الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور

الاستعداد النفسي للانحراف: لماذا يتأثر بعض الناس بمحمد شحرور | مرابط

الكاتب: فهد بن صالح العجلان

1979 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

ما سبب تأثر بعض الناس بمثل (محمد شحرور) مع ما يقدم من مناقضة صريحة لأصول الإسلام، وقراءة عبثية لنصوص الشريعة وأحكامها؟

لو طلب مني أن أحدد أهم سبب في ذلك فسأقول: هو الاستعداد النفسي للانحراف.

هو القابلية للانحراف لدى بعض الناس؛ فعندهم استعداد نفسي، ومقتض ذاتي، فلو لم يتأثر بشحرور فسيتأثر بشخص آخر؛ فالقضية ليست متعلقة بقوة علمية عند شحرور، ولا بنجاحه في التأثير على متابعيه، بل إن هذه النفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة لقبول أي فكرة منحرفة.

 

من أين جاء هذا الاستعداد النفسي؟

 

يمكن أن نرجع مغذيات هذا الاستعداد النفسي إلى هذه الموارد الأربعة الأساسية:
 

استثقال التكاليف الشرعية

الأول: استثقال التكاليف الشرعية، فهي نفوس تستثقل الأوامر والنواهي الشرعية، وتجد إشكالا كبيرا مع كثير من الأحكام، فحين تجد خطابا يعيد تقديم الدين بطريقة تزيل عنها مثل هذه الأحكام، فإنها تسارع في قبوله والدفاع عنه!
 

النفور من حملة الخطاب الشرعي

الثاني: النفور من حملة الخطاب الشرعي؛ إذ يحمل بعض الناس نفورا شديدا من المشايخ والدعاة وطلبة العلم والمتدينين -بغض النظر عن أسباب هذا النفور- يدفعهم لقبول أي خطاب آخر يختلف عنه، ويجد فيه الإقناع والعقلانية لمجرد أنه يختلف عن الخطاب السائد الذي ينفر منه؛ فالمشهد عنده يقوم على البحث عن (عقلانية وانفتاح وحرية) لدى أي خطاب آخر يختلف عن خطاب (المتشددين المنغلقين، المعطلين لعقولهم)!
 
بل تحول الأمر عند بعض هؤلاء المستعدين نفسيا إلى حالة من المناكفة والعناد، فيمكن أن يقتنع بأي فكرة، ويفرح بأي خبر، ويناصر أي قضية؛ ما دامت مزعجة لذاك التيار الذي ينفر منه!
 

محاولة التكيف مع الواقع

الثالث: محاولة التكيف مع الواقع المخالف للأحكام الشرعية؛ فحين يعيش الشخص في مجتمع أو بيئة فيها مخالفات شرعية معينة فإن أي خطاب يقنعه بأن هذه الحالة المخالفة ليست كذلك، فهو يتقبلها؛ لأنها توفق بين الواقع والقناعات الدينية!
 

الخضوع للثقافة الغربية

الرابع: الخضوع للثقافة الغربية والمزاج العلماني المؤسس لها؛ فالأحكام الشرعية التي تخالف هذه الثقافة تبدو غير مريحة، ومثيرة لكثير من الحرج والجدل، فإذا وجد خطاب يزيل هذه الحساسية، ويعيد بناء الإسلام بطريقة متوافقة مع هذه الثقافة فإنه يكون مقبولا ومقنعا!
 
هذه موارد أربعة أساسية (استثقال للأحكام، ونفور من حملة الخطاب الشرعي، والواقع المخالف، والخضوع للثقافة الغربية) تغذي بعض النفوس فتجعلها مستعدة للانحراف، فهي  متهيئة نفسيا لقبول الانحراف عن أصول الشريعة وقطعياتها، ليس بسبب قوة هذا الخطاب المنحرف، ولا لمنطقه وبراهينه، وإنما هو من استعداده النفسي لقبولها؛ بسبب تأثره بهذه الموارد.
 
ولعل هذا ما يفسر لك سرعة التأثر بشخصية مثل محمد شحرور؛ ليس بالمتحدث الجذاب، ولا يقدم حججا مقنعة، ولا يملك ثقافة واسعة، وفوق ذلك يقدم نتائج فجة،  وأحكاما في غاية الشناعة والصراحة في مصادمة الشريعة!

 

لم حدث هذا؟

 

لأنك مع نفوس متهيئة أصلا للانحراف، مستعدة له، فأي خطاب سيبدو مقنعا مهما كان، بل إن بعضهم يدافع عنه، وهو أصلا لا يعرف عنه ولم يقرأ له!

هذا الاستعداد النفسي هو من جنس الهوى الذي يصد عن الحق، ومن أسباب الزيغ عن الحق {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5]، ولو صدقوا في اتباع الحق لاستعلوا عن هذه النفسية المتهاونة في أحكام الشرع، المسترخصة في قبول ما يناقضه.

 

{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8]

 


 

المصدر:

موقع الدرر السنية

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#محمد-شحرور #الاستعداد-النفسي
اقرأ أيضا
لا تقطع أذنك | مرابط
فكر

لا تقطع أذنك


يحكى أن أحد الملوك تأخرت زوجته في إنجاب ولي العهد فأرسل في إثر الأطباء من كل أرجاء المملكة وكتب الله أن يجري شفاء الملكة على أيديهم. فحملت الملكة بولي العهد وطار الملك بذلك فرحا وأخذ يعد الأيام لمقدم الأمير وعندما وضعت الملكة وليدها.. كانت دهشة الجميع كبيرة: فقد كان المولود بأذن واحدة!

بقلم: محمد بن عبد الله الفريح
401
إشكالية الاختلاط: الاحتجاج بصلاة النساء خلف الرجال | مرابط
أباطيل وشبهات

إشكالية الاختلاط: الاحتجاج بصلاة النساء خلف الرجال


من ضمن الشبهات العجيبة التي يروجها العلمانيون لتبرير الاختلاط وتجويزه يقولون أن النساء كن يصلين خلف الرجال في العهد النبوي وهذا مدعاة للاختلاط ويبدو أن القوم مصرون على إحراج أنفسهم كل مرة ويظهرون جهلهم بنصوص الشرع وأحكام الدين وهذا أكبر دليل على أنهم يملكون ربع العلم والباقي يضيعون به عباد الله.

بقلم: قاسم اكحيلات
428
المؤمن أشد حبا لله | مرابط
اقتباسات وقطوف

المؤمن أشد حبا لله


كلما ازداد القلب حبا لله إزداد له عبودية وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبا وحرية عما سواه والقلب فقير بالذات إلى الله من وجهين: من جهة العبادة وهي العلة الغائية ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه

بقلم: شيخ الإسلام ابن تيمية
1978
من علامات الساعة: ضياع أمانة الدين ج3 | مرابط
تفريغات

من علامات الساعة: ضياع أمانة الدين ج3


إن الأمانة اسم عام لكل تكليف كلفناه ربنا تبارك وتعالى أو الرسول عليه الصلاة والسلام كما في قول الله عز وجل:إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاالأحزاب:72 فالأمانة هي كلمة: لا إله إلا الله بتكاليفها هذه هي التي أشفقت السماوات والأرض والجبال عن حملها ومن علامات الساعة ضياع الأمانة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة للشيخ أبو إسحق الحويني يتحدث فيه عن ضياع الأمانة في زمننا

بقلم: أبو إسحق الحويني
676
المرأة في عصر النبوة | مرابط
المرأة

المرأة في عصر النبوة


ولم تكن حياة النساء في العصر الأول كحياتهن في هذا العصر مضطربة حائرة أو متبذلة ساخرة بل كانت إلى الفطرة أقرب وإلى الطهر أدنى. ولم يكن يمنعهن الحياء الذي يتحلين به -والحياء من الإيمان- أن يتفقهن في الدين ويسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عما جهلن منه ولم تكن رعايتهن البالغة بحقوق الزوج والبيت والولد لتحول بينهن وبين المنافسة في الهدى والخير إلى المثوبة والبر ابتغاء رضوان الله ورسوله

بقلم: طه محمد الساكت
297
بكم الجاكيت؟ | مرابط
فكر

بكم الجاكيت؟


من يتأمل في كثير من أحوالنا يجد أننا نمارس حيلة الجاكيت الغالي ولكن بمستويات مختلفة نعلم أن الحق في المسألة كذا ولكنه يحتاج ثمنا لا نريد دفعه فنتظاهر بالحيرة بين أقوال الفقهاء ثم ننسحب إلى أهوائنا.

بقلم: بدر آل مرعي
311