شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها

شبهات حول الحجاب: الحجاب يمنع المرأة من التعبير عن نفسها | مرابط

الكاتب: سامي عامري

904 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

الشبهة

يقول الرافض للحجاب: ((إنّ الحجاب، هو عدو حريّة المرأة وانطلاقها لتعبّر عن نفسها!! إنّه يجعل المرأة كخيمة متنقلّة، ويأسر جمالها ويمنعه من أن يعبّر عن حيويّة هذا الإنسان المبدع!))

الجواب:

 

كيف تمنع الملابس المرأة من التعبير؟

أولًا/ من العسير -في الحقيقة- أن نتصوّر كيف يمنع اللباس المحتشمُ المرأةَ من أن تعبّر عن نفسها!!

هل أدوات التعبير عن النفس الإنسانيّة هي: الصدر المكشوف.. والأفخاذ العارية.. والشفاه الحمراء!

هل تتكلّم المرأة بلسانها أم بشعرها المجدول؟

هل تكتب المرأة للتعبير عن نفسها بقلم الحبر الذي تملكه المحجّبة والمتبرّجة.. أم بأدوات التجميل وصفائح المساحيق؟!

إنّ تصوّر وجه هذا الاعتراض، لهو من الصعوبة بمكان!؟

هل تعجز المرأة التي تستر جسدها عن أن تكون مدرّسة نابهة؟! أو طبيبة عالمة؟! أو أديبة نابغة؟! أو صحفيّة بارعة؟!

هل تعبّر المرأة عن فكرها الراقي، وأدبها السامي، واكتشافاتها النافعة، بقوامها الممشوق، ولباسها الضيّق، وقلائدها الساحرة للعيون؟!

لماذا تختزل طاقات المرأة في شكلها الظاهر للعيون؟! لماذا تقمع طاقات المرأة الإنسانة العاقلة لصالح مظاهر زائفة قد تتقن صناعتها أتفه النساء وأكثرهن بلادة!؟

 

الحجاب يمنع المرأة أن تكون دمية لامعة

ثانيًا/ يمنع الحجاب المرأة من أن تعبّر عن نفسها على أنّها دمية لامعة بلا روح.. إنّه يمنعها من أن تعبر عن نفسها على أنّها بريق لامع عند الشباب، وظلمة حالكة إذا عدا عليها الزمان وفقدت نضارة الصِبى..!

إنّ الحجاب يدفع المرأة إلى أن تعبّر عن نفسها على أنّها إنسان، موفور الكرامة، والقدر، ويمنع من يعاملها من تقويمها بما تملك من جمال وجاذبية ناتجة عن تناسق ملامحها، وتناغم ألوان المساحيق على وجهها!

إنّ الحجاب هو تعبير من المرأة على رفضها أن تكون في أعين الرجال كيانًا يوزن بالأحمال، ولا يقوّم بالأفكار والأخلاق!

 

الحرية المطلقة

ثالثًا/ إن الحريّة التي تبيح كلّ فعل، وترفض أن تصنع لفعل الإنسان حدودًا، لهي في حقيقتها نوع صريح من (الفوضوية) ، وإعلان فصيح لفكرة (البهيميّة) حيث يطلق الإنسان نفسه على سجيّتها، فلا يردّ لها أمرًا ولا يمنعها من شهوة طيّبة أو خبيثة..

إنّ هذه الحريّة بهذا الشكل الذي تبدو به على أفواه دعاة (حريّة المرأة في السفور) ، لتنطلق من مبدأ أساسي، وهو أنّ الإنسان لم يخلق إلاّ لهذه الحياة؛ فمبتدؤه في الرحم، وفناؤه تحت الجنادل في القبر.. ولذلك فعليه أن يعبّ من نعيم هذا الوجود الزائل عبًا؛ فإنّ وجوده في حقيقته هو خيال زائف لا يخفي وراءه آخرة للحساب.. إنّه وجود ترابيّ رخيص لا يستحقّ أن يكبح فيه الإنسان جوارحه عن كلّ لذة متاحة، فإنّ الفناء يشمل الجميع، بلا عودة..

إنّ هذا الفهم المميّز للحريّة، ليحمل فهمًا عدميًا للحياة حيث تستوي كلّ الأشياء لأنّها تسير إلى (لاشيء) .. فلا يجوز عندها أن نمنع هذا الكائن الذي يعيش في كون (العبث) ، من أن يمتّع حواسه بشيء من (اللذائذ) المتاحة بين أكوام الكدر..

إنّ هذه الحريّة بأصولها وإفرازاتها، لتتعارض كليًا مع الفهم الإسلامي لمعنى (الوجود) وحقيقة (الاستخلاف) على الأرض.. إنّ هذه الدنيا، ممر، وليست بمستقرّ.. وهي دار اختبار، لا دار قرار.. وفيها تمتحن القلوب والجوارح، وفيها تحاسب الأنفس على الأفعال والتوارك.. فهل يصح مع ذلك أن يُردّ الحجاب لمجرّد أنّه يمنع من ممارسة هذه الحريّة بإطلاقها وتهوّرها؟!

 

حرية المرأة

رابعًا/ هل المرأة التي تلبس ما (تريد) وتكشف ما (تشاء) هي حرّة في نفسها، مالكة لزمام أمرها؟!

إنّه علينا أن نعرف من يصنع معيار الجمال؛ لنعرف حقيقة (إرادة) المرأة في ممارسة التعبير عنه..!

إنّ الجمال –كقيمة ومعيار- في العالم الذي يترك للمرأة-ظاهريًا- أن تعبّر عنه بما شاءت، لهو في حقيقته صناعة خالصة للمنتفعين من شركات التجميل وما تفرّع عنها، وهو أيضًا أسير للرجال الذين لا يرون المرأة (الصالحة) إلاّ (لحمًا غضًا) و (ألوانًا صارخة ساحرة) .. ثم تتلاشى (المرأة) ، فلا وجود لها خارج القوالب الجماليّة (المصنوعة) ..

إنّ هذه المصانع التجاريّة، وتلك الشهوات الرجاليّة الأنانيّة النهمة، لهي في الحقيقة من ترسم للمرأة الرافضة للستر، معاني (الحريّة) ومقاييس (الجمال) ، فإن سلكت هذه المرأة غير الطريق الذي رسم لها، واختارت غير ما اختاروا لها؛ فسيسقطونها، لأنّها لا تملك من إرادتها شيئًا فالحرية ما اختاروه لها، والجمال ما رضوه لها.. فأين اختيارها الذاتي؟! وأين حظّها الصميمي من الحرية؟!

لقد أدّى هذا الواقع الغربي في تشكيل معاني (الأنوثة المرغوبة) من الرجال، إلى ظهور كتّاب غربيين ينكرون معنى مطلق وكيان ثابت اسمه (أنثى) أو تعبير عنه هو (الأنوثة) ؛ من ذلك قول ((أندريا دوركن)) ((Andrea Dworkin)) : ((الاكتشاف هو، بالطبع، أنّ (مفهومَي) ((رجل)) و ((امرأة)) هما خياليين، رَسمَي كاريكاتور، تركيبين ثقافيين.)) (1) ، وهو ما عبّرت عنه مجلّة ((Elle)) ((هِي)) في أحد أعداد سنة 1996م بدعوتها إلى ((تفكيك الصورة النمطيّة للجندر (2)) وتذكيرنا (!) أنّ ((الأنوثة هي تركيب اجتماعي)) معلنة أنّ ((الرجال هم من حدّدوا معنى الأنوثة منذ بدايتها)) (3) ؛ ((فالمرأة تُصنَع ولا تولد)) ((Woman is made not born)) (4) ..!!

إنّ الأنوثة -هنا- ليست إلاّ مُنتَجًا (صناعيًٍا) خاضعًا لرغبات الطالبين.. والطالب هنا هو (الرجل) الذي (تصنع) له المؤسسات التجاريّة (رغباته) و (نزواته) ، ومنها (جمال الأنثى) المطلوب، وهو (جمال) سريع التغيّر، تجاوز الأنماط (العتيقة!) التي كانت تركّز على الألوان وأنواعها وإشراقها، والشعر وتصفيفاته وطوله، إلى أن (يتصرّف) اليوم في جسد المرأة (إضافة) و (حذفًا) في صورة مهينة للقيمة الآدميّة لهذه الأنثى، لا تزيدها إلا خَسْفًا!

وقد أدّى هذا (التشييء الجنسي) للمرأة إلى اقتناع العديد من الغربيات أنّ المرأة -كل امرأة- هي (فاجرة) بالطبع، وليست العفّة إلاّ قانونًا اجتماعيًا دخيلاً على بنيانها النفسي.. أو كما قالت ((ناومي ولف)) ((Naomi Wolf)) في واحد من أحدث كتبها: ((لا وجود لبنات صالحات، كلّنا بنات سيّئات.)) (1) .. وهكذا تحوّلت المرأة في الغرب من (ضحيّة مستغفلة) إلى (مذنبة عن رغبة) ، وهي في كلتا الحالتين، مجرّد دمية يلهو بجمالها الرجال ما دام لها بريق لامع، فإذا خفّت ألوانها وجفّ ماؤها؛ فقدت أحلام آمالها، وانتكست من (آدميّة بهيّة) إلى (قطعة من اللحم والعظم) ثقيلة على النفس، وضيعة القدر!

 


 

الإشارات المرجعية:

 

  1. Andrea Dworkin، Woman Hating، p.174 (Quoted by، Wendy Shalit، op. cit.، p.197)
  2. الجندر: النوع: (ذكر وأنثى) ، وأدواره في الحياة الاجتماعيّة..
  3.  Wendy Shalit، op. cit.، p.107
  4.  Victor E. Taylor and Charles E. Winquist، eds. Encyclopedia of Postmodernism، art. 'Feminism and postmodernism،' London: Routledge، 2003، p.118

 

المصدر:

سامي عامري، الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والمسيحية، ص45

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#شبهات-حول-الحجاب
اقرأ أيضا
كيف تعرف صدق النبوة ج1 | مرابط
تعزيز اليقين

كيف تعرف صدق النبوة ج1


كثيرا ما يردد العلماء أن مدعي النبوة إما أصدق الصادقين أو أكذب الكاذبين أي أن كل ما يخطر في بالك من الصادقين فإن النبي الصادق أصدقهم وكل ما يخطر في بالك من الكذابين فإن المتنبئ الكذاب أكذبهم وهذا يقتضي عظم التنافر والفرق بينهما حيث الأول في أعلى ما قد يتصوره الإنسان من الصدق والآخر في أسفل دركات الكذب ومن التبس عليه حالهما حري به أن يلتبس عليه صدق أو كذب من دونهما

بقلم: صفحة براهين النبوة
1072
صناعة الثقافة | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

صناعة الثقافة


إن أدورنو يرى أن الفرد في المجتمع أصبح يوصم بالجهل ليس فقط لأنه لا يملك القدرة على الكلام على الطراز الحديث بل لأنه لا يسير على هذا الطراز فأصبح مجرد عدم السير مع الموضة التي تفرض على المجتمع والتي يظن أنه هو الذي فرضها أصبح جهلا

بقلم: محمد علي فرح
518
هل الحجاب يتعارض مع أناقتي في المناسبات؟ | مرابط
المرأة

هل الحجاب يتعارض مع أناقتي في المناسبات؟


التأنق والأناقة التي أفهمها تعني التزين ومواكبة الموضة والألوان والاتجاهات المنتشرة في الملبس فتلبس في الصيف كذا وتلبس في الشتاء كذا وتضع اكسسوارا بالصورة الفلانية وتلف الطرحة بالطريفة كذا وكذا .. كل هذه الأمور لا تلزم المسلمة في شيء ما دامت تخالف الركن الركين في زي المرأة المسلمة وهو: الستر.

بقلم: محمد حشمت
405
شروط الإفتاء | مرابط
اقتباسات وقطوف

شروط الإفتاء


وقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه فقال: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالما بالسنن عالما بوجوه القرآن عالما بالأسانيد الصحيحة وذكر الكلام المتقدم

بقلم: ابن القيم
578
قدرة الإسلام على نشر الأمن بين الناس | مرابط
تفريغات

قدرة الإسلام على نشر الأمن بين الناس


ولقد أثبتت التجربة والتطبيق العملي أن الإسلام قادر على أن يبث الأمن في المجتمعات التي يحكمها وأن الاتجاه نحو العالم الغربي في قوانينه ونظمه وأخلاقه يجذب القلق والدمار ويضيع الأمن فحكومة عبد العزيز آل سعود هي أصدق حكومة في الجزيرة العربية طبق فيها الإسلام وطبق فيها القرآن وكان الناس في الجزيرة قبل تلك الأيام لا يستطيع أحدهم أن يتحرك من بلده إلى بلد آخر آمنا فقد كان أهل الحاج يودعونه على أنه ليس براجع وكان الإنسان يقتل على بصلة أن المجرم يرى جيب الرجل منتفخا فيقتله ظنا منه أنه مال وهو بصل

بقلم: عمر الأشقر
747
الاجتهاد وتمدين الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

الاجتهاد وتمدين الإسلام


أما الآخر الذي أحب أن ألفت النظر إلى خطورته فهو تطوير الإسلام لكي يوافق الواقع في حياتنا المعاصرة. وقد بدأ هذا الاتجاه كما رأينا في أول الأمر بإحساس الحاجة إلى مواجهة الأقضية الجديدة باستنباط أحكام شرعية توافقها ورأينا صدى ذلك فيما كتبه الطهطاوي وخير الدين التونسي

بقلم: محمد محمد حسين
367