الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور

الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

1876 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ما سبب تأثر بعض الناس بمثل (محمد شحرور) مع ما يقدم من مناقضة صريحة لأصول الإسلام، وقراءة عبثية لنصوص الشريعة وأحكامها؟

لو طلب مني أن أحدد أهم سبب في ذلك فسأقول: هو الاستعداد النفسي للانحراف.

هو القابلية للانحراف لدى بعض الناس؛ فعندهم استعداد نفسي، ومقتض ذاتي، فلو لم يتأثر بشحرور فسيتأثر بشخص آخر؛ فالقضية ليست متعلقة بقوة علمية عند شحرور، ولا بنجاحه في التأثير على متابعيه، بل إن هذه النفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة لقبول أي فكرة منحرفة.

 

من أين جاء هذا الاستعداد النفسي؟

 

يمكن أن نرجع مغذيات هذا الاستعداد النفسي إلى هذه الموارد الأربعة الأساسية:
 

استثقال التكاليف الشرعية

الأول: استثقال التكاليف الشرعية، فهي نفوس تستثقل الأوامر والنواهي الشرعية، وتجد إشكالا كبيرا مع كثير من الأحكام، فحين تجد خطابا يعيد تقديم الدين بطريقة تزيل عنها مثل هذه الأحكام، فإنها تسارع في قبوله والدفاع عنه!
 

النفور من حملة الخطاب الشرعي

الثاني: النفور من حملة الخطاب الشرعي؛ إذ يحمل بعض الناس نفورا شديدا من المشايخ والدعاة وطلبة العلم والمتدينين -بغض النظر عن أسباب هذا النفور- يدفعهم لقبول أي خطاب آخر يختلف عنه، ويجد فيه الإقناع والعقلانية لمجرد أنه يختلف عن الخطاب السائد الذي ينفر منه؛ فالمشهد عنده يقوم على البحث عن (عقلانية وانفتاح وحرية) لدى أي خطاب آخر يختلف عن خطاب (المتشددين المنغلقين، المعطلين لعقولهم)!
 
بل تحول الأمر عند بعض هؤلاء المستعدين نفسيا إلى حالة من المناكفة والعناد، فيمكن أن يقتنع بأي فكرة، ويفرح بأي خبر، ويناصر أي قضية؛ ما دامت مزعجة لذاك التيار الذي ينفر منه!
 

محاولة التكيف مع الواقع

الثالث: محاولة التكيف مع الواقع المخالف للأحكام الشرعية؛ فحين يعيش الشخص في مجتمع أو بيئة فيها مخالفات شرعية معينة فإن أي خطاب يقنعه بأن هذه الحالة المخالفة ليست كذلك، فهو يتقبلها؛ لأنها توفق بين الواقع والقناعات الدينية!
 

الخضوع للثقافة الغربية

الرابع: الخضوع للثقافة الغربية والمزاج العلماني المؤسس لها؛ فالأحكام الشرعية التي تخالف هذه الثقافة تبدو غير مريحة، ومثيرة لكثير من الحرج والجدل، فإذا وجد خطاب يزيل هذه الحساسية، ويعيد بناء الإسلام بطريقة متوافقة مع هذه الثقافة فإنه يكون مقبولا ومقنعا!
 
هذه موارد أربعة أساسية (استثقال للأحكام، ونفور من حملة الخطاب الشرعي، والواقع المخالف، والخضوع للثقافة الغربية) تغذي بعض النفوس فتجعلها مستعدة للانحراف، فهي  متهيئة نفسيا لقبول الانحراف عن أصول الشريعة وقطعياتها، ليس بسبب قوة هذا الخطاب المنحرف، ولا لمنطقه وبراهينه، وإنما هو من استعداده النفسي لقبولها؛ بسبب تأثره بهذه الموارد.
 
ولعل هذا ما يفسر لك سرعة التأثر بشخصية مثل محمد شحرور؛ ليس بالمتحدث الجذاب، ولا يقدم حججا مقنعة، ولا يملك ثقافة واسعة، وفوق ذلك يقدم نتائج فجة،  وأحكاما في غاية الشناعة والصراحة في مصادمة الشريعة!

 

لم حدث هذا؟

 

لأنك مع نفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة له، فأي خطاب سيبدو مقنعا مهما كان، بل إن بعضهم يدافع عنه، وهو أصلا لا يعرف عنه ولم يقرأ له!

هذا الاستعداد النفسي هو من جنس الهوى الذي يصد عن الحق، ومن أسباب الزيغ عن الحق {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، ولو صدقوا في اتباع الحق لاستعلوا عن هذه النفسية المتهاونة في أحكام الشرع، المسترخصة في قبول ما يناقضه.

 

{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8]

 


 

المصدر:

موقع الدرر السنية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#محمد-شحرور #الاستعداد-النفسي
اقرأ أيضا
من أخلاق الكبار: أخلاق النبي مع الأطفال | مرابط
تفريغات

من أخلاق الكبار: أخلاق النبي مع الأطفال


تخيل لو أن الإمام في مسجده تأخر في السجود ثم رفعتم رؤوسكم فرأيتم أطفال الإمام فوق ظهره يلعبون ماذا ستقولون للإمام؟ وماذا ستقولون لهؤلاء الأطفال؟ بعدما تسمعوا هذا الإمام ما يكره تذهبون زرافات ووحدانا إلى الأوقاف ليفصلوا هذا الإمام ويؤدبوه يأتي بأطفاله ويلعبوا فوق ظهره وهو يصلي في المحراب في الروضة ما وجدوا شيئا يلعبون به ويلتهون إلا هذا.. ولكن اقرأ هنا فعل النبي لتتعلم!

بقلم: خالد السبت
328
يا حبذا نوم الأكياس | مرابط
اقتباسات وقطوف

يا حبذا نوم الأكياس


فاعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته ولا ببدنه والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح قال تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب وقال لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وقال النبي التقوى ههنا وأشار إلى صدره

بقلم: ابن القيم
439
الإيمان بالقدر | مرابط
اقتباسات وقطوف

الإيمان بالقدر


جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم الإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب الحديث الثاني وهو سؤال جبريل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان

بقلم: ابن رجب الحنبلي
2104
حرب التتار للخلافة العباسية ببغداد ج2 | مرابط
تفريغات

حرب التتار للخلافة العباسية ببغداد ج2


بين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة للدكتور راغب السرجاني يدور حول الاجتياح المغولي للعراق والذي يعتبر من أبرز الأحداث في تاريخنا الإسلامي حيث يحمل الكثير من المآسي والعبر والدروس التي يجب أن نتعلمها فيما يخص تعامل المسلمين مع الأعداء

بقلم: راغب السرجاني
662
لماذا نحب الرسول الجزء الأول | مرابط
تفريغات

لماذا نحب الرسول الجزء الأول


في هذه المحاضرة يدور الحديث حول محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطريق إليها معناها وأهميتها واجباتها ومستلزماتها وما ينبغي أن يكون موقف المسلم تجاه نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم وهذا الموضوع على درجة عظيمة من الحساسية لما وقع الناس فيه من أهل الإسلام أهل القبلة بين الإفراط والتفريط هذا الموضوع ينبغي أن يفتح كل مسلم قلبه وسمعه لتفاصيله ويتذكر حتى ولو لم يتعلم شيئا جديدا ويستعيد إلى نفسه وقلبه ذكريات هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويتذكر حقوق رسول الله وواجباته

بقلم: محمد المنجد
720
مضاهاة الخلق | مرابط
اقتباسات وقطوف

مضاهاة الخلق


يستطيع الإنسان على فعل الكثير من الأشياء في الحياة الدنيا ولكنه يعجز عن مضاهاة خلق الرحمن وتلك من الحجج التي جاءت في القرآن الكريم وكان بها التحدي لأمم المشركين والكافرين وبين يديكم مقتطف من كتاب النبأ العظيم عن عجز مضاهاة الخلق

بقلم: محمد عبد الله دراز
623