الأمن نعمة من نعم الله

الأمن نعمة من نعم الله | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

618 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الأمن نعمة من الله

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فإن الأمن نعمة وأي نعمة، فقد امتن الله بها على قريش إذ كانت تعيش في الجزيرة العربية حيث السلب والنهب واعتداء القبيلة على القبيلة الأخرى، وفي وسط الجزيرة العربية كانت مكة واحة أمن، ولذلك قال سبحانه: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:1-4].

فالأمن لا يأتي هكذا، بل هو ناتج عن محاربة الجريمة ومعالجة أسبابها، فعند ذلك يتوفر الأمن، وبعض الصحف أوبعض المسئولين في حديثهم في الإذاعة أو التلفاز يقول: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة، وهذا كلام حق، فالجريمة وجدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة، لكن الجريمة لم تؤثر على أمن الناس وأمن المجتمعات، أما إن ازدادت عن معدلها، فهذا يدل على أن أسباب الجريمة ونتائجها لم تعالجا بشكل سليم، أو أن الناس لم يحافظوا على صحتهم وصحة أولادهم وأهليهم بالشكل المطلوب، فلا يكفي أن نقتل الأمراض، أونقول: أن الأمراض منتشرة في الهواء، وكذلك الجراثيم والميكروبات منتشرة في كل مكان، فإذا كان فناء الدار قذر، والشارع قذر، والشمس لا تدخل البيوت، والناس لا يغتسلون ولا يتنظفون، فكيف بعد ذلك نحافظ على صحتنا؟!

إن أول ما يجب على الناس فعله هو أن يزيلوا الأقذار والأوساخ، ويطهروا البيوت، ويغسلوا أجسادهم ويتنظفوا، عند ذلك يقل المرض، ثم إذا نشأت الأمراض بعد ذلك كله فعلينا معالجتها عن طريق المستشفيات، والمجمعات، والأطباء الذين يعالجون ذلك بالأدوية.

 

معالجة أسباب الجريمة يحد من انتشارها

وأسباب الجريمة موجودة، لكن ينبغي أن تعالج حتى تخف وتقل من المجتمعات، وفي بعض الأحيان تكاد تزول من المجتمع، أما إذا لم نعالج أسبابها فستبقى وستكثر، فعندما يرى الشاب وهو يسير في الشارع النساء عرايا كأنهن في غرف النوم مع أزواجهن فسيثرن شهوته وأعصابه، فليس عنده دين يحميه، فقد حطم الدين في نفوس كثير من الشباب، وحطمت الأخلاق، وضعفت مراقبة الله سبحانه وتعالى، ثم النساء يعرضن أجسادهن في الشوارع، ويعرضن شعورهن، عارية ظهورهن وصدورهن وسيقانهن، ثم يذهب إلى التلفزيون فيشاهد ما يشاهد، ثم يقلب الصحيفة فيرى ما يرى، ثم يريد الزواج فإذا براتبه لا يكفي لأجرة شقة، فلا يستطيع أن يتزوج، إذ ليس عنده المال الكافي، يطلب الحلال فلا يجده، وشياطين الإنس والجن كثيرون، ويرسلون الفاحشة ليثيروا الناس خاصة الذين لم يحصنوا أنفسهم بالإيمان، ولا يأتون إلى المساجد ليقووا إيمانهم وصلتهم بالله، ثم يقول البعض: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة.

- فنقول: هل عالجتم أسبابها؟ هل أعطيتم الجانب المعاكس الذي يقضي على الجريمة في النفس حقه في رقابة الله سبحانه وتعالى؟ هل وصلتم الناس بكتاب الله؟ أين التقوى والإيمان الذي إذا جاء الشيطان يوسوس قال له: لا، فالله يراك، وينظر إليك، وسيحاسبك بين يديه سبحانه وتعالى؟ وأين الخلق الذين يقولون له: لا تفعل؟ أترضى الفاحشة لأمك؟ أترضاها لأختك؟ أترضاها لقريبتك؟

لا يوجد شيء من ذلك، بل حطمنا ذلك كله.

فهناك شياطين يحطمونها، يحطمونها بالكلمة والمقالة والتمثيلية والمسرحية، ففي الشارع تحطم، وفي الحفلات التي تقام هنا وهناك تنتهك فيها الفضيلة وترتفع أسهم الرذيلة تحطم، فالفساد يعشعش هنا وهناك، وكل ذلك منتشر وموجود.

فعندما تنتشر الأقذار والأوساخ تكثر الميكروبات، ويترعرع فيها الشر، وتترعرع فيها الجريمة ثم بعد ذلك نقول: إن الجريمة ستبقى موجودة.

نعم، ستبقى موجودة، ولكن هناك فرق بين وجود ووجود، فإذا استأصلنا أسباب الجريمة ستقل الجريمة، ثم يأتي العلاج.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها، لعمر الأشقر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة #الأمن
اقرأ أيضا
فضل تعلم اللغة العربية | مرابط
تفريغات لسانيات

فضل تعلم اللغة العربية


الناس يرتفعون لفهمهم كلام الله جل في علاه ومراد الله في كتابه وهذا لا يكون إلا باللغة العربية ولذلك فإن عمر بن الخطاب كان يضرب بالدرة على ذلك ويقول: تعلموا العربية فإنها لغة القرآن ونحن أعاجم لسنا بعرب فكثير من كلمات المصنفين لا نستطيع أن نعرف معانيها إلا بالرجوع إلى المعاجم اللغوية فاللغة العربية لها أهمية قصوى لأنها من علوم الآلة التي بها استقامة اللسان واستقامة اللسان ممدحة في الشرع وكذلك العقل عن الله جل في علاه وفهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

بقلم: محمد حسن عبد الغفار
392
كيف نبر الوالدين بعد الممات | مرابط
تفريغات

كيف نبر الوالدين بعد الممات


أحوج ما يكون الوالدان إلى بر ابنهما إذا خرجا من الدنيا فصارا إلى دار البلاء فما أحوجهما إلى دعوة صالحة أو استغفارة أو رحمة صادقة يرفع بها الابن كفه إلى الله تبارك وتعالى قال: يا رسول الله هل بقي من بري لوالدي شيء أبرهما به بعد موتهما قال: نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما

بقلم: محمد مختار الشنقيطي
445
صناديق الاستثمار في عشر ذي الحجة | مرابط
تعزيز اليقين

صناديق الاستثمار في عشر ذي الحجة


سجل في الصندوق قبل أن يغلق الاكتتاب .. كانت أعمار بني آدم في الأزمنة السابقة طويلة وأما أعمار أمة خاتم الأنبياء غما بين الستين إلى السبعين إلا أن الله تعالى بفضله وبمنه وكرمه عوض نقص أعمار هذه الأمة بأن جعل لهم مواسم الخيرات محطات يتزودون بها ومن تلك المواسم عشر ذي الحجة حيث فضلت على سائر أيام

بقلم: د. يحيى بن إبراهيم اليحيى
360
محاضن الفطرة.. غرائز الآباء | مرابط
اقتباسات وقطوف

محاضن الفطرة.. غرائز الآباء


أهم ما يقوي الفطرة السوية عند الأبناء غرائز وميول الآباء.. انتقاء الألفاظ والحياء والرحمة والصفاء النفسي وغيره مما ركب في نفس الأم السوية.. الشجاعة والكرم والمروءة والعدل ونحوه مما ركب في نفس الأب السوي.. محاضن الفطرة غرائز الآباء!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
334
شبهة حول حقوق المرأة والميراث | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

شبهة حول حقوق المرأة والميراث


قالوا: القرآن يغبن المرأة حين يجعل لها من الميراث نصف ما للرجل وفي ذلك انتقاص من أهلية المرأة ومعاملتها على أنها نصف إنسان وبين يديكم الرد المفصل يقدمه الدكتور منقذ بن محمود السقار ويوضح الخطأ الذي وقع فيه المشككون وأهل الباطل حينما روجوا لهذه الفرية ويوضح لنا مسألة الميراث وحق المرأة في المال

بقلم: د منقذ السقار
633
تضخيم الألم | مرابط
اقتباسات وقطوف

تضخيم الألم


هذه العملية عبارة عن حالة شعورية تعتريك عند وقوعك في مشكلة تجعلك تؤمن أن ما حدث لك أكبر من قدرتك على التحمل فتشعر بالعجز والانهيار عند حدوث المشكلة وتصف المشكلة بألفاظ مبالغ فيها لا تساوي حجمها الحقيقي

بقلم: د إسماعيل عرفة
630