الأمن نعمة من نعم الله

الأمن نعمة من نعم الله | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

688 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الأمن نعمة من الله

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فإن الأمن نعمة وأي نعمة، فقد امتن الله بها على قريش إذ كانت تعيش في الجزيرة العربية حيث السلب والنهب واعتداء القبيلة على القبيلة الأخرى، وفي وسط الجزيرة العربية كانت مكة واحة أمن، ولذلك قال سبحانه: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:1-4].

فالأمن لا يأتي هكذا، بل هو ناتج عن محاربة الجريمة ومعالجة أسبابها، فعند ذلك يتوفر الأمن، وبعض الصحف أوبعض المسئولين في حديثهم في الإذاعة أو التلفاز يقول: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة، وهذا كلام حق، فالجريمة وجدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة، لكن الجريمة لم تؤثر على أمن الناس وأمن المجتمعات، أما إن ازدادت عن معدلها، فهذا يدل على أن أسباب الجريمة ونتائجها لم تعالجا بشكل سليم، أو أن الناس لم يحافظوا على صحتهم وصحة أولادهم وأهليهم بالشكل المطلوب، فلا يكفي أن نقتل الأمراض، أونقول: أن الأمراض منتشرة في الهواء، وكذلك الجراثيم والميكروبات منتشرة في كل مكان، فإذا كان فناء الدار قذر، والشارع قذر، والشمس لا تدخل البيوت، والناس لا يغتسلون ولا يتنظفون، فكيف بعد ذلك نحافظ على صحتنا؟!

إن أول ما يجب على الناس فعله هو أن يزيلوا الأقذار والأوساخ، ويطهروا البيوت، ويغسلوا أجسادهم ويتنظفوا، عند ذلك يقل المرض، ثم إذا نشأت الأمراض بعد ذلك كله فعلينا معالجتها عن طريق المستشفيات، والمجمعات، والأطباء الذين يعالجون ذلك بالأدوية.

 

معالجة أسباب الجريمة يحد من انتشارها

وأسباب الجريمة موجودة، لكن ينبغي أن تعالج حتى تخف وتقل من المجتمعات، وفي بعض الأحيان تكاد تزول من المجتمع، أما إذا لم نعالج أسبابها فستبقى وستكثر، فعندما يرى الشاب وهو يسير في الشارع النساء عرايا كأنهن في غرف النوم مع أزواجهن فسيثرن شهوته وأعصابه، فليس عنده دين يحميه، فقد حطم الدين في نفوس كثير من الشباب، وحطمت الأخلاق، وضعفت مراقبة الله سبحانه وتعالى، ثم النساء يعرضن أجسادهن في الشوارع، ويعرضن شعورهن، عارية ظهورهن وصدورهن وسيقانهن، ثم يذهب إلى التلفزيون فيشاهد ما يشاهد، ثم يقلب الصحيفة فيرى ما يرى، ثم يريد الزواج فإذا براتبه لا يكفي لأجرة شقة، فلا يستطيع أن يتزوج، إذ ليس عنده المال الكافي، يطلب الحلال فلا يجده، وشياطين الإنس والجن كثيرون، ويرسلون الفاحشة ليثيروا الناس خاصة الذين لم يحصنوا أنفسهم بالإيمان، ولا يأتون إلى المساجد ليقووا إيمانهم وصلتهم بالله، ثم يقول البعض: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة.

- فنقول: هل عالجتم أسبابها؟ هل أعطيتم الجانب المعاكس الذي يقضي على الجريمة في النفس حقه في رقابة الله سبحانه وتعالى؟ هل وصلتم الناس بكتاب الله؟ أين التقوى والإيمان الذي إذا جاء الشيطان يوسوس قال له: لا، فالله يراك، وينظر إليك، وسيحاسبك بين يديه سبحانه وتعالى؟ وأين الخلق الذين يقولون له: لا تفعل؟ أترضى الفاحشة لأمك؟ أترضاها لأختك؟ أترضاها لقريبتك؟

لا يوجد شيء من ذلك، بل حطمنا ذلك كله.

فهناك شياطين يحطمونها، يحطمونها بالكلمة والمقالة والتمثيلية والمسرحية، ففي الشارع تحطم، وفي الحفلات التي تقام هنا وهناك تنتهك فيها الفضيلة وترتفع أسهم الرذيلة تحطم، فالفساد يعشعش هنا وهناك، وكل ذلك منتشر وموجود.

فعندما تنتشر الأقذار والأوساخ تكثر الميكروبات، ويترعرع فيها الشر، وتترعرع فيها الجريمة ثم بعد ذلك نقول: إن الجريمة ستبقى موجودة.

نعم، ستبقى موجودة، ولكن هناك فرق بين وجود ووجود، فإذا استأصلنا أسباب الجريمة ستقل الجريمة، ثم يأتي العلاج.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها، لعمر الأشقر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة #الأمن
اقرأ أيضا
نحن مثلكم ننتقد الدين | مرابط
فكر مقالات

نحن مثلكم ننتقد الدين


في عالمنا الإسلامي -العربي منه وغير العربي- مخلوقات غريبة تريد أن تجمع بين المتناقضات ولا تريد مع ذلك أن يعترض على تناقضها معترض يريدون أن يقولوا لإخوانهم الذين كفروا من أهل الغرب: إنما نحن مثلكم ننتقد الدين كما تنتقدون ولا نلتزم به كما أنكم لا تلتزمون ولا نترك فرصة للسخرية منه ومن المستمسكين به إلا اهتبلناها كما تهتبلون ونرى كما ترون أنه من حق الأديب والفنان أن ينتقد قيم المجتمع ومعتقداته ويدعو إلى نبذها لأنه لا يكون أديبا أو فنانا مبدعا إلا إذا فعل كل هذا بحرية كاملة كما تفعلون

بقلم: الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس
747
أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج1 | مرابط
تفريغات

أشراط الساعة رواية ودراية: الدرس الثاني ج1


ومسألة ذهاب الصالحين هي من أشراط الساعة التي يدخل فيها ذهاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبض العلم فإنه لا يمكن أن يوجد علم مع عدم وجود الصالحين الذين يقومون به وقبض الصالحين لازم لظهور الجهل وعدم العدل أيضا ومن الأصول ظهور الفتن في الناس ولازم ظهور الفتن ظهور الزنا وشرب الخمر والجهل والهرج وهو القتل وغير ذلك

بقلم: عبد العزيز الطريفي
831
الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج2 | مرابط
تاريخ تعزيز اليقين

الهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإنسان ج2


إن التأمل والتدبر في تفاصيل الهجرة النبوية المباركة يجعلنا نتيقن وبما لا يدع مجالا للشك أن الهجرة النبوية كانت حدثا حاسما في الدعوة المحمدية أرست الأسس والنواة الصلبة لدولة الإسلامية الناشئة كما حملت لنا عبرا ودروسا وافرة نستفيد منها ونستجلي منها قيما وأخلاقا حميدة وبين يديكم مجموعة من الفوائد والدروس والمآثر من وحي السيرة

بقلم: علي الصلابي
729
الميزان المقلوب الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

الميزان المقلوب الجزء الثاني


فقد ورد في بعض الأحاديث: أن رجلا مر بالرسول صلى الله عليه وسلم فسأل صحابيا عنده: ما تقول في هذا -وكان رجلا وجيها في قومه وصاحب مال وله مكانة في نفوس أهل الدنيا- فقال: هذا حري إن خطب أن يزوج وإن شفع أن يشفع ثم مر رجل آخر فقير فسأله عنه فقال: هذا حري إن خطب ألا يزوج وإن شفع ألا يشفع فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض من مثل ذاك أو كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه

بقلم: عمر الأشقر
950
تغريدات حول التقوى وآثار الذنوب | مرابط
اقتباسات وقطوف

تغريدات حول التقوى وآثار الذنوب


حفظ الجوارح من المعاصي في أول العمر معين من الله على حفظها في الكبر من أمرين: من أن يختم له خاتمة سوء أو يقع في الخرف والهذيان ومن حفظ الله للطائع في صغره حفظ العقل من البلاء بأنواعه عند الكبر قال ابن عباس: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر

بقلم: عبد العزيز الطريفي
798
نقض شبهة تعلم النبي القرآن من بشر | مرابط
اقتباسات وقطوف

نقض شبهة تعلم النبي القرآن من بشر


مقتطف هام لشيخ الإسلام ابن تيمية من كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح يشير فيه إلى أحد الطرق التي تنقض بها وتهدم دعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلم القرآن من بشر ونسبه إلى ربه تلك الدعوى التي روجها أولياء الشيطان وكذبها العقل ونأت عنها الفطرة وكذبتها القرائن وكافة الأدلة

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
2599