أسس المعرفة وأركانها

أسس المعرفة وأركانها | مرابط

الكاتب: ابن الجوزي

474 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

وأول ما ينبغي النظر فيه معرفة الله تعالى بالدليل، ومعلومٌ أن من رأى السماء مرفوعة والأرضَ موضوعةًٌ، وشاهدَ الأبنية المحكمة، خصوصًا جسدَ نفسِه، علِمَ أن لا بد حينئذ للصَنعة مِن صانعٍ، وللمبني من بانٍ.

ثم يتأمل دليل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، وأكبرَ الدلائل القرءانَ الذي أعجز الخلق أن يأتوا بسورة من مثله.
فإذا ثبت عنده وجودُ الخالق وصدقُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وجب تسليمُ عِنانِه إلى الشرع، فمتى لم يفعل دل على خللٍ في اعتقاده.

ثم ينبغي له أن يعرف ما يجب عليه من الوضوء والصلاة، والزكاةِ إن كان له مال، والحج، وغير ذلك من الواجبات، فإذا عرف قدرَ الواجب وقام به فينبغي لذي الهمة أن يترقى إلى الفضائل، فيتشاغلَ بحفظ القرءان وتفسيره، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سِيَرِه وسِيَر أصحابه والعلماء بعدهم، ليتخيّر مرتبةَ الأعلى فالأعلى.

ولا بد من معرفة ما يقيمُ به لسانَه من النحو ومعرفةِ طرفٍ من اللغة مستعمَلٍ.
والفقهُ أمُ العلوم، والوعظُ حَلواؤها وأعمها نفعًا.

وقد رتبتُ في هذه المذكورات وغيرِها من التصانيف ما يغني عن كل ما سبق من تصانيف القدماء وغيرِها، بحمد الله ومنته، فأغنيتُك عن تطلّبِ الكتب، وجمْعِ الهِمَمِ للتصنيف.
وما تقف همةٌ إلا لخساستِها، وإلا فمتى علتِ الهمةُ لم تقنع بدون.

وقد عرفتُ بالدليل أن الهمةَ مولودةٌ معَ الآدمي، وإنما تقصُرُ بعضُ الهمم في بعض الأوقات، فإذا حُثَّتْ سارت.
ومتى رأيتَ في نفسك عجزًا فسلِ المنعِمَ، أو كسلًا فالجأ إلى الموفق، فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتُك خيرٌ إلا بمعصيته، ومَنِ الذي أقبلَ عليه فلم يرَ كلَّ مرادٍ لديه؟ ومَن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة؟ أو حظي بغرضٍ من أغراضه؟

أو ما سمعتَ قول الشاعر:
بالليل ما جئتُكم زائرًا إلا ... رأيتُ الأرض تُطوى لي
ولا ثنيتُ العزمَ عن بابكم ... إلا تعثّرْتُ بأذيالي


المصدر:
ابن الجوزي، لفتة الكبد في نصيحة الولد ص18

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#ابن-الجوزي #نصيحة-الولد
اقرأ أيضا
الانقطاع سمة العصر | مرابط
اقتباسات وقطوف

الانقطاع سمة العصر


يبدو أن الانقطاع سمة أساسية لحضارتنا وربما لعصرنا هناك شيء اسمه العلم يزعم أنه يتعامل مع التفاصيل ومع البيئة الشاملة للعالم ويحاول أن يفسر: كيف أتت المادة إلى الوجود وكيف نشأت الحياة ومتى وبأي أسلوب وصلت الكائنات البشرية إلى الأرض ويبدو أن العلم يتعلق بكل شيء ولكن العلم في الواقع قاصر جدا

بقلم: بول فييرابند
655
العلم | مرابط
اقتباسات وقطوف

العلم


مقتطفات متفرقة عن أربعة من العلماء يظهر فيها قدر العلم عندهم وحقيقته التي قد يغفل عنها الكثير من الناس فليس العلم أبدا هو كثرة الرواية أو كثرة الحفظ ولا يكون العلم علما إلا إذا أثمر طاعة وانقيادا إلى الله عز وجل وهربا من الهوى والبدعة وأصحابهما

بقلم: مجموعة علماء
1603
حقيقة الصيام في الإسلام | مرابط
اقتباسات وقطوف

حقيقة الصيام في الإسلام


إن الصيام مقاومة مستميتة لكل الشهوات المحيطة بالإنسان وللأسف يجهل السواد الأعظم من المسلمين اليوم معاني الصيام الحقيقية ويكتفون فقط بالامتناع عن الطعام والشراب وفي المقابل يغرقون في شهوات العين والأذن أو على أحسن تقدير يلتزمون الامتناع عن الشهوات نهارا ويغرقون فيها ليلا ولكن ليس هذا هو المقصود من الصيام وبين يدينا مقتطف للشيخ محمد البشير الإبراهيمي يشير فيه إلى هذه الحقيقة

بقلم: محمد البشير الإبراهيمي
1615
هل تعلم النبي القرآن من بحيرا وورقة بن نوفل | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات تعزيز اليقين

هل تعلم النبي القرآن من بحيرا وورقة بن نوفل


من أبرز الأباطيل والشبهات التي أثارها أعداء الدين قديما وحديثا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلم هذا القرآن من بحيرا الراهب وورقة بن نوفل وأخذ عنهما هذا العلم وبثه بين العرب أي أن القرآن ليس وحيا من عند الله وإنما يندرج تحت علم أهل الكتاب والرد على هذا الزعم بسيط وميسور جدا فما حفظه التاريخ وما وصلنا من أخبار ومن قرائن الأحوال يثبت عكس ذلك وهو ما يوضحه الكاتب منقذ السقار في هذا المقال

بقلم: د منقذ محمود السقار
8670
من مناظرات الإمام الشافعي | مرابط
مناظرات تفريغات

من مناظرات الإمام الشافعي


والشافعي رحمه الله كانت أخلاقه عالية جدا وقال عنه ولده: ما سمعت أبي يناظر أحدا قط فيرفع صوته وكان من خلقه أنه يحب أن تكون الغلبة لخصمه وكان يقول: ما عرضت الحجة على أحد فقبلها إلا عظم في عيني ولا عرضتها على أحد فردها إلا سقط من عيني. ويقول: ما ناظرت أحدا قط على الغلبة -ما دخلت في مناظرة مع أحد لكي أتغلب عليه- وإنما لكي يتبين الحق. وكان يقول: ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ. وهذه مرتبة لا يصل إليها الإنسان بالسهولة مطلقا. وقال: ما ناظرت أحدا قط إلا على النصيحة.

بقلم: محمد المنجد
1569
عصر انتكاس الفطر | مرابط
النسوية الجندرية

عصر انتكاس الفطر


تخيل لو حقق قوم لوط تقدما تكنولوجيا كبيرا وحازوا العلوم الدنيوية كلها هل كان ذلك يشفع لهم عند الله؟ هل يمكن أن يوصفوا بأن حضارتهم أفضل وأكثر تقدما؟ قطعا لا! لن يمكنك أن تصفهم بهذا الوصف بعد أن غرقوا في ظلمات اللوطية وبعد أن انتكست فطرتهم وانقلبت رأسا على عقب فارتضوا اللواط..

بقلم: محمود خطاب
761