لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟!

لماذا أنتم تعانون من فوبيا الجنس؟! | مرابط

الكاتب: إبراهيم السكران

416 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

من احتجاجات الاختلاطيين كثرة قولهم: لماذا تعانون من هذا التشكك والارتياب وبث القلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ لماذا تتوهمون أن الناس مهجوسين بالجنس بهذا الشكل؟ لماذا ننظر للمرأة على أنها كائن جنسي؟ لماذا لاتنظرون للأمور نظرة طمأنينة وثقة؟!

والحقيقة أن الجواب عن ذلك أن نقول: ومن قال لكم أن القلق والحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هو مذمة وعيب يتبرأ منها العلماء والدعاة؟! بل الحذر واليقظة من نشوء العلاقات المحرمة هذا مطلب شرعي أصلًا!

أليس الله تعالى حين فرض وضع السواتر بين الجنسين حين قال (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [ الأحزاب:53] إنما يضخ في نفوس المؤمنين المخاوف من نشوء العلاقات المحرمة؟ وينبههم على ما في النفوس من الرغبات الغريزية؟!

أليس الله تعالى حين قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) [الأحزاب، 32] يؤسس للقلق من نشوء العلاقات المحرمة؟ ويربي في نفوس الناس الحذر والحيطة من تأثير لطف العبارات الأنثوية على الرجال؟!

أليس الله تعالى حين قال (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور:31] يدقق في تفاصيل طريقة المشي، وإيقاعات الأقدام، ونمط استجابات النفوس لحركات الجنسين، فأي تنبيه أكثر من ذلك في إيقاظ القلق والحذر تجاه أثر حركات أحد الجنسين على الآخر؟!

أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- حين جاء يبايع النساء فتحفظ ولم يصافحهن برغم أنه نبي وهن مهاجرات وفي لحظة إيمان عظمى، كما تصور عائشة ذلك فتقول (فمن أقر بالشرط منهن قال لها رسول الله: قد بايعتك، كلامًا يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله) [البخاري: 2713] فهل سيقول التغريبيون أن الرسول يعاني من مبالغة في الخوف من الجنس حاشاه صلى الله عليه وسلم؟!

وتأمل معي نموذجًا آخر في القصة الشهيرة في زيارة صفية للنبي كما في الصحيح:
(أن صفية زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت رسول الله تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب، فقام النبي معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهما النبي: "على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي" فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبُر عليهما، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" ) [البخاري: 5808]

فهل النبي حين قلق من فهمهما الخاطئ كان يعاني من مخاوف مبالغ فيها يا معاشر التغريبيين؟! حاشاه صلى الله عليه وسلم، ولكنه القلق والحذر والحيطة الشرعية في حفظ الأعراض والتي أسسها القرآن.

بل انظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أعلنها مدوية صريحة فقال في الصحيحين (ما تركت بعدى فى الناس فتنة أضر على الرجال من النساء) [البخاري 5096، مسلم 7122] كيف يغرس في نفوس المسلمين شدة التوقي والتحفظ في العلاقة بين الجنسين؟!

بل أي أمر نبوي أكثر تهييجًا للقلق من نشوء العلاقات المحرمة أكثر من أمر النبي باتقاء النساء كما في الصحيح (اتقوا النساء) [مسلم 7124] هكذا بكل وضوح يأمرنا النبي أن "نتقي النساء" !

وأنت إذا تأملت كلام الاختلاطيين، وكيف يسخرون ممن يرى المرأة فتنة، وكيف يتهكمون ممن يقلق من نشوء العلاقات المحرمة، ستلاحظ أن مؤدى كلامهم انتقاص النبي –صلى الله عليه وسلم- نفسه الذي قال أن أضر فتنة على الرجال هي النساء، والذي أمرنا بأن نتقي النساء، والذي كان يخشى من فهم الصحابة الخاطئ حين رأوا زوجته معه، والذي كان لا يصافح النساء بيده، والذي كان ينهى المرأة أن تسافر بلا محرم، وينهاها عن التعطر في الطريق، والذي كان يحذر من الدخول على النساء، ويسمي الحمو الموت تحذيرًا من التساهل معه، وجعل شر صفوف النساء في الصلاة أولها، وقال طوفي من وراء الرجال، الخ الخ في سلسلة أوامر نبوية كلها تؤسس للحذر والحيطة والتحفظ في العلاقة بين الجنسين.

فالنبي –صلى الله عليه وسلم- ينبهنا أن المرأة فتنة، وهؤلاء يقولون لماذا أنتم مرضى تعتبرون المرأة فتنة، بالله عليكم أليس هذا مقتضاه سخريتهم بالنبي نفسه لكنهم يتحاشون التصريح بذلك؟! أي شعبة نفاق في القلب أظهر من ذلك؟!

فهؤلاء الذين يتهكمون بالتحفظ والاحتياط في العلاقة بين الجنسين ألم يجلسوا مع أنفسهم مرةً جلسة مصارحة ويتأملوا كيف صاروا يطعنون في رسول الله وهم لا يشعرون؟! كيف سيكون موقفهم عند الله يوم القيامة وصحائفهم قد اسودت بالتهكم بأوامر رسول الله؟! والله إني ناصح لكم وصادق في هذه النصيحة، أدركوا أنفسكم قبل أن تروا أنفسكم يوم القيامة أعداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

على أية حال.. هذا أمر يتكرر عند كتبة التغريب، فتراهم يذمون أهل العلم بما هو من ممادحهم! كقولهم لماذا تقصون أهل البدع، برغم أن إقصاء أهل البدع مطلب شرعي! وقولهم لماذا تمارسون الوصاية على المنكرات، برغم أن الوصاية على المنكرات فرض كفاية إن قام به من يكفي وإلا أثموا جميعًا، وقولهم لماذا تدعون إلى الانغلاق ضد الكتب المنحرفة، برغم أن الانغلاق ضدها مطلب شرعي كما قال النبي لعمر حين رأى معه صحيفة من التوراة (أفي شك أنت يابن الخطاب) وقال تعالى (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النساء: 140].

وهكذا تراهم دومًا يجعلون مطالب القرآن التي يجتهد أهل العلم في القيام بها مساوئ يسألون العلماء والدعاة لم يقومون بها؟ ألا ما أفظع الجهل!

والمراد أنه لو لم تأت هذه النصوص التي تبث في نفس المؤمن الحيطة والحذر والتحفظ في العلاقة بين الجنسين لكان سلوك الليبراليين والتغريبيين كافيًا أصلًا في إشعال المخاوف في نفوس العقلاء، فهؤلاء الليبراليون إذا جلست في مجالسهم رأيتهم يتفننون في التغزل بأجساد حسناوات المذيعات والفنانات، ويتباهون في توصيفهن، بل ويتبارون أحيانًا في المراهنة على أيهن الأجمل! وأما إذا دخلت إلى مواقعهم الالكترونية الشهيرة فستجد صورهم الرمزية التي تعبر عن ميول الكاتب كلها صور فتيات مستلقيات في مشاهد نصف متعرية يتقزز منها أهل الإيمان.

وبعد ذلك كله يأتون إلينا ويقولون: لماذا لديكم قلق جنسي من نشوء علاقات محرمة مع الفتيات؟! والله مازادتنا سلوكياتكم إلا قلقًا فوق قلق!


المصدر:
مقال أقيسة الاختلاطيين

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#الاختلاط #فوبيا-الجنس
اقرأ أيضا
أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين | مرابط
فكر مقالات

أزمة غياب العقلانية بين الباحثين الغربيين


من الظواهر الأليمة والمنتشرة بشكل واسع بين الباحثين الغربيين هي أزمة التفكير النصوصي الجامد وغياب العقلانية المفتوحة وهذا ما سبب احتباس وتخلف العلوم الغربية وضعف هيمنتها على العالم ومن المضحك بين الباحثين الغربيين أنهم في سياق البرهنة والاثبات يدورون في حلقة نصوصية متقوقعة ولا يفكرون بعقول مفتوحة غير مرتبطة وخاضعة لنصوص وفي هذا المقال يناقش الكاتب هذه الإشكالية ويوضح معالمها

بقلم: إبراهيم السكران
1487
نصيحة للنساء | مرابط
المرأة

نصيحة للنساء


الله سبحانه وتعالى كرم المرأة ودلها إلى الصراط المستقيم وجعل لها قدوات صالحات بين لها أحكام البيت وأحكام الشريعة وبين لها مكائد النفوس ومكائد أهل الأهواء والشبهات والشهوات في إضلالها وأعظم مكيدة في زماننا تراد في المجتمعات هي المكيدة بالمرأة المكيدة الموجه إليها وذلك لعقيدتها وعفافها وفطرتها وحجابها وسترها كل هذه الأشياء المتنوعة تغزى بها المرأة لتنحرف عن طريقها ومنهجها

بقلم: عبد العزيز الطريفي
356
دين الأهوائية | مرابط
مقالات

دين الأهوائية


فمعظم الغربيين يمكن تعريفهم بأنهم نصارى الهوية لادينيون المنهج! وبينهما دين أو عقيدة أهوائية محضة فتجد الشخص يؤمن بالمتناقضات الصارخة لمجرد أن كلا منها توافق هواه في جانب من الجوانب

بقلم: الزبرقان
341
البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات مقالات تعزيز اليقين

البحث عن مصدر القرآن الكريم ج1


نعم إنها لعجيبة حقا: رجل أمي بين أظهر قوم أميين يحضر مشاهدهم -في غير الباطل والفجور- ويعيش معيشتهم مشغولا برزق نفسه وزوجه وأولاده راعيا بالأجر أو تاجرا بالأجر لا صلة له بالعلم والعلماء يقضي في هذا المستوى أكثر من أربعين سنة من عمره ثم يطلع علينا فيما بين عشية وضحاها فيكلمنا بما لا عهد له به في سالف حياته وربما لم يتحدث إلى أحد بحرف واحد منه قبل ذلك ويبدي لنا من أخبار تلك القرون الأولى مما أخفاه أهل العلم في دفاترهم وقماطرهم.

بقلم: محمد عبد الله دراز
376
إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة | مرابط
مقالات

إذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة


يوافق يوم عرفة هذا العام يوم الجمعة وتلك مزية عظيمة تزيد هذا اليوم فضلا على فضله وشرفا على شرفه وتجعل المسلم أشد استعدادا وتهيؤا له وحشدا لحاجاته ورغباته كي يلهج بها لربه سبحانه وتعالى في هذا اليوم المبارك

بقلم: أحمد قوشتي
422
ضريبة التقدم | مرابط
اقتباسات وقطوف

ضريبة التقدم


والآن ماذا لو تقدمت الصين والهند حسب المقولات الغربية ألا يعني هذا مليار سيارة جديدة تسير في الطرقات يخرج عادمها وتلوث جو الكرة الأرضية وتحرق الأوكسجين خاصة إذا ما تقدمت البرازيل هي الأخرى وبدأت في اجتثاث غابات المطر الاستوائية

بقلم: عبد الوهاب المسيري
605