
وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، يوفون سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله، هو شهيد عليهم وهم شهداء على الناس في الدنيا والآخرة بما أسبغه عليهم من النعم الباطنة والظاهرة، وعصمهم أن يجتمعوا على ضلالة إذ لم يبق بعده نبي يبين ما بدل من الرسالة وأكمل لهم دينهم وأتم عليهم نعمه ورضى لهم الإسلام دينا، وأظهره على الدين كله إظهار بالنصرة والتمكين وإظهار بالحجة والتبيين وجعل فيهم علماء هم ورثة الأنبياء يقومون مقامهم في تبليغ ما أنزل من الكتاب، وطائفة منصورة لا يزالون ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى حين الحساب.
وحفظ لهم الذكر الذي أنزله من الكتاب المكنون كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9] فلا يقع في كتابهم من التحريم والتبديل كما وقع من أصحاب التوراة والإنجيل.
وخصهم بالرواية والإسناد الذي يميز بين الصدق والكذب والجهابذة النقاد، وجعل هذا الميراث يحمله من كل خلف عدوله أهل العلم والدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين لتدوم بهم النعمة على الأمة، ويظهر بهم النور من الظلمة، ويحيي بهم دين الله الذي بعث به رسوله، وبين الله بهم للناس سبيله، فأفضل الخلق أتبعهم لهذا النبي الكريم المنعوت في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]
المصدر:
- شيخ الإسلام ابن تيمية، مجموع الفتاوى 1/ 2.