شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج1

شبهات حول الحجاب: الحجاب في القلب ج1 | مرابط

الكاتب: سامي عامري

1642 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الشبهة

يردّد المبغضون للحجاب من العالمانيين والمنصّرين أنّ الحجاب الحقيقي هو (حجاب القلب) ، وليس هو (مجرّد) قطعة قماش (تلقى) على الرأس!

الجواب:

هذه الشبهة سائرة على كثير من الألسن، ولا يخفى عل منصف بطلانها، بل وتناقضها الشنيع.. والردّ من أوجه:

 

المرأة ليست مجرد أداة للمتعة

أولًا/ إنّ الإسلام يقود المرأة إلى أن تعلم أنّها ليست مجرّد (أداة للمتعة) بل هي (إنسان) موفور الاعتبار الأدبي، والحظ الإنساني في الاحترام.. وإنّ المسلمة العاقلة تعلم أنّ مَن يلحّ عليها أن تنزع حجابها بدعوى الحريّة؛ إنّما هو يريد أن يتلصّص بعينيه الآثمتين على لحمها المغطّى، وأنّ رغبته في تجريدها من ستر العفّة ولباس الحشمة، لم تنبع إلاّ من حرصه على التنفيس عن الشهوة المتأججة في صدره، وإن كان يُلبس دعواه ثوب النصح والرغبة في (تحرير) المرأة من الظلم والقهر!!!!

إنّ الذي يدعو المرأة إلى السفور، لا يراها في الحقيقة في غير مقام الصاحبة والعشيقة.. أمّا ذاك الذي يدعوها إلى الستر؛ فليست هي في ذهنه إلاّ أمًا أو أختًا أو ابنة.. جزء من كيانه، وقطعة من روحه.. لا يرى نفسه إلا نصيرًا لها، يؤذيه أن تُعامل كدمية ملوّنة جوفاء؛ يلهو بها اللاهون، ثمّ يلقون بها إلى سلّة المهملات إذا ذهبت ألوانها بعوامل الزمن القاسي!!

 

الحجاب ليس مجرد قطعة قماش

ثانيا/ إنّ الحجاب ليس قطعة قماش تضعها المرأة على رأسها، وإنما هو غطاء مسبل، ونهج في الكلام والمعاملة والإحساس متقن.. إنّه منظومة عقدية وسلوكيّة وشعورية.. وإنّ الظنّ أنّه (مجرّد) قطعة قماش تستر بها المرأة شعرات من رأسها؛ لهو قصور في تصوّر هذه الشريعة وأبعادها وأهدافها!!!

 

طهر الباطن والظاهر

ثالثا/ يبدو أنّ الذي يتحدّث عن الحجاب وأنّه مجرّد قشرة، وأنّ الحجاب الممثّل للعفّة هو في القلب فقط، يؤمن أنّ طهر الباطن لا يلزم أن يلتقي مع طهر الظاهر.. أمّا نحن فنرى أنّ طهر الظاهر لا بدّ أن يقترن بطهر الباطن؛ فهما متلازمان لا يفترقان، متّصلان لا ينفصمان.. فإذا غطت المرأة رأسها، ولم تصلح باطنها؛ فإنّها ليست في الإسلام بذات دين، وإنما هي منافقة تخادع الناس وتخدع نفسها قبل ذلك!!

إنّ العفّة، ليست في القلب فقط، بل هي في القلب والجسد.. ولا يمكن أن تكون في القلب مع فساد الجوارج!!

أيستطيع المخالف أن يزعم أنّ الرجل قد يكون طاهر القلب، لكنّه لصّ يسرق وينهب، أو زان يعتدي على أعراض الناس، أو كذّاب يخادع من أمّنوه؟!!!

إن قال لا يلتقي طهر القلب مع فساد العمل؛ فكذلك نقول: لا تكون عفّة القلب مع كشف المرأة لما أمر الربّ سبحانه بتغطيته!

إنّ العفّة، نبتة عظيمة؛ أصلها وجذرها في القلب، وثمرتها بادية على الجوارح!!

وإنّ من فسد قلبها وغطّت جسدها، فإنّما هي تضع ثمارًا مزيّفة لم ترتوِ من نهر الطهر الجاري في قلبها!

 

بين الظاهر والباطن

رابعا/ إنّ المنصّر أمام ثلاثة حلول لا رابع لها:

1-لا يجتمع صلاح الباطن مع صلاح الظاهر.

2-صلاح الظاهر ليس شرطًا لصلاح الباطن.

3-صلاح الباطن شرط لصلاح الظاهر.

القول الأوّل يرفضه النصراني، ولا يقول به أشدّ الناس انحرافًا وفسادًا؛ إذ هو يعني أنّه لا بدّ أن تقع في الموبقات الأخلاقيّة؛ حتى تكون طاهر القلب من الخبائث!

القول الثاني لا يمكن أن يستقيم؛ لأنّه يشطر الكائن البشري إلى كيانين غير متمازجين ضرورة، وإنما قد يجتمعان وقد يفترقان.. فقد يكون الإنسان روحًا محلّقة في عالم الطهر، وجوارح غارقة في عالم الوحل..!! وإذا كانت الروح لا تغادر الجسد، وكانت الأحاسيس مرتبطة بالأفكار، وكان الفعل ناتجًا عن فكر ورغبة؛ فإنّه يغدو من السذاجة تصوّر النفس الإنسانيّة على أنها حزمة مشتتة متفرقة من الأفكار والأشواق والحوافز والأعمال، وأنّها لا تلتقي؛ لأنّها كيانات متباعدة متنافرة!

ولم يبق عندها إلا القول الثالث؛ وهو قول المسلمين الذي يقرّر التلازم بين الظاهر والباطن، والعلاقة الديالكتيكيّة بين داخل الإنسان وظاهره، وأنّه من الخطأ المحض الظنّ أنّ الإنسان قد يعيش بقلبه في عالم وبجسده في آخر؛ إذ العقل والواقع ينفيان الزعم بإمكانيّة أن يكون قلب المرء قطعة من نور، وجسده متمرّغًا في حمأة الفساد؛ ومادام الأمر محالاً؛ فإنّه لا بدّ من ستر ما يثير عوامل الإثارة عند الرجال والنساء؛ من عري يكشف اللحم الحرام، وملابس ضيّقة تكشف تفاصيل القوام، مع تطهير القلب من المحفّزات للمعصية ودواعي الفتنة؛ باستحضار علم الله بالمظهر والمخبر، والسرّ وأخفى، وتذكير النفس بما أخبر به الوحي من ثواب على الإحسان، وعقاب على الإفساد.

 

هل المرأة التي تعصي ربها سرًا حجة على الحجاب؟

خامسا/ لماذا تكون المرأة المحجّبة التي تعصي ربّها في الخلوات، حجّة على الحجاب؟!!

إنّ الحجاب هو دليل ظاهر على العفّة إن لم يخالطه فعل قبيح نراه بأعيننا.. أمّا الباطن وحقيقة القلوب فلا يعلمهما إلا الله جلّ وعلا.. وهو نفس قول النصارى في الراهبات مثلاً؛ إذ هم يرون الرهبنة دليلاً ظاهريًا على العفّة، وليس هناك من سبيل لمعرفة باطن الراهبات غير النظر في أعمالهن..

إنّ من عُلِم أنّها ترتدي الحجاب، لكنّها تأتي أبواب الفساد؛ فتلك منافقة ذات وجهين، وليس العيب في لباسها، وإنما في أنها لم تلتزم بقية الأحكام التي ترتبط بالحجاب ارتباطًا عضويًا لازمًا..

إنّ العيب الذي يطال من ترتدي الحجاب وتأتي أبواب الفساد، هو نفس العيب الذي يطال من يؤدّي الصلاة ولا ينتهي عن كثير من أبواب الحرام! فلماذا يعاير الحجاب إذا وُجدت (محجّبة) تحتال على الشرع، ولا تعاير الصلاة إذا وجد (مُصَلٍّ) غير ملتزم بعامة تعاليم دينه؟!!

 

الحجاب سبيل العفة

سادسا/ إنّ قضية المسلمة هي أنّ الحجاب سبيل إلى العفّة، فلا تشغل نفسها بالنظر إليه على أنّه دليل على العفّة.. إنّ غايتها هي أن تمنع بفعلها أسباب الفتنة ودواعيها، لا أن تبحث من خلال لباسها عمّن يقول عنها إنّها عفيفة..!

 

الافتتان بالمرأة

سابعا/ الغاية الأولى للحجاب، هي منع الرجل من الافتتان بالمرأة؛ وبالتالي فإنّ القول إنّ حجاب المرأة هو في القلب، يغدو بلا معنى؛ لأنّ الحجاب ليس مجرّد رمز بلا وظيفة، أو شكل بلا مضمون فاعل، وإنّما وظيفته تغطية مفاتن المرأة حتّى لا يتسلل الهوى الشيطاني إلى قلب الرجل، ويسوقه إلى الزنى وتوابعه.

 


 

المصدر:

سامي عامري، الحجاب فريضة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية، ص49

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-الحجاب
اقرأ أيضا
لماذا يحل زواج المسلم من الكتابية لا العكس؟ | مرابط
أباطيل وشبهات

لماذا يحل زواج المسلم من الكتابية لا العكس؟


في كل نظام اجتماعي في العالم توجد قاعدة أساسية هي حفظ النظام الاجتماعي أو تماسك النظام الاجتماعي .. كل تشريع كل قانون في أي نظام اجتماعي يجب أن يخدم هذه القاعدة سواء كانت دولة قانون أو دين أو أعراف.. وإلا انهار النظام الاجتماعي المشكل للدولة كلية!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
474
ألهاكم التكاثر | مرابط
مقالات اقتباسات وقطوف

ألهاكم التكاثر


تعليق ماتع لابن القيم على قول الله تعالى ألهاكم التكاثر يقف بنا على دلالاتها ومعنى ألهاكم ولماذا قال ألهاكم ولم يقل أشغلكم وكذلك يوضح المقصود بالتكاثر هل هو على الإطلاق أم لا وهل اللهو كله محرم أم لا وكذلك التكاثر وغير ذلك من اللمحات المفيدة

بقلم: ابن القيم
1579
الغضب لله والغيرة على حرماته | مرابط
اقتباسات وقطوف

الغضب لله والغيرة على حرماته


وإن الغضب لله والغيرة على حرماته من أهم نتائج الإيمان وعلاماته وكما أن محبة الله مقترنة بمعرفته ملازمة لها فإن الغيرة لا تنفك عن المحبة وإن المحب يغار وغيرته تلك علامة حبه وبذلك نفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن مشاعر المؤمن تجاه حرمات الله: إن المؤمن يغار والله أشد غيرة

بقلم: محمد علي يوسف
460
ابتسامة عفوية | مرابط
أباطيل وشبهات المرأة

ابتسامة عفوية


اليوم ابتسامة عفوية وغدا لقاء عابر في حدود الأدب طبعا وبعده مجاملة رقيقة عابرة في مناسبة أو ما شابه.. ثم يأتي التعلق القلبي وتأتي المرأة تشتكي أنها لا تملك لقلبها شيئا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بقلم: محمود خطاب
488
موت الأمم وحياتها | مرابط
فكر مقالات

موت الأمم وحياتها


طالما قال القائلون عن أمتنا: إنها ماتت وطالما فرح الشامتون بموتها وطالما نعاها نعاة الاستعمار على مسمع منا وأعلنوا البشائر بموتها في عيدهم المئوي فعدوه تشييعا لجنازة الإسلام الذي هو مساك حياة هذه الأمة في هذا الوطن فقالوا: ماتت لا رحمها الله وصدقهم ضعفاء الإيمان منا فقالوا: ماتت رحمها الله وقلنا نحن: إنها مريضة مشفية ولكن يرجى لها الشفاء إن حضر الطبيب وأحسن استعمال الدواء فحقق الله قولنا وخيب أقوال المبطلين وكذب فألهم فحضر الطبيب في حين الحاجة إليه وأذن بالإصلاح في آذان المريض فانتفض انتفاض...

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
1639
من ذكريات الحج | مرابط
مقالات

من ذكريات الحج


ألا ترون العروق الشعرية كيف تحمل الدم من أطراف الجسم ثم تصبه في الأوردة الكبار حتى يدور دورته في القلب مجتمعا وفي الرئة منتشرا فيصفو بعد العكر وينقى من الوضر ويعود في الشرايين دما أحمر جديدا بعد أن كان في الأوردة دما أسود فاسدا كذلك الحج يأتي المسلمون من آفاق الأرض الأربعة أفرادا ثم ينتظمون جماعات ثم يدورون حول الكعبة قلب الأرض المسلمة ثم ينتشرون في عرفات رئة الجسم الإسلامي فتصفي نفوسهم من أكدار الشهوات وتنقى أوضار الذنوب ويعودون إلى بلادهم أطهارا قد استبدلوا بتلك النفوس نفوسا جديدة كأنها م...

بقلم: علي الطنطاوي
767