لقد عنى أحد الباحثين المصريين مؤخرا بإصدار موسوعة ضخمة سماها "تحرير المرأة في عصر الرسالة" تقوم بكاملها وفق ذلك المنهج الدفاعي، منهج الخذلان، الذي اختطّه الشيخ محمد عبده، والتقط الخيط الكاتب الصحفي فهمي هويدي، الذي عرض للكتاب عرضًا مثيرًا في مقال له بجريدة الأهرام المصرية، وتوقف فيه طويلًا عند الكشف الكبير الذي أبرزه الكاتب، وهو (حق المرأة في المبيت وحدها خارج بيتها) والتأكيدات والمستندات الشرعية التي قدمها الباحث لهذا الحق المبدئي المقدس، وبطبيعة الحال ليس مثل فهمي هويدي بالمغفّل حتى يجهل الأبعاد الاجتماعية المعاصرة التي يوظَّف في سبيلها هذا الكلام، ولكنها الاندفاعية المتهورة في مزلق تمدين الإسلام، وغياب التصور الشامل لأبعاد المعركة.
لقد كتب فهمي هويدي مهاجما الحركة الإسلامية في فلسطين؛ ﻷنها طرحت في برنامجها التأكيد على الهوية الإسلامية لفلسطين المحررة، ورأى أن تلك قضية جانبية لا ينبغي أن تفتت الصفوف وتشغل الجهود، ثم هو يعود ليتحدث -في أوسع منبر إعلامي بالشرق- عن القضية المصيرية للمرأة المسلمة، وهو حقها في أن تبيت خارج بيتها!! أخشى أن يكون مثل ذلك البحث لا يبحث عن معنى تحرير المرأة في عصر الرسالة، وإنما يبحث عن ثوب إسلامي مزيف يكسو به دعوى تحرير المرأة في عصر الضلالة.
المصدر:
جمال سلطان، ثقافة الضرار، ص73