فن أصول التفسير ج7

فن أصول التفسير ج7 | مرابط

الكاتب: مساعد الطيار

667 مشاهدة

تم النشر منذ سنتين

 

قوله ما له من دافع

ثم قال:  مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:8].

ما هي النظائر التي وردت في قوله:  مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:8]؟ هناك نظائر في المعنى كثيرة في القرآن، من ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يجاء بالكافر يوم القيامة، فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا، أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقال له: قد كنت سئلت ما هو أيسر من ذلك )، فمثل هذا الحديث، وما ورد من أمثاله، يدخل في معنى:  مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:8]، يعني: حتى لو جاء بالأموال الطائلة، بالبنين، فإنه لا دافع من عذاب الله سبحانه وتعالى.

 

قوله يوم تمور السماء مورا

قال تعالى:  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9].

علاقة قوله: (يوم تمور السماء...) بقوله: (إن عذاب ربك لواقع)
ما علاقة قوله:  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، بقوله:  إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ [الطور:7]؟ كأنه أشار إلى ما يحدث في هذا اليوم الذي يقع فيه العذاب، وهنا أيضًا فائدة تنتبهون لها في حديث القرآن عن يوم القيامة، لما قال:  إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ [الطور:7]..  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا [الطور:9-10]، الحديث عن أحداث يوم القيامة حديث واحد، يعني كأنه وقت واحد يحدث فيه كل هذه الأحداث، وإن كانت في الحقيقة أحداث متوالية، شيئًا بعد شيء، لكن في القرآن إذا جاء الحديث عنها فإنها كأنها يوم واحد تقع في زمن واحد. مثلًا سورة التكوير:  إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [التكوير:1-2].. إلى أن قال:  وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ [التكوير:11]، هل الوقت هذا الذي يقع فيه الاثنا عشر حدث واحد، وتحصل في وقت واحد؟ أو في وقت طويل؟

هو في وقت طويل، فالتعبير عن هذا الوقت الطويل في القرآن بهذه الأحداث، بغض النظر عن متى يقع هذا؟ ومتى يقع هذا؟ لأن المقصود هذا الزمن الذي يسمى يوم القيامة، تقع فيه جملة هذه الأحداث، ولهذا عندما قال:  إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ [الطور:7-9]، يعني كأنه قال: واقع (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا).

الأحداث التي تقع للسماء غير المور
وهنا سؤال: قوله:  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، هل هناك أحداث تقع للسماء غير المور؟

نعم هناك أحداث أخرى للسماء، قال تعالى:  يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [الأنبياء:104]، وعندنا أيضًا الانشقاق:  إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1]، وعندنا أيضًا:  فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن:37].

إذًا المقصد أن الحديث عن الأحوال التي تقع للسماء يوم القيامة موزعة في آيات القرآن،  يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهْلِ [المعارج:8]، فإذًا هي أحداث تقع للسماء في هذا اليوم، وقد وزعت في القرآن.

كل واحدة حدث، وبعضها قد يكون نفس المعنى، وبعضها لا، المور غير:  يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالمُهْلِ[المعارج:8]، غير:  فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن:37]، غير الانشقاق، وقد يكون بعضها من لوازم بعض.

مواطن ورود المور في القرآن
هل ورد المور في القرآن في غير هذا الموطن؟

نعم في سورة الملك قال:  أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ [الملك:16]، فما هو المور؟ من لطائف اللغة أن بعض الألفاظ المعنى فيها متركب من عدة معاني، فلفظة (المور) متركبة من عدة معاني: الحركة، والاضطراب، والذهاب، والمجيء، يعني: تصوروا الحركة تكون هكذا، يكون فيها ذهاب ومجيء، من جهة إلى جهة، فيها اضطراب، وفيها الحركة هذا، وهذا يسمى المور.

فإذًا:  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، بمعنى أن تحصل لها هذه الحركة والاضطراب والذهاب والمجيء، كذلك التشقق الذي يحصل ما علاقته بالمور؟ يعني: هل المور هو التشقق، وهل يلزم من المور التشقق؟

من حيث اللفظة لا يلزم، لكن من لوازم مور السماء تشققها، يعني: تتشقق بعد هذا المور.

وقضية ترتيب الأحداث التي تحدث في السماء، قد يكون صعبًا أنك تراقب الأحداث، ماذا يحصل؟ ثم ماذا يحصل؟ ثم ماذا يحصل؟ قد يكون صعبًا، وأحيانًا في بعض الأحداث قد يمكن أن يقال: النتيجة لهذا فيما يدل عليه العقل، لكن على العموم إن كل هذه الأحداث التي تحدث للسماء، في قوله:  يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا [الطور:9]، وأكد قوله: (تمور) بقوله: (مورًا)، وهذا من باب التأكيد، الذي يسمى المفعول المطلق.

 

قوله وتسير الجبال سيرا

قال:  وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا [الطور:10]، هل ورد ذكر سير الجبال في غير هذه الآية؟ نعم في قوله:  وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:3]،  وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ [الكهف:47]،  وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ [النمل:88].

فإذًا مرحلة التسيير وردت بالقرآن في أكثر من موطن.

هل الجبال لها أحوال أيضًا في القيامة غير حالة التسيير؟ مثل قوله:  كَالْعِهْنِ المَنفُوشِ [القارعة:5]، قوله:  فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا [الواقعة:6]،  فَدُكَّتَا [الحاقة:14]،  فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا [طه:105]، إذًا عندنا أيضًا أحوال للجبال يمكن النظر فيها في القرآن، وكذلك أيضًا ورد عندنا التأكيد بالتسيير بقوله: (سَيْرًا).

لعلنا نقف عند هذا الحد، وهذا الجزء الذي ذكرناه الآن كتطبيق، هو جزء من محاولة إعمال الذهن في بعض القضايا الواردة في القرآن، ويمكن لكل واحد منا أن يتأمل القرآن، وأيضًا قد يكون له اتجاهات ذهنية غير الاتجاهات الذهنية للآخر، فقد يعنى بشيء لا يعني به الآخر، ويبدأ يستنبط ويفهم شيئًا لا يستنبطه الآخر ويفهمه.

 

بعض الأسئلة

قراءة تفسير الطبري للمبتدئ
السؤال: هل تنصح طالب العلم المبتدئ بقراءة تفسير الطبري؟

الجواب: لا شك أنه لا يصلح لطالب العلم المبتدئ تفسير الطبري، وقد يستفيد منه في مسألة من مسألتين، أما أن يكون كتابًا يقرأ فيه ويراجعه، فهذا الكتاب لا يصلح له.

أفضل كتاب يتناول قواعد التفسير
السؤال: ما هو أفضل كتاب يتناول قواعد التفسير؟

الجواب: عندنا كتابان في هذا، كتاب للشيخ خالد السبت، الذي هو قواعد في التفسير، وكتاب الشيخ: حسين الحربي للقواعد الترجيحية.

الفرق بين التدبر والتفكر
السؤال: ما الفرق بين التدبر والتفكر؟ وهل يمكن الوصول لدرجة التفكر قبل استكمال درجة الفهم في الجزئية المقصودة؟

الجواب: طبعًا التدبر والتفكر لفظان متقاربان، لكن القرآن استخدم التدبر في مواطن، واستخدم التفكر في مواطن، وهذا موطن من مواطن التدبر والتفكر، أن تنظر في لفظ التدبر واستخداماته في القرآن، ولفظ التفكر واستخداماته في القرآن، فقد يتبين لك الفرق بين المعاني، يعني: متى تستخدم التفكر؟ ومتى تستخدم التدبر؟ أما قبل استكمال درجة الفهم فلا شك أنه يقع نقص في التدبر، لا بد من تمام الفهم، وأن تكون قد فهمت الآية فهمًا واضحًا.

مفهوم قوله تعالى: (فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)
السؤال: يقول: فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ [العنكبوت:10]، هل تعني الآية أنه إذا ترك إنكار المنكر فإنه يصيبه من جراء ذلك أذى متحقق؟ وأنه بتركه يكون مذمومًا، حيث جعل هذا الذي يصيبه صادًا له عن أداء الواجب، أم ماذا؟

الجواب: الكلام الذي قلته صحيح، لكن هل الآية تدل عليه؟ هذا الذي يقع فيه الإشكال، يعني: هل الآية تدل على هذا المعنى الذي ذكرته؟ أم لا؟ هذا يحتاج إلى تأمل، يعني: هل يدخل ضمن معنى الآية أو لا؟ ليس عندي فيها شيء الآن.

زمن حصول المودة والحب بين الزوجين
السؤال: هل الاستدلال بهذه الآية  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا... [الروم:21] على أن المودة والحب بين الزوجين إنما تقع بعد الزواج، وأن كل حب له علاقة بما قبل الزواج باطل وكذب، وهل يعد هذا استنباطًا صحيحًا؟

الجواب: نحتاج أصلًا إلى أن نعرف الواقع، هل بالفعل كل حب قبل الزواج يكون باطلًا، هذا مشكل، يعني: هل الواقع يدل على هذا؟ صحيح أن أغلب الحب الذي قبل الزواج فاسد، ونتائجه فاسدة، لكن لا يلزم أنه كليًا، فهذا يحتاج إلى تأمل، وأن الآية تدل على هذا المعنى أو لا.

هذا السؤال يحتاج إلى مراجعة أيضًا، ما عندي فيه جواب مباشر.

ربط ما حدث في شواطئ إندونيسيا بقوله تعالى: (وإذا البحار سجرت)
السؤال: ما حدث في شواطئ إندونيسيا، هل يقوي معنى:  وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6]؟

الجواب: لكن ما كان فيها نار، هي كانت فيضانًا، كونها فيها نار أو ما في نار هذه قضية أخرى، لكن:  وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6]، هي تتحدث عما سيكون يوم القيامة، وليس عما هو كائن الآن.

المراد بالرسم العثماني
السؤال: ما المراد بالرسم العثماني؟

الجواب: الرسم العثماني: هو الرسم الذي كتب به الصحابة المصحف في وقتهم، وهذا تعريف اصطلاحي، وإلا فهو في الحقيقة الرسم الإملائي الذي كان في وقتهم، لكن حصل تطور للرسم، فما صار بعده من رسم، صار يسمى الرسم الإملائي، وأما الرسم الذي رسم به الصحابة فسمي رسمًا عثمانيًا وثبت، ولذا لا يجوز أن يغير رسم الصحابة؛ لأنه إجماع من الصحابة على هذا الرسم. يعني: الصحابة لما جاءوا يكتبون المصحف، كتبوه على ما يعرفونه من الرسم الذي تعلموه، وثبت واستقر هذا الرسم وما غير، وأما الرسم في غير المصحف فإنه تطور؛ فلذا لا يقاس رسم المصحف العثماني على غيره من الرسوم التي أريد لها أن تتطور، والتطور فيها مستمر إلى يومنا الحاضر، وهناك خلافات بين علماء الرسم -الذين هم علماء الإملاء- واضحة وكثيرة جدًا، كيف تكتب كذا؟ كيف تكتب كذا؟ إلى اليوم، وأمثلة معروفة بين المملين كيف تكتب إلى اليوم، فالمقصد أن ننتبه إلى أن الرسم العثماني هو الرسم الذي كتبه الصحابة في وقتهم، وثبت عليه المصحف.

مخالفة القراءة للرسم العثماني
السؤال: وإذا خالفت القراءة الرسم العثماني لماذا لا يحتج بها مع التوضيح والأمثلة؟

الجواب: هذا موضوع شائك قليلًا، لكن نقول: أحيانًا قد تكون القراءة مخالفة للرسم ويقرأ بها؛ لأن القراءة قاضية على الرسم، فالأصل القراءة وليس الرسم، أيضًا من باب الفائدة، لأنه أحيانًا يلبس علينا فيها مثل النصارى والمستشرقين، فنقول: إذا تأملنا هذا الموضوع الذي هو موضوع الرسم، فلو رجعنا إلى عهد الصحابة رضي الله عنهم، هل الصحابة كان الأصل عندهم اعتماد المرسوم أو المحفوظ؟ المحفوظ، يعني: في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الاعتماد الأغلب على ما يتلقون من النبي صلى الله عليه وسلم ويحفظونه.

ثم يقرءونه مثلما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم، والرسم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان قليلًا، هو موجود لكنه كان قليلًا، كذلك في عهد أبي بكر وعهد عمر رضي الله عنه، وعهد عثمان رضي الله عنه أيضًا، أيهم كان أكثر؟ المحفوظ المقروء، أو المرسوم؟ المحفوظ المقروء ما زال هو الأكثر، ولا زال هذا هو الأغلب في حال المسلمين إلى زمن قريب، واسأل أي واحد عندكم، إذا كان أحد من أجدادكم حيًا، اسألوه: كم كان يوجد في مسجدكم من مصحف؟ المصاحف كانت قليلة إلى وقت قريب، لكن ما شاء الله كثرت في الزمن المتأخر، فنحن نتخيل أو نتصور أن المصاحف مثلما هي عندنا كانت عند الصحابة والتابعين، وهذا غير صحيح فوجود المصحف كان شاقًا، لا يعني أنه لا توجد المصاحف، لكن كم كان عدد المسلمين؟ وكم منهم يستطيع أن يمتلك مصحفًا؟

فكانت قضية الحفظ هي الأساس، والمسلمون لا يقرءون من المصحف، يعني: لا يعتمدون الرسم، ليس الرسم هو المعتمد عندهم، وإلا كان الأمر كما قالوا: لا تأخذ القرآن من مصحفي، يعني: ممن يقرأ من المصحف والألواح؛ لأنه يبقى عنده خطأ وخلل كثير، وأنت لو تقرأ مصحفًا على حسب ما رسم، قد تقرأ آيات خطأ، مثلما لو كنت تتعلم لغة قوم، وبدأت تتعلم كلمات، هذا كذا، هذا كذا، ثم أعطاك جملة أو كلامًا وقال لك: اقرأ، تقرأ على حسب ما تعلمت من لفظ الكلمات، فيقول لك: لا، هذه الكلمة تقرأ كذا، إذا جاء الحرف الفلاني، يقرأ كذا.

فإذًا الرسم وإشكالاته موجود في جميع لغات العالم ورسوم العالم، والاعتماد في قراءة القرآن على المقروء المحفوظ، وليس على المرسوم، ولهذا بعضهم يلبس، قد يكون جاهلًا، لكن بعضهم حتى مع جهله يتقصد التلبيس، ويأتي بمخطوط يقول: هذا ليس فيه نقط.

وأنا رأيت أحد النصارى حاقدًا جدًا على المسلمين، أتى بمخطوط، يقول: كيف المسلمون يقرءون هذا الكلام؟ يعني ما تتخيلون يقع عندهم أخطاء، يقول: هذه وقع فيها أخطاء في قراءة القرآن، وكل واحد منهم قرأ على مزاجه ثم خرجت الأحرف السبعة، والقراءات، والكلام الطويل، وهذا جهل مطبق جدًا، لكن هذا نصراني كافر، يريد أن يلبس على المسلمين، ولذا يجب أن ننتبه إلى مثل هذه القضية: أن الاعتماد الأغلب هو على المحفوظ، والقرآن إنما يؤخذ بالتلقي، كيف تأخذ الروم؟ كيف تأخذ الإشمام؟ لا يمكن أخذه إلا بالتلقي، ولا يمكن أخذه من خلال الرسم.

قواعد في إلقاء دروس التفسير على العامة
السؤال: من أراد أن يلقي على العامة دروسًا في التفسير، فهل يلزمه أن يكون عالمًا بقواعد التفسير؟ أم يكفيه أخذ المعاني من كتب المفسرين، وإلقاؤها على الناس؟ وهل له أن يختار معنى واحدًا؛ لئلا يلبس على العامة، أم لا بد أن يذكر جميع معاني الآية التي ذكرها المفسرون؟

الجواب: هذا سؤال جيد! العلم يا إخوة، لا يمكن أن نقول: أنت الآن تستطيع أن تلقي، وأنت لا تستطيع أن تلقي دائمًا، يعني: قد يكون عندنا بعض طلبة العلم، عنده قدرة على أن يلقي، وبعضهم ما يستطيع أن يلقي, لكن أحيانًا قد يكون طالب علم عنده قدرة على أن يلقي، فكيف يستطيع أن يلقي على العامة، هذا سؤال جيد، وأعتبره حقيقة من الأسئلة المهمة التي تستحق أن يوضع لها ندوة في مداولة كيف يمكن أن نفهم العامة معاني القرآن.

وأقول: عندنا مراتب، على سبيل المثال: التفسير الميسر، يفيد العامة؛ لأنه يأتي بالمعنى الإجمالي، والإشكالية عندنا أننا غير فاهمين فكرة هذا الكتاب، وقد نعتبر أن الكتاب معانيه بسيطة جدًا، لا ليست ببسيطة، بل الحقيقة أن الذين يكتبونها يحتاجون إلى قدرة في سبك المعلومة بهذه الصورة، والذي يعرف اختلاف المفسرين ويقرأ في ذلك كتابًا يعرف القدرة التي وقعت في السبك في هذا، فإذًا العامة يحتاجون إلى المعنى الإجمالي، والآيات لو جئت تفسرها على العامة، لا تحتاج أن تذكر لهم الخلافات، بل تعتمد أحد العلماء، أو أحد الكتب المعتبرة، وتأخذ بالقول الذي رجحه وتنتهي، مثل الشيخ السعدي أو ابن كثير إذا كان رجح، أو الطبري إذا رجح، أو مثل التفسير الميسر المجتمع عليه نخبة من العلماء، وكتبوه، فتذكر لهم دون ذكر المعاني هذه.

المسألة الثانية التي يحتاجها العامة، إذا انتهينا مثلًا من المعنى: هي بعض الهدايات والإرشادات التي في الآيات، فعندما تقرأ له:  وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2]، تستطيع أن تعطيه بعض الفوائد من خلال هذه الآيات، لكن بشرط أن تكون فوائد معتبرة وصحيحة والآيات تشير إليها وتدل عليها، مثلًا عندما تأتي لقوله:  وَالْبَيْتِ المَعْمُورِ [الطور:4]، يمكن أن تعطي فوائد على قوله: (وَالْبَيْتِ المَعْمُورِ)، وأنه هو البيت الذي في السماء، وتذكر كيف منَّ الله سبحانه وتعالى علينا نحن البشر، وأنعم علينا بهذا البيت المعمور الذي بين يدينا الذي هو الكعبة، وشرفنا به، وجعل هناك بيتًا في السماء مثله تدخله الملائكة، وتطوف به، بحيث أنك تنبه المسلمين إلى قيمة هذا البيت الذي عندنا، هذه فائدة ممكن تذكرها بهذا الأسلوب، وتذكر فائدة أن تكون عامرًا لبيت الله سبحانه وتعالى، مكثرًا من الحج، مكثرًا من العمرة، مكثرًا من الطواف، مكثرًا من الصلاة في هذا البيت إذا كنت قريبًا منه، كل هذه فوائد تشير إليها.

فإذًا هذا ما يحتاج إلى قضية استنباطات أو استدلالات، وإذا سلكنا هذا الأسلوب، فحينئذٍ ممكن أننا نوصل معاني القرآن للعامة بإذن الله بيسر وسهولة. والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#أصول-التفسير
اقرأ أيضا
كيف فهم السلف قيمة الدين؟ | مرابط
اقتباسات وقطوف

كيف فهم السلف قيمة الدين؟


لماذا فعل البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ذلك؟!لماذا وظفوا كل طاقاتهم في هكذا حياة؟!ما الذي يدفع إنسان لبذل نفسه في الحفظ والارتحال بين البلاد مع كل ما فيه من مشقة وقتئذ بطبيعة الحال؟!لماذا يتركون التنعم بالدنيا ولذاتها ومتعها في سبيل ذلك مع ما فيهم من ذكاء وتوقد كان من الممكن أن يبلغوا به المراتب العظيمة؟!

بقلم: محمد وفيق زين العابدين
281
موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية | مرابط
تفريغات

موضوعات رسالة العبودية لابن تيمية


يلاحظ أن ابن تيمية في جوابه على السؤال المتعلق بالعبودية بدأ في بيان حقيقة العبودية الشرعية ثم انتقل إلى موقف الصوفية من العبودية وبالذات في موضوع الإرادة الكونية والإرادة الشرعية والعبودية الاضطرارية والعبودية الاختيارية ثم رجع مرة أخرى إلى موضوع العبودية الشرعية ثم انتهى إلى قوله: فصل ولما بدأ بفصل بدأ في العبودية لغير الله وأخذ يتحدث عن العبودية لغير الله وذكر دقائق في التعبد لغير الله حتى في أمور مكروهة

بقلم: عبد الرحيم السلمي
419
الجندرة: مطية الشذوذ الجنسي | مرابط
الجندرية

الجندرة: مطية الشذوذ الجنسي


شاع استعمال مصطلح الجندر أو الجندرة في أدبيات العديد من الأقلام -خاصة النسائية وتم تداوله على نطاق كبير بمعنى مخالف لمعناه الحقيقي والغريب في الأمر أن غالب هذه الأقلام لا يعوزها سعة الإطلاع ولا حسن الفهم الشيء الذي يجعل تغليب حسن الظن أمرا متكلفا فما الدافع ترى لهذا التزييف أهو تمرير أجندة مشبوهة تحت ستار تقدمي مقبول أم هو استجابة لشهوة حب الظهور في المقاعد الأمامية لقطار النظام العالمي الجديد والانشغال بالتلويح باليدين -للجمهور المتفرج- عن النظر لما بداخل القطار

بقلم: نزار محمد عثمان
2990
شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام | مرابط
أباطيل وشبهات

شبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام


تقول الشبهة أن نمروذ لم يكن حيا في زمن إبراهيم عليه السلام فكيف يتفق ذلك وما جاء في القرآن حيث علمنا أنه ألقى سيدنا إبراهيم عليه السلام في القرآن بينما استنادا إلى بعض المصادر وعلى رأسها الكتاب المقدس نجد أنه لم يكن موجودا بعصر إبراهيم بين يديكم في هذا المقال الرد على الشبهة

بقلم: محمد عمارة
1108
وأتوا البيوت من أبوابها | مرابط
اقتباسات وقطوف

وأتوا البيوت من أبوابها


الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي أن ينظر في حالة المأمور ويستعمل معه الرفق والسياسة التي بها يحصل المقصود أو بعضه. والمتعلم والمعلم ينبغي أن يسلك أقرب طريق وأسهله يحصل به مقصوده وهكذا كل من حاول أمرا من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود.

بقلم: عبد الرحمن السعدي
272
الوقت | مرابط
فكر مقالات

الوقت


الوقت هو العملة الوحيدة المطلقة التي لا تبطل ولا تسترد إذا ضاعت: إن العملة الذهبية يمكن أن تضيع وأن يجدها المرء بعد ضياعها ولكن لا تستطيع أي قوة في العالم أن تحطم دقيقة ولا أن تستعيدها إذا مضت هذا المقال الماتع للأستاذ مالك بن نبي يتحدث عن الوقت وقيمته في الحياة

بقلم: مالك بن نبي
2295