رائدة النسوية بين التنظير والحياة الواقعية

رائدة النسوية بين التنظير والحياة الواقعية | مرابط

الكاتب: د. عائض الدوسري

352 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

سيمون دو بوفوار، رائدة وقائدة الحركة النسوية الفرنسية بل والعالمية، مؤلفة إنجيل النسوية (الجنس الآخر)، وإحدى أهم الملهمات للحركات النسوية، والداعية لتمرد النساء والفتيات، ما كانت تقرره نظريًا كان يختلف عن أمنياتها وحياتها الحقيقية!

فقد كانت سيمون دو بوفوار تدعو بحماس منقطع النظير إلى عدم الخضوع إلى الرجال والتمرد عليهم، بل كانت تدعو إلى عدم الخضوع للأسرة والمجتمع، وكانت تحث على التمرد والتحرر وتحقيق الذات، وكانت لدعواتها آذان صاغية من قبل فتيات العالم، الذين صدقوا بها وذهبوا إلى تطبيقها في حياتهم الواقعية!

فكانت سيمون دو بوفوار تهاجم النساء الخاضعات للرجال وتزدريهن وتستنفص منهم، وترى أن المرأة التي تخضع للرجل لديها خلل في تركيبتها النفسية، وأنهم عدوات التحرر. حيث تقول: "هناك نساء دائمًا وبسبب تركيبتهن الفسيولوجية كنَّ منذ قديم الزمن خاضعات للرجل أبدًا".

هذه الرائدة النسوية المتمردة والتي كانت تدعو نساء العالم للتمرد على الرجل، كانت تكتب لحبيبها الأمريكي نيلسون ألغرين -في لحظة شفقة وتية وعشق هائم، بعد أن هجرها عشيقها الأول جان بول سارتر لبعض الوقت وذهب لمن هي أصغر سنًا- وتقول له: "سأكون مطيعة لك مثل زوجة عربية".

لقد تحولت البوصلة فجأة عند الرائدة النسوية المتمردة، وذهبت مع الرياح في تلك اللحظات لغة التمرد والغطرسة المصطنعة وعدم الخضوع للرجل، وأصبح أسمى أهدافها هو الخضوع في طواعية لعشيقها، ليصبح فن النساء كما تقول سيمون دو بوفوار: "الفن هو أن تصطادي زوجًا، والعمل هو أن تبقيه معك".

لقد كانت سيمون دو بوفوار رائدة الحركة النسوية من أكثر النساء انحطاطًا في أخلاقها، فلك أن تتصور -وربما تعجز عن ذلك- أنها أقامت كل العلاقات الجنسية المتخيلة، جماعية وفردية، طبيعية وشاذة، ومع فتيات صغيرات في السن، ومع عدة شركاء من الرجال، في انحطاط لا مثيل له لهذه الرائدة النسوية!

تقول سيمون دو بوفوار: "كنتُ أتمنى أن أكون صريحة ومتوازنة في وصف ميولي الجنسية. أن أكون مخلصة من وجهة نظر واحدة من المناصرات لحقوق المرأة. كنت أحب أن أخبر النساء حول حياتي الجنسية، ومن المستبعد أن أكتب حول ذلك الآن لأنَّه سيؤثر على أناس قريبين جدًا مني".

كانت تقول هذا الاعتراف بعد أن بلغت السبعين من عمرها! فقد كانت حياتها الجنسية التي كشف عنها مؤخرًا في غاية الانحطاط، علاقات متعددة مع الرجال في وقت واحد، وعلاقات سحاقية مع فتيات صغيرات ومراهقات، وما أخفته كان أعظم، لقد كانت رائدة السفالة والانحطاط وصاحبة إنجيل الشبق والانحدار الإنساني!

وللأسف، فوسائل الإعلام تكرس الكذب والزيف بعادتها، والفتيات يقدسن من يكذب عليهن باسم المبادئ التي تدغدغ مشاعرهم، كما كان يفعل دعاة التحرر والتمرد من أمثال جان بول سارتر، رمز الحرية والوجودية، وسيمون دو بوفوار، رمز ورائدة الحركة النسوية، الذين كانوا أيقونة الشباب والفتيات في عصرهم!

تقول الدكتورة هازل رولي، الباحثة الغربية والمتخصص في جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار: ‏"تبين في النهاية أنَّ هذين المدافعين عن قول الصدق كانا يكذبان دائمًا على العديد من الفتيات غير المستقرات عاطفيًا".

لقد كانت سيمون دو بوفوار، رائدة الحركة النسوية، المنحطة أخلاقيًا تعود إلى بيئة أسرية مريضة ومحطمة نفسيًا، مما ألقى بظلاله على تركيبتها النفسية المضطربة وشهواتها الجامحة، وهكذا ستجد كثيرًا أنه وراء كثير من الأشخاص المرضى والمضطربين في أخلاقهم ونفسياتهم عوائل مضطربة ومريضة! 

فأمها مريضة، وجدتها أنانية نرجسية مصابة بعقد نفسية، حيث تقول سيمون دي بوفوار: "لا أعتقد أن أمي كانت سعيدة عندما كانت فتاة، كانت تتذكر الماضي المرير، وتشتكي لي أكثر من مرة عن جفاف والدتها". وأمها تصف جدتها بأنها كانت: "متغطرسة، وأطفالها لم يكن لديهم سوى مكان ثانوي في حياتها".

أما بالنسبة إلى جد سيمون دي بوفوار، فتتذكر أم سيمون أنه كان يغالي في حب بنته الأصغر سنًا منها بخمس سنوات، لأنها كانت "شقراء فاتنة الحسن"!!! ولهذا السبب وعدم العدل في المساواة، فقد أثار ذلك في نفس الأخت الكبرى (=أم سيمون) حقدًا دفينًا وغيظًا كامنًا، و"غيرة حامية لا تمحى".

وعندما رزقت أم سيمون بابنتها سيمون الصغرى، وحين بلغت سيمون سن المراهقة، راحت أمها تمارس نفس اللعبة، فـ"نعتتني  أمي بأعلى الصفات الفكرية والأخلاقية، كانت تتباهى بي، فأذلت أختي وسحقتها، وكانت هي الأصغر، فائقة الحسن شقراء، كانت أمي تنتقم منها"!

وهكذا كانت نشأة سيمون دي بوفوار في مثل هذه العائلة التي يتطور فيها الانتقام والإذلال من أحب الشكل الظاهري من مصدر يفترض به أن يكون منبع الرحمة والحنان والعطف، وهو الحال نفسه الذي نشأ فيه جان بول سارتر، فكان يحس باحتقار عميق بسبب يهوديته وشكله القبيح، ويعاني من نقص عميق في ذاته!

إن هؤلاء المرضى سيصبحون في مجتمعات وثقافة مريضة المنظرين للأخلاق والمبادئ الإنسانية الحضارية، ورواد التحرر والتقدمية والتنوير، ورموز الثقافة في العالم، حيث كانت صورهم وأخبرهم تملأ الصحف وشاشات التلفاز حول العالم، ويستقبلون في العالم من الجماهير العريضة، ويُتَهافت على كتاباتهم!

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#النسوية #سيمون-دو-بوفوار
اقرأ أيضا
دقة القراءة | مرابط
تفريغات ثقافة

دقة القراءة


وعندما نقول اتفق العقلاء هذه تثير في نفسي معنى أن هذا الأمر لا يحتاج إلى العلماء ليدركوه ليس هذا مما يكتسب بالعلم وإنما هو مما تعلمه العقول علم ضرورة وإذا كان الشيخ وهو في معمعان تعليم دقائق العلم يحدثك بحديث تعلمه العقول علم ضرورة يدني هذه الدقائق والخفايا ويقربها حتى تصير مما تعلمه العقول علم ضرورة هو بهذا يعطيك درسا في التربية

بقلم: د محمد أبو موسى
588
الشعور بالذنب في زمن الحداثة | مرابط
فكر

الشعور بالذنب في زمن الحداثة


التفسير الأول يرى أن الشعور الطبيعي العميق بالذنب ينجم ضمن عملية تفرد الإنسان في الحداثة وهذه العملية الضرورية للتطور والنمو تستوجب على الفرد أن يضع نفسه في مواجهة الطبيعة أو الكون وهذه الوضعية تشعر الفرد بالضعة الهائلة أمام الكون وتملؤه بإحساس الضآلة والصغر والهامشية وانعدام القيمة ومن ثم يتولد الشعور بالذنب.

بقلم: عبد الله الوهيبي
533
موقف من حياة سيدنا عمر رضي الله عنه | مرابط
تفريغات

موقف من حياة سيدنا عمر رضي الله عنه


إن كل من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم فهو داع إلى الله وهو آمر بالمعروف وناه عن المنكر ولهذا كان الصحابة الكرام جميعا آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر وأول وأعظم من كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هم أعظم أكابر الصحابة في الإيمان والتقوى كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما

بقلم: سفر الحوالي
544
فقه الفتيا | مرابط
اقتباسات وقطوف

فقه الفتيا


قال ابن عباس رضي الله عنهما: لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد.. بين يدينا قصة هذا الحديث وهو من لطائف الأخبار الواردة عن ابن عباس رضي الله عنه هنا نتعلم منه التروي في الفتيا والتأني قبل التكلم.

بقلم: محمد بن إسحاق الفاكهي
261
مشكلة الشر: المنهج المادي والتطور | مرابط
أباطيل وشبهات اقتباسات وقطوف الإلحاد

مشكلة الشر: المنهج المادي والتطور


لا يمكن للملحد طلب العدل في مقابل الظلم مثلا إلا إذا كان لديه مسبقا مصدر يوجب على المخلوقات كيف تعيش ليحتكم إليه وعليه يقيس ومن هنا: فلا يوجد أي منهج أو فكر إلحادي أو لا ديني عموما فيه مثل هذا الوجوب أو الإلزام المسبق فحيث لا خالق لا يوجد افعل ولا تفعل كل شيء سيصير نسبيا حسب حاجة كل فرد لضمان بقائه ولو على حساب ظلم أو هلاك الآخرين

بقلم: م أحمد حسن
999
المؤمن كله طيب | مرابط
اقتباسات وقطوف

المؤمن كله طيب


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين الحديث العاشر إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا

بقلم: ابن رجب الحنبلي
782