آيات من سورة ق

آيات من سورة ق | مرابط

الكاتب: ابن عثيمين

610 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا..)

أظن أننا وقفنا على قول الله تعالى: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [ق:6-8].

ففي قوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ [ق:6] الضمير يعود إلى هؤلاء الذين كذبوا بالبعث وقالوا: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق:3] فحثهم الله عز وجل حثًا بتوبيخ إلى أن ينظروا إلى السماء التي فوقهم: كَيْفَ بَنَيْنَاهَا [ق:6] أي: بنيناها بقوة وجعلناها سقفًا محفوظًا، وجعلناها سقفًا مستويًا سليمًا: رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا  [المرسلات:28] وليس فيها من فروج ولا شقوق ولا عيب على طول الأزمنة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.

وقوله تعالى: كَيْفَ بَنَيْنَاهَا [ق:6] أضاف البناء إليه؛ لأنه عز وجل هو الذي خلقها، وبناؤه إياها ليس كبناء الناس للسقوف، يأتون بالعمال والزنابيل والمعاول واللبنات. بناؤه إياها أنه: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت:11] كلمة واحدة تم بها كل شيء.

وَزَيَّنَّاهَا [ق:6] بماذا زينها؟ زينها الله عز وجل بالمصابيح، بالنجوم، فما أجمل السماء! لو كنت في بر وكنت بعيدًا عن الأضواء الكهربائية، ورأيت هذه النجوم اللماعة لعرفت مقدار هذه الزينة، فزينها الله بالنجوم، وخلق الله هذه النجوم لثلاث:

الأول: زينة للسماء.
الثاني: ورجومًا للشياطين.
والثالث: علامات يهتدى بها، كما قال تعالى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [النحل:16].

قال تعالى: وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [ق:6] أي: ليس للسماء (من فروج) أي: من شقوق تعيبها وتئول بها إلى الدمار بل هي قوية محكمة، كما قال الله تعالى: (فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [الملك:3-4].

وهنا نسأل: كم عدد السماوات؟

الجواب: عددها سبع بنص القرآن: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [المؤمنون:86] بعضها فوق بعض والمسافات بينها بعيدة جدًا ، وكل سماء لها سكان يسكنونها من الملائكة بأمر الله، وفي حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى آدم ورأى الأنبياء في السماوات على درجات مختلفة، فالسماء كلها معمورة من الدنيا إلى السابعة، وليس فيها شيء من الخلل أو الفطور أو النقص، بل هي محكمة إلى أن يطويها الله عز وجل يوم القيامة: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104].

 


 

المصدر:

محاضرة ضمن سلسلة اللقاء الشهري للشيخ ابن عثيمين.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

اقرأ أيضا
حول تكريم المرأة في الإسلام | مرابط
المرأة

حول تكريم المرأة في الإسلام


قل هو شرع الله والله لم ينزل شرعه على ذوقك! بل لا تؤمنين إلا إذا كان هواك تبعا لما جاء به محمد! لا تقل لها أن القيمة التي تود النسوية رفعك لها هي موجودة في الإسلام لا بل الإسلام هو أعلى قيمة عليك أن تحرصي عليها كي ترفعي لا أنك قيمة باهضة والإسلام والنسوية يتنافسان على الظفر باتباعك عبر الإغراء بمفهوم التكريم

بقلم: باسم بشينية
332
الميزان الحق | مرابط
فكر

الميزان الحق


في واقعنا المعاصر اختلت موازين المسلمين في الحكم على الأحداث وعلى الأشخاص فأنزلوا أهل الباطل منزلة أهل الحق وأطلقوا ألقاب أهل العلم والتقى والبطولة على من لا يستحقها وفي هذا المقال استعراض واضح لاختلال الميزان في عصرنا الحالي واستعراض للميزان الحق في المقابل

بقلم: د منقذ بن محمود السقار
2414
اليأس والإحباط في ميزان الإسلام | مرابط
تفريغات

اليأس والإحباط في ميزان الإسلام


ولقد نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في كل الأزمات التي مرت بالمسلمين هذا النهج فقد كان يبث الأمل في قلوب المسلمين وكان يغضب كثيرا إذا رأى إحباطا أو يأسا في قلب مسلم مهما كانت المسببات التي تؤدي إلى ذلك ولا يعترف بأي مسبب فلا يجوز للمسلم أن يحبط أبدا لأنه مرتبط برب العالمين سبحانه وتعالى فالإحباط علامة على ضعف في العقيدة وهذا لا يقبل من المسلم أبدا

بقلم: د راغب السرجاني
716
المستبد الليبرالي | مرابط
مناقشات الليبرالية

المستبد الليبرالي


تقدم الليبرالية دائما على أنها المثال الصريح للحرية واحترام آراء الآخرين وعقائدهم ورفض إكراه أي إنسان على أي شيء إنها ذروة ما وصل إليه العقل البشري في نظر البعض ولكن هل عرفت الوجه الآخر لليبرالية هل عرفت تطبيقاتها على أرض الواقع هنا ستقرأ عن الليبرالي المستبد الذي يلجأ إلى الأنظمة الديكتاتورية لكي يفرض آراءه على الجميع الليبرالي الذي لا يعرف الحرية إلا حروفا تنقش بالحبر على الورق أما أرض الواقع فليس فيه إلا القوة والفرض والقهر والديكتاتورية

بقلم: إبراهيم السكران
2178
قواعد السلف في مؤلفاتهم | مرابط
مقالات

قواعد السلف في مؤلفاتهم


أحب أن يعلم من لم يكن يعلم أن أسلافنا -رضي الله عنهم- وغفر لهم منذ ألفوا كتبهم وضعوا لها قواعد يعرفها أهل هذا العلم ويجهلها من جنح عن أصولهم وعمى عليه طريقهم. فهم منذ بدأوا يكتبون أسسوا كتبهم على إسناد الأخبار إلى رواتها وبرئوا من عهدة الرواية بهذا الإسناد ولم يبالوا بعد ذلك أن يكون الخبر صحيحا أو ضعيفا أو زائدا أو ناقصا أو موضوعا مكذوبا لأنهم كانو يعلمون حال الرواة ومنازلهم من الصدق والكذب ومن الورع والاستخفاف ومن الأمانة والهوى.وكأنهم أرادوا بهذا أن يجعلوا كتبهم في التاريخ وغير التاريخ سج...

بقلم: محمود شاكر
226
القلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن | مرابط
اقتباسات وقطوف

القلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن


وهذا القلب إنما يستمد مادة حياته من المحن ومن العوارض ومن المتاعب فالجوارح تستمد حياتها من الراحة أما القلب فهو يستمد حياته من المحن ففيها سلامة القلب فالقلب لا يعيش إلا في العواصف والمحن ولذلك اختار الله عز وجل البلاء فجعله من نصيب أوليائه

بقلم: أبو إسحق الحويني
450