شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها

شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها | مرابط

الكاتب: سامي عامري

1003 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الشبهة

يقول الرافض للحجاب: ((إنّ الحجاب، هو عدو حريّة المرأة وانطلاقها لتعبّر عن نفسها!! إنّه يجعل المرأة كخيمة متنقلّة، ويأسر جمالها ويمنعه من أن يعبّر عن حيويّة هذا الإنسان المبدع!))

الجواب:

 

كيف تمنع الملابس المرأة من التعبير؟

أولًا/ من العسير -في الحقيقة- أن نتصوّر كيف يمنع اللباس المحتشمُ المرأةَ من أن تعبّر عن نفسها!!

هل أدوات التعبير عن النفس الإنسانيّة هي: الصدر المكشوف.. والأفخاذ العارية.. والشفاه الحمراء!

هل تتكلّم المرأة بلسانها أم بشعرها المجدول؟

هل تكتب المرأة للتعبير عن نفسها بقلم الحبر الذي تملكه المحجّبة والمتبرّجة.. أم بأدوات التجميل وصفائح المساحيق؟!

إنّ تصوّر وجه هذا الاعتراض، لهو من الصعوبة بمكان!؟

هل تعجز المرأة التي تستر جسدها عن أن تكون مدرّسة نابهة؟! أو طبيبة عالمة؟! أو أديبة نابغة؟! أو صحفيّة بارعة؟!

هل تعبّر المرأة عن فكرها الراقي، وأدبها السامي، واكتشافاتها النافعة، بقوامها الممشوق، ولباسها الضيّق، وقلائدها الساحرة للعيون؟!

لماذا تختزل طاقات المرأة في شكلها الظاهر للعيون؟! لماذا تقمع طاقات المرأة الإنسانة العاقلة لصالح مظاهر زائفة قد تتقن صناعتها أتفه النساء وأكثرهن بلادة!؟

 

الحجاب يمنع المرأة أن تكون دمية لامعة

ثانيًا/ يمنع الحجاب المرأة من أن تعبّر عن نفسها على أنّها دمية لامعة بلا روح.. إنّه يمنعها من أن تعبر عن نفسها على أنّها بريق لامع عند الشباب، وظلمة حالكة إذا عدا عليها الزمان وفقدت نضارة الصِبى..!

إنّ الحجاب يدفع المرأة إلى أن تعبّر عن نفسها على أنّها إنسان، موفور الكرامة، والقدر، ويمنع من يعاملها من تقويمها بما تملك من جمال وجاذبية ناتجة عن تناسق ملامحها، وتناغم ألوان المساحيق على وجهها!

إنّ الحجاب هو تعبير من المرأة على رفضها أن تكون في أعين الرجال كيانًا يوزن بالأحمال، ولا يقوّم بالأفكار والأخلاق!

 

الحرية المطلقة

ثالثًا/ إن الحريّة التي تبيح كلّ فعل، وترفض أن تصنع لفعل الإنسان حدودًا، لهي في حقيقتها نوع صريح من (الفوضوية) ، وإعلان فصيح لفكرة (البهيميّة) حيث يطلق الإنسان نفسه على سجيّتها، فلا يردّ لها أمرًا ولا يمنعها من شهوة طيّبة أو خبيثة..

إنّ هذه الحريّة بهذا الشكل الذي تبدو به على أفواه دعاة (حريّة المرأة في السفور) ، لتنطلق من مبدأ أساسي، وهو أنّ الإنسان لم يخلق إلاّ لهذه الحياة؛ فمبتدؤه في الرحم، وفناؤه تحت الجنادل في القبر.. ولذلك فعليه أن يعبّ من نعيم هذا الوجود الزائل عبًا؛ فإنّ وجوده في حقيقته هو خيال زائف لا يخفي وراءه آخرة للحساب.. إنّه وجود ترابيّ رخيص لا يستحقّ أن يكبح فيه الإنسان جوارحه عن كلّ لذة متاحة، فإنّ الفناء يشمل الجميع، بلا عودة..

إنّ هذا الفهم المميّز للحريّة، ليحمل فهمًا عدميًا للحياة حيث تستوي كلّ الأشياء لأنّها تسير إلى (لاشيء) .. فلا يجوز عندها أن نمنع هذا الكائن الذي يعيش في كون (العبث) ، من أن يمتّع حواسه بشيء من (اللذائذ) المتاحة بين أكوام الكدر..

إنّ هذه الحريّة بأصولها وإفرازاتها، لتتعارض كليًا مع الفهم الإسلامي لمعنى (الوجود) وحقيقة (الاستخلاف) على الأرض.. إنّ هذه الدنيا، ممر، وليست بمستقرّ.. وهي دار اختبار، لا دار قرار.. وفيها تمتحن القلوب والجوارح، وفيها تحاسب الأنفس على الأفعال والتوارك.. فهل يصح مع ذلك أن يُردّ الحجاب لمجرّد أنّه يمنع من ممارسة هذه الحريّة بإطلاقها وتهوّرها؟!

 

حرية المرأة

رابعًا/ هل المرأة التي تلبس ما (تريد) وتكشف ما (تشاء) هي حرّة في نفسها، مالكة لزمام أمرها؟!

إنّه علينا أن نعرف من يصنع معيار الجمال؛ لنعرف حقيقة (إرادة) المرأة في ممارسة التعبير عنه..!

إنّ الجمال –كقيمة ومعيار- في العالم الذي يترك للمرأة-ظاهريًا- أن تعبّر عنه بما شاءت، لهو في حقيقته صناعة خالصة للمنتفعين من شركات التجميل وما تفرّع عنها، وهو أيضًا أسير للرجال الذين لا يرون المرأة (الصالحة) إلاّ (لحمًا غضًا) و (ألوانًا صارخة ساحرة) .. ثم تتلاشى (المرأة) ، فلا وجود لها خارج القوالب الجماليّة (المصنوعة) ..

إنّ هذه المصانع التجاريّة، وتلك الشهوات الرجاليّة الأنانيّة النهمة، لهي في الحقيقة من ترسم للمرأة الرافضة للستر، معاني (الحريّة) ومقاييس (الجمال) ، فإن سلكت هذه المرأة غير الطريق الذي رسم لها، واختارت غير ما اختاروا لها؛ فسيسقطونها، لأنّها لا تملك من إرادتها شيئًا فالحرية ما اختاروه لها، والجمال ما رضوه لها.. فأين اختيارها الذاتي؟! وأين حظّها الصميمي من الحرية؟!

لقد أدّى هذا الواقع الغربي في تشكيل معاني (الأنوثة المرغوبة) من الرجال، إلى ظهور كتّاب غربيين ينكرون معنى مطلق وكيان ثابت اسمه (أنثى) أو تعبير عنه هو (الأنوثة) ؛ من ذلك قول ((أندريا دوركن)) ((Andrea Dworkin)) : ((الاكتشاف هو، بالطبع، أنّ (مفهومَي) ((رجل)) و ((امرأة)) هما خياليين، رَسمَي كاريكاتور، تركيبين ثقافيين.)) (1) ، وهو ما عبّرت عنه مجلّة ((Elle)) ((هِي)) في أحد أعداد سنة 1996م بدعوتها إلى ((تفكيك الصورة النمطيّة للجندر (2)) وتذكيرنا (!) أنّ ((الأنوثة هي تركيب اجتماعي)) معلنة أنّ ((الرجال هم من حدّدوا معنى الأنوثة منذ بدايتها)) (3) ؛ ((فالمرأة تُصنَع ولا تولد)) ((Woman is made not born)) (4) ..!!

إنّ الأنوثة -هنا- ليست إلاّ مُنتَجًا (صناعيًٍا) خاضعًا لرغبات الطالبين.. والطالب هنا هو (الرجل) الذي (تصنع) له المؤسسات التجاريّة (رغباته) و (نزواته) ، ومنها (جمال الأنثى) المطلوب، وهو (جمال) سريع التغيّر، تجاوز الأنماط (العتيقة!) التي كانت تركّز على الألوان وأنواعها وإشراقها، والشعر وتصفيفاته وطوله، إلى أن (يتصرّف) اليوم في جسد المرأة (إضافة) و (حذفًا) في صورة مهينة للقيمة الآدميّة لهذه الأنثى، لا تزيدها إلا خَسْفًا!

وقد أدّى هذا (التشييء الجنسي) للمرأة إلى اقتناع العديد من الغربيات أنّ المرأة -كل امرأة- هي (فاجرة) بالطبع، وليست العفّة إلاّ قانونًا اجتماعيًا دخيلاً على بنيانها النفسي.. أو كما قالت ((ناومي ولف)) ((Naomi Wolf)) في واحد من أحدث كتبها: ((لا وجود لبنات صالحات، كلّنا بنات سيّئات.)) (1) .. وهكذا تحوّلت المرأة في الغرب من (ضحيّة مستغفلة) إلى (مذنبة عن رغبة) ، وهي في كلتا الحالتين، مجرّد دمية يلهو بجمالها الرجال ما دام لها بريق لامع، فإذا خفّت ألوانها وجفّ ماؤها؛ فقدت أحلام آمالها، وانتكست من (آدميّة بهيّة) إلى (قطعة من اللحم والعظم) ثقيلة على النفس، وضيعة القدر!

 


 

الإشارات المرجعية:

 

  1. Andrea Dworkin، Woman Hating، p.174 (Quoted by، Wendy Shalit، op. cit.، p.197)
  2. الجندر: النوع: (ذكر وأنثى) ، وأدواره في الحياة الاجتماعيّة..
  3.  Wendy Shalit، op. cit.، p.107
  4.  Victor E. Taylor and Charles E. Winquist، eds. Encyclopedia of Postmodernism، art. 'Feminism and postmodernism،' London: Routledge، 2003، p.118

 

المصدر:

سامي عامري، الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والمسيحية، ص45

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-الحجاب
اقرأ أيضا
هل يمكن أن نعيد رسم التاريخ الجزء الثاني | مرابط
تاريخ فكر مقالات

هل يمكن أن نعيد رسم التاريخ الجزء الثاني


في حياة الشعوب كثير من المنعطفات التي غيرت مسار التاريخ صعدت بها إلى الأعلى أو هبطت بها إلى الأسفل والتاريخ -في نهاية الأمر- ليس إلا رجل وموقف وعبر سلسلة من الرجال والمواقف يكتب التاريخ أحداثه لذا فنحن قادرون على رسم التاريخ وأن نورث لأبنائنا تاريخا خيرا من الذي ورثناه عن أجدادنا فلقد ورثنا عنهم من الخبرة مالم يتوفر لهم كما سنورث أبناءنا من الخبرات ما يجعلهم قادرين على أن يورثوا أولادهم تاريخا خيرا مما ورثوه منا كل ذلك شريطة أن يتولى رسم المسار رجال يؤمنون بالتعايش بين بني الإنسان فيتصرفون...

بقلم: راغب السرجاني
1304
عصر البلبلة | مرابط
اقتباسات وقطوف

عصر البلبلة


فمن شر هذه البلية: كتاب وعلماء ورجال من أصحاب الرأي ليس في قلب أحد منهم تقوى لله ولا خشية للإثم ولا محبة للحق فيرى أحدهم الرأي الفطير وهو ما أعجل عن إدراكه واستحكامه فلا يلبث أن يمسك القلم فيجري السواد على بياض الورق فإذا هي مقالة أو كتاب أو رأي أخبث منه صاحبه والناطق به

بقلم: محمود شاكر
297
التنكيت على الطقس؟ | مرابط
مقالات

التنكيت على الطقس؟


يقول الدكتور إياد قنيبي: مع استمرار الشتاء أكثر من المتوقع هذا الفصل والحمد لله سمعت من اثنين من الإخوة عبارات لم أرتح لها فاستفتيت صديقا لي من أهل العلم فيهما وأود مشاركتكما الفائدة.. وهذا مقال موجز فيه تعليق على إشكالية التنكيت على الطقس.

بقلم: د. إياد قنيبي
453
رائدة النسوية بين التنظير والحياة الواقعية | مرابط
النسوية

رائدة النسوية بين التنظير والحياة الواقعية


هذه الرائدة النسوية المتمردة والتي كانت تدعو نساء العالم للتمرد على الرجل كانت تكتب لحبيبها الأمريكي نيلسون ألغرين -في لحظة شفقة وتية وعشق هائم بعد أن هجرها عشيقها الأول جان بول سارتر لبعض الوقت وذهب لمن هي أصغر سنا- وتقول له: سأكون مطيعة لك مثل زوجة عربية.

بقلم: د. عائض الدوسري
353
الاستدلال الأعمى | مرابط
فكر مقالات

الاستدلال الأعمى


لا يكفي أن تستدل بأي نص شرعي ليكون قولك موافقا للشريعة فالعبرة ليس بوجود أي استدلال بالشريعة بل يجب أن يكون هذا الاستدلال صحيحا ومستقيما وفق الأصول المنهجية الموضوعية للاستدلال فمثلا من قواعد الاستدلال المنهجي السليم: أن يكون النظر فيه شاملا لجميع النصوص والقواعد الشرعية فلا ينظر في بعض النصوص ويهمل بعضها فهذه هي البذرة التي نبتت منها ظاهرة الافتراق في الدين فأنتجت الفرق والجماعات البدعية في الفكر الإسلامي فإشكالية جميع هذه الفرق القديمة من شيعة وخوارج ومعتزلة وغيرها أنها تأخذ ببعض الشريعة...

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1682
تحريف مفهومي الرجولة والأنوثة | مرابط
فكر

تحريف مفهومي الرجولة والأنوثة


كثير من الشباب في هذه الأيام في حاجة إلى إعادة تأهل ليكون رجلا قبل أن يكون زوجا أو صديقا أو موظفا.. الرجولة والشهامة والصلابة في خطر يا رجال. وكذلك كثير من البنات هذه الأيام في حاجة إلى إعادة تأهل لتكون امرأة وأنثى قبل أن تكون زوجة أو صديقة أو مربية.. الأنوثة والأمومة في خطر شديد هذه الأيام.

بقلم: سلطان العميري
283