الأعمال المشروعة في عشر ذي الحجة

الأعمال المشروعة في عشر ذي الحجة | مرابط

الكاتب: عبد العزيز الطريفي

219 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

 

إقامة الحج في عشر ذي الحجة

وقد جاءت عشر ذي الحجة في شهر حرام من أشهر الحج, فشرع فيها جملة من العبادات, لا تكون في غيرها من الأيام, فشرع الله عز وجل فيها النسك وهو الحج، وهو ركن من أركان الإسلام؛ فإن الله عز وجل أمر عباده بالحج, والحج -كما لا يخفى- له أيام, وله مواقيت زمنية, وهذه المواقيت الزمنية هي أشهر الحج آخرها عشر ذي الحجة وأيام التشريق, فجعل الله سبحانه وتعالى خاتمة أعمال الحج الكبرى هو يوم النحر, وهو آخر أيام عشر ذي الحجة, وهذه من أمارات فضلها.

 

خاتمة العشر الأول موسم للنحر والذبح

ومن فضائلها: أنها أيام ذبح ونحر ابتغاء مرضاة الله, والذبح والنحر شرعه الله عز وجل للحاج وللمقيم في يوم النحر.

ولهذا نقول: إن آكد مواضع النحر هو يوم النحر؛ وذلك لدخوله في عشر ذي الحجة, ومن أخره بعد ذلك صح منه هذا الذبح؛ لأن الذبح يكون في أيام التشريق على الصحيح من أقوال العلماء, ومن العلماء من تجوز في ذلك وقال: يرخص بعدها, وهذا قول له وجه أيضًا, وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ).

والمراد بذلك أنها موضع لتناول طعام الأضاحي والهدايا, فينحر الحاج هديه, وينحر المقيم أضحيته في هذه الأيام؛ ولهذا نقول إن آكد الأيام هو يوم النحر؛ لدخوله في عشر ذي الحجة, وأما إذا خرج عن ذلك فهو في الزمن المفضول, وليس في الزمن الفاضل, وإذا أراد الإنسان أن يؤخر طعام أضحيته, فإن الأفضل له أن ينحرها في اليوم الأول, ثم يؤخر تناوله لذلك الطعام بعد ذلك؛ حتى يتحقق له الفضل في هذا الأمر.

 

الصيام في عشر ذي الحجة

وكذلك أيضًا من فضل الله عز وجل على عباده: أن جعل هذه الأيام موضعًا للصيام، وآكد هذا الموضع في الصيام هو صيام يوم عرفة, كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأتي الكلام عليه بإذن الله.

ويشرع للإنسان أيضًا أن يصوم عشر ذي الحجة إلا يوم النحر؛ فإنه يحرم صيامه؛ لكونه عيدًا, وأما الأيام الباقية اليوم التاسع وما قبله, فإنه يشرع للإنسان أن يصومها, وكان السلف يصومون ذلك.

بل إنه آكد من صيام ستة أيام من شوال, والظاهر في هذا أن العلماء لا يختلفون من الصدر الأول, وكذلك ظاهر كلام الأئمة الأربعة أنهم لا يختلفون في استحباب صيام عشر ذي الحجة إلا المحرم, وأما بالنسبة لستة أيام من شوال, فلديهم خلاف في ذلك, كما هو معلوم عن الإمام مالك رحمه الله.

كذلك أيضًا فإني لا أحفظ عن أحد من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى, أنه كان يصوم ستة أيام من شوال, وأما ما جاء في عشر ذي الحجة, فقد ثبت عن غير واحد, ثبت هذا عن عمر بن الخطاب، وجاء أيضًا عن عبد الله بن موهب، وجاء عن جماعة من الفقهاء.

 

التعبد في عشر ذي الحجة

وجاء في ذلك أيضًا مما يعضد هذا ويؤكده أن النبي عليه الصلاة والسلام, جعل التعبد لله في هذه العشر على الإطلاق آكد من التعبد في غيرها من الأيام, وهذا دليل عام؛ فإن مقتضى التفضيل لهذه الأيام تفضيل العمل فيها, فهي مفضلة بلحظاتها وساعاتها, وهذا معنى مقصود للشرع بتفضيل العمل فيها, كما هو ظاهر في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ).

بل إنهم حينما ذكروا الجهاد في سبيل الله فهم الصحابة عليهم رضوان الله تعالى أن النبي أراد العموم في جميع الأعمال, فذكروا له الجهاد في سبيل الله؛ ليستبينوا هل العموم مراد أو لا؟ لأنهم يحفظون جملة من الفضائل من الأعمال، فهل هي أفضل منها أم لا؟ فبين النبي عليه الصلاة والسلام أنه أراد العموم عينه.

وبعض العلماء أو بعض الشراح يقولون: إن التفضيل المراد بذلك هو تفضيل عام, لا تفضيل على الأعيان، نقول: هذا لو كان التفضيل مطلقًا من النبي عليه الصلاة والسلام من غير سؤاله عن الجهاد لأمكن القول به, فلما سأل الصحابة عن الجهاد؛ دل على أنهم ذكروا أفضل الأعمال العملية التي يعمل بها الإنسان بعد أركان الإسلام, فيتقرب إلى الله عز وجل بها, فبين أن الأعمال في الأيام العشر أفضل منها في غيرها.

ولهذا نقول: إن العمل في هذه الأيام العشر آكد من سائر أيام السنة, والمراد بذلك هو التطوع والتنفل, وأما الواجبات فلها أعمال بأزمنة مقدرة، فليس للإنسان أن يقول: إن الصيام في هذه العشر تنفلًا آكد وأعظم من صيام رمضان في رمضان, فهذا ليس بمراد؛ لأن المراد بذلك هو في النوافل.

لهذا نأخذ من ذلك: أن قيام الليل في العشر أفضل من غيره، وأن الصيام في هذه الأيام العشر أفضل من الصيام في غيرها, فيكون أفضل من صيام الاثنين والخميس, وثلاثة أيام من كل شهر, وأفضل من الصيام الذي يصومه الإنسان, ويكثر من ذلك, سواء صيام شهر الله المحرم, أو صيام شعبان ونحو ذلك.

لهذا نقول: إن الصيام في هذه العشر أفضل من غيرها؛ لظاهر النص عن النبي صلى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أرد العموم لما سأله أصحابه عليهم رضوان الله تعالى.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#العشر-من-ذي-الحجة
اقرأ أيضا
كيف كان الرسول يبث الأمل في أصحابه وقت الأزمات | مرابط
تفريغات

كيف كان الرسول يبث الأمل في أصحابه وقت الأزمات


كان صلى الله عليه وسلم يمر على مجالس قريش ويقول لهم: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا كلمة واحدة تعطونها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم فكان يخاطبهم بذلك في الفترة المكة ويبشر المسلمين المحصورين في الفترة المكية بسيادة الأرض وملك العرب والعجم أي: فارس والروم أكبر دولتين في الأرض في ذلك الزمن وكانتا تقتسمان العالم في ذلك الزمن النصف الشرقي فارس والنصف الغربي الروم ومع ذلك كان صلى الله عليه وسلم في زمان الاستضعاف والقهر والتعذيب والبطش والإحاطة من الكفار للمسلمين كالسوار حول المعصم الفترة

بقلم: د راغب السرجاني
530
الدائرتان: بين العلم الشرعي والعلم الطبيعي | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات الإلحاد

الدائرتان: بين العلم الشرعي والعلم الطبيعي


إننا نقبل العلم الطبيعي كوسيلة بحث ولا نقبله كفلسفة شاملة ننظر من خلالها للحياة worldview ﻷن تبني هذه النظرة يجعلك متبعا للمذهب الطبيعي متبعا لفلسفة تنظر بها للعالم وتفسره من خلالها وأنت في اتباعك هذه الفلسفة لا تبني اتباعك على طريقة العلم الطبيعي والتجريب بل تبني اتباعك على طريقة فلسفية

بقلم: د. حسام الدين حامد
203
التضليل والخداع في تسمية العلمانية | مرابط
العالمانية

التضليل والخداع في تسمية العلمانية


إمعانا في التضليل والخداع سماها الفكر الغربي بالعلمانية وهو اصطلاح يوحي بأن لها صلة بالعلم حتى ينخدع الآخرون بصواب الفكرة واستقامتها فمن الذي يقف في وجه دعوة تقول للناس إن العلم أساسها وعمادها ومن هنا انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره دون أن ينتبهوا إلى حقيقته وأبعاده

بقلم: حمود الرحيلي
634
الخوف من الله حقيقته وفضله ج1 | مرابط
تفريغات

الخوف من الله حقيقته وفضله ج1


من العبث ومن الكلام الباطل المعسول أن ينقل عن بعض المتصوفة سواء كانوا نساء أو رجالا أن أحدهم كان يقول في مناجاته لربه تبارك وتعالى: ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك إلى آخر الخرافة المزعومة لا يتصور من إنسان عرف الله حق معرفته ألا يخشى من ربه تبارك وتعالى بل -كما ذكرنا- كلما كان مقربا إلى الله كلما كان أخوف من الله وأخشى لله عز وجل وما المقصود من مثل هذه الخرافة الصوفية إلا أن يحمل الناس أن يعيشوا هكذا ليس هناك خوف منهم لله يحملهم على تقواه ولا -أيضا- عندهم رغبة فيما عند الله يطمعهم ف...

بقلم: محمد ناصر الدين الألباني
576
مكانة السنة النبوية | مرابط
تعزيز اليقين فكر

مكانة السنة النبوية


إن دراسة السنة من أهم العلوم وأفضلها وأشرفها عند الله سبحانه وتعالى وإن من أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله سبحانه وتعالى ويسعى إليه الساعون هو طلب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك العناية بصحيحها وسقيمها فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل وهي قرينة للقرآن من جهة الاحتجاج ولذا فإنه قد أجمع أهل السنة على أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله سبحانه وتعالى

بقلم: عبد العزيز الطريفي
938
قواعد اليقين | مرابط
مقالات المرأة

قواعد اليقين


إليك هذه قواعد.. هي أسس عند كل مسلم وهي عنده محل اليقين فاحفظها في نفسك وقولك وعملك ثم تأمل بعد ذلك ما شئت في مسألة التعرض للمرأة بما تكره:

بقلم: خالد بهاء الدين
127