يقول الله عز وجل واصفا حال المشركين "إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ" ولا أتصور أنه يوجد ممن عاش وسط الكفار، خصوصا في الغرب، وجرب النقاش العقدي والدعوي معهم من لم يستحضر هذه الآية العظيمة.
فمعظم الغربيين يمكن تعريفهم بأنهم نصارى الهوية لادينيون المنهج! وبينهما دين أو عقيدة '' أهوائية '' محضة، فتجد الشخص يؤمن بالمتناقضات الصارخة لمجرد أن كلا منها توافق هواه في جانب من الجوانب، وأستحضر في بالي دائما مثال فتاة طالبة من إحدى دول أمريكا اللاتينية، محبة للقراءة والإطلاع على أفكار وثقافات الغير، وكانت من القلائل الذين ناقشتهم في باب المعتقد والدين:
في سياق حديثنا عن الإسلام، أعجبت جدا بالتوحيد وبغائية الحياة الدنيا وعقيدة المسلمين في الابتلاء ونبوة عيسى عليه السلام، وخصوصا أمر الزكاة.. لكنها أظهرت اعتراضا على الحجاب وأيضا على عيد الأضحى لكونها نباتية vegan، وكانت تدعي أنها نصرانية '' التي لا توافق النباتية المتطرفة '' وتؤمن بأن يسوع هو ابن الله، بالرغم من أنها كانت تقول انها تصلي كل ليلة للرب خالق السماوات والأرض وليس ليسوع، وحين سألتها عن سبب إيمانها هذا قالت '' لأنه موجود في الكتاب المقدس ''.
العجيب هو أنه بغض النظر على أنه لا يوجد في ذات الكتاب أي دليل على ألوهية المسيح، فنفس هذه الفتاة قالت أنها لا تؤمن بقصة بدء الخليقة المذكورة في سفر التكوين الذي هو أول سفر في الكتاب المقدس، وأنها تؤمن بدلا عنها بالتطور!! تناقض أليس كذلك؟
طيب خذ الأعجب، ذات البنت قالت أنها تؤمن بوجود الجنة لكنها لا تؤمن بوجود جهنم !! وبأنها تظن أن بعد الموت سيذهب الطيبون للجنة، أما الاشرار فسيحصل لهم نوع تناسخ أرواح، حتى يصبحون مع مرور السنين الطويلة أشخاصا طيبين ثم في الأخير تدخل كل البشرية الجنة!! وطبعا خلال النقاش، حين كنت أسأل عن مصادر هذه الاعتقادات التي يناقض بعضها بعضا تأتي الاجابة دائما '' أظن أنه..أعتقد بأن...''
ظنون في ظنون واتباع للأهواء. وأذكر أيضا، أن ألمانيا ذات مرة قال لنا '' ألا تعتقدون أن الله عز وجل لن يغضب إذا ما جربتم الخمر أو أفطرتم في رمضان لمرة واحدة فقط... ألا تعتقدون أنه ربما لن يمانع اذا عشنا حياتنا في سعادة وكما نريد''.
هذه النفسية الطاغوتية وتأليه الأراء المنتشر بشكل واسع في الغرب، أصبح مع الأسف يدخل شيئا فشيئا عندنا فأصبحنا نسمع عن من ترفض الحجاب بحجة أنها تصلي وعلاقتها بربها جيدة وفي '' رأيها '' فالمظهر لا يهم!! بل ومن لا يصلي متحججا بأنه لا يسرق ولا يقتل ولا يكذب... فلست أدري حقيقة، هل يتسائل هؤلاء عن جدوى إرسال رب العالمين للأنبياء والرسل المبشرين والمنذرين وأمر باتباعهم إن كان الدين عندهم مجرد أراء واعتقادات موافقة للأهواء؟؟ وإن اعتقد أكثرهم بأن هذا حق وهداية، فوالله إن هذا لقمة الخذلان والضلال، نعوذ بالله منه، قال الله عز وجل'' أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ‘’
اللهم ثبت قلوبنا على دينك ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين.