فأما إكرام الجار والإحسان إليه، فمأمور به، وقد قال الله عز وجل {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36] [النِّسَاءِ: 36]، فجمع الله تعالى في هذه الآية بين ذكر حقه على العبد وحقوق العباد على العباد أيضا، وجعل العباد الذين أمر بالإحسان إليهم خمسة أنواع:
أحدها: من بينه وبين الإنسان قرابة، وخص منهم الوالدين بالذكر؛ لامتيازهما عن سائر الأقارب بما لا يشركونهما فيه، فإنهما كانا السبب في وجود الولد ولهما حق التربية والتأديب وغير ذلك.
الثاني: من هو ضعيف محتاج إلى الإحسان وهو نوعان: من هو محتاج لضعف بدنه، وهو اليتيم، ومن هو محتاج لقلة ماله، وهو المسكين.
والثالث: من له حق القرب والمخالطة، وجعلهم ثلاثة أنواع: جار ذو قربى، وجار جنب، وصاحب بالجنب...،
الرابع: من هو وارد على الإنسان، غير مقيم عنده، وهو ابن السبيل، يعني المسافر إذا ورد إلى بلد آخر، وفسره بعضهم بالضيف: يعني به ابن السبيل إذا نزل ضيفا على أحد.
والخامس: ملك اليمين، وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم بهم كثيرا وأمر بالإحسان إليهم، وروي أن آخر ما وصى به عند موته: " «الصلاة وما ملكت أيمانكم» "، وأدخل بعض السلف في هذه الآية: ما يملكه الإنسان من الحيوانات والبهائم.
المصدر:
ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، الحديث الخامس عشر، ص331