ويذهب ماركوز إلى إن المجتمعات الاستهلاكية تتسم بهيمنة المؤسسات الرأسمالية على السلطة وسيطرتها على عملية الإنتاج والتوزيع، بل صياغة رغبات الناس وتطلعاتهم وأحلامهم (أي أنها تتحرك في كل من رقعة الحياة العامة والخاصة)، فهي تنجح في خلق طبيعة ثانية مشوّهة لدى الإنسان، إذ يتركز اهتمامه على وظيفته التي يضطلع بها (فهو إنسان وظيفي)، وتتركز أحلامه على السلع ويرى ذاته باعتباره منتجا ومستهلكًا وحسب، دون أدنى إحساس بأية غائية كبرى أو هدف أعظم، ويرى أن تحقق ذاته إنما يكمن في حصوله على السلع. ويتم إشباع كل رغبات هذا الإنسان داخل مجال السلع هذا، حتى يصبح الإنسان أحادي البعد تماما (متسلعًا متشيئًا) مرتبطًا تماما بسوق السلع، حدوده لا تتجاوز عالم السوق والسلع.
المصدر:
عبد الوهاب المسيري، العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، ج1