معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى

معالجة الإسلام للجريمة ومعالجة المناهج الأخرى | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

811 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وعندما توجد الجريمة ينبغي أن تعالج، وعلاجها في الإسلام مختلف، فالإسلام يعالجها لا كما تعالجها أوروبا، إذ أن علاجها في أوروبا جعلها تزداد وتنتشر؛ لأنها تعالج علاجًا خاطئًا.

فالإنسان قد يجرم بجريمة واحدة، فيأتي عالم الغرب بعلاج السجن، فيلتقي مع مئات من المجرمين؛ فيعلمونه الإجرام، ويخرج أستاذًا في الإجرام، ويكثر المجرمون، فيحتاج الناس إلى أن يهيئوا لهم السجون، ويهيئوا لهم الحراس، ويهيئوا لهم الذين يطبخون، والذين يعنون بهم، فنحتاج إلى جيوش يقومون على رعايتهم.

أما الإسلام فيعالج الجريمة بما وضع لها من حدود وعقوبات، وقد بين القرآن سبيلها، وأمر أن يكون ذلك أمام طائفة من المسلمين ليأخذوا منه العبرة والعظة، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]؛ وذلك ليعتبروا ويتعظوا، فإذا شاهد الإنسان العقوبة تحل بغيره عند ذلك إذا لم يزعه سلطان الإيمان والخوف من الله خاف من سلطان البشر، ومن العقوبة التي يمكن أن تنزل عليه، وإذا ما رأى غيره وقع به العذاب فإنه يخاف أن يكون يومًا ما مكانه إذا فعل مثل جريمته فيقع به ما وقع بغيره، عند ذلك يتعظ ويخاف ويبتعد.

فمن قتل وكان متعمدًا وأصر أولياء القتيل على قتله يقتل، ومن زنا إن كان محصنًا رجم حتى الموت، وإن كان غير محصن جلد مائة جلدة، ونكون بذلك قد أدبناه وأدبنا بتأديبه من شاهدوه ومن رأوه.

فالعلاج من ناحيتين: تعالج الجريمة باستئصالها من جذورها، حتى تغسل الأرض، وتنظف وتطيب، ويغسل المجتمع حتى لا تترعرع فيه الجريمة، فإذا نشأت الجريمة فإنه يعالجها، ويزيل آثارها، ويربي الناس بها، عند ذلك تكون الجريمة في إطار ضيق قليل، فتكون محصورة لا تؤثر في أمن الناس، ولا تسبب لهم المشكلات، وبغير هذا لن تكون الجريمة موجودة فحسب، بل ستكون منتشرة، وفرق بين وجودها وبين انتشارها.

فنحن نقول للذين يرددون بأن الجريمة موجودة، نحن لسنا مجتمعًا شاذًا، فالجريمة موجودة في أوروبا، وفي بريطانيا، وأمريكا، ففي بعض المدن في أمريكا يحصل اعتداء على كل واحد من ثلاثة أشخاص، فإذا كانت المدينة ثلاثة ملايين فإن ثلثها المليون بكامله يحصل على الاعتداء، فهل ننتظر حتى يصل الأمر بنا كما وصل بتلك الديار؟!

وفي بريطانيا رجل مجرم واحد كلف الدولة أربعة ملايين من الدنانير حتى قبض عليه؛ لأنه كان متخصصًا في قتل النساء، ففزعت المقاطعة كلها، وكان نساؤها لا يستطعن أن يسرن إلا وهن محصنات، فخصصت الدولة جيشًا كاملًا من الشرطة والمباحث لملاحقة هذا الرجل، وبعد سنوات طويلة قبض عليه بطريق المصادفة.

فليس من الطبيعي أن تنتشر الجريمة وتسود، وأن يذهب الأمن من القلوب والنفوس، وأن تعيش النساء في رعب، وأن تحدث جريمة كل سنة أو كل سنتين.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة
اقرأ أيضا
رواية الأحاديث بالمعنى لم تدخل ضررا على الدين ج2 | مرابط
أباطيل وشبهات تعزيز اليقين مقالات

رواية الأحاديث بالمعنى لم تدخل ضررا على الدين ج2


مقال مختصر يرد فيه الكاتب محمد أبو شهبة على بعض الشبهات والأباطيل التي أثارها محمود أبو رية حول السنة النبوية ومن ذلك زعمه أن الأحاديث رويت بالمعنى وأن هذا ربما أدخل ضررا على الدين بل وقال أن الرواية بالمعنى هى الأصل والقاعدة والرواية باللفظ هي العارض أو النادر وبالطبع يؤسس بهذا لفكرة أخرى وهي أن الأحاديث لم تسلم من التغيير والتبديل والتحريف وأنها لم تصلنا بلفظها كما نطقها النبي ويرمي في النهاية إلى توهين الانقياد والاستسلام للسنة النبوية بشكل عام

بقلم: محمد أبو شهبة
2431
ثقلاء على شفير البرزخ | مرابط
فكر مقالات

ثقلاء على شفير البرزخ


من المظاهر الأليمة التي بدت ملحوظة بعض الشيء هذه الأيام أن ترى الشخص يتبع الجنازة من أقاربه أو معارفه ويقف في زحام الناس في المقبرة أو متجافيا على مرمى خطوات يطل عليهم ثم يتجاذب مع صاحب له تعليقات الدعابة والهزل بل ربما استدعى من ذاكرته نوادر يتفكه بها طبع كلما رأيت هذا المشهد السمج انهمر على ذاكرتي حديث علي بن أبي طالب أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم- في جنازة فقعد وقعدوا حوله ونكس النبي صلى الله عليه وسلم- وقال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة

بقلم: إبراهيم السكران
851
البيت المسلم | مرابط
اقتباسات وقطوف المرأة

البيت المسلم


لقد شعرت أن أغلب ما يكون بين الأولاد من عقد وتناكر يرجع إلى اعتلال العلاقة الزوجية وفساد ذات البين فهل المعنويات تغنى عن الماديات إن هناك عناصر أخرى تحف بالبيت أو تخرج منه لها أثر فى سعادته ولننظر إلى هذا الحديث النبوى عن سعد بن أبى وقاص قال رسول الله

بقلم: محمد الغزالي
734
ماذا تعملين يا سيدتي؟ | مرابط
فكر

ماذا تعملين يا سيدتي؟


بالتدريج نعرف أن هذه الزوجة المسكينة التي لم تفعل شيئا من منظور مادي بسيط فعلت الكثير من منظور إنساني أكثر تركيبا ولكنها استبطنت الخطاب المعرفي المادي ولذا فعليها أن تخرج من المنزل فورا حتى تعمل أي حتى تتقاضى أجرا فتستعيد احترامها لنفسها. قد يفسد الأطفال وقد تنهار الأسرة وتضيع خصوصية الحضارة فالأم هي التي تعلم الأطفال الحضارة والقيم ولكن هذه أمور ثانوية.

بقلم: عبد الوهاب المسيري
506
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الأول | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الأول


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
912
ستبقى أمريكا تعاني من التفرقة | مرابط
فكر

ستبقى أمريكا تعاني من التفرقة


ستبقى أميريكا تعاني من التفرقة بين البيض والسود ما دامت العقيدة التي يدرسها الأطفال في المدارس عقيدة داروينية تعارض شعارات المساواة المعلنة لديهم وما دام داروين يعظم على أنه مكتشف الحقيقة عن أصل الإنسان والكائنات مقال موجز للدكتور إياد قنيبي حول العنصرية في أمريكا

بقلم: د إياد قنيبي
2484