الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج2

الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر في جماعة ج2 | مرابط

الكاتب: د راغب السرجاني

796 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

النوم على طريقة الرسول

الوسيلة السادسة: النوم بطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أولًا: النوم مبكرًا، النوم مبكرًا ليس عيبًا أبدًا، أنا لست أعرف من الذي أدخل في أذهاننا أن الأطفال فقط هم الذين ينامون في وقت مبكر؟! ربنا سبحانه وتعالى يطفئ نور الدنيا كلها لكي ننام في الليل، ونحن نصر على أن نبقى مستيقظين: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا [غافر:61]، هذه سنة ربنا في الأرض، فهؤلاء الذين يعيشون للدنيا قاموا بدراسات لكي تستغل الدنيا أفضل استغلال، فوصلت دراساتهم إلى نفس الحقائق التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن من عشرات القرون.

أعود بكم مرة أخرى لأمريكا، لكي تستيقظ باكرًا في المواعيد التي تريدها فلا بد أن تنام باكرًا، فهم في أمريكا ينامون مبكرين، فنادر جدًا أنك تجد أحدًا يمشي في الشارع بعد الساعة التاسعة مساءً، تجدهم ينامون الساعة الثامنة، الثامنة والنصف، التاسعة بالكثير، فانعكس هذا على حياتهم، فعندهم نظام وحيوية ونشاط وإنتاج وتقدم حضاري، أنا لا أقول هذا الكلام؛ لأني مبهور بالنظام الذي عندهم، لا، أنا أقول هذا الكلام؛ لأني متحسر على كثير من المسلمين الذين لم يفهموا الكنز الذي تركه ربنا سبحانه وتعالى لنا في القرآن وفي السنة، الذي استغله الأمريكان واليابانيون والصينيون وغيرهم من أهل الأرض، هو هذا الإسلام يا إخواني! وجدت إسلامًا ولم أر مسلمين.

وأيضًا أنت ستسهر لتشاهد التلفاز فتحصل على سيئات وذنوب وتضيع عليك صلاة الفجر، أو تسهر لتذاكر، نقول: المذاكرة بعد الفجر إلى الساعة الثامنة، وهذا أفضل وقت ممكن تذاكر فيه، هذا كلام العلماء وليس كلامي، والذي ستذاكره في الليل بساعتين ستذاكره الصبح في نصف ساعة، أو تسهر لزيارة شخص فنقول: يا أخي! لو كنت لا تريد أن تقوم لصلاة الفجر ولا تريد أن تقوم باكرًا فاترك غيرك ينام مبكرًا ليذهب لصلاة الفجر.

نحن نحتاج إلى نغير نظام حياتنا كله، لا نملك وقتًا نضيعه في كلام لا طائل منه، قد نأتي اللهو المباح، لكن ينبغي أن نتذكر أننا أمة جادة، عندها شيء من اللهو المباح، ولسنا أمة لاهية عندها شيء من الجد القليل.

إذًا: أول نصيحة بخصوص النوم أننا ننام مبكرين بقدر ما نستطيع.

ثانيًا: الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوضأ قبل أن ينام، وكان ينام على الشق الأيمن على جنبه اليمين، ويقول أذكار النوم، وأذكار النوم كثيرة جدًا، وليس المجال لذكر أذكار النوم بكاملها، لكن سأذكر لك أمرًا واحدًا مهمًا جدًا جدًا وهو أن تقرأ آية الكرسي قبل أن تنام؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من قرأ آية الكرسي قبل أن ينام لن يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح) هذا الشيطان الذي يبعدنا عن صلاة الفجر، فربنا يحفظك من الشيطان بآية الكرسي، وأذكار النوم كثيرة وعودوا إليها في كتب الأذكار.

أيضًا بخصوص موضوع النوم حاول أن تخبر أصحابك وأقرباءك ومعارفك أنك تنام باكرًا؛ بحيث لا توجد زيارات لا هواتف بعد الساعة العاشرة مساء أو إحدى عشرة حسب ما تحدد لنفسك، ونظامك هذا يا أخي والله ليس أمرًا يخجل أبدًا، ما كان النظام الإسلامي مخجلًا، بل الذي يجب عليه أن يخجل هو الذي يخالف نظام الإسلام.

إذًا: النوم مبكرًا، النوم على وضوء، النوم على الجانب الأيمن، أذكار النوم، وإخبار الناس بنظامك الجديد.

 

عدم الإكثار من الأكل قبل النوم

الوسيلة السابعة: وسيلة شرعية وصحية تمامًا، لا يختلف على أهميتها طبيبان: لا تأكل كثيرًا قبل النوم، والأصل ألا نأكل كثيرًا سائر اليوم؛ لأن هذه هي السنة النبوية، لكن نريد أن نركز جدًا أنه ينبغي لنا ألا نأكل كثيرًا قبل أن ننام؛ لأن كميات الأكل الكبيرة تسحب الدماء من كل الجسم، ومن العقل أيضًا تسحب الدماء إلى المعدة وإلى الأمعاء لهضم الكميات الهائلة من الأطعمة، فالعقل الذي انسحب منه الدم يصير في شبه غيبوبة، فلا يقدر الشخص أن يقوم وقت الفجر؛ لأنه أكل أكثر من طاقته، والأكل الكثير قبل النوم يأتي بالكوابيس والأحلام المزعجة ترى ناسًا تجري وراءك، ووحوشًا تأكلك، مأمور ضرائب، ثعابين وسحالي وأشياء كثيرة جدًا فتظل في قلق واضطراب إلى قرب الفجر، فتنام قليلًا فيفوتك الفجر؛ لذلك يقول أحد الصالحين: من أكل كثيرًا، نام كثيرًا، فيفوتك خير كثير. يعني: يفوتك قيام الليل، هو لم يكن يقصد صلاة الفجر؛ لأنه لا يتوقع أن واحدًا ينام عن صلاة الفجر.

إذًا: هذه هي الوسيلة السابعة المساعدة على الاستيقاظ لصلاة الفجر.

 

مذكرات فضائل الفجر

الوسيلة الثامنة هي وسيلة مبتكرة ولطيفة ومفيدة على أكثر من مستوى، وهي مفيدة لمن حافظ بالفعل على صلاة الفجر ولو سنين، هذه الوسيلة هي: مذكرات فضائل الفجر، يعني: أن تجعل عشرين أو ثلاثين ورقة كرتونية في البيت، ويا حبذا أن يكون الورق ملونًا بألوان فسفورية واضحة: أصفر، أخضر، سماوي، ألوان تكون ظاهرة وواضحة، بحيث يكون حجم كل ورقة كبيرًا نسبيًا، فتكتب في كل واحدة منها بخط جميل وواضح حديثًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تحض على صلاة الفجر، كأن تكتب على واحدة منهن: (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)، وتكتب على أخرى: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، وهكذا في سائر العشرين أو الثلاثين الورقة، وكل أسبوع تخرج ورقتين فقط وضعهما في غرفتك في مكان ظاهر، بحيث ترى الورقة جيدًا، هكذا ستضرب أكثر من عصفور بحجر.

أولًا: ستشجع نفسك أنك تستيقظ لصلاة الفجر، فأنت كل يوم ترى هذه الأحاديث فتذكر نفسك بالأجر.

ثانيًا: قد تصلي الفجر باستمرار، لكن قد تنسى الثواب الضخم الذي في صلاة الفجر وأصبح الأمر عادة، بهذا تفرق بين أن تقوم عادة أو تقوم لأنك مشتاق إلى ثواب صلاة الفجر.

ثالثًا: ممكن يرى غيرك هذا الحديث في غرفتك أهلك، أولادك، إخوانك، والدك، والدتك، أي أحد ممكن يرى الحديث فيتذكر صلاة الفجر، وكل هذا في ميزان حسناتك في الأخير.

 

الأجراس الثلاثة المعينة على الاستيقاظ لصلاة الفجر

الوسيلة التاسعة: الأجراس الثلاثة، ما هي الأجراس الثلاثة؟ أول واحد هو المنبه، اضبط المنبه على أول ميعاد الفجر، اترك التفاؤل أكثر من اللازم، لكن لو قلت: إن شاء الله سأقوم هذه الليلة قبل الفجر بنصف ساعة أو بعشر دقائق فتضبط المنبه على ذلك فتستيقظ فتجد أنه لا زال هناك وقت فتقوم وتقفل المنبه، وتقول: أنا سأرتاح خمس دقائق، انتبه هذه الخمس الدقائق هي أخطر خمس دقائق في حياتك، قد تكون السبب في ضياع فرض ربنا سبحانه وتعالى، لكن كن واقعيًا، فإن كنت تستيقظ إلا على الفجر فلا تفترض أنك ستستطيع أن تصلي قيام الليل، لا، خذ نفسك بتدرج، واعلم أن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق.

أيضًا المنبه ضعه بعيدًا عن يديك؛ بحيث لا تستطيع أن تقفله إلا إذا قمت ومشيت لكي تقفله، حينها لو قمت ومشيت وقفلت مع سبق الإصرار والترصد فهذا موضوع آخر، لكن إن شاء الله بهذا تضمن أنك تقوم من النوم.

إذًا: هذا أول جرس وهو جرس مهم جدًا جدًا المنبه.

الجرس الثاني: التلفون، اتفق مع أحد أصحابك الذي يستيقظ كل يوم في الفجر أن يتصل بك ويوقظك، أو الذي يستيقظ فيكم الأول يوقظ الثاني، واتفق معه أيضًا أنه لا يغلق السماعة إلا بعد أن يتأكد أنك استيقظت، يعني: يقوم معك بحوار قصير جدًا فقط؛ لكي يضمن أنك لا تغلق السماعة وتعود إلى النوم مرة أخرى، وبعد ذلك ضع عليك واجبًا أنك توقظ شخصًا آخر، بمجرد أن تستيقظ تعرف أن عليك إيقاظ فلان، هذه المسئولية ستدفعك إن شاء الله إلى القيام.

إذًا: الجرس الثاني: جرس التلفون.

الجرس الثالث: جرس الباب، فلو كنت تسكن في عمارة وهناك آخر يسكن فيها وتعرف أنه يستيقظ الفجر فاطلب منه أن يمر عليك ليوقظك، لكن لا بد أن تخبر أهل البيت؛ لكي لا يحصل إزعاج لهم بسبب جرس الباب.

إذًا: الاستعانة بالأجراس الثلاثة ستعين إن شاء الله على الاستيقاظ لصلاة الفجر.

 

دعوة الآخرين إلى صلاة الفجر

الوسيلة العاشرة والأخيرة في هذه المحاضرة: أن تدعو غيرك إلى صلاة الفجر، الترس الذي يعمل لا يصدى، والإنسان الذي كل يوم يذكر غيره بالفجر لا يمكن أن ينسى الفجر، وابدأ أول ما تبدأ بأهلك بأولادك وزوجتك وإخوانك ووالديك، إذا كنت وجدت صعوبة في صلاة الفجر فليس بالضرورة أنهم يمرون بكل التجربة التي مررت بها قبل ذلك، ذكرهم دائمًا بالفجر وساعدهم عليه، وهذه الدعوة في حق أهلك ليست فضلًا منك، بل فرض عليك: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وغير أهلك ادع أصحابك ومعارفك وأحبابك، واعلم أنه لا يوجد شيء يخفى على ربنا، فكل واحد سيصلي الفجر بسببك سيكون لك من الأجر مثل أجره، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا.

إذًا: هذه هي الوسيلة العاشرة من الوسائل المعينة على صلاة الفجر في جماعة، ويمكن أن تضيف الوسيلة التي تراها مناسبة، وأعانك الله عز وجل وأعاننا على طاعته.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#راغب-السرجاني #صلاة-الفجر
اقرأ أيضا
لا تعرف الإنسانية حضارة قاومت الرق كالإسلام | مرابط
مقالات

لا تعرف الإنسانية حضارة قاومت الرق كالإسلام


إن النصوص الصحيحة المأثورة عن الدين الإسلامي في القرآن وكتب السنة النبوية المشهورة بصحة رواتها إذا أردنا أن نقتصر منها على المعاني الإنسانية الخاصة بالرقيق فإنها وحدها تبلغ كتابا وإذا حاولنا أن ننقل الوقائع التاريخية عن عظماء المسلمين وأئمتهم وأخبارهم في تطبيق هذه النصوص والمبادئ والأحكام بالعمل لكان من ذلك مجلدات كئيرة.

بقلم: محمد الخضر حسين
361
حفظ اللسان | مرابط
فكر مقالات اقتباسات وقطوف

حفظ اللسان


إن ربنا سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد جاء عنهما الأمر بحفظ اللسان هذا العضو السريع الحركة أسرع الأعضاء حركة وأنشطها لا يكل ولا يمل من كثرة الاستعمال قال الله عز وجل في كتابه العزيز: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد سورة ق 18 فكل ما خرج منه يكتب ويرصد ويحفظ ويجمع لينشر يوم الدين وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت

بقلم: محمد صالح المنجد
1220
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4 | مرابط
تفريغات

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ج4


إن الله سبحانه وتعالى قد فرض فرائض وشرع شرائع وأمر بلزومها ومن أعظم هذه الشرائع هي أركان الإسلام الخمسة التي أمر الله عز وجل بها وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بركنيتها للإسلام كما جاء في حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وغيرهما في قوله عليه الصلاة والسلام: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا

بقلم: عبد العزيز الطريفي
733
مع نظرية المصلحة عند نجم الدين الطوفي | مرابط
تعزيز اليقين فكر مقالات

مع نظرية المصلحة عند نجم الدين الطوفي


تعتبر مقولة نجم الدين الطوفي الشهيرة: تقديم المصلحة على النص من أشهر المقالات الفقهية والفكرية فى هذا العصر لأنه تم توظيفها بمهارة لتكون بساطا يسير عليه أي تحريف معاصر يرغب في تخطي بعض النصوص الشرعية ومع الجهود العلمية الحثيثة في توضيح هذه القضية وبيان الشذوذ والخلل فيها إلا أن المقالة الطوفية ما تزال حاضرة في أي مشهد ثقافي يرغب في حذف بعض أحكام الشريعة

بقلم: فهد بن صالح العجلان
1518
بين الحق والباطل | مرابط
اقتباسات وقطوف

بين الحق والباطل


مقتطف للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني يلفت فيه الأنظار إلى ما دواخل النفس الإنسانية للمسلم وكيف يتصارع الحق والباطل ولماذا تنتهي المعركة أحيانا بفوز الباطل وأحيانا أخرى بفوز الحق ويشير إلى حقيقة هذا الصراع وتجلياته في القرآن الكريم

بقلم: عبد الرحمن المعلمي اليماني
2136
الدليل العقلي عند السلف ج2 | مرابط
أبحاث

الدليل العقلي عند السلف ج2


والحق أنهم -أي السلف- أيقنوا بغناء الدلائل الشرعية بالبراهين العقلية الفطرية وكفايتها عن الابتداع في دين الله وهذا جوهر الخلاف بينهم وبين مخالفيهم فإن المخالفين لما اعتقدوا أن الدلائل النقلية تعرى عن البراهين العقلية قادهم ذلك إلى ابتداع دلائل على مسائل الدين بل جمعوا بين الابتداع في الدلائل والإحداث في المسائل. ولو أنهم علموا أن دلائل القرآن العقلية لها صفة الثبات والاستمرارية إلى يوم الدين بحيث لا يفتقر في الاستدلال على أصول الدين إلى غيرها لما وقعوا في هذه المشاقة.

بقلم: عيسى بن محسن النعمي
314