السؤال:
ما ردكم على من يستدل بصلاة النساء في عهد رسول الله والصحابة وراء الرجال مباشرة على جواز الاختلاط؟
الجواب:
يصر القوم على إحراج أنفسهم كل مرة، ويظهرون جهلهم بنصوص الشرع وأحكام الدين، وهذا أكبر دليل على أنهم يملكون ربع العلم، والباقي يضيعون به عباد الله.
أما صلاة النساء خلفه ﷺ فيجاب عنها من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن ذلك لا علاقة له بالاختلاط، فهو حدث عابر، وهذا ليس محل بحث أصلا، وإنما الحديث عن المكث الطويل، وكانت النساء يصلين وينصرفن كما سيأتي، وقد بوب البخاري: "باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد". (1)
قال ابن رجب بعدما أنكر الاختلاط:" وإنما كن يشهدن الصلوات في مؤخر المساجد ليلا، ثم ينصرفن عاجلا". (2)
الوجه الثاني: أنهن كن يخرج بالليل، قال النبي ﷺ: "ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد".(3) وأنت تعلم حال النور في ذلك الزمن، قالت أمنا:"إن كان رسول الله ﷺ ليصلي الصبح، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس".(4) فالمرأة لم تكن تعرف من شدة الظلمة، فإذا كان هذا في صلاة الصبح فكيف بما قبلها؟!.
الوجه الثالث: أنهن خلف الرجال لا يرى الرجل من خلفه من النساء، وينصرف النساء قبل الرجال، فلا يتصدرن المجالس كما هو حال الدعايات والطالبات وفي المحاضرات..، فعن أم سلمة:"أن رسول الله ﷺ إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم. قال: نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال". (5)
فشتان بين هذا وبين ما نراه، ومحاولة القياس محاولة فاسدة تماما. قال ابن بطال (المتوفى: 449هـ) ملخصا صفة صلاة النساء زمن النبوة كما ذكرنا من أدلة:"هذه السنة المعمول بها أن تنصرف النساء فى الغلس[الظلمة] قبل الرجال ليخفين أنفسهن، ولا يتبين لمن لقيهن من الرجال، فهذا يدل أنهن لا يُقمن فى المسجد بعد تمام الصلاة، وهذا كله من باب قطع الذرائع، والتحظير على حدود الله، والمباعدة بين الرجال والنساء خوف الفتنة ودخول الحرج، ومواقعة الإثم فى الاختلاط بهن".(6)
وهذه الصور ذكرها ابن رجب الذي توفي سنة (795هـ)، بين فيها أن اجتماع النساء بالرجال في عهد النبي ﷺلم يكن معروفا، والعجيب انه سماه اختلاطا وفيه رد على من ينكر المصطلح، قال رحمه الله:"هذا يدل على أن مجالس النبي ﷺ للفقه في الدين والتذكير ونحو ذلك - لم يكن النساء يحضرنها مع الرجال، وإنما كن يشهدن الصلوات في مؤخر المساجد ليلا، ثم ينصرفن عاجلا، وكن يشهدن العيدين مع المسلمين منفردات عن الرجال من ورائهم، ولهذا لما خطب النبي ﷺ يوم العيد رأى أنه لم يسمع النساء، فلما فرغ جاء ومعه بلال إلى النساء، فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة، وأجلس الرجال حتى يفرغ من موعظة النساء.
وأصل هذا، أن اختلاط النساء بالرجال في المجالس بدعة كما قال الحسن البصري". (7) فأين كل هذا من الاختلاط الذي نراه بين القوم؟!
الإشارات المرجعية:
- البخاري (173/1).
- (تسلية نفوس النساء.ص:7).
- (البخاري.899.مسلم.442)
- (البخاري.578.مسلم.645).
- (البخاري.875).
- (شرح البخاري.473/2).
- (تسلية نفوس النساء.ص:7).