من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج1

من مكايد الشيطان: الفتنة بالقبور وأهلها ج1 | مرابط

الكاتب: ابن القيم

175 مشاهدة

تم النشر منذ 9 أشهر

إن فى اتخاذ القبور أعيادًا من المفاسد العظيمة التى لا يعلمها إلا الله تعالى ما يغضب لأجله كل من فى قلبه وقار لله تعالى، وغيرة على التوحيد، وتهجين وتقبيح للشرك.

وَلكِنْ مَا لِجُرْحٍ بمَيتٍ إِيَلامُ

فمن مفاسد اتخاذها أعيادا: الصلاة إليها، والطواف بها، وتقبيلها واستلامهًا، وتعفير الخدود على ترابها، وعبادة أصحابها، والاستغاثة بهم، وسؤالهم النصر والرزق والعافية، وقضاء الْديون، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وغير ذلك من أنواع الطلبات، التى كان عباد الأوثان يسألونها أوثانهم.

 

اتخاذ القبور أعيادا

فلو رأيت غلاة المتخذين لها عيدًا، وقد نزلوا عن الأكوار والدواب إذا رأوها من مكان بعيد، فوضعوا لها الجباه، وقبلوا الأرض وكشفوا الرؤوس، وارتفعت أصواتهم بالضجيج، وتباكوا حتى تسمع لهم النشيج، ورأوا أنهم قد أربوا فى الربح على الحجيج، فاستغاثوا بمن لا يبدى ولا يعيد، ونادوا ولكن من مكان بعيد، حتى إذا دنوا منها صلوا عند القبر ركعتين ورأوا أنهم قد أحرزوا من الأجر ولا أجر من صلى إلى القبلتين، فتراهم حول القبر ركعًا سجدًا يبتغون فضلا من الميت ورضوانا، وقد ملئوا أكفهم خيبة وخسرانا، فلغير الله، بل للشيطان ما يراق هناك من العبرات، ويرتفع من الأصوات، ويطلب من الميت من الحاجات ويسأل من تفريج الكربات، وإغناء ذوى الفاقات، ومعافاة أولى العاهات والبليات، ثم انبثوا بعد ذلك حول القبر طائفين، تشبيها له بالبيت الحرام، الذى جعله الله مباركًا وهدى للعالمين، ثم أخذوا فى التقبيل والاستلام، أرأيت الحجر الأسود وما يفعل به وفد البيت الحرام؟ ثم عفروا لديه تلك الجباه والخدود، التى يعلم الله أنها لم تعفر كذلك بين يديه فى السجود. ثم كملوا مناسك حج القبر بالتقصير هناك والحلاق، واستمتعوا بخلاقهم من ذلك الوثن إذ لم يكن لهم عند الله من خلاق، وقربوا لذلك الوثن القرابين. وكانت صلاتهم ونسكهم وقربانهم لغير الله رب العالمين، فلو رأيتهم يهنئ بعضهم بعضًا ويقول: أجزل الله لنا ولكم أجرًا وافرًا وحظًا، فإذا رجعوا سألهم غلاة المتخلفين أن يبيع أحدهم ثواب حجة القبر بحج المتخلف إلى البيت الحرام، فيقول: لا، ولو بحجك كل عام.

 

هذا، ولم نتجاوز فيما حكيناه عنهم، ولا استقصينا جميع بدعهم وضلالهم. إذ هى فوق ما يخطر بالبال، أو يدور فى الخيال. وهذا كان مبدأ عبادة الأصنام فى قوم نوح، كما تقدم. وكل من شم أدنى رائحة من العلم والفقه يعلم أن من أهم الأمور سد الذريعة إلى هذا المحظور، وأن صاحب الشرع أعلم بعاقبة ما نهى عنه لما يئول إليه، وأحكم فى نهيه عنه وتوعده عليه. وأن الخير والهدى فى اتباعه وطاعته، والشر والضلال فى معصيته ومخالفته.

 

ورأيت لأبى الوفاء بن عقيل فى ذلك فصلًا حسنًا، فذكرته بلفظه، قال: "لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم عندى كفار بهذه الأوضاع، مثل تعظيم القبور وإكرامها، بما نهى عنه الشرع: من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالحوائج، وكتب الرقاع فيها: يا مولاى افعل بى كذا وكذا. وأخذ تربتها تبركا، وإفاضة الطيب على القبور. وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر، اقتداء بمن عبد اللات والعزى. والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكف، ويتمسح بآجرة مسجد الملموسة يوم الأربعاء. ولم يقل الحمالون على جنازته: الصديق أبو بكر، أو محمد وعلى، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجًا بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر". انتهى.

 

ما أمر به الرسول في مسألة القبور

ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى القبور، وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم رأى أحدهما مضادًا للآخر، مناقضًا له، بحيث لا يجتمعان أبدًا..

 

  • فنهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن الصلاة إلى القبور، وهؤلاء يصلون عندها.
  • ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مشاهد، مضاهاة لبيوت الله تعالى.
  • ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها.
  • ونهى أن تتخذ أعيادًا، وهؤلاء يتخذونها أعيادًا ومناسك، ويجتمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر.
  • وأمر بتسويتها، كما روى مسلم فى صحيحه عن أبى الهياج الأسدى قال: قال على بن أبى طالب رضى الله عنه: "أَلا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِى عليهِ رَسُولُ صلّى اللهُ تَعالَى عَليْهِ وآله وَسلّم أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلا طَمَسْتَهُ، وَلا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلا سَوَّيْتَهُ". وفى صحيحه أيضًا عن ثمامة بن شُفَى قال: "كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس. فتوفى صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوى، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها، وهؤلاء يبالغون فى مخالفة هذين الحديثين. ويرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب".
  • ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، كما روى مسلم فى صحيحه عن جابر قال: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تعالى عليهِ وآله وسلم عَنْ تَجْصِيصِ الْقَبْرِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ بِنَاءٌ".
  • ونهى عن الكتابة عليها، كما روى أبو داود والترمذى فى سننهما عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "نَهَى أنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا". قال الترمذى: حديث حسن صحيح، وهؤلاء يتخذون عليها الألواح، ويكتبون عليها القرآن وغيره.
  • ونهى أن يزاد عليها غير ترابها، كما روى أبو داود من حديث جابر أيضًا: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "نهى أن يجصص القبر، أو يكتب عليه، أو يزاد عليه" وهؤلاء لا يزيدون عليه سوى التراب الآجر والأحجار والجص.

 

ونهى عمر بن عبد العزيز أن يبنى القبر بأجر، وأوصى أن لا يفعل ذلك بقبره.

وأوصى الأسود بن يزيد: "أن لا تجعلوا على قبرى آجرا".

وقال إبراهيم النخعى: "كانوا يكرهون الأجر على قبورهم".

وأوصى أبو هريرة حين حضرته الوفاة: "أن لا تضربوا على قبرى فسطاطًا".

وكره الإمام أحمد أن يضرب على القبر فسطاطًا.

 

والمقصود: أن هؤلاء المعظمين للقبور، المتخذينها أعيادًا، الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب. مناقضون لما أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليها وسلم، محادون لما جاء به. وأعظم ذلك اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها. وهو من الكبائر. وقد صرح الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم بتحريمه.

 

قال أبو محمد المقدسى: "ولو أبيح اتخاذ السرج عليها لم يلعن النبى صلى الله تعالى عليه من فعله. ولأن فيه تضييعا للمال فى غير فائدة، وإفراطًا فى تعظيم القبور، أشبه تعظيم الأصنام". قال: "ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر. ولأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا" متفق عليه. وقالت عائشة: "إنما لم يبرز قبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لئلا يتخذ مسجدًا" لأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها. وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم، والتمسح بها، والصلاة عندها". انتهى.

 

الحج إلى القبور

وقد آل الأمر بهؤلاء الضلال المشركين إلى أن شرعوا للقبور حجًا، ووضعوا له مناسك، حتى صنف بعض غلاتهم فى ذلك كتابًا وسماه "مناسك حج المشاهد" مضاهاه منه بالقبور للبيت الحرام، ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول فى دين عباد الأصنام.

 

فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقصده من النهى عما تقدم ذكره فى القبور، وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه. ولا ريب أن فى ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حصره.

 

فمنها: تعظيمها المواقع فى الافتتان بها. ومنها: اتخاذها عيدا. ومنها: السفر إليها. ومنها: مشابهة عبادة الأصنام بما يفعل عندها: من العكوف عليها، والمجاورة عندها. وتعليق الستور عليها وسدانتها، وعبادها يرجحون المجاورة عندها على المجاورة عند المسجد الحرام، ويرون سدانتها أفضل من خدمة المساجد، والويل عندهم لقيمها ليلة يطفئ القنديل المعلق عليها. ومنها: النذر لها ولسدنتها. ومنها: اعتقاد المشركين بها أن بها يكشف البلاء، وينصر على الأعداء، ويستنزل غيث السماء، وتفرج الكروب، وتقضى الحوائج، وينصر المظلوم، ويجار الخائف، وإلى غير ذلك. ومنها: الدخول فى لعنة الله تعالى ورسوله باتخاذ المساجد عليها، وإيقاد السرج عليها، ومنها: الشرك الأكبر الذى يفعل عندها. ومنها: إيذاء أصحابها بما يفعله المشركون بقبورهم، فإنهم يؤذيهم بما يفعل عند قبورهم. ويكرهونه غاية الكراهة. كما أن المسيح يكره ما يفعله النصارى عند قبره. وكذلك غيره من الأنبياء والأولياء والمشايخ يؤذيهم ما يفعله أشباه النصارى عند قبورهم. ويوم القيامة يتبرءون منهم. كما قال تعالى:

 

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتمْ عِبَادِى هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كانَ يَنْبَغِى لَنَا أنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياَءَ وَلكِنْ مَتَّعْتهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} [الفرقان: 17-18]. قال الله للمشركين {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا} [الفرقان: 19] الآية، وقال تعالى {وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمىَ إِلهَينْ مِنْ دُونِ الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍ} [المائدة: 116] الآية، وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءٍ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ، أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِم مُؤْمِنُونَ} [سبأ: 40-41]. ومنها: مشابهة اليهود والنصارى فى اتخاذ المساجد والسرج عليها ومنها: محادة الله ورسوله ومناقضة ما شرعه فيها. ومنها: التعب العظيم مع الوزر الكثير، والإثم العظيم. ومنها: إماتة السنن وإحياء البدع.

 

ومنها: تفضيلها على خير البقاع وأحبها إلى الله. فإن عباد القبور يقصدونها مع التعظيم والاحترام والخشوع ورقة القلب والعكوف بالهمة على الموتى بما لا يفعلونه فى المساجد. ولا يحصل لهم فيها نظيره ولا قريب منه.، ومنها: أن ذلك يتضمن عمارة المشاهد وخراب المساجد. ودين الله الذى بعث به رسوله بضد ذلك. ولهذا لما كانت الرافضة من أبعد الناس عن العلم والدين، عمروا المشاهد، وأخربوا المساجد.

 

ومنها: أن الذى شرعه الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عند زيارة القبور: إنما هو تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له، وسؤال العافية له. فيكون الزائر محسنًا إلى نفسه وإلى الميت، فقلب هؤلاء المشركون الأمر، وعكسوا الدين وجعلوًا المقصود بالزيارة الشرك بالميت، ودعاءه والدعاء به، وسؤاله حوائجهم، واستنزال البركات منه، ونصره لهم على الأعداء ونحو ذلك. فصاورا مسيئين إلى نفوسهم وإلى الميت ولو لم يكن إلا بحرمانه بركة ما شرعه الله تعالى من الدعاء له والترحم عليه والاستغفار له.

 

زيارة القبور التي شرعها الله

فاسمع الآن زيارة أهل الإيمان التى شرعها الله تعالي على لسان رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، ثم وازن بينها وبين زيارة أهل الإشراك، التى شرعها لهم الشيطان، واختر لنفسك.

 

قالت عائشة رضى الله عنها: "كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله تعالى عليهِ وَآلهِ وَسلم كُلّمَا كانَ لَيْلَتُهَا مِنْهُ يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ الّليْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ الّلهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقيع الغَرْقَدِ" رواه مسلم.

 

وفى صحيحه عنها أيضًا: "أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ، فَقَالَ: إنّ رَبّكَ يأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِىَ أَهْلَ الْبَقِيعِ، فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: قُولِى: السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الديَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدَمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخَرِينَ، وَإِنّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ".

 

وفى صحيحه أيضًا عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: "كانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ تعَالى عليه وَآلهِ وسلمَ يُعَلمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أَنْ يَقُولُوا: السَّلامُ عَلَى أهل الديَارِ".

وفى لفظ: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. نسأل الله لنا ولكم العافية".

 

وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "كُنْتَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَمنْ أرَادَ أَنْ يَزُورَ فَلْيَزُرْ، وَلا تَقُولُوا هُجْرًا" رواه أحمد والنسائى.

 

وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قد نهى الرجال عن زيارة القبور، سدا للذريعة، فلما تمكن التوحيد فى قلوبهم أذن لهم فى زيارتها على الوجه الذى شرعه ونهاهم أن يقولوا هجرًا، فمن زارها على غير الوجه المشروع الذى يحبه الله ورسوله فإن زيارته غير مأذون فيها، ومن أعظم الهجر: الشرك عندها قولًا وفعلًا.

 

وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "زُورُوا القُبُورَ، فَإِنّهَا تذكرُ المَوْتَ ".

 

وعن على بن طالب رضى الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "إِنى كُنْتُ نهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنّهَا تُذكرُكُمُ الآخِرَةَ" رواه الإمام أحمد.

 

وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: "مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ تَعالى عليهِ وآلهِ وسلمَ بِقُبُورِ المَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَنَحْنُ بِالأَثَرِ" رواه أحمد، والترمذى وحَسَّنه.

 

وعن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزوروا القُبُورَ، فَإِنّهَا تُزَهدُ فى الدُّنْيَا، وَتُذَكرُ الآخِرَةَ" رواه ابن ماجه.

 

وروى الإمام أحمد عن أبى سعيد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "كٌنْتُ نهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزَورُوهَا فَإِنَّ فِيهَا عِبْرَةً".

 

فهذه الزيارة التى شرعها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لأمته، وعلمهم إياها، هل تجد فيها شيئًا مما يعتمده أهل الشرك والبدع؟ أم تجدها مضادة لما هم عليه من كل وجه؟


 

المصدر:

ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان، طبعة دار عالم الفوائد، ص350

تنويه: نشر مقال أو مقتطف معين لكاتب معين لا يعنى بالضرورة تزكية الكاتب أو تبنى جميع أفكاره.

الكلمات المفتاحية:

#القبور #الأضرحة
اقرأ أيضا
عين الخصم! | مرابط
مقالات

عين الخصم!


عندما تحاور من يستشكل أو يشكك في أحكام الإسلام فلا يفوتنك شيء مهم وهو أن لدى بعض من تحاورهم خللا منهجيا يجب أن تسلط الضوء عليه لتظهر قوة موقفك فمثلا قد يسألونك عن سبب التحريم للحم الخنزير وفي خلفية سؤالهم أنهم يطلبون مصدرا معينا من المعارف وهو المصدر الحسي والتجريبي والواقع أن اختزال المعرفة في الحس والتجريب خلل منهجي سائد في الغرب

بقلم: د. طارق عنقاوي
97
ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني | مرابط
تفريغات

ابن تيمية وحياته الحافلة بالعطاء الجزء الثاني


سيبقى التراث الذي تركه لنا شيخ الإسلام ابن تيمية نبراسا للعلم نلتمس منه سبل الحق ونهتدي به في ظلمات الليل فحياة الرجل كانت رحلة مليئة بالعطاء والبذل دافع فيها عن دين الإسلام ونافح عن الوحي القرآن والسنة ولم يترك بابا ليلجه أهل الأهواء والباطل إلا وسده عليهم ورد عليهم سهامهم وانتصر لمذهب أهل السنة والجماعة وبين يديكم تفريغ لجزء من محاضرة هامة للشيخ الحويني يقف فيها على شخصية شيخ الإسلام وحياته وبذله

بقلم: أبو إسحق الحويني
447
الروح في اليقين والهم في الشك | مرابط
مقالات

الروح في اليقين والهم في الشك


الزهد في الدنيا هو طريق راحة قلبك من الهم فإنها هم دائم ما دامت. والزهد فيها يرجع إلى ثلاثة أصول كلها قلبي المنشأ ليس فيها ما هو جارحي! وكلها ينشأ من عبادة اليقين بالله وحده وهي قلبية.

بقلم: خالد بهاء الدين
131
سنة الله في إهلاك الظالمين والمكذبين | مرابط
تفريغات

سنة الله في إهلاك الظالمين والمكذبين


وكانت سنة الله عز وجل في إهلاك الظالمين السابقين قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهلكهم بخارقة وكان المؤمنون لا يرفعون سيفا ولا يشتبكون في قتال فلما حدثت هذه الخطورة على بيت الله الحرام طبقت هذه السنة الإلهية حتى في غياب المؤمنينولكن مع بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرت طريقة الإهلاك فقد كان الظالمون في السابق يهلكهم الله بخوارق وأما في رسالة الإسلام فالسنة هي: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم محمد:7

بقلم: د راغب السرجاني
356
هل العمل عبادة؟ | مرابط
مقالات

هل العمل عبادة؟


والعمل ليس عبادة إلا إذا نوى الإنسان به نية حسنة ككف نفسه عن سؤال الناس والحاجة إليهم أو النفقة على أهله والتصدق على المحتاجين وصلة الرحم ونفع المسلمين بهذا العمل.. ونحو ذلك من النيات الصالحة التي يثاب عليها. ولا بد من استحضار النية.

بقلم: قاسم اكحيلات
63
مجاراة الموضة والعالم الافتراضي | مرابط
اقتباسات وقطوف ثقافة

مجاراة الموضة والعالم الافتراضي


والحقيقة أن المجتمع اليوم هو مجتمع افتراضي أو قل: يتجه نحو شكل المجتمع الافتراضي لا روابط بين أفراده إلا تلك الروابط التي أنشأتها الشبكة الاجتماعية الافتراضية الزرقاء فهي الآن تعد وسيلة الاتصال الأساسية بين البشر

بقلم: محمد علي فرح
208