لماذا خلقني كأنثى؟

لماذا خلقني كأنثى؟ | مرابط

الكاتب: محمد بن رمضان

1793 مشاهدة

تم النشر منذ سنة

"لماذا خلقني كأنثى؟"

هذا جزء من رسالة أُرسلت لي من فتاة عبر تويتر تقول فيها: ‏"لماذا خلق الله النساء؟ ‏إذا الله كتب على نفسه الرحمة لماذا خلقني كأنثى؟ ‏لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟ ‏هل الله رحيم مع النساء؟ ‏أين هو عدل الله مع النساء؟ ‏هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟ أم ماذا؟"

فسألتها: "هل أنتِ مسلمة؟" قالت: "نعم"

جواب عام

فقلت: ‏"إن كنت مسلمةً حقًا، فالمسلم يؤمن بإله حكيم كامل الحكمة لا يظلم إنما يعدل ويتفضل.

‏إذا ءامنتي بهذا -قولًا وعملًا واعتقادًا- فستزول كل هذه الشبهات عنك.

‏كل شيء بحكمة، كل شيء مقدر، لا وجود للعبث والظلم في شريعة الله، وهذا لا ينفي خلق الله للظلم.

‏فخلقُ الله للظلم لا يعني أن الله ظالم أو أن الله يحب الظلم، بل خلقَ الله الظلم لحكم كثيرة ومنها ليعرف الناس قيمة العدل كما لا يعرف قيمة الصحة إلا من أصابه مرض.

‏فالله عز وجل نهى عن الظلم شرعًا وأراده كونًا لحكم معينة.

‏هذا الظلم من المخلوقين منهيٌ عنه، فالمخلوقين يظلمون أنفسهم تارةً، ويظلمون غيرهم تارةً أخرى، وإن لم يُحاسب الظالم في الدنيا، فيوم القيامة الله خير الحاكمين.

‏فلا تسألي لماذا خلقني الله أنثى فهذا لا يليق بمقام الله عز وجل ﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾، بل اسألي ما الحكمة من خلقي كأنثى؟ وسواء عرفتي الإجابة أم لا، فستكونين مطمئنة في كلتا الحالتين، لأنك توقنين بأن للأمر حكمةً، لأنه من عند الله.

‏هذا جوابٌ عام.

‏أما التفصيل فأقول: أنا هنا لن أدهنك ولن أميع وأبدل دين الله لأجلك، كما يفعل بعض من ينتسب للعلم، خوفًا على الفتيات من الإلحاد، ولا يدري المسكين بأنه هو من يلحد، فلا هو الذي أنقذهن ولا هو الذي حافظ على نفسه.

‏الأنوثة في ذاتها نقص -كما اعترفتي- والله عز وجل خلق الرجال وفضلهم على النساء لحكمة شائها المولى عز وجل ثم كلّفهم.

العدل لا المساواة

‏لا مساواة في شريعة الله إنما هو العدل والفضل.

‏فوجود القوي والضعيف لا يعني الظلم، إنما الظلم يقع عندما يكلّف الضعيف مثل تكليّف القوي.

‏فالله عز وجل خلق الرجال أشرف وأكمل من النساء ثم كلّفهم بتكليفات كثيرة لم يكلّف بها غيرهم مثل الجهاد والنفقة والكسوة والمهر والصلاة في المسجد والخ.

‏فلماذا لا تعترضين بـ"لماذا الرجل مكلف بالجهاد والنفقة والكسوة والمهر و و وأنا لا أجاهد وينفق علي أبي أو أخي ثم زوجي ثم أبنائي؟"

‏ولن تعترضي أبدًا، لأنك ببساطة متأثرة بسردية المظلومية التاريخية، وهي سردية نِسوية شيطانية استرقت عقول النساء، ليصبحن مواليات ومعاديات على جنسهن، يعادين الفطرة والدين والعرف للانتصار لهذه السردية.

الفوارق الجسدية والنفسية

‏أما قولك "لماذا جعل الرجل الذي يرى امرأة يريد أن يصل إليها؟ لماذا جعل قوة الرجل أكبر وجعل النساء فرائس سهلة القتل وهتك الأعراض واللمس؟"

‏فأقول: خلق الله في الرجال شهوة تجاهك وأمرك بلزوم البيت -إلا لحاجة أو ضرورة- والحجاب وعدم الاختلاط لتسدين ذرائع صرف هذه الشهوة بالحرام.

‏فأما من لا تلزم بيتها لتخرج متبرجةً تزاحم الرجال ثم تشتكي إذا مسها أذى "لماذا خلقني الله ضعيفة والرجال ينتهكون عرضي؟"

‏فهذه ما أدركت رحمة ربها الذي أمرها بكل ما سبق لتستكبر على شريعته وتظن أنها بغيرها ستنجو.

المشاعر والعاطفة

‏وقولك "هل خلقنا ذوات مشاعر وعواطف لتعذيبنا؟"

‏فأقول: خلق الله المشاعر والعواطف ليختبرنا أين نصرفها؟ فمن صرفها في الحلال لا يُعذب بل يُنعم، ومن استهلكها في الحرام عُذِبَ بها، فالأمر لك إما نعيم أو عذاب.

‏صدقيني الله عز وجل أرحم بك من أمك وأبيك بل أرحم بك من نفسك ولن تتذوقي آثار رحمته إلا بالتواضع للحق، وهذا يعني التوجه إليه استسلامًا وانقيادًا وتعظيمًا وإجلالًا.

‏المرأة المسلمة تتربى تحت أكناف وعد رسول الله ﷺ الذي بذرَ في قلوب الأباء المودة والرحمة (من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبر عليهن وأطعمهنَّ وسقاهنَّ وكساهُنَّ مِن جِدَتِه كنَّ له حجابًا من النَّارِ يومَ القيامةِ)

‏وتتزوج ويراعي الزوج فيها قول الله تعالى ﴿وَمِن آياتِهِ أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا لِتَسكُنوا إِلَيها وَجَعَلَ بَينَكُم مَوَدَّةً وَرَحمَةً﴾.

‏وتنجب ليطبق أبناؤها قول النبي ﷺ (أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ)

‏كل هذه الأوامر والإرشادات مراعاةً لنقصها وضعفها ورقتها.

وكل تقصير من الرعاة يحاسبون عليه، ولا يُنسب هذا التقصير لله جلا جلاله.

‏ولا أنسى تذكيرك بأن هذه دنيا دنيئة زائلة وما هي إلا دار اختبار فيها صعوبات ومشقات، وليست بدار قرار وخلود ونعيم أبدي.

‏أسأل الله أن ينور بصيرتك ويهديك إلى الحق والصراط المستقيم ويشرح صدرك للإيمان والهدى"

والله المستعان.

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#قضايا-المرأة
اقرأ أيضا
إذا لم تستحي فاصنع ما شئت | مرابط
اقتباسات وقطوف

إذا لم تستحي فاصنع ما شئت


مقتطفات من كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم للإمام زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين الشهير بابن رجب رحمه الله وهو من أشهر وأبرز المؤلفات الجامعة لأصول وكليات الدين

بقلم: ابن رجب الحنبلي
542
خطر البدعة وأهلها | مرابط
تفريغات

خطر البدعة وأهلها


ثم أصحاب البدع يحملون أوزارهم وأوزار الذين أضلوهم كما قال تبارك وتعالى:ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علمالنحل:25 إن المبتدعة ليس عندهم علم ولا برهان وإنما هو استحسان شيء ظنه قربة إلى الله عز وجل لذلك نخرج من هذا بالقاعدة المعروفة عند أهل السنة: إن الزيادة في الخير ليست خيرا إلا أن تكون مشروعة

بقلم: أبو إسحق الحويني
776
ما هو البديل ج1 | مرابط
أباطيل وشبهات فكر مقالات

ما هو البديل ج1


سؤال ما هو البديل هو أحد أشهر الأسئلة التي ترد عند الاحتساب على منكر معين فيأتي حينها المطالبة بإيجاد بديل مناسب يحل محل المنكر الذي ينهى عنه وهو سؤال مشروع وإيجابي في الجملة ولكن في أغلب الأحيان ينطوي على إشكاليات كثيرة وأباطيل لا بد من الوقوف عليها وهذا ما يقدمه المقال الذي بين يديكم

بقلم: فهد بن صالح العجلان وعبد الله العجيري
1136
سلطة الغموض | مرابط
فكر مقالات

سلطة الغموض


هذا مقتطف من كتاب مآلات الخطاب المدني بعنوان: سلطة الغموض والكتاب من تأليف إبراهيم السكران ويتحدث عن أن كثيرا من الشباب المنبهر بأطروحات غلاة المدنية إذا دخلت معه في حوار حول أعماق قناعاته اكتشفت أنه مأخوذ بلغة الخطاب وغموضه المبهر أكثر من حقائقه وبرهنته وسلطة الغموض على شريحة من القراء هي في الحقيقة ظاهرة معرفية قديمة لا يمكن إنكارها

بقلم: إبراهيم السكران
993
المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2 | مرابط
تفريغات المرأة

المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم ج2


يقولون: إن المرأة تتحجب لتخفي عيوبها عن زوجها الذي يريدها فهؤلاء أقوام رأوا في أوروبا الحضارة والمدنية والرقي فظنوا أن المرأة كانت مستعبدة لا تملك من أمرها شيئا فجاءت الحضارة والمدنية الحديثة وأعطت للمرأة شيئا من حقها ولكنهم لم يقفوا عند مرحلة الاعتدال فظنوا أن من الحرية أن تختلط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة ومن العدالة أن تتمرد المرأة على تعاليم السماء ومن المساواة أن تعمل المرأة عمل الرجل والرجل عمل المرأة فكانوا بين إفراط وتفريط

بقلم: عمر الأشقر
745
دقة القراءة | مرابط
تفريغات ثقافة

دقة القراءة


وعندما نقول اتفق العقلاء هذه تثير في نفسي معنى أن هذا الأمر لا يحتاج إلى العلماء ليدركوه ليس هذا مما يكتسب بالعلم وإنما هو مما تعلمه العقول علم ضرورة وإذا كان الشيخ وهو في معمعان تعليم دقائق العلم يحدثك بحديث تعلمه العقول علم ضرورة يدني هذه الدقائق والخفايا ويقربها حتى تصير مما تعلمه العقول علم ضرورة هو بهذا يعطيك درسا في التربية

بقلم: د محمد أبو موسى
588