التفريق بين الأطفال في المضاجع

التفريق بين الأطفال في المضاجع | مرابط

الكاتب: قاسم اكحيلات

772 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

قال النبي ﷺ:"مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع" (1) فقوله: "(وفرقوا بينهم في المضاجع) أي: في المراقد؛ وذلك لأنهم إذا بلغوا إلى عشر سنين يقربون من أدنى حد البلوغ، وينتشر عليهم آلاتهم، فيخاف عليهم من الفساد" (2)

وفي هذا الحديث الخلق العظيم الكبير في تربية الأبناء، وفيه حرمة النوم الصبيان في فراش واحد لما فيه من إثارة الشهوات أو كشف العورات أو لمسها، وهذا يشمل الأخ وأخته أو الأخت وأختها، قال الطيبي:"وفرقوا بين الأخ والأخت مثلا في المضاجع؛ لئلا يقعوا فيما لا ينبغي؛ لأن بلوغ العشر مظنة الشهوة وإن كن أخوات". (3)

والمقصود أنه لا يضطجع بعضهم مع بعض؛ حتى لا يحصل شيء من دواعي الشر أو شيء من الشيطان بحيث يحرك بعضهم على بعض، فلا يكون هناك اضطجاع من بعضهم مع بعضهم، وإنما يكون هناك تفريق، سواء أكانوا ذكورًا وإناثًا أم ذكروًا فقط أم إناثًا فقط؛ لأنه عندما يحصل التقارب يحصل بسببه شيء من تحريك الشهوة أو الفتنة أو ما إلى ذلك، فجاءت السنة بأن يمرنوا على ذلك، وأن يعودوا على ذلك وهم صغار، بحيث يبتعد بعضهم عن بعض، ولا يكون هناك تلاصق وتقارب بحيث يحصل معه شيء لا تحمد عقباه..(4)

ولهذا التفريق مراتب:

- أن يجعل لكل غرفته.
- أن يكونا في نفس الغرفة، لكل واحد منهما فراشه الخاص.
- أن يكونا في فراش واحد، لكل واحد منهما غطاء، ولا شك أن هذا فيه تقصير كبير.

وفي هذا تحريم الاختلاط الحاصل في المدارس ورياض الاطفال، قال بكر أبو زيد:"فهذا الحديث نص في النهي عن بداية الاختلاط داخل البيوت، إذا بلغ الأولاد عشر سنين، فواجب على الأولياء التفريق بين أولادهم في مضاجعهم، وعدم اختلاطهم، لغرس العفة والاحتشام في نفوسهم، وخوفًا من غوائل الشهوة التي تؤدّي إليها هذه البداية في الاختلاط، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"(5)

قال تقي الدين الهلالي:"يجب أن تكون مدارس الإناث مفصولة عن مدارس الذكور من روضة الأطفال إلى شهادة الدكتوراه". (6)

وفيه فوائد أخرى:

-الترسيخ الأولي للعلوم الشرعية في نفس الصبي للحفاظ على فطرته السليمة، وهي وظيفة المعلم والوالدين.
-اعتبار مراحل النمو عند الطفل والوظيفة التربوية بحسبها، إذ كل مرحلة لها أسلوبها المناسب.
-اعتبار مرحلة التمييز الجنسي وتطبيقها بالتفريق بين المضاجع تفاديا للخطر الجنسي المترتب عن شدة الأفعال وعدم استقراره النفسي في هذه المرحلة.
-ارتباط تعليم الصبيان بالصلاة مع التفريق بينهم في المضاجع في صرف المراهق عن الانطواء على ذاته والانغماس في انفعالات غرائزه، نحو التسامي بفكره وقلبه إلى تقوية إيمانه وهو ما تحققه الصلاة.
-إذا كان التفريق في المضاجع يجب بين المحارم فغير المحارم أولى بمنع الاختلاط بينهم في هذه المرحلة (7)

وفيه دليل على تأثير الاختلاط على الأطفال، فقد حرَم الشرع الأم الفاسقة من حضانة ابنها لعلمه بتأثيرها فيه، واليوم نلقي بهم في محاضن مختلطة تحت رعاية متبرجات.

وفساد الأطفال يأتي من هاهنا، قال إبراهيم الحربي: "أول فساد الصبيان بعضهم من بعض".(8)
وقد قال رسول الله ﷺ: «مروا أولادكم ‌بالصلاة ‌وهم ‌أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع» (9)

وتأمل قوله بصيغة الجمع "مروا أولادكم بالصلاة". وعند الشر قال:"وفرقوا بينهم في المضاجع". لعلمه أن الشر أكثر في المجتمعين (10)
وقد تنبه لهذا الفقهاء المالكية خاصة، قال سحنون المالكي:"وأكره للمعلم أن يعلم الجواري ولا يخلطهن مع الغلمان لأن ذلك فساد لهم" (11)

وقال القابسي:"ومن صلاحهم، ومن حسن النظر لهم، أن لا يخلط الذكران واللإناث (12) فمن رضع الاختلاط والتميع كان حاله كما ترى اليوم..


الإشارات المرجعية:

  1. (حسن رواه أحمد.6756).
  2. (شرح أبي داود للعيني.416/2).
  3. (شرح المشكاة.871/3).
  4. (أنظر شرح سنن أبي داود للعباد).
  5. (حراسة الفضيلة.ص:85).
  6. (حكم الإسلام في الإختلاط.جمعية الإصلاح.ص:65).
  7. [حجاب المرأة وخلفيات التبرج.محمد بنيعيش.ص:66].
  8. (ذم الهوى).
  9. [سنن أبي داود (1/ 185 ط مع عون المعبود)].
  10. (انظر:الآداب الشرعية.ابن مفلح).
  11. (آداب المعلم).
  12. (الرسالة المفصلة)
تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#تفريق-الأطفال
اقرأ أيضا
صناعة الحياة | مرابط
فكر

صناعة الحياة


استثمار النفس وبناء المستقبل وصناعة الحياة كلمات نسمعها كثيرا ولا مشاحة في الاصطلاح ولكن ثمة ملحظ على أغلب من يردد هذه المصطلحات.. وهذا الملحظ هو أنهم يريدون بهذا الإطلاق المعنى المادي الدنيوي الخالص ويغفلون عما هو أهم وهو المستقبل الحقيقي بعد الموت ذلك المستقبل الأبدي الذي لا يفنى.

بقلم: د. طلال بن فواز الحسان
363
ثغرات تسدها المرأة المسلمة: البيت والزوجية | مرابط
تفريغات المرأة

ثغرات تسدها المرأة المسلمة: البيت والزوجية


أيتها الأخت المسلمة! في ثغرة الزوجية وبيت الدعوة بيتك يجب ألا يعرف الخراب لأنه يتكون معه أسباب الحماية من الحب والرضا بينك وبين الزوج وهذه ثغرة كل زوجة في القيام بحق زوجها وينبغي أن يكون الزوج أحب الناس إلى زوجته وأن يكون البيت قائما على الالتزام بالإسلام وتربية الأولاد التربية الصالحة والدعوة إلى الله

بقلم: محمد صالح المنجد
415
اجتلاء العيد | مرابط
مقالات

اجتلاء العيد


جاء يوم العيد يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحده لا يستمر أكثر من يوم. زمن قصير ظريف ضاحك تفرضه الأديان على الناس ليكون لهم بين الحين والحين يوم طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها. يوم السلام والبشر والضحك والوفاء والإخاء وقول الإنسان للإنسان: وأنتم بخير. يوم الثياب الجديدة على الكل إشعارا لهم بأن الوجه الإنساني جديد في هذا اليوم. يوم الزينة التي لا يراد منها إلا إظهار أثرها على النفس ليكون الناس جميعا في يوم حب.

بقلم: مصطفى صادق الرافعي
375
الحق والواجب | مرابط
اقتباسات وقطوف

الحق والواجب


عبارة شاملة للمفكر الجزائري مالك بن نبي يعبر فيها عن فكرة التقدم والنهضة التي يسعى لها الجميع ومن هنا يقف بنا أمام فكرة هامة وهي فكرة الواجبات والحقوق فالأولوية يجب أن تكون للواجبات كما عبر مالك بن نبي: ليس الشعب بحاجة إلى أن نتكلم له عن حقوقه وحريته بل أن نحدد له الوسائل التي يحصل بها عليها وهذه الوسائل لا يمكن إلا أن تكون تعبيرا عن واجباته

بقلم: مالك بن نبي
2223
الإنجاز اليومي | مرابط
مقالات

الإنجاز اليومي


التمهيد لابن عبدالبر الفتح لابن حجر المغني لابن قدامة إلخ.. لم تكن وليدة شهر ولا سنة ولكنها خلاصة عمر ومشروع حياة نراها في نسختها الأخيرة فنتعجب من قدرة أصحابها التصنيفية - وحق لنا ذلك - لكنا لو نظرنا إلى تدرج تأليفها لعلمنا أن رأس مال الأمر في الجد والمصابرة

بقلم: مشاري الشثري
348
الركون إلى الدنيا | مرابط
تفريغات

الركون إلى الدنيا


والله عز وجل مع أنه رفع الهمة وبث الأمل ونشط المسلمين فقد علم المسلمين المنهج الواقعي في معالجة الأمور فليس معنى رفع الهمة الغفلة عن الأخطاء وعدم ذكر العيوب لا فلابد أن نذكر ولكن بصيغة لطيفة ولنرفع الهمة ونصلح الأوضاع ولنكن إيجابيين نكتشف الأخطاء ونصلحها ونرفع الهمة عند المسلمين ولا نقرع الأبدان ولا نلهب الظهور بالسياط ولكن بلطف وبرقة وببث الأمل

بقلم: د راغب السرجاني
844