تحدث المؤلف عن معالم شخصية المرأة، وعدّ من معالم شخصيتها: "مشاركتها في الاحتفالات العامة" (تحرير المرأة لأبي شقة 1/124)
فكيف استدل المؤلف على مشاركة المرأة في الاحتفالات العامة المختلطة؟
قال المؤلف مستدلًا على مشاركة المرأة في العهد النبوي في الاحتفالات العامة المختلطة:
الاحتفال بالعرس: عن أنس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين.. من عرس فقام النبي صلى الله عليه وسلم ممثلًا فقال: اللهم أنتم من أحب الناس إليّ. قالها ثلاث مرات. رواه البخاري ومسلم
عن سهل رضي الله عنه قال: لما عرّس أبو أسيد السّاعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلمّا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك. رواه البخاري
الاحتفال بالعيد: عن أم عطية قالت: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيّض، فيكن خلف الناس، فيكبّرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. وفي رواية (ليشهدن الخير ودعوة المؤمنين) رواه البخاري ومسلم
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ... وكان يوم عيد يلعب السّودان بالدّرق والحراب، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدّي على خدّه، هو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتى إذا مللت قال: حسبك. قلت: نعم، قال: فاذهبي. رواه البخاري ومسلم
حفلات الاستقبال: عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، قال: .. فقدمنا المدينة ليلا يوم الهجرة فصعد الرّجال والنساء فوق البيوت، تفرّق الغلمان والخدم في الطرق، ينادون: يا محمد، يا رسول الله، يا محمد، يا رسول الله.. رواه مسلم
حديث أنس:
ما هو وجه الاستدلال بحديث أنس؟ لم يبين لنا المؤلف وجه الشاهد من حديث أنس، رضي الله عنه، على جواز مشاركة المرأة في الاحتفالات العامة المختلطة. وهذه الطريقة سار عليها المؤلف كثيرًا في كتابه: يورد النص ثم لا يبين وجه الاستدلال به، فهل المقصود حشد النصوص وتكثيرها في الكتاب فقط؟
وأيضًا، هل كان هذا الاحتفال عاما، بمعنى أن للرجال والنساء مجتمعين في محفل واحد؟ أم أنه كان للنساء فقط؟ والجواب أنه ليس في الرواية ما يؤيد ما ذهب إليه المؤلف من كونه احتفالا عاما للرجال والنساء، فالاستدلال به على الاحتفالات العامة المختلطة، استدلال في غير محله، وتحميل للنص ما لا يحتمل.
حديث سهل:
ليس في حديث سهل أن الدعوة كانت عامة للرجال والنساء، كل ما في الحديث أنها قامت على خدمة الضيوف من تجهيز الطعام وتقديمه، وهي عروس، ليس عندها خادم يخدمها، فمن أين أخذ المؤلف عفا الله عنه أن هذه الدعوة كانت احتفالا عامًا، اختلط فيه الرجال بالنساء؟ ثم لم يبين لنا هنا هل كان هذا قبل الحجاب أم بعده؟
حديث أم عطية:
استدلال المؤلف بحديث أم عطية في خروج المرأة لصلاة العيد بأنه نوع من أنواع المشاركة في الاحتفالات العامة، لي لأعناق النصوص، فلم يقل أحد: إن اللاة محفل عام يختلط فيه الرجال والنساء كل يوم خمس مرات، مع العلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، وضع ضوابط عديدة في خروج المرأة وصلاتها في مسجد الجماعة، منها: أنه جعل للنساء بابا لا يدخل منه الرجال، فهل يعقل أن يخصص لهن بابا ثم يتركهن يختلطن بالرجال داخل المصلى؟
حديث عائشة:
أين المشاركة في حديث عائشة؟ كل ما في الحديث أن عائشة وقفت بباب حجرتها تنظر إلى الغلمان وهم يلعبون بالحراب في المسجد، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يسترها عن نظر الناس
حديث أبي بكر:
لقد بالغ المؤلف في إطلاق مشاركة المرأة في حفلات الاستقبال، مستدلا بدخول النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة، واستقبال الناس له، علما بأنه لم يؤثر أن النساء خرجن إلى الشوارع لاستقباله، كل ما ذكر في الحديث أن النساء صعدن فوق البيوت ينظرن إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأين لقيا الرجال، والمشاركة في حفلات الاستقبال، إذا كانت المرأة واقفة على سطح بيتها، تنظر من بعيد للنبي، صلى الله عليه وسلم، وهو قادم إلى المدينة؟ ثم إن هذا كان في أول الهجرة، ولم تشرع الأحكام بعد.
لقد أخطأ المؤلف حينما استخدم مصطلحات معاصرة وأسقطها على أحداث السيرة، فالاحتفالات مصطلح معاصر له مدلول يفهمه العامي والمتعلم بمجرد سماعه، فتسمية أحداث السيرة بمثل هذه المصطلحات تحريف لها، واستدلال في غير محله.
د. عادل بن حسن الحمد، تحرير المرأة عند العصرانيين، كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة أنموذجا، ص109
