واعلم أن الخطة الفاصلة بيننا وبين كل مخالف أننا نجعل أصل مذهبنا الكتاب والسنة ونستخرج ما نستخرج منهما ونبنى ما سواهما عليهما ولا نرى لأنفسنا التسلط على أصول الشرع حتى نقيمها على ما يوافق رأينا وخواطرنا وهواجسنا بل نطلب المعانى فإن وجدناها على موافقة الأصول من الكتاب والسنة أخذنا بذلك وحمدنا الله تعالى على ذلك وأن زاغ بنا زائغ ضعفنا عن سواء صراط السنة ورأينا أنفسنا قد ركبت البنيان وبركت الجدد اتهمنا آراءنا فرجعنا بالآية على نفوسنا واعترفنا بالعجز وأمسكنا عنان العقل لئلا يتورط بنا فى المهالك والمهاوى ولا يعرضنا للمعاطب والمتالف وسلمنا الكتاب والسنة عليها وأعطينا المقادة وطلبنا السلامة وعرفنا أن قول سلفنا من أن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم.
وأما مخالفونا فجعلوا قاعدة مذاهبهم المعقولات والآراء وبنوا الكتاب والسنة وطلبوا التأويلات المستكرهة وركبوا كل صعب وذلول وسلكوا كل وعر وسهل وأطلقوا أعنة عقولهم كل الإطلاق فهجمت بهم كل مهجم وعثرت بهم كل عناء ثم إذا لم يجدوا وجها للتأويل طلبوا رد السنة بكل حيلة يحتالونها ومكيدة يكيدونها ليستقيم وجهة رأيهم ووجهة معقولهم فقسموا الأقسام ونوعوا الأنواع وعرضوا الأحاديث عليها فما لم يوافقها ردوها وأساءوا الظن بنقلتها ورموهم بما نزههم الله تعالى عنه.
المصدر:
الإمام السمعاني رحمه الله تعالى في قواطع الأدلة (٢/ ٤١١ - ٤١٢)