لماذا خلقني كأنثى؟

لماذا خلقني كأنثى؟ | مرابط

الكاتب: محمد بن رمضان

961 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

"لماذا خلقني كأنثى؟"

هذا جزء من رسالة أُرسلت لي من فتاة عبر تويتر تقول فيها: ‏"لماذا خلق الله النساء؟ ‏إذا الله كتب على نفسه الرحمة لماذا خلقني كأنثى؟ ‏لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟ ‏هل الله رحيم مع النساء؟ ‏أين هو عدل الله مع النساء؟ ‏هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟ أم ماذا؟"

فسألتها: "هل أنتِ مسلمة؟" قالت: "نعم"

جواب عام

فقلت: ‏"إن كنت مسلمةً حقًا، فالمسلم يؤمن بإله حكيم كامل الحكمة لا يظلم إنما يعدل ويتفضل.

‏إذا ءامنتي بهذا -قولًا وعملًا واعتقادًا- فستزول كل هذه الشبهات عنك.

‏كل شيء بحكمة، كل شيء مقدر، لا وجود للعبث والظلم في شريعة الله، وهذا لا ينفي خلق الله للظلم.

‏فخلقُ الله للظلم لا يعني أن الله ظالم أو أن الله يحب الظلم، بل خلقَ الله الظلم لحكم كثيرة ومنها ليعرف الناس قيمة العدل كما لا يعرف قيمة الصحة إلا من أصابه مرض.

‏فالله عز وجل نهى عن الظلم شرعًا وأراده كونًا لحكم معينة.

‏هذا الظلم من المخلوقين منهيٌ عنه، فالمخلوقين يظلمون أنفسهم تارةً، ويظلمون غيرهم تارةً أخرى، وإن لم يُحاسب الظالم في الدنيا، فيوم القيامة الله خير الحاكمين.

‏فلا تسألي لماذا خلقني الله أنثى فهذا لا يليق بمقام الله عز وجل ﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾، بل اسألي ما الحكمة من خلقي كأنثى؟ وسواء عرفتي الإجابة أم لا، فستكونين مطمئنة في كلتا الحالتين، لأنك توقنين بأن للأمر حكمةً، لأنه من عند الله.

‏هذا جوابٌ عام.

‏أما التفصيل فأقول: أنا هنا لن أدهنك ولن أميع وأبدل دين الله لأجلك، كما يفعل بعض من ينتسب للعلم، خوفًا على الفتيات من الإلحاد، ولا يدري المسكين بأنه هو من يلحد، فلا هو الذي أنقذهن ولا هو الذي حافظ على نفسه.

‏الأنوثة في ذاتها نقص -كما اعترفتي- والله عز وجل خلق الرجال وفضلهم على النساء لحكمة شائها المولى عز وجل ثم كلّفهم.

العدل لا المساواة

‏لا مساواة في شريعة الله إنما هو العدل والفضل.

‏فوجود القوي والضعيف لا يعني الظلم، إنما الظلم يقع عندما يكلّف الضعيف مثل تكليّف القوي.

‏فالله عز وجل خلق الرجال أشرف وأكمل من النساء ثم كلّفهم بتكليفات كثيرة لم يكلّف بها غيرهم مثل الجهاد والنفقة والكسوة والمهر والصلاة في المسجد والخ.

‏فلماذا لا تعترضين بـ"لماذا الرجل مكلف بالجهاد والنفقة والكسوة والمهر و و وأنا لا أجاهد وينفق علي أبي أو أخي ثم زوجي ثم أبنائي؟"

‏ولن تعترضي أبدًا، لأنك ببساطة متأثرة بسردية المظلومية التاريخية، وهي سردية نِسوية شيطانية استرقت عقول النساء، ليصبحن مواليات ومعاديات على جنسهن، يعادين الفطرة والدين والعرف للانتصار لهذه السردية.

الفوارق الجسدية والنفسية

‏أما قولك "لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟"

‏فأقول: خلق الله في الرجال شهوة تجاهك وأمرك بلزوم البيت -إلا لحاجة أو ضرورة- والحجاب وعدم الاختلاط لتسدين ذرائع صرف هذه الشهوة بالحرام.

‏فأما من لا تلزم بيتها لتخرج متبرجةً تزاحم الرجال ثم تشتكي إذا مسها أذى "لماذا خلقني الله ضعيفة والرجال ينتهكون عرضي؟"

‏فهذه ما أدركت رحمة ربها الذي أمرها بكل ما سبق لتستكبر على شريعته وتظن أنها بغيرها ستنجو.

المشاعر والعاطفة

‏وقولك "هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟"

‏فأقول: خلق الله المشاعر والعواطف ليختبرنا أين نصرفها؟ فمن صرفها في الحلال لا يُعذب بل يُنعم، ومن استهلكها في الحرام عُذِبَ بها، فالأمر لك إما نعيم أو عذاب.

‏صدقيني الله عز وجل أرحم بك من أمك وأبيك بل أرحم بك من نفسك ولن تتذوقي آثار رحمته إلا بالتواضع للحق، وهذا يعني التوجه إليه استسلامًا وانقيادًا وتعظيمًا وإجلالًا.

‏المرأة المسلمة تتربى تحت أكناف وعد رسول الله ﷺ الذي بذرَ في قلوب الأباء المودة والرحمة (من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبر عليهن وأطعمهنَّ وسقاهنَّ وكساهُنَّ مِن جِدَتِه كنَّ له حجابًا من النَّارِ يومَ القيامةِ)

‏وتتزوج ويراعي الزوج فيها قول الله تعالى ﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً﴾.

‏وتنجب ليطبق أبناؤها قول النبي ﷺ (أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ)

‏كل هذه الأوامر والإرشادات مراعاةً لنقصها وضعفها ورقتها.

وكل تقصير من الرعاة يحاسبون عليه، ولا يُنسب هذا التقصير لله جلا جلاله.

‏ولا أنسى تذكيرك بأن هذه دنيا دنيئة زائلة وما هي إلا دار اختبار فيها صعوبات ومشقات، وليست بدار قرار وخلود ونعيم أبدي.

‏أسأل الله أن ينور بصيرتك ويهديك إلى الحق والصراط المستقيم ويشرح صدرك للإيمان والهدى"

والله المستعان.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضايا-المرأة
اقرأ أيضا
لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الأول | مرابط
فكر مقالات الليبرالية

لماذا لا يثق الليبراليون بالليبراليات: الجزء الأول


يستطيع الليبرالي أن يعيش ازدواجية عنيفة بين شخصيته التي يظهر بها أمام أضواء الإعلام وفي سطور مؤلفاته أو مقالاته وشخصيته الحقيقية التي تظهر عندما تنطفئ هذه الأضواء وعندما يعم الظلام ويجف مداد القلم هنا تظهر هذه الازدواجية لترى الانحلال الأخلاقي والنظرة الشهوانية الجنسية للمرأة التي تقبع داخله بينما ينادي ليل نهار بحرية المرأة والتعامل معها على أنها إنسان له حقوق وكرامة قبل كل شيء وفي هذا المقال سترى الكثير من الشهادات بألسنة الليبراليين أنفسهم لتدرك وهم الليبرالية

بقلم: إبراهيم السكران
2037
البركة في العلم | مرابط
مقالات

البركة في العلم


بعض العلماء لم يعرف إلا بمتن أو منظومة كابن آجروم والبيقوني أما الآجرومية فما من طالب يريد النحو إلا كانت بوابته وقل مثل ذلك في البيقونية في مصطلح الحديث. وإذا تأملت في حال بعض العلماء وجدت أن غيرهم أعلم منهم بكثير وأوسع دائرة وإحاطة لكن أثر هؤلاء العلماء أعمق من غيرهم ونفعهم أعظم ولازالت الأمة تتفيأ ظلال علومهم.. والسر في ذلك بركة العلم

بقلم: طلال الحسان
354
قصص وعبر للنساء ج3 | مرابط
تفريغات المرأة

قصص وعبر للنساء ج3


تفريغ لمحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الرسائل النسائية يبدأها الدكتور نبيل العوضي بالرسالة الأولى بعنوان: قصص وعبر وكل قصة من هذه القصص تحمل عبرة فإن من النساء بل من الناس عموما من تمر عليه القصص فلا يعتبر والسعيد من اتعظ بغيره نبدأ هذه القصص لا للتسلية ولا لقضاء الأوقات ولا للطرف ولا للهزل إنما نقص هذه القصص للعبرة

بقلم: د نبيل العوضي
389
تهاوي المقدس | مرابط
فكر مقالات

تهاوي المقدس


لما قرأ الغربيون مثل هذا الكلام في كتابهم الذي قيل لهم طوال ألف عام إنه مقدس تخلخلت ثقتهم فيه وفي كل ما بني عليه من عقائد وتشريعات وأخلاقيات وبدأ البناء يتهاوى شيئا فشيئا وبدا لهم أن كتابهم المقدس لم يكن إلا أشبه ببالون منفوخ بالهواء وإن لمسة دبوس كانت كافية لإفراغه من كل ما فيه

بقلم: د أحمد إدريس الطعان
1765
الأدلة السمعية | مرابط
اقتباسات وقطوف

الأدلة السمعية


مقتطف هام لابن القيم رحمه الله يذكر فيه نوعين للأدلة السمعية وفيه رد ضمني على من يقول أن الوحي مضاد للعقل أو أن العقل في جانب والأدلة السمعية في جانب آخر فالحقيقة أن الأدلة السمعية تدل وتشتمل على الكثير من الأدلة العقلية وهذا ما يقرره ابن القيم

بقلم: ابن قيم الجوزية
2894
المؤسسة السياسية الغربية | مرابط
اقتباسات وقطوف

المؤسسة السياسية الغربية


أما الوجه السياسي للحضارة الغربية فهو وجه كالح بكل معنى الكلمة فالمؤسسة السياسية الغربية مؤسسة إمبريالية استعمارية تمتص ثروات الأمم الأخرى وليس لديها أية حواجز أخلاقية أمام مصالحاه فهي ديمقراطية شفافة في السياسة الداخلية -غالبا- ديكتاتورية معتمة في السياسة الخارجية دائما

بقلم: إبراهيم السكران
409