الإيمان بالقدر على درجتين:
إحداهما: الإيمان بأن الله تعالى سبق في علمه ما يعلمه العباد من خير وشر وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم، ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن أهل النار، وأعدّ لهم الثواب والعقاب جزاء لأعمالهم قبل خلقهم وتكوينهم، وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه، وأن أعمال العباد تجري على ما سبق في علمه وكتابه.
الدرجة الثانية: أن الله تعالى خلق أفعال عباده كلها، من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان وشاءها منهم، فهذه الدرجة يثبتها أهل السنة والجماعة، وينكرها القدرية، والدرجة الأولى أثبتها كثير من القدرية، ونفاها غلاتهم كمعبد الجهني، الذي سئل ابن عمر عن مقالته، وكعمرو بن عبيد وغيره.
وقد قال كثير من أئمة السلف: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خُصِموا، وإن جحدوه فقد كفروا، يريدون أن من أنكر العلم القديم السابق بأفعال العباد، وأن الله قسمهم إلى شقي وسعيد، وكتب ذلك عنده في كتاب حفيظ، فقد كذّب بالقرآن، فيكفر بذلك، وإن أقروا بذلك، وأنكروا أن الله خلق أفعال عباده وشاءها وأرادها منهم إرادة كونية قدرية، فقد خصموا؛ ﻷن ما أقرّوا به حجة عليهم فيما أنكروه، وفي تكفير هؤلاء نزاع مشهور بين العلماء.
المصدر:
- جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، الإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب، الحديث الثاني.