الحديث يكشف لنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم عن واقعنا الذي نعيش فيه الآن فكما كان أهل مكة والعرب بصفة عامة والعالم أجمع يستغرب الرسالة الإسلامية عند نزولها ويستنكر تعاليمها ويحشد كل الجنود لحرب هذه الدعوة عادت الأيام كما كانت الآن وأصبح عموم الناس الآن يستغرب التعاليم الإسلامية

بقلم: د راغب السرجاني
600