
هناك نسبة كبيرة من النساء مهووسة بالعمل ومزاحمة الرجال على حساب نفسها وأسرتها. وهناك نسبة كبيرة أخرى من الرجال والأسر التي تدفع ببناتها دفعا للعمل والخروج، وتطالبهن بالمشاركة في مصاريف البيت. وهن يحلمن بالقرار في البيت، والزوج الصالح، (ويرفضن غيره) لا يتحدث عنهن إلا القلة. تصلني شكاوى لأخوات في كرب عظيم!
ثم نشاهد دعوات من قبيل لا تتزوج المرأة العاملة وبإطلاق وتعميم فيه إجحاف، ذلك أن هناك بالفعل نساء أجبرن على العمل ويتمنين أن يجدن زوجا ينتشلهن من مستنقع الجاهلية هذا، لا زوجا يغرقهن فيه، فيزيد عليهن أصحاب هذه الدعوات هما وغما. لذلك أشدد حذاري من الإطلاقات ولا بد من العدل وتمييز المضطرة من المعاندة. وشتان بينهما.
معالجة قضية المرأة بفصلها عن أسرتها وواقع الرجل في حياتها أبا وزوجا، معالجة قاصرة لا تليق بمن يريد الإصلاح، فهذه المرأة في بيت رجل فإن تزوجت دخلت بيت رجل آخر ولا يجب أن تزاح المسؤولية عن هؤلاء الرجال وتحمل المرأة التي هي بالأساس تحت ولاية الرجل كل المسؤولية ويصمت عن تقصير الآباء والأزواج.
هناك نساء قابضات على الجمر -حرفيا- في بيت رجل فاسق يتاجر بابنته، وفي أسرة تسخر من استقامتها وتدينها وتعيّشها الجحيم لتتحول لحساب بنكي يحقق لهم أحلامهم، بالمن والأذى تُحاسب على لقمة أطعموها إياها في طفولتها! فأين تذهب هذه الفتاة بين جحيم أسرة تعيش الجاهلية ودعاة يطلقون ويعممون بلا رحمة!
علينا أن نعترف أن الأسر كلها أصيبت بداء جاهلية العصر، وأن تحول النساء لما نشاهده الآن من انفلات وضياع إلا من رحم ربي ليس من صنيع المرأة لوحدها بل صنيع أسرة كاملة ساهمت في ضياعها.مع لذلك لدينا نماذج فاخرة لنساء ثابتات رغم أنهن في أسر منفلتة، فمن لهن إن لم يكن تراحم المؤمنين والمؤمنات
تصنيف كل امرأة اضطرت للعمل على أنها فاسدة ظلم ولا يليق في مجتمعات نعلم جيدا أنها تعاني من خلل عظيم لبعدها عن منظومة الإسلام العظيمة، والذي كان له تبعات لا تُعالج إلا بإعادة هذه المنظومة كاملة، فيعم العدل والأمان، أما تحميل المرأة التي تكون في مرات ضحية، كل المسؤولية، هذا من التملص من المسؤولية وظلم آخر.
قضية صلاح المرأة ترتبط بداية بعقيدتها ودينها وخلقها، فمن كانت تنشد القرار في البيت الأصل مساعدتها لا إعلان الحرب عليها ونبذها ومهاجمتها كأنها الفاسدة. ويعلم الله أن هناك أخوات مسلمات يعانين الأمرين من أب وزوج لا يصلي، ومع ذلك لا نسمع صوتا يوجه لهؤلاء! وكم من امرأة صلحت على يد رجل!
لماذا يخجل البعض من الاعتراف أن هناك بالفعل أسرا فيها الأب لا يصلي والزوج لا يسجد لله، لماذا تعامل نساء تربين في مثل هذه البيوت واستقمن رغم ذلك بالشيطنة وإعلان الحروب، قول النبي صلى الله عليه وسلم واضح "فاظفر بذات الدين" كل من أدخل شروطا لم يشترطها الإسلام كلامه يبقى رأيا شخصيا، فرج الله كرب كل مؤمنة عفيفة.
كم من طالبة جامعية آثرت البقاء في البيت والتوقف عن الدراسة، فماذا كان رد الأسرة، إعلان الحرب عليها، وتضييق العيش عليها وإجبارها على الدراسة، والأمثلة في ذلك مؤلمة جدا إذ تتأذى من أقرب الناس لها، مع ذلك حين تخرج تجد من يعايرها بالاختلاط ويصنفها بالفاسدة، فتأمل مطرقة وسندان!
العدل عظيم.