الروح في اليقين والهم في الشك

الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط

الكاتب: خالد بهاء الدين

438 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

الحمد لله وحده.
الرَّوح في اليقين، والهمُّ في الشكِّ!

الزهد في الدنيا، هو طريق راحة قلبك من الهم، فإنها هم دائم ما دامت. 
والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول، كلّها قلبيُّ المنشأ، ليس فيها ما هو جارحيٌّ!
وكلّها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده، وهي قلبيّة.

1- فالأصل الأول:

أن تكونَ ثقتك بما عند الله أشدّ من ثقتك بما في يدك.
وهي التي يعبّر عنها أئمّة السلوك والعبادة أحيانًا بـ(الرضا عن الله)!
- قال الفضيل بن عياض: (أصل الزهد؛ الرضا عن الله عز وجل).
- وقال الحسن البصري: (إنَّ مِن ضعف يقينك: أن تكون بما في يدك؛ أوثقَ منك بما في يد الله).
- وقال يونس بن ميسرة رحمه الله: (الزهادة في الدنيا: أن تكون بما في يد الله؛ أوثق منك بما في يدك).
وظاهرٌ واضحٌ أنَّ هذا الأصل، هو عين (اليقين) بما عند الله، وتمام الثقة به، فلا يفتقر لشرح.

2- والأصل الثاني:

ألا تكونَ في حال المصيبة حزينًا على فوات شيء من الدنيا. 
بل تكون راغبًا في ثواب الله، أو في تكفير ذنوبك بتلك المصائب.

وهذا من أعظم معاني الزهد في الدنيا وعدم الحرص عليها!
- وقد قال عليٌّ رضي الله عنه:
(من زهِد الدنيا؛ هانت عليه المصيبات)!!

وأصل ذلك - أيضًا - (اليقين) ، كما في الحديث أن سيّدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: 
(اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا)!

فعلَّمَنا بذلك أن اليقين التام؛ هو الباعث على تحمّل المصائب الدنيوية، والصبر عليها.

3- والأصل الثالث:

أن يستوي عندك الحامدُ والذّامُّ، والتاركُ والرّاغبُ، والهاجرُ والمواصل.

فيكون كل هؤلاء سواء، ما دمتَ في استقامة على أمر الله!
فإن الراغب في الدنيا ومعظّمها: يحسب حساب النّاس، فيخشى ذمّهم، ويرغب في مدحهم، حتى إنه ربمّا أتى المكروهات أو المحرّمات، أو ترك المستحبّات أو الواجبات؛ رغبًا في مدح الناس أو ترك ذمّهم!

أما من يستوي عنده النّاس مدحًا وذمًّا؛ فإنه يطلّق الدنيا، ويرغب في الحقّ سبحانه وحده وفيما عنده.

وهو إذا أسقط المخلوقين من حِسبانه؛ فإنه يفعل الحقَّ، ويقول الحقَّ، ولا يخاف لومة لائمٍ.
وهذا هو الذي مدحه الله!!

وهذا من أعظم الزهد في الدنيا، وأصله (اليقينُ) أيضًا، كما:
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: (اليقين: أن لا تُرضي الناسَ بسخط الله)!

فاليقين: أصل الزهد، والباعث عليه.
وذو اليقين الكامل: أغنى الناس، وإن لم يكن له من الدنيا شيء!

فما اليقين؟!

قال ابن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اليقين:
1- ألّا تُرضي النّاسَ بسخطِ الله.
2- ولا تحمدَ أحدًا على رزق الله.
3- ولا تلومَ أحدًا على ما لم يؤتك الله).

وقال رضي الله عنه:
(الرزق لا يسوقُه حرص حريصٍ، ولا يردُّه كراهة كاره، فإن الله - بقسطه وعلمه وحكمه - جعلَ الرَّوحَ والفرحَ: في اليقينِ والرِّضا، وجعلَ الهَمَّ والحزْنَ: في الشّكِّ والسُّخْط)!

وكان بعض السَّلف لا يقوم من مجلس حتى يدعو:
(اللهم هب لنا يقينًا منك حتى: تهون علينا مصائب الدنيا، وحتى نعلم أنه لا يصيبنا إلا ما كتبتَ علينا، ولا يصيبنا من الرزق إلا ما قسمت لنا)!!
اللهم آمين!

سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#اليقين #الشك
اقرأ أيضا
محاورة دينية اجتماعية الجزء الثاني | مرابط
مناظرات مقالات الإلحاد

محاورة دينية اجتماعية الجزء الثاني


محاورة بين رجلين كانا متصاحبين مسلمين يدينان الدين الحق ويشتغلان في طلب العلم فغاب أحدهما عن صاحبه مدة طويلة ثم التقيا فإذا هذا الغائب قد تغيرت أحواله وتبدلت أخلاقه فسأله صاحبه عن ذلك فإذا هو قد تغلبت عليه دعاية الملحدين الذين يدعون لنبذ الدين ورفض ما جاء به المرسلون فحاوره صاحبه لعله يرجع فأعيته الحيلة في ذلك وعرف أن ذلك علة عظيمة ومرض يفتقر إلى استئصال الداء ومعالجته بأنفع الدواء وعرف أن ذلك متوقف على معرفة الأسباب التي حولته والطرق التي أوصلته إلى هذه الحالة المخيفة وإلى فحصها وتمحيصها و

بقلم: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1803
حديث ابن تيمية عن معاوية رضي الله عنه | مرابط
تفريغات

حديث ابن تيمية عن معاوية رضي الله عنه


وقد علم أن معاوية وعمرو بن العاص وغيرهما كان بينهم من الفتن ما كان ولم يتهمهم أحد من أوليائهم ولا محاربيهم بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم بل جميع علماء الصحابة والتابعين بعدهم متفقون على أن هؤلاء صادقون على رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمونون عليه في الرواية عنه والمنافق غير مأمون على النبي صلى الله عليه وسلم بل هو كاذب عليه مكذب له

بقلم: عبد المحسن العباد
631
موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2 | مرابط
فكر مقالات

موقف الصحابة من الصحابي معاوية بن أبي سفيان ج2


في هذا المقال تأصيل هام لموقف الصحابة رضوان الله عليهم من الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه نظرا لكثرة الشبهات والأباطيل التي أثيرت حول هذا الموضوع وكثرة الأخبار الباطلة والمزعومة التي يوردها البعض عن الصحابة وأهل العلم ولا تخلو من لبس وإشكال ولذلك يقف بنا الكاتب الدكتور سلطان العميري على حقيقة الأمر

بقلم: د سلطان العميري
4027
محاولة لاستثارة النخوة لدى عديمي النخوة | مرابط
فكر مقالات

محاولة لاستثارة النخوة لدى عديمي النخوة


لم يعد يجدي مع بعض طبقات مجتمعاتنا أن تذكر لهم نصوصا من الكتاب والسنةفهم يرونها جزءا من تراث لا يحبونه ولا يعتزون به هم أنفسهم يدعون إلى إحياء التراث غير الإسلامي كدعوات إحياء الفخر بالحقب الفرعونية وعروبة ما قبل الإسلام

بقلم: د إياد قنيبي
975
دعوني أصلي.. | مرابط
مقالات

دعوني أصلي..


في كل موقف جلل ستجد صلاة وليس الأمر بمستغرب إذا فهمت حقيقتها حقيقة الصلة تلك التي تثبت أصحابها عند المصائب وتهبهم قرار النفوس واتزانها عند تقلبات الدنيا وتغيرها وتهديهم راحة يسكنون إلى ظلالها كلما مستهم مصاعب الحياة ومتغيراتها وتعطيهم القدرة على التحكم في ضبط الانفعالات والمشاعر لأجل كل ذلك كان الاستثناء من الهلع والجزع إلا المصلين

بقلم: د. محمد علي يوسف
346
أسس المعرفة وأركانها | مرابط
تعزيز اليقين

أسس المعرفة وأركانها


وأول ما ينبغي النظر فيه معرفة الله تعالى بالدليل ومعلوم أن من رأى السماء مرفوعة والأرض موضوعة وشاهد الأبنية المحكمة خصوصا جسد نفسه علم أن لا بد حينئذ للصنعة من صانع وللمبني من بان. ثم يتأمل دليل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إليه وأكبر الدلائل القرءان الذي أعجز الخلق أن يأتوا بسورة من مثله. فإذا ثبت عنده وجود الخالق وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وجب تسليم عنانه إلى الشرع فمتى لم يفعل دل على خلل في اعتقاده.

بقلم: ابن الجوزي
474