أدلة الكتاب والسنة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم

أدلة الكتاب والسنة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم | مرابط

الكاتب: شيخ الإسلام ابن تيمية

614 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي نَعَاهُ لِأَصْحَابِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ وَصَلَّى عَلَيْهِ -» بَلِ النَّجَاشِيُّ آخَرُ تَمَلَّكَ بَعْدَهُ.

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ».

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً».

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 158].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].

وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ دَعْوَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمُشْرِكِينَ وَعُبَّادِ الْأَوْثَانِ، وَجَمِيعِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ مَا لَا يُحْصَى إِلَّا بِكُلْفَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ يُذْكُرْ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَّا إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، وَهَذِهِ دَعْوَتُهُ وَرُسُلُهُ وَجِهَادُهُ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ بَعْدَ الْمُشْرِكِينَ، وَهَذِهِ سِيرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ؟

وَأَيْضًا فَالْكِتَابُ الْمُتَوَاتِرُ عَنْهُ وَهُوَ الْقُرْآنُ يَذْكُرُ فِيهِ دُعَاءَهُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ جِدًّا، بَلْ يَذْكُرُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ كُفْرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَيَأْمُرُ فِيهِ بِقِتَالِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 17].

وَقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَيْضًا: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ - لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ - أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ - قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 72 - 77].

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا - لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا - فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 171 - 173].

وَقَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ - اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ - يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 30 - 32].


 

المصدر:

شيخ الإسلام ابن تيمية، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ص335

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-تيمية #الجواب-الصحيح
اقرأ أيضا
الحداثة الغربية والإمبريالية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحداثة الغربية والإمبريالية


إن هذا الإله الصناعي الحديث إغتال عرقا بأكمله العرق الأحمر أي السكان الأصليين في الأمريكتين وأخذ زبدة عرق آخر العرق الأسود عن طريق النخاسة واستعباد ملايين مما يضع عدد ضحايا هذه العملية نحو مائة مليون إنسان باعتبار أن عبدا واحدا يحتفظ به النخاسون الغربيون كان يقتل مقابله تسعة عبيد

بقلم: عبد الوهاب المسيري
587
لو أطاعوه لدخلوا النار! | مرابط
تعزيز اليقين

لو أطاعوه لدخلوا النار!


بعث النبي ﷺ سرية فاستعمل رجلا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال: أليس أمركم النبي ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: فاجمعوا لي حطبا. فجمعوا فقال: أوقدوا نارا. فأوقدوها فقال: ادخلوها. فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا ويقولون: فررنا إلى النبي ﷺ من النار!.. فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه فبلغ النبي ﷺ فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف!

بقلم: أحمد يوسف السيد
404
الديمقراطية الأمريكية | مرابط
فكر اقتباسات وقطوف الديمقراطية

الديمقراطية الأمريكية


والحقيقة أن الديمقراطية المتعارف عليها عالميا الآن هي المستوحاة من النموذج الأميركي وما ترك المسلمون للشورى إلا رغبة في محاكاة هذا النموذج بالذات فلا يوجد تعريف واضح لها يمكن الرجوع إليه لفصل التجربة التاريخية والتجربة التاريخية الناجحة حاليا هي الأمريكية ولا أميركا دون رأسمالية

بقلم: عمرو عبد العزيز
550
نحن مثلكم ننتقد الدين | مرابط
فكر مقالات

نحن مثلكم ننتقد الدين


في عالمنا الإسلامي -العربي منه وغير العربي- مخلوقات غريبة تريد أن تجمع بين المتناقضات ولا تريد مع ذلك أن يعترض على تناقضها معترض يريدون أن يقولوا لإخوانهم الذين كفروا من أهل الغرب: إنما نحن مثلكم ننتقد الدين كما تنتقدون ولا نلتزم به كما أنكم لا تلتزمون ولا نترك فرصة للسخرية منه ومن المستمسكين به إلا اهتبلناها كما تهتبلون ونرى كما ترون أنه من حق الأديب والفنان أن ينتقد قيم المجتمع ومعتقداته ويدعو إلى نبذها لأنه لا يكون أديبا أو فنانا مبدعا إلا إذا فعل كل هذا بحرية كاملة كما تفعلون

بقلم: الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس
748
عقيدة شاملة الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات

عقيدة شاملة الجزء الأول


تمتاز العقيدة الإسلامية بالشمول لكافة مناحي الحياة وكافة جوانب الإنسان وقد يقال أن إثبات هذه الشمولية يحتاج إلى بحث وتدقيق وتمحيص ولكننا نقول أن مجرد النظر إلى جنبات هذه العقيدة والشريعة يكفي للعيان وفي هذا المقال بجزئيه يكشف لنا الكاتب عباس محمود العقاد عن شمولية هذه العقيدة الساطعة

بقلم: عباس محمود العقاد
2053
آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2 | مرابط
النسوية

آثار مفهوم النسوية على الأديان ج2


آثار مفهوم النسوية في مجالات الدين الإسلامي لقد ظهر تأثر النسوية العربية والإسلامية بالنسوية الغربية جليا واضحا في دعوتها إلى التعامل مع القرآن الكريم بنفس الآليات التي تعاملت فيها النسوية الغربية مع الكتاب المقدس

بقلم: أمل بنت ناصر الخريف
624