الأمن نعمة من نعم الله

الأمن نعمة من نعم الله | مرابط

الكاتب: عمر الأشقر

389 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الأمن نعمة من الله

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد: فإن الأمن نعمة وأي نعمة، فقد امتن الله بها على قريش إذ كانت تعيش في الجزيرة العربية حيث السلب والنهب واعتداء القبيلة على القبيلة الأخرى، وفي وسط الجزيرة العربية كانت مكة واحة أمن، ولذلك قال سبحانه: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش:1-4].

فالأمن لا يأتي هكذا، بل هو ناتج عن محاربة الجريمة ومعالجة أسبابها، فعند ذلك يتوفر الأمن، وبعض الصحف أوبعض المسئولين في حديثهم في الإذاعة أو التلفاز يقول: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة، وهذا كلام حق، فالجريمة وجدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة، لكن الجريمة لم تؤثر على أمن الناس وأمن المجتمعات، أما إن ازدادت عن معدلها، فهذا يدل على أن أسباب الجريمة ونتائجها لم تعالجا بشكل سليم، أو أن الناس لم يحافظوا على صحتهم وصحة أولادهم وأهليهم بالشكل المطلوب، فلا يكفي أن نقتل الأمراض، أونقول: أن الأمراض منتشرة في الهواء، وكذلك الجراثيم والميكروبات منتشرة في كل مكان، فإذا كان فناء الدار قذر، والشارع قذر، والشمس لا تدخل البيوت، والناس لا يغتسلون ولا يتنظفون، فكيف بعد ذلك نحافظ على صحتنا؟!

إن أول ما يجب على الناس فعله هو أن يزيلوا الأقذار والأوساخ، ويطهروا البيوت، ويغسلوا أجسادهم ويتنظفوا، عند ذلك يقل المرض، ثم إذا نشأت الأمراض بعد ذلك كله فعلينا معالجتها عن طريق المستشفيات، والمجمعات، والأطباء الذين يعالجون ذلك بالأدوية.

 

معالجة أسباب الجريمة يحد من انتشارها

وأسباب الجريمة موجودة، لكن ينبغي أن تعالج حتى تخف وتقل من المجتمعات، وفي بعض الأحيان تكاد تزول من المجتمع، أما إذا لم نعالج أسبابها فستبقى وستكثر، فعندما يرى الشاب وهو يسير في الشارع النساء عرايا كأنهن في غرف النوم مع أزواجهن فسيثرن شهوته وأعصابه، فليس عنده دين يحميه، فقد حطم الدين في نفوس كثير من الشباب، وحطمت الأخلاق، وضعفت مراقبة الله سبحانه وتعالى، ثم النساء يعرضن أجسادهن في الشوارع، ويعرضن شعورهن، عارية ظهورهن وصدورهن وسيقانهن، ثم يذهب إلى التلفزيون فيشاهد ما يشاهد، ثم يقلب الصحيفة فيرى ما يرى، ثم يريد الزواج فإذا براتبه لا يكفي لأجرة شقة، فلا يستطيع أن يتزوج، إذ ليس عنده المال الكافي، يطلب الحلال فلا يجده، وشياطين الإنس والجن كثيرون، ويرسلون الفاحشة ليثيروا الناس خاصة الذين لم يحصنوا أنفسهم بالإيمان، ولا يأتون إلى المساجد ليقووا إيمانهم وصلتهم بالله، ثم يقول البعض: إن الجريمة موجودة وستبقى موجودة.

- فنقول: هل عالجتم أسبابها؟ هل أعطيتم الجانب المعاكس الذي يقضي على الجريمة في النفس حقه في رقابة الله سبحانه وتعالى؟ هل وصلتم الناس بكتاب الله؟ أين التقوى والإيمان الذي إذا جاء الشيطان يوسوس قال له: لا، فالله يراك، وينظر إليك، وسيحاسبك بين يديه سبحانه وتعالى؟ وأين الخلق الذين يقولون له: لا تفعل؟ أترضى الفاحشة لأمك؟ أترضاها لأختك؟ أترضاها لقريبتك؟

لا يوجد شيء من ذلك، بل حطمنا ذلك كله.

فهناك شياطين يحطمونها، يحطمونها بالكلمة والمقالة والتمثيلية والمسرحية، ففي الشارع تحطم، وفي الحفلات التي تقام هنا وهناك تنتهك فيها الفضيلة وترتفع أسهم الرذيلة تحطم، فالفساد يعشعش هنا وهناك، وكل ذلك منتشر وموجود.

فعندما تنتشر الأقذار والأوساخ تكثر الميكروبات، ويترعرع فيها الشر، وتترعرع فيها الجريمة ثم بعد ذلك نقول: إن الجريمة ستبقى موجودة.

نعم، ستبقى موجودة، ولكن هناك فرق بين وجود ووجود، فإذا استأصلنا أسباب الجريمة ستقل الجريمة، ثم يأتي العلاج.

 


 

المصدر:

محاضرة أسباب الجريمة وعلاجها، لعمر الأشقر.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الجريمة #الأمن
اقرأ أيضا
موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية | مرابط
تفريغات

موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية


يلاحظ أن ابن تيمية في جوابه على السؤال المتعلق بالعبودية بدأ في بيان حقيقة العبودية الشرعية ثم انتقل إلى موقف الصوفية من العبودية وبالذات في موضوع الإرادة الكونية والإرادة الشرعية والعبودية الاضطرارية والعبودية الاختيارية ثم رجع مرة أخرى إلى موضوع العبودية الشرعية ثم انتهى إلى قوله: فصل ولما بدأ بفصل بدأ في العبودية لغير الله وأخذ يتحدث عن العبودية لغير الله وذكر دقائق في التعبد لغير الله حتى في أمور مكروهة

بقلم: عبد الرحيم السلمي
192
فتنة النساء.. إصدار خاص | مرابط
المرأة

فتنة النساء.. إصدار خاص


بدأت أؤمن أن فتنة النساء بالنسبة للرجال ليست مقتصرة أبدا على الانجذاب الفطري لها بشكل محرم إذا لم تكن زوجة أو بشكل يؤدي إلى محرم إذا كانت زوجته ولكن يؤدي التعلق بها إلى حرام آخر في اكتساب المال أو عقوق الوالدين وغير ذلك.

بقلم: معتز عبد الرحمن
120
إبراهيم عليه السلام يحاجج النمرود | مرابط
اقتباسات وقطوف

إبراهيم عليه السلام يحاجج النمرود


لم يكن إبراهيم بذلك الرجل يناقش الضعفاء والعامة ويترك الأقوياء والكبراء وإنما كان يثبت الحق عند الجميع لم يكن ليخاف في الله لومة لائم ولذلك لما وصلت القضية إلى النمرود قام إبراهيم لله بالحجة بين يديه فأمره ونهاه وقام لله بالحجة على هذا الطاغية

بقلم: محمد المنجد
365
حول تكريم المرأة في الإسلام | مرابط
المرأة

حول تكريم المرأة في الإسلام


قل هو شرع الله والله لم ينزل شرعه على ذوقك! بل لا تؤمنين إلا إذا كان هواك تبعا لما جاء به محمد! لا تقل لها أن القيمة التي تود النسوية رفعك لها هي موجودة في الإسلام لا بل الإسلام هو أعلى قيمة عليك أن تحرصي عليها كي ترفعي لا أنك قيمة باهضة والإسلام والنسوية يتنافسان على الظفر باتباعك عبر الإغراء بمفهوم التكريم

بقلم: باسم بشينية
131
مسائل حول الطلاق والسكنى | مرابط
المرأة

مسائل حول الطلاق والسكنى


أحكام الطلاق والعدد والسكنى أحكام لله لا يجوز الخروج عنها مهما بلغت البغضاء بين الزوجين فأمر الله وحده فوق ذلك كله ومن خالف تلك الحدود من الزوجين فظلمه على نفسه فالله لم يشرع الأحكام إلا لمنفعته ولو جهل ذلك أو غابت عنه حكمته وبيان ذلك في قوله تعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
59
رسالة إلى كل مبتلى ومصاب ومهموم | مرابط
مقالات

رسالة إلى كل مبتلى ومصاب ومهموم


هذه رسالة جامعة من الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم يوجهها إلى كل مسلم مبتلى أو مهموم أو سقط في دوامات الحزن ولم يقدر على الخروج منها هنا تجد معالم الطريق وتتنبه إلى معاني الابتلاء وطبيعة الحياة الدنيا وتجد تعزية وتسلية على حالك وإعانة لك على الخروج

بقلم: عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
1554