قد أثبت التَّقدم أن تكْلفته عالية، وأنه لم يشف كثيرًا من أمراض الإنسان الروحية، والنفسية بل فاقمهما. والتقدم حسب ما تعلمناه، هو تطبيق النموذج الغربي في التنمية والاستهلاك. وهو نموذج مبنيٌ على غزو الطبيعة والسطوِ عليها ( 20% من سكان العالم من أهل الغرب يستهلكون 80% من مصادرها الطبيعية ). والآن، ماذا لو "تقدمت" الصين والهند حسب المقولات الغربية؟ ألا يعني هذا مليار سيارة ٍجديدة تسير في الطرقات، يخرج عادمها وتلوث جو الكرة الأرضية وتحرق الأوكسجين، خاصةً إذا ما تقدمت "البرازيل" هي الأخرى، وبدأت في اجتثاث غابات المطر الاستوائية ( لتؤسس المصانع والطرقات وتحقق "التقدم المنشود" على الطريقة الغربية، فهذا حقها القومي) فإنها بذلك تكون قد اجتثت مصدر ثلث الأوكسجين في العالم. إذا كانت فكرة التقدم الغربية تستند إلى لا محدودية الموارد الطبيعية، فإن الممارسة أثبتت عكس ذلك، وهناك مشكلة النفايات الآخذة في التزايد بشكل مخيف ( يقال أنه في غضون عدة أعوام، لو استمر التقدم على ماهو عليه، فإننا سنحتاج لست كواكب في حجم الكرة الارضية كمصدر للمواد الخام وكوكبين آخرين للتَّخلص من نفايات الاستهلاك الوحشي المرتبط بالتقدم). وبطبيعة الحال، هناك النفايات النووية، التي لم نَعرف طريقة أكيدة للتخلص منها بعد. إن التقدم الذي كان من المفترض ان يحقق سعادة الإنسان الأرضية أصبح يهدد وجوده على هذا الكوكب. وهناك سؤال أطرحه دائما على نفسي وعلى الآخرين: هل جهاز الإنسان العصبي قادر على استيعاب كل هذه الأحاسيس والأفكار والمعلومات التي ترسل له يوميا من بيئته الاجتماعية التي يزداد إيقاعها سرعة ووحشية ؟! وهو السؤال الذي يجب أن نتوقف قليلا لنسأله